icon
التغطية الحية

آثار كارثية.. "الكابوس" وأشباهه يديرون دفة الابتزاز الإلكتروني شمالي سوريا

2023.08.18 | 11:42 دمشق

آخر تحديث: 22.08.2023 | 13:51 دمشق

آثار كارثية.. "الكابوس" وأشباهه يديرون دفة الابتزاز الإلكتروني شمالي سوريا
آثار كارثية.. "الكابوس" وأشباهه يديرون دفة الابتزاز الإلكتروني شمالي سوريا
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

مع تطور وسائل التواصل الرقمي، صاحبت الفوائد الهائلة للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تحديات جديدة ومخاطر محتملة، إذ يتصاعد خطر الابتزاز الإلكتروني كظاهرة مقلقة تستهدف أفراد المجتمع، والنساء بشكل خاص، ما يخلق جواً من الخوف والقلق، وتهديداً للخصوصية والسمعة والسلامة النفسية.

وفي منطقة شمال غربي سوريا، يواجه كثيرون من أفراد المجتمع  لا سيما النساء، محاولات الابتزاز الإلكتروني التي تشمل التهديدات بنشر الصور الشخصية أو المعلومات الحساسة، فضلاً عن الابتزاز المالي أو العاطفي، والتهديد بالعنف الجسدي.

ومع تنامي هذه التحديات، لا بد من العمل على زيادة التوعية والتحرك لمواجهة هذا الخطر، مع تركيز النساء على كيفية حماية أنفسهن ومنع وقوعهن في هذا الفخ الرقمي.

يستعرض التقرير صوراً من حالات الابتزاز الإلكتروني شمالي سوريا وأبرز الطرق المتّبعة للإيقاع بالضحايا، مع عدد من المعلومات والنصائح الضرورية، وبعض الاستراتيجيات والحلول التي يمكن لأفراد المجتمع اتباعها للتصدي لابتزاز الإنترنت والحفاظ على السلامة الرقمية.

الابتزاز الإلكتروني ينشط شمالي سوريا

خلال السنوات الماضية، لوحظ انتشار عشرات القنوات على تطبيق "تليغرام"، ومئات الحسابات الوهمية على "فيسبوك"، خصصت لنفسها محتوى مشتركاً تقريباً، يركّز على نشر صور للنساء، سواء طالبات أو ممرضات أو صحفيات، والتشهير بهن واتهامهن بالشذوذ الأخلاقي وإقامة علاقات عاطفية وجنسية.

وتنشر هذه المنصات محتواها دون رادع، إذ تبيح لنفسها كل ممنوع وتجيز لأصحابها كل محظور، فضلاً عن اتباع أساليب الفبركة في المحادثات والصور، وأدى ذلك إلى مشكلات اجتماعية وأسرية وصلت إلى حد الطلاق والقتل، ما استدعى الجهات المحلية للتحري عن القائمين على هذه القنوات وكشف بعضهم واعتقالهم.

ويقرّ البعض بأن الحالات العاطفية والتواصل بين الذكر والأنثى ضمن تطبيقات الدردشة دون علم الأهل موجود في مختلف المجتمعات، لكن المنصات التي تصف نفسها بأنها "أداة لتربية الرجال والنساء" باتت تمتهن "الفضائح"، إذ جعلتها محتوى رئيسياً لها، سواء كانت القصة المنتشرة صحيحة أو مفبركة.

وتتخذ هذه القنوات أسماء غريبة في بعض الأحيان، وغالباً ما تكون منسوبة لمنطقة ما، مثل "كابوس الثورة"، و"كابوس جرابلس" و"كابوس إدلب" وغير ذلك، ولا تركز هذه القنوات على النساء فقط، بل يمتد ذلك للأطباء والعاملين في المؤسسات العامة، والقادة العسكريين في الفصائل.

اعتقالات تكشف خيوط الابتزاز

اعتقلت الفصائل العسكرية مجموعة أشخاص خلال الفترة الماضية في منطقة ريف حلب الشمالي، ممن يمتهنون نشر "الفضائح" وصور النساء بعد الحصول عليها بطرق مختلفة.

وأفاد المكتب الأمني في لواء عاصفة الشمال التابع للفيلق الثالث بالجيش الوطني، بأنه اعتقل، مطلع الأسبوع الجاري، شخصاً يدعى "معاذ. ج"، صاحب قناة على تطبيق "تليغرام" اسمها "شبكة براء الشامي"، مهمتها الابتزاز الإلكتروني وإيقاع النساء فريسة لهم وتوظيفهن كأداة لتحصيل المعلومات بعد وقوعهن بـ "الفخ".

وقال المكتب الأمني في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إن صاحب القناة ارتكب عدة جرائم إلكترونية، وابتز عشرات الشبان والنساء، فضلاً عن ممرضات وأطباء في مشفى "دوا" في مدينة اعزاز، ومشفى اعزاز الوطني.

وتحصل القناة على صور خاصة لفتيات بطريقة ما، ثم يجري ابتزاز الضحايا، عبر إجبارهن على العمل مع الشبكة، والدخول إلى المؤسسات العامة مثل الجامعات والمشافي وتصوير الممرضات والطالبات، مقابل عدم نشر صور الضحية الرئيسية على القناة.

وبذلك تكون عملية الابتزاز قد توسعت، إذ يتم ابتزاز الطالبات أو الممرضات بالصور التي حصلت عليها القناة بواسطة الضحية الأولى، ويجري أيضاً ابتزازهن بعدم نشر الصور التي غالباً ما يصحبها اتهامات جنسية، وذلك بهدف الحصول على أموال أو إقامة علاقة عاطفية معهن.

عمليات ابتزاز انتهت بالقتل

وأكد المكتب الأمني أن بعض عمليات الابتزاز انتهت بقتل الضحية، رغم دفع الأموال للمبتز، مضيفاً أن إحدى القنوات استهدفت موظفة في مشفى "دوا" واتهمتها بإقامة علاقة جنسية مع أحد أفراد الشرطة، دون أي دليل، ما دفع ذويها إلى منعها من العمل بشكل نهائي.

ويضيف: "كانت إحدى النساء على تواصل دائم مع شاب، ومع مرور الوقت أرسلت له عدة صور شخصية خلال الدردشة، وبعد ذلك تعرض جهاز الشاب للاختراق، لتصل صور الفتاة إلى قناة براء الشامي".

وتابع المكتب: "تواصلت القناة مع الفتاة، وطلبت منها التعاون مقابل عدم نشر الصور، بالفعل استجابت للطلب والتقطت له عدة صور من داخل أحد المشافي والطرقات العامة، كما أرسلت له مبلغ 300 دولار".

وبعد عناء طويل، قررت الفتاة قطع التواصل مع القناة، والتوقف عن تزويدها بالمعلومات وتغيير رقم التواصل الشخصي، وعلى إثر ذلك انتشرت صور الفتاة على القناة، ما دفع ذويها لقتلها، وذلك ينطبق على فتاة أخرى.

تسلل لمنازل القادة العسكريين

وأشار المكتب الأمني إلى اعتقال مجموعة أشخاص، ممن يديرون قنوات مهمتها الابتزاز، مثل "كابوس الثورة" و"كابوس الثورة إصدارات"، مضيفاً أن هؤلاء الأشخاص يتّبعون أساليب مختلفة للابتزاز منها التسلل إلى منازل القادة العسكريين عبر ضحاياهم السابقين.

ويشرح المكتب بالقول: "بعد إيقاع هذه القنوات لعدة نساء بالفخ، بدأ ابتزاز النساء لعدم فضحهن، وكُلفّن بمهمة الدخول إلى منازل بعض القادة العسكريين، بصفة متسولات أو مندوبة مبيعات، بهدف التقاط صور بالسرّ لزوجات هؤلاء القادة، والانتقال بعملية الابتزاز إلى مرحلة أخرى أوسع من سابقاتها، تشمل القادة وزوجاتهم".

وقبل أيام، أعلنت قوات الشرطة عن اعتقال شخصين في مدينتي الباب ومارع بريف حلب يشرفان على حسابين في فيسبوك، باسم "حنين الحلبية" و"بنت إدلب"، يعملان بتهديد النساء وابتزازهن مقابل المال.

آثار كارثية

تشير الصحيفة والناشطة في المجتمع المدني، عائشة صبري، إلى أهمية تناول الإعلام لهذه الظاهرة، ونشر التوعية بأساليب الابتزاز وسبل الوقاية منها، خاصة أن معظم النساء في شمالي سوريا ليس لديهن اطلاع بهذا الخصوص ما يجعلهن فريسة سهلة للمبتزين، كما يلعب المجتمع المحلي دوراً في تخويف المرأة من الإفصاح عما تتعرض له من ابتزاز، إذ تسود الوصمة المجتمعية بالعار حتى لو كانت المرأة ضحية، فمعظم الفتيات والنساء لا تجرؤ على التحدث بهذا الموضوع.

وتقول "صبري" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إن الابتزاز يبدأ بعدة طرق، فمنها يكون عبر الاختراق، والحصول على صور خاصة للضحية بعد محادثات متبادلة، والخداع بدعوى الزواج أو الحب، ومنها عبر الحاجة المادية للفتاة أو المرأة خاصة اللواتي يُعِلنَ عائلاتهن، رغم قلة هذه الحالات مقارنة بغيرها.

وتضيف أن الغاية من الابتزاز تكون إما جنسية، أو مادية، ما يُخلّف آثاراً سلبية على الفتاة أو المرأة لا سيما التعب النفسي وحالة اكتئاب قد تسفر عن أمراض جسدية أو ربما تودي بالضحية للانتحار، في وقت تكون به المرأة بحاجة لمن يسمعها ويرشدها ويثقفها في كيفية التعامل مع هذه المخاطر الرقمية، مردفةً: "أهم الحلول هي إيجاد مرشد لها ينصحها ويقويها، كما أنصح بحضور جلسات توعية بهذا الصدد.. وأنوه إلى أن موضوع الابتزاز يتعرض له الشباب أيضاً من قبل الفتيات، لكن ربما الشائع أكثر يكون ضد الإناث".

المسار القانوني

بدوره قال المحامي عبد الناصر حوشان، إن كل من يتعرّض للابتزاز له الحق بمحاسبة الفاعل واللجوء للشرطة بالشكوى، أو اللجوء للقضاء مباشرة عبر تقديم الادعاء بحق الفاعل، وله أيضاً - بالإضافة للعقوبة الجزائية - الحق بالمطالبة بالتعويض عن أي ضرر مادي أو معنوي قد يلحق به نتيجة الابتزاز.

وذكر حوشان، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أنه يتوجب على الضحايا إبلاغ السلطات الأمنية، لتقوم بالمراقبة والبحث والتقصّي، وفي حال معرفة الجاني يمكن الادعاء المباشر أمام النيابة العامة لتحريك الدعوى الجزائيّة بحقه.

وعلى السلطات المحلية العمل على نشر الثقافة القانونية والوعي القانوني وخطر وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على المجتمع والأسرة والفرد عبر النشرات الدورية أو وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإعلام والندوات، إضافة لضرورة تظافر الجهود بين السلطات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والنقابات للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة، بحسب المحامي.

ونصح حوشان مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي أو الشبكات الإلكترونية، بالحرص على اتخاذ وسائل الحماية والأمان من الاختراق أو القرصنة وعدم التفاعل مع البرامج والروابط والألعاب المشبوهة.

نصائح وإرشادات

هناك العديد من النصائح والإرشادات التي تسهم في التصدي للابتزاز الإلكتروني، ومنها:

  • الحفاظ على الخصوصية الرقمية، وتعزيز إجراءات الأمان الخاصة عبر الإنترنت، واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، وتجنب مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة مع أشخاص غير موثوق بهم.
  •  توخي الحذر في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: قبل قبول طلبات الصداقة أو المتابعة، تأكد من أنك تعرف الشخص الذي يقف وراء الحساب، قد يكون الابتزاز الإلكتروني يستهدفك من خلال هذه القنوات.
  •  كن حذراً عند تحميل الملفات أو النقر على الروابط، وتجنب فتح المرفقات أو الروابط التي تصلك عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية من مصادر غير معروفة، قد تحتوي على برامج ضارة تهدف إلى سرقة معلوماتك الشخصية.
  • لا تستجب للابتزاز: إذا تعرضت للابتزاز الإلكتروني، لا تستجب للمطالب أو التهديدات، قد تزيد الاستجابة من دافعية المبتز ويجعله يستمر في محاولة الابتزاز.
  • حافظ على نسخ احتياطية للملفات الهامة: وفّر نسخاً احتياطية من الملفات الحساسة والمهمة على أجهزة تخزين خارجية، هذا يضمن أن لديك نسخة احتياطية في حالة تعرضك للاختراق أو الابتزاز.
  • استخدم برامج مكافحة الفيروسات والبرامج الضارة: تأكد من تثبيت برامج مكافحة الفيروسات والبرامج الضارة المحدثة على أجهزتك، قم بتحديثها بانتظام للحصول على أحدث ميزات الحماية.
  • تواصل مع الجهات المختصة: في حالة تعرضك للابتزاز الإلكتروني، تواصل مع الجهات المختصة مثل الشرطة أو مزودي خدمات الإنترنت، قد يتمكنون من تقديم المساعدة والنصح فيما يتعلق بإجراءات الحماية والتحقق.