روسيا في حرب استنزاف وإيران تخشى على "الاتفاق"

2022.03.17 | 04:53 دمشق

lafrwf_walayrany.jpg
+A
حجم الخط
-A

لن تبقى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية عند حدود البلدين، ولا عند حدود أوروبا. تصر روسيا على تحقيق أهداف عسكرية وسياسية، ولذلك يستمرون في تركيز الهجوم وتكثيفه ورفع عنوان إسقاط كييف. في المقابل، فإن المواجهة الأميركية والغربية تتركز على العقوبات كسلاح فعال طويل الأمد إلى جانب دعم أوكرانيا عسكرياً لإطالة أمد المواجهة والاستنزاف. سلاح العقوبات سيؤدي إلى اتخاذ المعركة لأشكال أكثر عنفاً من قبل الروس، إلا أنه سيؤشر إلى إطالة أمد الصراع ولذلك يحاول الروس بين فترة وأخرى الإعلان عن استعدادهم لوقف إطلاق النار.

 وفي وقت يعمل فيه الأوروبيون تحت الضغط الاستراتيجي الذي يمس أوروبا في السياسة والاجتماع والاستراتيجيا ومجال الطاقة، يعمل الأميركيون وفق استراتيجية طويلة النفس وفق نفس القواعد التي استخدموها في الحرب العالمية الأولى والثانية، ويبقون الطرف الفاعل والمؤثر في المجريات السياسية والاقتصادية، فينتظرون على ضفة النهر بانتظار الحاجة الأوروبية الماسة لهم، واستنزاف روسيا والتأسيس لمرحلة جديدة فيها وفي أوروبا.

وسط كل هذه التطورات، ما تزال التساؤلات تطرح حول مصير الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. وهل يمكن الذهاب إلى توقيع الاتفاق بدون روسيا؟ وهل إيران تطمح إلى أن تلعب دوراً بديلاً للروس في تأمين موارد الطاقة؟ طبيعة الإيرانيين والأميركيين توحي بأن الطرفين لا يمانعان من الذهاب إلى الاتفاق بغض النظر عن الروس، ولكن هل تكون إيران قادرة على ذلك؟  ما سيؤدي إلى خسارتها للحليف الروسي، وهذا سيفرض على الإيرانيين الذهاب أكثر باتجاه واشنطن وستتمكن أميركا من تطويق طهران أكثر فأكثر، كذلك الاختلاف الروسي الإيراني سيؤدي إلى إعادة خلط الأوراق الإقليمية بشكل كامل، وستكون منطقة الشرق الأوسط أمام اصطفافات جديدة وعمليات إعادة تموضع، ساحةُ انعكاساتها الأساسية ستكون سوريا.

 محاولة الهجوم الإيراني بالصواريخ المطلقة من إيران على القنصلية الأميركية في أربيل، من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة أكثر، لجأت إيران إلى ذلك لتحقيق هدفين، الأول الرد على العملية التي قتل فيها إيرانيون في دمشق، والثاني الضغط على الأميركيين لدفعهم للعودة إلى الاتفاق النووي وإنجازه

 محاولة الهجوم الإيراني بالصواريخ المطلقة من إيران على القنصلية الأميركية في أربيل، من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة أكثر، لجأت إيران إلى ذلك لتحقيق هدفين، الأول الرد على العملية التي قتل فيها إيرانيون في دمشق، والثاني الضغط على الأميركيين لدفعهم للعودة إلى الاتفاق النووي وإنجازه. وبالتالي قد يكون الهدف التسريع من وتيرة إنجاز الاتفاق، في حين هناك قراءات مختلفة تشير إلى أن هذا التصعيد سيؤدي إلى عرقلته، خصوصاً الوضع الداخلي في أميركا لم يعد يمكنه السماح بتقديم تنازلات خارجية. وسط ضغوط أميركية على روسيا لإغراقها في حرب استنزاف طويلة، كما كان وضع الاتحاد السوفييتي في أفغانستان وكما كانت مجريات حربها في القوقاز.

 أي اتفاق نووي في هذه المرحلة، ستكون نتائجه مخالفة لتداعيات الاتفاق الذي وقع في العام 2015. صحيح أن إيران ستحاول الاستثمار في البعد الروسي عن الغرب وتطمح إلى أن تلعب دوراً بديلاً بالتقارب مع الأميركيين والأوروبيين، ولكن نتائجه ستنعكس سلباً على وضع طهران في الشرق الأوسط، أولاً بسبب الاختلاف مع الروس وانطلاقاً من الوجود الروسي الأساسي في سوريا، وثانياً من خلال الالتقاء الروسي الإسرائيلي والمصلحة الاستراتيجية التي تجمع الطرفين، بالإضافة إلى الالتقاء الروسي الخليجي، والمصلحة الخليجية الإسرائيلية في قطع الطريق على إيران والاتفاق النووي، لا سيما أن الإسرائيليين يؤكدون بشكل دائم أنهم لن يلتزموا "بمندرجات" الاتفاق النووي وسيستمرون في ضرباتهم حتى بعد توقيعه. كل هذه المؤشرات تفيد بأن المنطقة ستكون مقبلة على تطورات بالغة الأهمية سترسي متغيرات في الموازين السياسية والعسكرية في المرحلة المقبلة.