icon
التغطية الحية

ألواح الطاقة الشمسية .. هل يستطيع المواطن السوري توليد الكهرباء؟

2021.10.17 | 07:20 دمشق

ألواح الطاقة الشمسية .. هل يستطيع المواطن السوري توليد الكهرباء؟
ألواح طاقة شمسية (إنترنت)
تلفزيون سوريا - نور عويتي
+A
حجم الخط
-A

اعتاد نظام الأسد التلاعبَ بمواطنيه واحترف اختلاق الأزمات لاستغلالهم بأبشع الطرق. لا نرمي بكلامنا هذا للادعاء بأن كل شيء متوفر في سوريا وأن كل الأزمات التي يعيشها الناس بالداخل مفتعلة، لكن السياسات الاحتكارية التي يتبعها النظام والقوانين الجائرة التي يفرضها تزيد من معاناة الناس بكل تأكيد. هذا ما نلمسه بشكل واضح في موضوع توليد الطاقة الكهربائية، الذي يشغل حيزاً كبيراً من هم جميع المواطنين السوريين منذ عدة سنوات، والذي يواظب النظام على استثماره بأغراض ربحية.  

في الشهور الأخيرة ازدادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة دمشق لتصل ساعات التقنين في بعض المناطق إلى ست ساعات متواصلة مقابل ساعة أو أقل من الكهرباء، ناهيك عن الأعطال الدورية التي تصيب شبكة توليد الكهرباء، والتي قد تتسبب بانقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن بعض المناطق لعدة أيام؛ لتغرق أقدم عاصمة مأهولة بالتاريخ في الظلام الدامس حرفياً بعد غروب الشمس.

ألواح الطاقة الشمسية تغزو الأسواق

وبالتزامن مع وصول أزمة الكهرباء إلى ذروتها اكتسحت الأسواق ألواح الطاقة الشمسية وعُرضت للبيع بأسعار خيالية، وبدأت العديد من الشركات تروج إلى هذه الألواح باعتبارها الحل الأمثل لتوليد الكهرباء في المنازل، في ظل أزمة نقص المحروقات ومع التكهنات باحتمالية زيادة ساعات تقنين انقطاع التيار الكهرباء في الفترة المقبلة.

الكثير من السوريين عبروا عن شكوكهم بأن ازدياد ساعات التقنين مرتبط  بوصول هذه البضائع الجديدة، لتترجم هذه الشكوك بمنشورات للعديد من الصفحات السورية على "فيس بوك" التي اتهمت الشركة العامة للكهرباء في محافظة دمشق بأنها تتقصد زيادة ساعات التقنين في محاولة منها للضغط على المواطنين لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، التي لا تقل كلفتها عن عشرة ملايين ليرة سورية، وقد تصل إلى خمسة وثلاثين مليوناً، أي ما يقارب 10 آلاف دولار أميركي؛ بحسب الجودة والمساحة.

هذه التفسيرات تزداد منطقية إذا ما صدّقنا الشائعات التي تدّعي بأن عائلة أسماء الأسد هي المتحكمة بتجارة ألواح الطاقة الشمسية في سوريا، بما في ذلك التطبيقات الجديدة الموجهة للمغتربين، والتي استحدثت لتوفير خدمة بيع ألواح الطاقة الشمسية لعائلاتهم في الداخل. لكن أسوأ ما في الأمر برمته أن القانون يحرّم على المواطنين توليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية.

قانون يمنع توليد الكهرباء في سوريا!

فعلى الرغم من أن بشار الأسد شجع في خطابه الأخير، الذي تلا مسرحية انتصاره بمعركة الانتخابات، على الاتجاه إلى الطاقة البديلة، إلا أن كلامه كان موجهاً إلى المستثمرين وأصحاب المشاريع الصناعية وليس للمواطنين.  فإلى اليوم لم يصدر الأسد أي قانون يسمح للمواطنين  بتوليد الطاقة الكهربائية في المنزل؛ ما يعني أن القانون رقم 32 لعام 2010 الذي أصدره رئيس النظام والمتعلق بالسياسة العامة لقطع الكهرباء في سوريا، لا يزال ساري المفعول.

 ينص القانون رقم 32 على منع المواطن من توليد أي نوع من أنواع الطاقة في منزله، وأن أي مواطن يقوم بذلك يحتاج إلى الرخصة، وأن الرخص لا تعطى إلا للشركات والمؤسسات ولا تمنح للأشخاص.

هذا القانون لا يتم تسليط الضوء عليه في الوقت الحالي ولا يعرّج إعلام النظام الرسمي على ذكره أو ينبه لضرورة تعديله، لكن بلديات دمشق وريفها تستثمره للحصول على الإتاوات من المواطنين، ليصرفوا النظر عن ألواح الطاقة الشمسية المركبة، وفي حالة وجود شكوى رسمية من قبل أحد المواطنين ستقوم البلدية بمصادرة تلك الألواح على الفور.

في هذا السياق يقول "أبو محمد" رجل أربعيني يقيم في منطقة الهامة بريف دمشق، في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا: "بعد أن ركّبت ألواح الطاقة الشمسية بأسبوعين، جاء موظفون من البلدية وأخبروني أنني ارتكبت مخالفة بتركيبي الألواح بدون رخصة ويجب عليّ إزالتها".

وعند ذلك، يقول أبو محمد إنه طلب من الموظفين الحصول على رخصة فأخبروه أن ذلك غير ممكن، وأبلغوه أن كل أنواع الألواح الموجودة بالسوق "رديئة الصنع  وأنها تشكل خطراً على الجوار لأنها تتسبب بحدوث حرائق، علماً أن هذه الألواح  كلّفتني 14 مليون ليرة سورية. بنهاية الحديث توصلت معهم إلى تسوية بدفع مليوني ليرة  لهم ليصرفوا النظر عن تلك الألواح، وحذروني بأنه يجب أن أحصل على موافقة جيراني بالبناء السكني أيضاً، لأن أي شكوى من قبلهم مستقبلاً ستتسبب بمصادرة تلك الألواح على الفور".

المهجّرون السوريون مصدر ثمن ألواح الطاقة الشمسية

قد يكون ذلك بديهياً، لكن يجب الإشارة إلى أن سعر هذه الألواح يفوق القدرة المادية لغالبية المجتمع السوري، فالجميع يعلم أن راتب الموظف في القطاع الحكومي لا يتجاوز السبعين ألف ليرة في الشهر وحتى لو وصل راتب الموظفين في القطاع الخاص إلى خمسة أضعاف هذا الرقم، وهو أمر نادراً ما يحدث، فإن هذه الأرقام تبقى ضئيلة ولا تؤهل هذه الشريحة من الناس للحصول على ألواح الطاقة الشمسية قطعاً.

لذا فإن سوق ألواح الطاقة الشمسية الفعلي يعتمد على السوريين المهجرين الذين يواظبون على إعالة عائلاتهم في الداخل، وقد تم التسويق لهذه الألواح على المواقع والتطبيقات التي ظهرت خلال العامين الماضيين والتي تديرها شركات تتكفل بتأمين حاجيات الأهالي بالداخل ويقبضون ثمن خدماتهم بالعملات الأجنبية.

هذه الشركات التي ازدادت أسعارها بشكل كبير منذ بداية هذا العام بعد أن ضيّق النظام عليهم لتحصيل  ضرائب هائلة منهم ليسمح لهم بممارسة نشاطهم. إلا أن الأسعار تبقى باهظة جداً حتى بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في الدول الأوروبية ويتقاضون أجورهم باليورو.

تقول "ديالا" سيدة ثلاثينية تعيش في باريس، لـ موقع تلفزيون سوريا: "اعتدت أن أرسل لأهلي الهدايا والحلويات عن طريق موقع سوري متخصص بإرسال الأغراض إلى السوريين في الداخل، ولم يكن لدي أي مشكلة بكلفة الأغراض الصغيرة التي أشتريها لهم والتي يزداد سعرها بشكل غريب كل فترة، لأنها الطريقة الوحيدة لمساعدة أهلي في دمشق مع انعدام الطرق لإرسال الأموال إلى سوريا بعد تدهور حال لبنان".

وتكمل ديالا: "قبل شهر أخبرتني أمي عن ألواح الطاقة الشمسية التي يرسلها المغتربون بسبب اكتئابها من ساعات انقطاع الكهرباء الطويلة، فسألت الموقع عن سعرها وإمكانية تركيبها في بيت أهلي. كان السعر صادماً حقاً، إذ طلبوا مني 7500 يورو، لكنهم فسروا الأمر بأن ثلثي المبلغ سينفق على الضرائب وسيتكفلون بدفع الرشاوى للبلدية لتسمح لهم  بتركيبها".

إن عدم شرعنة تركيب ألواح الطاقة الشمسية بشكل رسمي لا تتوقف مضاره على ثمن الكلفة الخيالية، بل تتعدى ذلك إلى تسببها بكوارث أخرى قد تودي بحياة المواطنين، حيث تسبب عدد كبير من هذه الألواح بإحداث حرائق في العاصمة دمشق. السبب الرئيسي بذلك هو عدم وجود رقابة لجودة نوعية الألواح وباقي أدواتها في السوق وعدم وجود عمال مختصين بتركيبها ولجوء بعض الأشخاص إلى شراء أنواع رخيصة وتركيبها ذاتياً في محاولة منهم لتخفيف المصاريف.

وفي هذا السياق، يفيد عامل الكهرباء "أبو مهند" (50 عاماً) لـ موقع تلفزيون سوريا بأن "تركيب ألواح الطاقة الشمسية يحتاج إلى خبرة كبيرة فيجب معرفة استطاعة الإنفنتر وتركيب الألواح على أساسه، فإذا تم تركيب عدد كبير من الألواح مع إنفنتر بسعة منخفضة من الممكن أن يتسبب فيضان الطاقة باشتعال الحرائق وتخريب الإنفنتر والأجهزة المنزلية.  للأسف غالبية الناس يقومون بشراء إنفنترات رخيصة مع عدد كبير من الألواح لا تحتملها، مما يتسبب بتلف الإنفنترات وانفجارها".