أذربيجان والاستفادة من الوضع الإقليمي لتنفيذ شروطها

2023.09.24 | 06:23 دمشق

آخر تحديث: 24.09.2023 | 06:23 دمشق

أذربيجان والاستفادة من الوضع الاقليمي لتنفيذ شروطها
+A
حجم الخط
-A

بعد هدوء استمر عدة عقود انتهى في نهاية أيلول 2020 ليشتعل فتيل الحرب من جديد بين أرمينيا وأذربيجان لكن هذه المرة لصالح أذربيجان التي وافقت على طلب إيقاف إطلاق النار في 10 تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه باتفاق ثلاثي، وتم إرسال قوات حفظ سلام روسية لكن الاتفاقيات بقيت بين أخذ ورد بين الطرفين المُتنازعين على الإقليم لتعود أذربيجان وتطلق عملية (مكافحة الارهاب) في إقليم كاراباخ من أجل إنهاء وجود المتمردين المسلحين الأرمن في الإقليم ذي الغالبية الأرمنية، ليكون لها ما تريد بعد وساطة روسية ويتم من جديد إيقاف اطلاق النار من قبل أذربيجان وتعليق العملية العسكرية.

ليس من باب المصادفة جاء توقيت هذه العملية العسكرية فالمشهد الإقليمي بشكل عام معظمه لصالح أذربيجان تقريباً، فبعد إعلان أرمينيا عن إجراء مناورات عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية منذ 11 من هذا الشهر، حتى 20 منه كان هذا الأمر بمثابة فض الشراكة مع روسيا الحصان الخاسر في الرهان الأرميني في حلقة الصراع مع أذربيجان، وقرار التوجه نحو الغرب يبدو أنه قد اتخذ في الوقت الذي تحارب فيه روسيا الغرب من البوابة الأوكرانية، وهذا ما يفسر عدم اكتراث الرئيس بوتين باتصالات رئيس الوزراء الأرميني باشينيان، فروسيا وبكل بساطة تعتبر هذه المناورات (المسماة شريك النسر 2023) تهديداً لنفوذها في جنوب القوقاز وخطوة نحو عدم الاستقرار ضمن سياسة تطويق روسيا التي ينتهجها الغرب، سواء عبر إثارة القلاقل في الدول المحيطة بروسيا أو توسيع رقعة الناتو كما الحال في أوكرانيا وبعدها السويد وفنلندا، وضم الاتحاد الأوروبي دول شرق أوروبا، وعليه فإن العملية العسكرية التي وقتتها باكو في هذا الوقت ستحظى بمباركة روسية لتكون بمثابة رسالة إلى يريفان أما الحليف التركي فهو أمر ثابت بالنسبة لأذربيجان.

لو أضفنا إلى ذلك دعوة رئيس اللجنة الأوروبية لتوسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو) غونتر فيلينغر لأرمينيا للانضمام إلى الحلف من أجل حمايتها فهذا التصريح يمكن تصنيفه إشعال جديد لفتيل التوترات في المنطقة مكايدةً لروسيا وتركيا

يمكننا القول إن جنوب القوقاز بدأ يتحول إلى ساحة جديدة للصراع بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وعلى أذربيجان أن تخطف نتائج النصر بأسرع وقت ممكن وخاصة بعد عودة الأميركي للمنطقة عبر المناورات العسكرية مع أرمينيا، ولو أضفنا إلى ذلك دعوة رئيس اللجنة الأوروبية لتوسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو) غونتر فيلينغر لأرمينيا للانضمام إلى الحلف من أجل حمايتها فهذا التصريح يمكن تصنيفه إشعالا جديدا لفتيل التوترات في المنطقة مكايدةً لروسيا وتركيا التي بكل تأكيد سوف ترفض طلب انضمام أرمينيا للحلف، لكن مجرد الطلب هو بمثابة تدخل فاعل في الملف الأذري الأرميني.

إن بريفيان متجهة نحو نقلة نوعية في سياستها الخارجية نتيجة التحولات الإقليمية والدولية، وأن الحرب الروسية الأوكرانية تجعل موسكو غير قادرة على فتح جبهة جديدة لها وفي الوقت نفسه تدرك كل من باكو وحليفتها أنقرة أن الوقت الآن هو الأنسب لحصد المكتسبات

ولو أضفنا إلى كل ما سبق أهمية منطقة القوقاز في مجال الطاقة والموقع الاستراتيجي والجيوسياسي، الأمر الذي سيجعلها محط اهتمام المجتمع الدولي والساسة حول العالم بما في ذلك العالم الغربي وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالسياسات الخارجية وسياسات الطاقة والأمن، وهنا يبدأ سباق اغتنام المكاسب بين الفرقاء الأذربيجاني والتركي من جهة والروسي والإيراني من جهة أخرى، فالأخيرتان منزعجتان من مساعي توسع الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، ورغم وقوف طهران إلى جانب أرمينيا ورفضها أي تغيير جيوغرافي في المنطقة لما فيه من تهديد لمصالحها إلا أنها في نفس الوقت تقف مع حليفتها روسيا في حربها ضد الغرب في أوكرانيا، ولعل قيام أرمينيا بتلك المناورات مع الولايات المتحدة الأميركية يمكن القول إنه أربك المشهد الإيراني مع حليفه الروسي الذي يدعم أذربيجان.

وفي ضوء كل هذه التطورات يمكن القول إن بريفيان متجهة نحو نقلة نوعية في سياسيتها الخارجية نتيجة التحولات الإقليمية والدولية، وأن الحرب الروسية الأوكرانية تجعل موسكو غير قادرة على فتح جبهة جديدة لها وفي الوقت نفسه تدرك كل من باكو وحليفتها أنقرة أن الوقت الآن هو الأنسب لحصد المكتسبات، حتى ولو بقوة السلاح ويمكن القول أيضاً إن الخاسر الأكبر في كل هذه التشابكات هي طهران.