icon
التغطية الحية

أزمة النفط.. كيف ينعكس غزو أوكرانيا وملف إيران النووي على أسعار الخام؟

2022.03.08 | 15:18 دمشق

1623068807316.jpg
تداعيات حرب أوكرانيا على أسعار النفط والاتفاق النووي والملف السوري
 تلفزيون سوريا ـ عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

تشهد أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً عالمياً، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، مقترباً من حدود الـ 139.30 دولاراً لكل برميل في واحد من أعلى مستويات ارتفاع الأسعار على الإطلاق منذ 14 عاماً حين اندلعت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، حيث بلغ سعر البرميل حينذاك 147.50 دولارا.

وتفاقم تقلبات الأسعار المخاوف من حدوث صدمة تضخمية كبيرة للاقتصاد العالمي، في الوقت الذي يرتبط الارتفاع بتحركات عسكرية وسياسية لها أبعادها الدولية المؤثرة، في مقدمتها الرد الغربي على غزو موسكو لأوكرانيا عبر العقوبات الاقتصادية القاسية، ومحادثات الاتفاق النووي الإيراني، وإقحام ملفات أخرى في الصراع. 

وزادت أسعار الخام أيضاً من جراء تعليق إنتاج النفط من حقلي الشرارة والفيل في ليبيا بسبب أعمال تخريب، مما أدى إلى نقص الإنتاج بمعدل نحو 400 ألف برميل يومياً.

وتلوح الولايات المتحدة بإمكانية حظر واردات النفط الروسي إلى أميركا دون مشاركة حلفائها الأوروبيين، الأمر الذي قد يحدث انفجاراً في أسعار النفط قد تصل ما بين 200 إلى 300 دولار لكل برميل لأول مرة في التاريخ.

البدائل الأميركية عن النفط الروسي

ويزداد الزخم في الكونغرس الأميركي لحظر واردات الولايات المتحدة من النفط الروسي، وخصوصاً بعد إعلان نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب أنها مع منع هذا الحظر.

وبحسب آخر الأرقام الرسمية الأميركية في كانون الأول 2021، فإن روسيا تصدر 90 ألف برميل من النفط الخام يومياً إلى الولايات المتحدة، ومقارنة فإن هذه الكمية تعتبر ضئيلة مقارنة بما تحصل عليه أمريكا من العراق (223.000) برميل والسعودية (472.000) والمكسيك (492.000)، ناهيك عن (4.1) ملايين برميل من كندا كل يوم.

ويبدو أن التأثير السياسي لحظر النفط الروسي يفوق تأثيراته الاقتصادية، حيث تبحث إدارة الرئيس جو بايدن عن مدى خطورة أزمة الطاقة العالمية التي سببها الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولذلك يناقش مستشارو الرئيس بايدن إجراء زيارة محتملة إلى السعودية هذا الربيع للمساعدة في إصلاح العلاقات وإقناع المملكة بضخ المزيد من النفط لواشنطن، وفق موقع "أكسيوس" الأميركي. 

وقال الموقع إن احتمالية الزيارة تُظهر أيضاً كيف يعمل الغزو الروسي على تقويض التحالفات العالمية، مما يجبر الولايات المتحدة على إعادة ترتيب أولوياتها، وربما إعادة ضبط تركيزها على حقوق الإنسان.

وفي سياق متصل، يزور بايدن فنزويلا نهاية هذا الأسبوع للقاء حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث يشير بعض الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن إلى أن النفط الفنزويلي يمكن أن يحل محل النفط الروسي،بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ويريد مسؤولو بايدن الاحتفاظ بخيارات للرئيس، بما في ذلك فرصة إجراء تعديلات مع السعوديين وإقناعهم بزيادة إنتاجهم النفطي، في حين ما تزال المناقشات حول الزيارة المحتملة في مراحلها الأولى وحذر المسؤولون من أن الزيارة بعيدة عن الانتهاء وقد لا تحدث، بحسب الموقع.

عرقلة الاتفاق النووي الإيراني 

في المقابل تسعى روسيا للرد على العقوبات الغربية ضدها من خلال العمل على وضع العصا في عجلات محادثات فيينا الساعية لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب إدارة ترامب منه عام 2018.

وفي حال تم استئناف الاتفاق النووي بين إيران وأميركا، سيؤدي ذلك إلى إيقاف عقوبات واشنطن على طهران، الأمر الذي سيحرر النفط الإيراني وإمكانية تصديره عالمياً.

ولطالما سعت إيران لرفع العقوبات والقيود عن اقتصادها، ما سيتيح عودة الخام الإيراني الى الأسواق بما يزيد العرض ويخفض الأسعار.

وفي الأيام الأخيرة ازدادت التصريحات المتفائلة بشأن اتفاق وشيك لإنقاذ اتفاق 2015 مع إيران، إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف طالب بضمانات مفاجئة، يوم السبت الماضي، تؤكد أن العقوبات الجديدة التي تطول موسكو لن تؤثر على تعاونها مع طهران.

وأضاف لافروف، "هناك مشكلات لدى الجانب الروسي، طلبنا من زملائنا الأميركيين تقديم ضمانات مكتوبة بأنّ العقوبات لن تؤثر على حقنا في التعاون الحر والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران"، وفق وكالة "فرانس برس".

وأكّد لافروف أنه يريد على الأقل ضمانات من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مستنكراً "سيل العقوبات العدوانية" التي اعتمدها الغرب بعد غزو أوكرانيا، وشدد على ضرورة تلقي "ردّ بالغ الدقة".

من جهته، قال بلينكن عبر شبكة "سي بي إس" إن العقوبات المفروضة على روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا "لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني.. لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد أن (المطالب الروسية) خارج السياق".

وأردف بلينكن أنه "من مصلحة روسيا بغض النظر عن أي شيء آخر أن تكون إيران غير قادرة على امتلاك سلاح نووي أو ألا تمتلك القدرة على إنتاج سلاح بسرعة كبيرة"، متابعاً "يبقى هذا الاهتمام سارياً بغض النظر عن علاقتنا بروسيا منذ غزوها لأوكرانيا".

وأضاف أنه تم إحراز "تقدم حقيقي في الأسابيع الأخيرة وأن اتفاقاً بات قريباً"، مبيناً أنه "ما تزال هناك بعض القضايا الصعبة للغاية لحلها".

تداعيات أوكرانيا على الملف السوري

ولعل الملف السوري من أكثر الأزمات تعقيداً خلال العقد الماضي، خصوصاً مع التدخل الدولي في سوريا، ووجود قوات عسكرية لعدة دول بينها روسيا وأميركا وتركيا وإيران إلى جانب الميليشيات الطائفية، وعدم تمكن المجتمع الدولي من تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 القاضي بتنفيذ عملية حل سياسي برعاية أممية.

وتعد روسيا التي تدخلت لدعم نظام الأسد عسكرياً منذ عام 2015، وحسمت المعركة في العديد من المناطق لصالح قوات الأسد، راعية سياسة التهجير والتغيير الديموغرافي للسكان، إلى جانب ارتكابها لجرائم حرب وضد الإنسانية، ما زاد من تعقيد المشهد.

ويبدو من المجريات أن الحرب الجارية في أوكرانيا وانشغال روسيا فيها وإشراك جنود سوريين في المعركة إلى جانب القوات الروسية، مناسبة لاختبار عدد من الملفات بما فيها الملف السوري، وسط الحديث عن اعتقادين أحدهما يقول بضرورة الفصل بين الملفات وعدم تداخلها، بحيث تفصل واشنطن مفاوضات الملف النووي الإيراني والوجود العسكري في سوريا عن الغزو الروسي لشرق أوروبا.

وهناك توجه سياسي آخر قائل إن التشابك بين الملفات قائم ومن غير الممكن العزل بينها إذا طال أمد الحرب، فإن حصل الاتفاق النووي سينعكس ذلك على الملف السوري لصالح إيران على حساب روسيا، وسينخفض سعر الخام مع حظر النفط الروسي.