icon
التغطية الحية

أكثر من المتوقع.. ما الذي عاد به أردوغان من السعودية وقطر والإمارات؟

2023.07.20 | 16:36 دمشق

آخر تحديث: 21.07.2023 | 02:01 دمشق

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بلاده بعد جولة خليجية شملت السعودية وقطر والإمارات، تعتبر من بين أبرز الزيارات الاستراتيجية لمجلس التعاون الخليجي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة قبل نحو عقدين، بحصيلة اقتصادية واستثمارية وتجارية كبيرة.

ويوم الإثنين الماضي، وصل الرئيس أردوغان إلى السعودية، في أولى محطات جولته الخليجية، وتلاها بزيارة قطر الثلاثاء، ثم الإمارات الأربعاء وسط توقيع اتفاقيات مهمة بين أنقرة وكل من الرياض والدوحة وأبوظبي.

وتأتي الزيارة بعد الفوز بالانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية التي مثلت ما يشبه المخاض لحزب العدالة والتنمية، وسط تراجع واضح بالوضع الاقتصادي وانهيار كبير بقيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.

وبعد إصلاح العلاقات السياسية مع السعودية والإمارات وتمتينها مع قطر، تركزت جولة أردوغان على عقد أكبر قدر ممكن من الاستثمارات مع دول الخليج لجذب المستثمرين بهدف إنعاش الاقتصاد وتخفيف التراجع السلبي على المواطنين.

وكان الرئيس أردوغان قد أكّد قبل انطلاقه في الجولة أنه سيهدي كل دولة من الثلاث دول سيارة "توغ" الكهربائية التركية، وأن الأولوية في المحادثات ستكون للاستثمارات والتجارة المتبادلة.

دخول سعودي على خط الصناعات الدفاعية

ومع الصفحة الجديدة التي انفتحت بين تركيا والسعودية خلال العامين الماضيين، وقع الجانبان اتفاقيات في مجالات الاستثمار المباشر والصناعات الدفاعية والطاقة والدفاع والاتصالات، حيث أكدت الرياض وأنقرة في بيان مشترك على أهمية استكمال إجراءات تفعيل مجلس التنسيق السعودي التركي، والعمل على تطوير مشاريع ومبادرات مشتركة وتنفيذها في إطار المجلس.

وكان في مقدمة الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، صفقة تقوم الرياض بموجبها بشراء طائرات مسيرة تركية، حيث أعلن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، أنه تم توقيع عقدي استحواذ لشراء طائرات مسيرة تركية، إضافة إلى "خطة تنفيذية للتعاون الدفاعي" بين البلدين، ووصفت شركة "بايكار" التركية العقد بأنه أكبر صفقة تصدير في مجال الدفاع والطيران بتاريخ الجمهورية التركية.

وفي بيان مشترك أعربت المملكة وتركيا عن تأكيدهما على تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، ودعم المسارات السياسية والقوانين الدولية لإيجاد حل للأزمات والخلافات التي تمر بها المنطقة والعالم.

وأشاد البلدان بما تحقق من تطورات في العلاقة، على إثر زيارة الرئيس التركي للمملكة في نيسان 2022، وزيارة الأمير محمد بن سلمان لتركيا في حزيران من العام نفسه.

وفي المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية استعرض الجانبان أبرز تحديات الاقتصاد العالمي، وأكدا أهمية رفع وتيرة التعاون في القطاعين التجاري والاستثماري.

وتفاعلت وسائل الإعلام السعودية الحكومية والخاصة بشكل كبير مع زيارة أردوغان لجدة، وهذا ما أكدت عليه صحف "الرياض وعكاظ والمدينة"، وكذلك صحيفة "سبق" الإلكترونية التي قالت إن: "السعودية وتركيا تتمتعان بثقل إقليمي ودولي؛ فالدولتان دعامتان للاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط".

وأشارت إلى أن تركيا والسعودية "تساهمان بأدوار متوازنة وفعالة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليَّيْن، ويشترك البلدان في عضوية مجموعة العشرين، التي تضم أكبر الاقتصادات في العالم".

قطر وتركيا.. علاقة استراتيجية في تطور

تعد العلاقة التركية القطرية استراتيجية على أعلى المستويات منذ سنوات عديدة، وهذا واضح من حجم الاستثمارات القطرية في تركيا المقدرة بنحو 20 مليار دولار، ووجود قوات تركية على الأراضي القطرية، وكثير من المشاريع والاتفاقيات المشتركة.

وفي خضم ذلك، أكد الرئيس أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال محادثات بينهما "الرغبة القوية لدى البلدين بتعميق التعاون الثنائي بينهما من خلال تعزيز التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية".

ووقع البلدان على بيان مشترك بمناسبة الذكرى الخمسين لتدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما، بحسب شبكة "تي آر تي" التركية.

وفي سياق متصل، ثمّن رجال أعمال من البلدين زيارة الرئيس التركي لدولة قطر، حيث يرون أنها ستعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وهو ما يعكسه الارتفاع المتواصل للتبادل التجاري وحجم الاستثمارات.

ورغم عدم الإعلان عن اتفاقيات اقتصادية بارزة بين الدوحة وأنقرة، أظهرت بيانات رسمية أن المبادلات التجارية نمت خلال عامي 2021 و2022 بـ17% لتبلغ 8.1 مليارات ريال في 2022 مقابل 6.9 مليارات ريال في العام 2021. 

كما ينتظر أن يبلغ حجم المبادلات التجارية بين الطرفين بحلول العام 2025 نحو 18 مليار ريال (نحو 4.94 مليارات دولار).

الإمارات.. شراكة جديدة

ولعل تحسين العلاقات بين تركيا والإمارات كان الأحدث نسبياً، بعد سنوات من التوتر والقطيعة والتجاذب السياسي الذي انتهى بإنهاء الخلافات وبدء ما أطلق عليه "العمل المشترك"، من خلال استثمارات مرتفعة جداً.

ووقعت أبو ظبي وأنقرة، اتفاقيات بقيمة 50.7 مليار دولار في قطاعات مختلفة تستهدف تنويع مجالات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وتوسيع آفاقها بما يحقق تطلعات البلدين إلى النمو الاقتصادي والازدهار المستدامين.

كما تم الاتفاق على إنشاء "لجنة استراتيجية عليا" بين الإمارات وتركيا، ومن أبرز الوثائق الموقعة، اتفاقية بين الحكومتين بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات.

واتفاقية إطارية للشراكة الاستراتيجية حول تطوير مشاريع الطاقة والموارد الطبيعية، ومذكرة تفاهم بين مكتب أبوظبي للاستثمار ومكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية.

وكمؤشر على أهمية العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا والإمارات، تشير البيانات إلى أن إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين بلغت نحو 19 مليار دولار في 2022 بزيادة قدرها 40% عن عام 2021 و112% عن عام 2020، وأصبحت تركيا بذلك بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.

من جهته صرح وزير التجارة التركي عمر بولات بأن بلاده والإمارات وقعتا الأربعاء اتفاقيات "مهمة جداً في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياسة والثقافة".

وقال: "مع هذه الاتفاقية التي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1 سبتمبر المقبل سيتمكن رجال أعمال البلدين من ممارسة التجارة بينهم بشروط أكثر منفعة مقارنة بالبلدان الثالثة، كما وبفضل الاتفاقية فتح الباب أمام الشركات التركية على السوق الخليجية، والشركات الإماراتية نحو أسواق الاتحاد الأوروبي عبر اتفاقية الاتحاد الجمركي لتركيا".

وأكد بولات أن بلاده تهدف إلى رفع حجم التجارة الخارجية مع الإمارات الذي اقترب من 10 مليارات دولار في النصف الأول من العام الجاري، إلى 25 مليار دولار في بضع سنوات وإلى 40 مليار دولار في 5 سنوات على أبعد تقدير.

وفي خضم الزيارة، قالت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية في افتتاحيتها تحت عنوان "تعاون مستدام"، إن القمة التي عقدها رئيس الإمارات مع نظيره التركي وهي الخامسة خلال عامين، تؤكد عزم وإرادة البلدين الصديقين على تعزيز أوجه الشراكة الاقتصادية الشاملة".

من جانبها أشادت صحيفة "الخليج" الإماراتية، بزيارة الرئيس أردوغان في افتتاحيتها التي جاءت تحت عنوان "دبلوماسية الشراكة والثقة".

ما أهمية جولة أردوغان بالخليج؟

ويبدو أن الجولة الأخيرة لأردوغان في الدول الخليجية الثلاث تحمل العديد من الرسائل، أولها انتهاء مرحلة التطبيع ودراسة النوايا، إلى مرحلة بناء التعاون والشراكة الاستراتيجية في معظم الملفات، التي كانت موجودة مع قطر، والآن بدأت مع السعودية والإمارات.

ومع الوضع الاقتصادي المتراجع الذي تعيشه تركيا، لا شك أنها بحاجة للشراكة مع دول الخليج بشكل عام، لما تملكه من موارد وإمكانيات استثمارية، في الوقت الذي لدى دول الخليج حاجة لأدوات تركيا الإقليمية وما تمثله من أدوار بالعديد من الملفات الشائكة دولياً.

ولتركيا علاقات جيدة أيضاً مع دول الخليج الثلاث الأخرى المتمثلة بالكويت وسلطنة عُمان والبحرين، والتي من الممكن أن يكون هناك نية لزيارتها في المستقبل القريب.

وكان واضحاً أن الاتفاق السعودي التركي على التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وعقد أكبر اتفاق في تاريخ شركة "بايكار" سيكون له تأثير كبير على مستقبل هذه الصناعة.

كما أن حجم الاستثمارات الإماراتية سيحمل تأثيرات إيجابية على السوق التركي؛ لا سيما فيما يتعلق بمعدلات التوظيف والعمل على مشاريع عملاقة قد تفيد حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.