icon
التغطية الحية

أوبرا "داليا" تعرض اللجوء السوري على مسارح بريطانيا

2022.07.30 | 07:46 دمشق

أوبرا داليا عن النزوح السوري
أوبرا داليا عن النزوح السوري
الغارديان - ترجمة وتحرير ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تعود بدايات كتابة هذه الأوبرا لعام 2019، عندما كانت أزمة اللجوء قضية الساعة، غير أن وضع اللجوء ساء كثيراً مع وصول هذه المسرحية الأوبرالية إلى مراحل كتابتها النهائية.

إن قضية اللجوء والنزوح قريبة منا جميعاً، فمن منا من لم يهاجر أحد أقاربه أو معارفه في هذا العالم الذي يعج بالمتغيرات؟

وبما أن الرياضة توحد بين الناس، كما تفعل الموسيقا، بصرف النظر عن لغاتهم والحدود الفاصلة بين دولهم، وبما أن دار أوبرا غارسينغتون أقيمت بجانب ملعب للكريكيت، لذا تحول ذلك لمصدر إلهام لمن كتبت تلك الأوبرا.

تدور قصة الأوبرا حول فتاة في الثانية أو الثالثة عشرة من عمرها هربت مع أسرتها بسبب القصف في سوريا، إلا أن والدها وشقيقها قضيا غرقاً في أثناء محاولتهما عبور المتوسط، ثم تعرضت تلك البنت لحادثة أدت لفصلها عن أمها. فاستقبلتها قرية إنكليزية صغيرة تعشق لعبة الكريكيت. لذا، وعلى الرغم من الصدمات التي تعرضت لها داليا وتصديها للكراهية التي أبداها لها بعض أبناء تلك القرية، إلا أنها اكتشفت موهبتها في تلك اللعبة، وهكذا تطور أداؤها بفضل قوتها وتصميمها، وفي يوم المباراة النهائية في بطولة الكريكيت بلغها النبأ الذي طال انتظاره، وهو أن أمها ما تزال حية ترزق وتعيش في بريطانيا.

تلامس حكاية داليا حياة أي إنسان، في حين أن نجاحها في مجال الرياضة جعل الجميع يعترف بها ويتقبلها، إلا أن والدتها بقيت محتجزة في مركز إيواء اللاجئين بالرغم من كل ما حققته ابنتها من تقدم.

بيد أن هذه الأوبرا لم تكن لتبصر النور لولا مساعدة الكاتبة الدرامية السورية مناز غانم التي ساعدت على إضافة مزيد من الخفة والبريق على النص وذلك من خلال المقاطع التي تتحدث عن رائحة الياسمين والقهوة المغلية التي تتغنى بها داليا وهي تتذكر أيامها الجميلة في سوريا.

أما الكاتب ذو الأصول الأفغانية غولوالي باغسارلاي فقد سرد لكاتبتي العمل ما تعرض له خلال رحلة لجوئه، وهذا ما تجلى عندما انتقلت داليا إلى بر الأمان، فأحست بأنه بوسعها الآن أن تستسلم، إذ بعد مرور عامين على بداية رحلتها بعدما اقتلعت من جذورها وأصبحت مشردة وتعرضت لصدمات كثيرة، وعاشت الفقد الموجع والجوع، فضلاً عن الاستغلال من قبل المهربين، وجربت التنمر من قبل الموظفين، أخذت بعد كل ذلك تحيط نفسها بذلك الإحساس الذي يشعرها بأنها شخص عادي، إلا أن صدماتها أخذت تباغتها في أحلامها كل ليلة.

اعتمدت الموسيقا الكلاسيكية مع هذه الأوبرا، حيث التزمت بعض فقراتها بالمقامات الموسيقية العربية، وقد شملت فرقة الأوركسترا التي عزفت للأوبرا عازف عود، كما أن ألحان النص الذي غنته داليا مستمدة من ألحان أغنية شعبية قديمة وهي أغنية "هالأسمر اللون" التي تعود للحقبة البابلية. قامت بدور والدة داليا المغنية المصرية-الألمانية ميريت أرياني التي أدخلت بعض الارتجال وفقاً للطريقة العربية على الدور الذي لعبته.

وبالنسبة للفرقة التي غنت الأوبرا فقد انقسمت إلى قسمين: كبار وأطفال، حيث لعب الكبار أدواراً عديدة، في حين لعب قسم من الصغار دور زملاء داليا في المدرسة ثم أصدقائها في لعب الكريكيت، أما القسم الثاني فلعب دور الأصوات الداخلية التي كانت تتحدث بلسان ذكرياتها ومخاوفها وصراعاتها وحنينها وآمالها. إلا أن أعظم ما في هذا المشروع هو التعامل مع جوقتين عن بعد، إحداهما جوقة الفرح بدمشق، والثانية جوقة أمواج بالخليل، حيث سجلوا أصواتهم وهم يغنون الفقرات الرئيسية، وتم تصويرهم لتظهر صورهم وتتداخل مع أصوات الأمواج العاتية وصور الغيوم والنجوم. كما غنت هاتان الجوقتان أغنية العبور وأغنية داليا، ومثلوا أصواتها الداخلية التي تسرد قصة بلدها قبل الحرب.

تمتزج قصة داليا بطيف متعدد الألوان من قصص اللاجئين الذي صاروا يعدون بالملايين. وفي نهاية الأوبرا، تحظى داليا بقبول المجتمع الذي تعيش فيه، وتجد لنفسها مصدراً للسعادة، أي أن الخاتمة حلوة ومرة في آن معاً، بما أن داليا بقيت بعيدة عن أمها، إلا أن هنالك أمل بالمستقبل، بالرغم من أن خطة الترحيل البريطانية إلى رواندا قد تستهدف داليا وأمها اليوم.

المصدر: غارديان