icon
التغطية الحية

أزمة الخبز في لبنان تنفجر عنفاً وعنصرية ضد اللاجئين السوريين

2022.07.29 | 15:20 دمشق

أزمة الخبز في لبنان
حرمت بعض الأفران السوريين من الحصول على الخبز بحجة أنهم يهربونها إلى داخل سوريا - رويترز
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

فجّرت أزمة الخبز المتفاقمة في لبنان أحداث عنف ومواجهات عنصرية ضد اللاجئين السوريين، حيث تعرض عدد كبير من اللاجئين السوريين، في مختلف المناطق اللبنانية، لاعتداءات تضمنت الضرب والشتم والطرد، فيما حرمت بعض الأفران السوريين من الحصول على الخبز، بحجة أنهم يهربونها إلى داخل سوريا.

وأظهر مقطع فيديو، نُشر على موقع "تويتر"، عدة شبان لبنانيين يعتدون بالضرب على شاب سوري كان بحوزته ربطة خبز.

 

 

 

ومن جراء أزمة الخبز التي تصاعدت خلال الأيام الماضية، اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي في لبنان بوسم "أرضنا مش للنازح السوري"، تضمن إساءات وإهانات عنصرية، وصلت لحد التحريض ضد اللاجئين السوريين في لبنان ووصفهم بأنهم "قنبلة بشرية قابلة للاشتعال".

 

 

مفوضية اللاجئين تدعو لحماية اللاجئين

من جانبها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، باولا باراتشينا، "رأينا توترات بين اللبنانيين والسوريين في المخابز في جميع أنحاء البلاد، وفي بعض الحالات تضمنت إطلاق النار واستخدام العصي ضد اللاجئين".

وأضافت بارانشينا أن "بعض المناطق في لبنان أصدرت حظر تجول للاجئين، أو طلبت من المخابز إعطاء الأولوية للمواطنين اللبنانيين"، وفق ما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".

ودعت مفوضية اللاجئين السلطات اللبنانية إلى "ضمان سيادة القانون وحماية جميع الأشخاص في البلاد، وحثت المجتمع الدولي على زيادة المساعدات للبلاد".

ووفقاً لوثيقة حصلت عليها الوكالة، صدرت أوامر للمخابز في منطقة بعلبك بإعطاء الأولوية للمواطنين اللبنانيين للحصول على الخبز، فيما قال أحد اللاجئين السوريين إنه أجبر على الانتظار عدة ساعات في أحد المخبز لأنهم كان يوزعون الخبز للبنانيين أولاً.

أزمة الخبز في لبنان

وتفاقمت أزمة الخبز في لبنان خلال الأيام الماضية، وازدادت مشاهد الطوابير أمام الأفران التي تبيع كميات قليلة لا تكفي كميات الاستهلاك اليومي للبنانيين، ما تسبب بمشاجرات وإطلاق نار في عدد من المناطق، بينما اقتحم لبنانيون غاضبون أفراناً ومحالّ تبيع الكعك والحلويات للمطالبة بتحويل مادة الدقيق المخصصة لها لصنع الخبز.

وأغلقت العديد من الأفران أبوابها لعدم توفر مادة الطحين، ما تسبب بتزايد الازدحام والطوابير أمام الأفران التي ما تزال تعمل، وارتفع سعر ربطة الخبز من 13 ألف ليرة لبنانية (سعرها الرسمي) إلى 25 ألفاً، بينما وصل سعرها في بعض المناطق إلى 30 ألف ليرة لبنانية.

 

 

ووفق أرقام رسمية، يحتاج لبنان شهرياً نحو 50 ألف طن من القمح، أي ما يعادل 600 ألف طن سنوياً، يستورد منها 60 % من أوكرانيا، ونحو 20 % من روسيا ورومانيا، في حين يزرع سنوياً نحو 10 آلاف هكتار تنتج نحو 60 ألف طن من القمح سنوياً.

وتفاقمت المشكلة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث تعطّلت شحنات القمح من مورد الحبوب الرئيسي إلى لبنان، فضلاً عن ارتباط أزمة الخبز بمضاعفات الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في البلاد، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 % من قيمتها خلال ثلاث سنوات.

وتدعم الحكومة اللبنانية، عبر مصرف لبنان المركزي، استيراد القمح بسعر الصرف الرسمي، 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار، فيما يصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى 30 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.

ويواجه لبنان صعوبات بالغة لفتح اعتمادات مالية لاستيراد القمح، بسبب شح العملة الصعبة وانخفاض الاحتياطي الإلزامي من 17 ملياراً إلى 11 مليار دولار، وفق تصريح حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.

كما فاقم الأزمة انفجار مرفأ بيروت في آب من العام 2020، حيث تدمرت صوامع الحبوب التي كان تضم نحو 48 مخزناً تضم 120 ألف طن من القمح، وتحفظ 85 % من قمح لبنان وحبوبه وتوفر احتياجاته لستة شهور قادمة.

 

صور نشرتها وكالة "رويترز" للازدحام والطوابير أمام الأفران في عدة مناطق لبنانية

 

وزير الاقتصاد يلقي اللوم على السوريين

واتّهم وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، اللاجئين السوريين بأنهم السبب في الأزمة، متهماً إياهم بأنهم "يشترون أكثر مما يحتاجون، ويرسلون الخبز إلى سوريا للبيع في السوق السوداء".

وفق تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، اعتبر الوزير اللبناني أن اللاجئين السوريين "يمارسون ضغوطاً كبيرة على الإمدادات"، لكنه زعم أنهم "لم يواجهوا تمييزاً" في بيع الخبز.

إلا أن أصحاب الأفران أكدوا أن الحكومة اللبنانية لم تقدم ما يكفي حاجة الأفران والكميات المخصصة لها يومياً من مادة الطحين، وهو الأمر الذي نفته وزارة الاقتصاد، وفق "رويترز".

وقال لبنانيون للوكالة إن "الخبز متوفر بسهولة في السوق السوداء، ولكن بأربعة أضعاف سعره الرسمي"، في حين أشار آخرون إلى أنه "لم نتعرض للإذلال بهذا الشكل حتى خلال الحرب الأهلية".

وفي تصريح سابق، قال الوزير اللبناني إن اللاجئين السوريين "يستهلكون نحو 400 ألف ربطة خبز يومياً، أي بمعدل 40 % أو 50 % من القمح الذي يدخل إلى لبنان"، مضيفاً أنه "نسعى لحل مشكلة استهلاك اللاجئين للخبز، عبر دعم إضافي خارجي، حتى لا تكون على حساب الشعب اللبناني".

ونقلت قناة "الجزيرة" عن نقيب أفران الشمال، طارق المير، أن "بعض المطاحن الكبيرة تغلق أبوابها، وتمتنع أخرى عن تسليم حصة الطحين كاملة للأفران، وتصرف ربع الكمية أو نصفها، مما أدى إلى إغلاق نحو 25 % من الأفران".

مفوضية اللاجئين تعرب عن القلق

وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن "القلق من الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية" ضد السوريين، مؤكدة على أنه "في هذا الوضع الصعب جداً، نشهد زيادة في التوترات بين المجتمعات المختلفة".

وأكدت المفوضية، في بيان لها وفق "رويترز"، على أن "استمرار الدعم الدولي للبنان أمر بالغ الأهمية لضمان الوصول الآمن للغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى".

 

 

والأسبوع الماضي، أصدرت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، نجاة رشدي، بياناً أشارت فيه إلى أنه "خلال الأسابيع الماضية في لبنان، ازداد التداول في الفضاء العام بعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا"، ودعت "الجميع إلى الامتناع عن تأجيج وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالمشاعر السلبية وخطاب الكراهية" ضد اللاجئين.

وقالت المسؤولة الأممية إنه "بالنيابة عن المجتمع الإنساني الدولي وبصفتي منسقة الشؤون الإنسانية في لبنان، أكرّر بأن حماية اللاجئين واللاجئات هي واجب إنساني وأخلاقي يدخل في صميم كل المبادرات الإنسانية".

 

 

وفي تصريحات سابقة لموقع "تلفزيون سوريا"، قالت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، دلال حرب، إن "وضع اللاجئين السوريين في لبنان بحالة تفاقم متزايد بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان وما سبقها من أزمات متعاقبة كجائحة كورونا، ما يعني بأن الاحتياجات في تزايد مستمر ومتصاعد يوماً بعد يوم".

وتقدّر الحكومة اللبنانية وجود 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، في حين يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 900 ألف، بينهم نحو 600 ألف يعيشون في نحو 2800 تجمع لمخيمات عشوائية.