أزمة العابرين السوريين إلى لبنان كورقة للضغط والتهديد

2024.02.19 | 05:01 دمشق

لبنان
+A
حجم الخط
-A

بالرغم من الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان ورداءة الطقس البارد الذي يسيطر على المنطقة وارتفاع وتيرة التصادم العسكري الإسرائيلي وحزب الله في الجنوب منذ عملية طوفان الأقصى وسقوط إصابات من العائلات السورية التي لا تزال تقطن في الجنوب اللبناني تحت الخطر، نلاحظ أعدادا كبيرة من العابرين غير الشرعيين للحدود اللبنانية السورية من أجل الوصول عبر مراكب الموت إلى أوروبا، حيث يتم إيقاف أعداد كبيرة يوميا بحسب بيانات الجيش اللبناني وهناك مجموعات ينجح تهريبها.

لابد من الأخذ بالاعتبار التوتر اللبناني السوري الشعبي القائم اليوم، والذي بات  يسود مناطق  مختلفة من خلال التعبير الشعبي الرافض للوجود السوري غير المنظم في لبنان. بالإضافة للاشتباكات التي باتت تحصل في كل منطقة لبنانية تقريبا بين الشبان والنازحين. وخاصة القادمين تهريبا إلى لبنان. لكن حادثة بلدة رميش الحدودية  كانت فريدة من نوعها مع بداية تجدد التوتر على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة إثر عملية الطوفان في غزة، مما سبب رعبا وخوفا لدى اللبنانيين الذين حاولوا الهروب والفرار من المناطق الحدودية.

تصريح ميلاد العلم رئيس بلدية رميش أفزع الكثير من اللبنانيين بعد يومين من عملية طوفان الأقصى عندما قال "إننا هربنا من بيوتنا وإذا بالنازحين السوريين يأتون ليحتلوها بظل غيابنا وعندما حاولنا إخراجهم دارت اشتباكات بيننا وبينهم. وكان أكثر من خمسمئة عائلة من النازحين يرددون هتافات الله أكبر ولكن لم نعرف كيفية وصولهم إلى رميش ومن دفع بهم إلى المنطقة، رغم الأوضاع الأمنية المتوترة، مما دفعنا للالتجاء للجيش والقوى الأمنية كي تساعدنا على إخراجهم قبل أن نصبح مبعدين عن بيوتنا ويقيم مكاننا السوري".

لاشك بأن الوضع في لبنان مرتبط بأوضاع المنطقة، ولبنان لم يعد متروكا كما كان سابقا حيث قُدم لإيران عندما وقع الجانبان الأميركي والإيراني الاتفاق النووي على حساب مصالح الدول العربية وتضمين لبنان إلى إيران، واحتلال سوريا والعراق ورعاية انقلاب اليمن، مما دفع بالجانب الإيراني الممثل في لبنان بحزب الله وحلفائه إلى انتخاب رئيس موال لإيران وحزب الله وأخذ لبنان إلى قاع جهنم كما صرح في خطاباته، وتخلى عن مسؤوليته كرئيس للجميع حيث بات يدفع الفاتورة لحزب الله على وصوله للرئاسة مما أدى إلى انهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي وأخلاقي ومؤسساتي. لذلك يمكن الوقوف أمام النقاط التالية التي يعاني منها لبنان حاليا:

أزمة النزوح السوري:

إن أزمة النزوح السوري باتت عبئا على لبنان وشعبه ومؤسساته بظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الشعب اللبناني وغياب عمل مؤسسات الدولة المعنية بحل وترتيب أوضاع السوريين.

الجميع أصبح ينظر إلى الوجود السوري كأنه الأزمة الفعلية التي يعيشها لبنان وليس جزءا من هذه الأزمة التي تفرض نفسها على الاقتصاد وعلى كاهل الناس. النظام السوري لايريد حلا فعليا لهذه الأزمة وكأنه يبتز الدول العربية بهؤلاء وكذلك المجتمع الدولي. الذي يحاول إيجاد حلول فاعلة وآمنة لهؤلاء الهاربين من النظام.

هنا تكمن القطبة المخفية التي تخفي وراءها عملية نزوح ممنهجة ومنظمة ومدروسة وهي عملية خطيرة جدا بات معروفا أن حزب الله والنظام والفرقة الرابعة والعصابات المحلية والخارجية تقف وراءها

ما هو واضح بأن النظام السوري غير مستعجل لمعالجة أوضاع هؤلاء لأن ورقة اللاجئين باتت ورقة للاستخدام والابتزاز. إذن يمكن القول إن لبنان تحمل على مدى 12 عاما من الحرب السورية كمية كبيرة من اللاجئين وصلت إلى حوالي ثلاث ملايين سوري يمكن تقسيمهم على الشكل التالي:

1-المهجرون من الحرب والذين لا يملكون أي أوراق ولا يوجد عندهم بيوت أو أصبحوا مطلوبين للنظام السوري لكونهم من المعارضين الفعليين ومن هؤلاء رحل كثير إلى الخارج عن طريق الأمم المتحدة .

2-القسم الثاني العمال السوريون وهم موجودون تاريخيا  قبل الحرب وبعدها وهؤلاء من الذين يؤمنون للبنان أعمالا كثيرة وخاصة الحرفية السوداء وهم مطلوبون وقد زاد عددهم من خلال جلب عائلتهم .

3-القسم الأخير ويمثلون ثلثيّ الأعداد المتواجدة. ويقدمون أنفسهم على أنهم لاجئين لكي يقبضوا مساعدات من الأمم المتحدة، لكنهم يسلكون طريق سوريا ذهابا وإيابا وبالتالي هؤلاء من يذهبون للتصويت في سفارة النظام في لبنان.

سيناريوهات وخطط للضغط على الأميركي:

منذ عدة أشهر وتحديدا عندما بدأت تحركات المنطقة الشرقية في سوريا وبدأ الحديث عن إقامة منطقة عازلة من الشرق حتى الجنوب، عندها بات لبنان يعاني من نزوح غير طبيعي. يوميا يصل إلى لبنان أعداد تقدر بأكثر من عشرة آلاف سوري يسلكون طرقات للتهريب تتجاوز أربعة وخمسين طريقا يسيطر عليها حزب الله الذي يحمي المهربين.

وهنا تكمن القطبة المخفية التي تخفي وراءها عملية نزوح ممنهجة ومنظمة ومدروسة وهي عملية خطيرة جدا بات يعرف بأن حزب الله والنظام والفرقة الرابعة والعصابات المحلية والخارجية تقف وراءها، وهم يجنون من ورائها أموالا طائلة.

-حزب الله والنظام يريدان الضغط على القوى اللبنانية المعارضة لانتخاب مرشحهم والقول إن هذا الفلتان نتيجة عدم التوافق على انتخاب فرنجية رئيسا. وبالتالي تخويف المكونات اللبنانية بسبب الوضع الاقتصادي وتخويف المسيحيين في لبنان من عملية التوطين حيث يختل فيها ميزان القوى في لبنان .

-النقطة الثانية التي يستخدمها حزب الله هي ورقة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا وابتزازها بفتح الحدود الإقليمية البحرية من أجل الاتفاق على مرشحه وهنا الابتزاز الآخر.

-النقطة الثالثة هي استقدام لاجئين سوريين إلى لبنان بأعداد كبيرة ومعظمهم من الشباب من عمر 14 سنة حتى 30 عاما، وإبقائهم في أماكن ومعسكرات تحت إغرائهم من المافيات بأن طريقهم إلى أوروبا مفتوح.

-النقطة الرابعة يحاول النظام السوري ابتزاز الغرب والعرب لكي يقف بوجه هذه الهجرة المنظمة للحصول على أموال خاصة بحجة أن قانون قيصر هو الذي يسبب هذا النزوح.

لكن الخطورة في هذا السيل المتدفق على بلد صغير تكمن في ما يجده الجيش اللبناني عندما يداهم المخيمات السورية من كميات كبيرة من السلاح الفردي والقنابل. فالسؤال الذي بات يطرح على الإعلام من الذي يسلح هذه المجموعات وهل أتت إلى لبنان بجاهزية فاعلة للقتال أو لطرح مشكلة جديدة بين اللبنانيين تقول إن السوريين يشكلون خلايا إرهابية داعشية وهؤلاء يأتمرون من الخارج لتفجير الوضع في لبنان، مما يساعد حزب الله على ضرب مناطق سنية جديدة مثل صيدا وطرابلس واتهامها بـالداعشية  للإطباق عليها .

حزب الله يندد بالتواجد السوري غير المنظم ويتهم الفرقاء الآخرين بأنهم رفضوا إقامة معسكرات للنازحين لأنهم كانوا مع الثورة.

لكن الجميع ساكت عن مسألة مهمة جدا وهي أن حزب الله طرف في الصراع السوري وهو ممثل في المجلس النيابي ومجلس الوزراء. فالتفتيش عن حل لا يمكن عبر زيارات بعض النواب والوزراء المحسوبين على الحزب أو بإلقاء اللوم على الأمم المتحدة التي تدعم الوجود الإنساني للاجئين السوريين في لبنان. وإنما المشكلة الأساسية هي وجود الحزب في سوريا واحتلاله قرى ومدن سورية في مناطق القصير والقلمون وأطراف الحدود السورية اللبنانية وتهجير أهلها واستباحة بيوتهم وأرضهم ليزرعها بالحشيش وإقامة معامل الكبتاغون ومع العلم أن قبرص عرضت على لبنان المساعدة في محاربة اللاجئين غير الشرعيين فرفض لبنان رسميا هذا العرض والتنسيق.

لذلك مسائل اللجوء هي سيف ذو حدين يمكن استخدامها الآن لمصلحة إيران والنظام السوري والاستفادة منهم لكن فعليا سينقلب السحر على الساحر وتصبح هذه الأعداد قنبلة موقوتة بوجه الحزب.