التعذيب في السجون الروسية وربيبتها السورية

2021.01.26 | 00:02 دمشق

20187231665691i3.jpg
+A
حجم الخط
-A

ليس جديداً على الأجهزة الروسية اعتقال المعارضين وتعذيبهم وقتلهم، مرةً أخرى يأخذنا اعتقال المعارض الروسي "ألكسي نافالني" وهو عائدٌ من رحلة علاجية، إلى تلك الممارسات المروعة، التي اشتهرت بها أجهزة التعذيب الروسية، ليس في روسيا الاتحادية أو دول الاتحاد السوفييتي السابق وحسب، بل في العديد من المواقع التي وصلت إليها سطوة تلك الأجهزة.

ففي سوريا حافظ الأسد في مطلع الثمانينيات، كان ضبّاط الأمن الروس وخبراء التعذيب، يشرفون على تدريب الجلادين في أشهر المعتقلات السورية، وفي طليعتها "سجن تدمر الصحراوي"، حيث كنّا في أوقات متقاربة، نسمع أصواتهم الآمرة الغاضبة باللغة الروسية الواضحة، وهم يعنِّفون ويدرّبون الجلادين ضباطاً وعناصر.

لا يكتفي الخبراء الروس بتدريب الجلادين، بل يشاركون في تعذيب وتصفية المعتقلين السوريين في المسالخ البشرية

أمّا في معتقلات بشار الأسد فالأمر أدهى وأمرّ، حيث لا يكتفي الخبراء الروس بتدريب الجلادين، بل يشاركون في تعذيب وتصفية المعتقلين السوريين في المسالخ البشرية، التي لا يصل إليها أحد، وقلما ينجو منها من يخبر عنها.

وفي مصر السيسي ومنذ مطلع العام "2014" يوجد ضباط روس يمارسون التحقيق والتعذيب بأيديهم ضد معتقلين مصريين، في إطار ما يعرف "تنسيقاً أمنياً موسعاً" بين أجهزة الأمن المصرية ونظيرتها الروسية.

وقد أكد معتقلون مصريون عديدون، بعد أن خرجوا خارج مصر، أنهم خضعوا للتحقيق والتعذيب بـأساليب شديدة الوحشية، على أيدي ضباط روس، في مراكز أمنية مصرية، وكان يتولى مترجمون نقل اعترافاتهم إلى الأمنيين الروس.

وفي الشيشان سبق لقوات الأمن الروسية أن مارست أفظع أنواع القتل والتعذيب، في معتقلات لا يمكن للضوء حتّى أن يتسرب إليها، فقد قامت القوات الروسية بتخصيص عشرين سجناً رئيسياً أهمها: ((مزدوك، بيتيغورسك، تشيورناكوزوفا، خنكالا، ستافروبل، تلستوي يورت ، أوروس مارتان)) لتعذيب المعتقلين الشيشان بطريقةٍ وحشية، كان من نتائجها قتل آلاف المعتقلين بشكلٍ تعسفي، وقد ذكرت مصادر عدة، أنَّ الرئيس فلاديمير بوتين أعطى أمراً شخصياً بقتل 80% من المعتقلين الشيشان، وتحويل الآخرين إلى معاقين، وفق ما أورده عمر خانبييف وزير الصحة الشيشاني في حكومة الرئيس أصلان مسخادوف أمام البرلمان الأوروبي في دورته الصيفية عام "2001".

ومن أوجه التشابه أو التطابق بين المعتقلات السورية والمعتقلات الروسية:

  • ضيق الزنازين المنفردة التي لا تتجاوز مساحتها المتر المربع، بحيث يستحيل على السجين التمدد للنوم.
  • الشح المفرط في الطعام والماء، والذي يحيل السجين خلال أسابيع إلى هيكل عظمي مغلف بجلدٍ رقيق.
  • استخدام الكهرباء والماء المغلي في التعذيب والتحقيق، خاصةً في مواضع حساسةٍ من جسد السجين "الدبر والعضو التناسلي" والذي يفضي بكثيرٍ من الحالات إلى اعتلالات مزمنة.
  • استخدام أصوات التعذيب المسجلة، في تعذيب المعتقلين في زنازينهم ليلاً.
  • يبدأ التعذيب فور دخول المعتقل إلى السجن، لتحطيم نفسيته وتدميرها وقبل التحقيق معه.
  • يجبر السجين على المشي على أطرافه الأربعة، وأن يقلد أصوات الحيوانات، إمعاناً في إذلاله، ولزيادة قدرة الجلادين على تعذيبه دون تأثم.
  • ترك السجين في سجنه أشهراً طويلة، وربما سنوات، حتى بعد ثبوت براءته، ليكون عبرة لغيره، وليسهم في بناء شبح الرعب الذي يمكِّن الأجهزة الأمنية من إخضاع البلاد.
  • تركيز الضرب بالهراوات والجنازير النحاسية والقضبان الحديدية، على المناطق الحساسة من الجسم كالخصيتين والقلب والكبد والكلى ومناطق الإصابات والجروح.
  • استخدام أقذع العبارات والشتائم التي تشبع السجين إهانةً وتحط من تقديره لذاته.
  • ابتزاز أهالي المعتقلين والمساومة على كشف مصائرهم، أو إتاحة زيارتهم أو الإفراج عنهم، إن كانوا بريئين، لقاء مبالغ ماليةٍ يعجز الأهل في الغالب عنها، فيستدينون من كلِّ من يمت إليهم بصلة.
  • إجراء التجارب الكيميائية على المعتقلين، كما حصل مع سجناء تدمر في عهد حافظ الأسد، وبإشراف ضابطه علي مملوك، وفي حال موت المعتقلين تحت التجربة يتم حرق جثثهم أو دفنها في مقابر جماعية.
  • إطفاء السجائر المشتعلة في رأس السجين وعينيه وأذنيه، خلال التحقيق معه.
  • استخدام سلاح الاغتصاب الشخصي، واغتصاب نساء قريبات للسجين، لكسر إرادته وإجباره على الاعتراف، ومعروفة حادثة اغتصاب إليزا كونغاييفا (18 عاماً) بعد قتلها على يد المقدم يوري بودانوف، والتي تعد وصمة عار على جبين الأجهزة الأمنية الروسية، ومثلها كثيرٌ، وأكثر من أن يحصى، فعلها ضباط وعناصر الأجهزة الأمنية السورية، مع مئات المعتقلات السوريات.
  • يلجأ الروس إلى إصدار وثائق إطلاق سراح للمعتقلين الذين يقضون تحت التعذيب، وثائق تحمل تواريخ سابقة للوفاة، وذلك في محاولة لتبرئة أنفسهم، وهذا ما فعلته بالضبط أجهزة الأمن السورية في السنوات الماضية.

يقدر عدد الذين قضوا تحت التعذيب في المعتقلات الروسية، خلال سنوات حكم الرئيس فلاديمير بوتين، بـأربعين ألف معتقل، في حين لا نجد رقماً موضوعياً لضحايا القتل المنهجي في سجون الأسد

  • دفن المعتقلين المقتولين في مقابر جماعية، عادةً ما تكون قريبةً من السجن، كي لا يلفت نقلهم لمسافات طويلة الأنظار إليهم، وهذا ما فعله نظام الأسد بآلاف المقتولين في سجن تدمر الصحراوي، حيث كان يدفنهم في مقابر جماعية في وادي عويضة القريب من تدمر.

ويقدر عدد الذين قضوا تحت التعذيب في المعتقلات الروسية، خلال سنوات حكم الرئيس فلاديمير بوتين، بـأربعين ألف معتقل، في حين لا نجد رقماً موضوعياً لضحايا القتل المنهجي في سجون الأسد، والذين تجاوزوا مئات الآلاف، بالرغم من صدور العديد من التقارير، التي تفضح المسالخ البشرية في "سجن صيدنايا العسكري" وغيره من السجون والمعتقلات السرية الكثيرة.
وإذا كان اغتصاب السجينة إليزا كونغاييفا (18 عاماً) بعد قتلها يعدُّ عاراً على مرتكبيه الروس، فماذا يمكن أن نصم من يمعن في اغتصاب السوريات وبشكلٍ يومي، أمام سمع العالم وبصره بلا رادعٍ أو حسيب.

ربما يكون الفارق الأهم، بين عالم المعتقلات الروسية ونظيرتها السورية، أنَّ هناك عشرات الضباط والمسؤولين الروس يقضون عقوبات بالسجن، قد تصل إلى عشر سنوات، جراء افتضاح أمرهم إعلامياً، وعمل المنظمات الدولية على تقديمهم للمحاكمات، في حين لا نجد تجريماً لمسؤولٍ أمنيٍ سوري واحد، شارك في قتل آلاف السوريين الأبرياء، بدءاً من رأس هرم الإجرام وصولاً إلى أسفله.