حرب في لبنان وإيران تنضم لحملة بايدن الانتخابية

2024.02.16 | 18:34 دمشق

حرب في لبنان وإيران تنضم لحملة بايدن الانتخابية
+A
حجم الخط
-A

على وقع فشل مفاوضات الهدنة في غزة بعد انتهاء آخر جولة من الجولات الماراثونية والتي كانت في مصر هذه المرة، يحدث تصعيد كبير في جنوبي لبنان نسف كل قواعد الاشتباك الموضوعة والتي كانت مضبوطة بعناية، وكانت ميليشيا حزب الله ملتزمة بها حرفياً بعد أن طلب منه راعيه الإيراني ذلك، سبق هذا التصعيد غير المسبوق منذ  حرب تموز 2006 مفاوضات ماراثونية أخرى كانت تجري بصمت عبر وسطاء أوروبيين وعرب وأميركان بين حكومة الاحتلال وميليشيا حزب الله يراد منها تطبيق القرار 1701 بشكل كامل أي انسحاب الحزب إلى ما بعد نهر الليطاني وسيطرة الجيش اللبناني على كامل الحدود.

فشلت هذه المفاوضات لأن نتنياهو ببساطة لا يريد لها النجاح هو يريد الاستفادة من هذه الرياح المواتية لأجل تحجيم قدرات حزب الله العسكرية وإبعاده بما يكفي لضمان الأمن في المستوطنات الواقعة شمال فلسطين المحتلة، قبل أسابيع وبعد أن أبدى حزب الله استعداده لتقديم تنازلات وقبل مبدئيا بتطبيق القرار 1701 مع وجود ملاحظات لديه فاجأ نتنياهو الوسطاء وعاود وقدم شروطاً جديدة منها سحب كل سلاح حزب الله الثقيل إلى مسافات بعيدة، ومنع ميليشيات الحزب من الوجود ولو على شكل نقاط مراقبة لا تحتوي على معدات ثقيلة؛ أي أنه قدم شروطاً تعجيزية يعلم مسبقاً أن حزب الله لن يقبلها.

عبداللهيان التقى زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصرالله ووضعه بصورة المفاوضات التي تجري بين الإيرانيين والأميركان

مع تزايد سخونة جبهة لبنان جاء وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان مسرعاً لأجل الضغط على حزب الله أكثر للمحافظة على ضبط إيقاع الوضع عسكرياً، وكي لا ينجر خلف التصعيد الإسرائيلي، عبداللهيان التقى زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصرالله ووضعه بصورة المفاوضات التي تجري بين الإيرانيين والأميركان وأخبره بأن الطرف الأميركي طلب ألا يتم التصعيد والرد على الاستفزازات الإسرائيلية.

إيران تسابق الزمن وتريد أن تبقي خطوط المفاوضات بينها وبين إدارة بايدن من الآن وحتى وقت الانتخابات الأميركية نهاية هذا العام، أي إنها تريد من جميع أذرعها في لبنان وسوريا واليمن والعراق الالتزام الحرفي بقواعد الاشتباك، وإذا لاحظنا في الفترة الأخيرة كيف تراجعت بشكل كبير استهدافات الحوثي للسفن التجارية في البحر الأحمر وكيف تراجعت أيضا الاستهدافات للقوات الأميركية في سوريا والعراق والتي كانت تقوم بها ميليشيا تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني، أي إن إيران تريد الحفاظ على الوضع الحالي ميدانياً لأجل تحقيق مكاسب سياسية لها ولأجل مساعدة بايدن في سباقه الانتخابي الصعب نحو البيت الأبيض.

بايدن الذي يعاني مؤخراً نتيجة تمرد نتنياهو عليه والخلافات بينهما تصاعدت في الفترة الأخيرة وهذا ما عكسته التصريحات المتبادلة وما سربته الصحف الأميركية والإسرائيلية عن اتساع الهوة بين بايدن وحكومة الحرب التي يقودها نتنياهو. خلاف لا علاقة له بهدف الحملة العسكرية على غزة؛ هو خلاف على تفاصيل جزئية، حتى اللحظة لا يوجد مطالبة أميركية واضحة بأنها ضد الهجوم على رفح لكن الخلاف على تفاصيل الهجوم مثل توقيته ونوعيته، ويجب أن نتذكر هنا أن أول من ألمح لتهجير سكان غزة إلى سيناء كانت إدارة بايدن بداية العدوان، يبدو أن أميركا تواصل ضغوطها على مصر والدول العربية لقبول خطة التهجير هذه، التهجير الذي لم يجد زعماء الدول العربية شيئاً منذ بداية العدوان سوى التأكيد على رفضه، لكن دون التلويح بأي من أنواع الضغط الممكنة للتأكيد على أنهم جادون في رفض التهجير. لكن الوقائع الميدانية تقول إن المشروع الإسرائيلي الأميركي المشترك قائم وينفذ خطوة بخطوة، فبعد أن دمر جيش الاحتلال بمساندة لوجستية أميركية معظم قطاع غزة وجعله غير قابل للحياة، وبعد أن تبين أن حجم تأثير الدول العربية ومعها دول منظمة التعاون الإسلامي لا يساوي شيئاً ولا قدرة لديهم مجتمعين حتى على إدخال غذاء ودواء للأطفال المحاصرين، فما الذي يمنع القاتل نتنياهو وداعميه من إكمال مشروعهم! هذه حقيقة مرة نهرب منها جميعا لكنها أصبحت اليوم ماثلة أمامنا.

القصف لم يقتصر كما حدث سابقاً على مواقع عسكرية محددة بل إنه بدأ يستهدف تقطيع أوصال المنطقة عبر تعطيل خطوط الإمداد التي يستخدمها حزب الله

بالعودة لزيارة وزير الخارجية الإيراني للبنان وسوريا نجد التناقض في ما قاله لمن التقاهم هناك، هو صرح عن أن المنطقة تتجه للتهدئة وهذا التصريح يعبر عن رغبة أميركية إيرانية مشتركة، وقال أيضا لمن التقاهم إن احتمال توسع المواجهة ما يزال قائماً وهذا يعبر عن طموحات نتنياهو وجنرالات جيشه. لكن ما حدث في جنوب لبنان في الأيام الأخيرة بعد أن كسرت إسرائيل قواعد الاشتباك ووسعت مناطق استهدافاتها داخل الأراضي اللبنانية بشكل يحاكي عسكرياً التحضير لاجتياح بري، لأن القصف لم يقتصر كما حدث سابقاً على مواقع عسكرية محددة بل إنه بدأ يستهدف تقطيع أوصال المنطقة عبر تعطيل خطوط الإمداد التي يستخدمها حزب الله. هناك انسداد واضح في أفق أي تسوية محتملة سواء فيما يتعلق بهدنة غزة بعد أن رفض نتنياهو شروط الفصائل الفلسطينية أو تلك المتعلقة بمفاوضات تطبيق القرار الأممي 1701 بعد أن رفع نتنياهو سقف شروطه. وأمام هذا الفشل السياسي والتصعيد الميداني لم يعد السؤال اليوم عن احتمالية حدوث مواجهة شاملة ومباشرة في جنوب لبنان وشمال فلسطين بل السؤال الآن: متى ستبدأ؟