icon
التغطية الحية

74 عاماً على النكبة.. وفلسطين تورّث مفاتيحها

2022.05.15 | 16:40 دمشق

thumbs_b_c_d8fc25f27fc9f90437b807df4f0d7545.jpg
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

لم تتوقف معاناة الفلسطينيين منذ أن أطلق آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني، في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 وعده المشؤوم للمصرفي البريطاني البارون روتشيلد، أحد أهم زعماء الحركة اليهودية، بمنح وطن قومي لليهود في فلسطين.

وحتى اللحظة، ما تزال الملحمة الفلسطينية بالمقابل حاضرة للتذكير بما حصل فيما بعد من مجازر وتهجير، وفي كل عام يتجدد الجرح الفلسطيني لملايين الحالمين بالعودة إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم بالرغم من نفاق العالم وتأييده لدولة الكيان المصطنع.

النكبة.. تاريخ الألم الفلسطيني

في الخامس عشر من مايو/أيار من كل عام ترفع أعلام فلسطين في الأراضي المحتلة وفي دول الشتات والمهجر، لإحياء ذكرى "النكبة" في حين تحتفل ما تسمى بإسرائيل بذكرى قيامها كدولة عام 1948، بعد أن استجلبت العصابات الصهيونية اليهود من كل بقاع الأرض بقوة الدعاية والمظلومية اليهودية، والعزف على مقولة الشعب المختار، وبمساعدة كبيرة من الدول الاستعمارية الكبرى حينذاك فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.

لم تكن فلسطين بعيدة عن مؤامرة ما بعد خروج العثمانيين من المنطقة العربية، إذ اقتسمت بريطانيا وفرنسا الشرق العربي، وكانت فلسطين من حصة بريطانيا في الاتفاق المعروف بسايكس بيكو، والذي من خلاله سهلت بريطانيا تنفيذ وعدها، وباتت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي دعم فكرة تأسيس الدولة الصهيونية.

موجات الهجرة الصهوينة تتالت بشكل كبير من أوروبا، التي مارست ضغوطاً كبيرة على اليهود لحملهم على الهجرة، ومن بولندا وحدها كان يصل كل أسبوع نحو 1000 مهاجر عام 1936، وهنا بدأت مقاومة هذا التحدي المفضوح.

ومنذ العام 1929 بدأت الثورات الفلسطينية المحتجة على منح الأرض للغرباء، وشهدت القدس ويافا والخليل احتجاجات كبرى، سقط فيها عشرات الشهداء، نتيجة لبطش المستعمرين البريطانيين.

بعد ازدياد أعداد المهاجرين من اليهود والإصرار الواضح من الأوروبيين على التخلص من اليهود ورميهم في فلسطين، اندلعت كبرى الثورات المسلحة، التي بدأت بإضراب في مدينة يافا فتم فرض الأحكام العرفية فيها، ونتج عن ذلك استشهاد أكثر من 5 آلاف فلسطيني.

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، ازدادت حمّى الهجرة اليهودية، وفتحت القصص التي أعقبت (الهولوكست) ومعسكرات الاعتقال التي أنشأتها النازية للدول الأوروبية الباب على مصراعيه أمام الهجرات الكبرى لليهود المذعورين في العالم، والحالمين بوطن آمن لهم بدفع شديد من المنظمات الصهيونية، وهنا دخلت بريطانيا كوسيط بما يعرف بالورقة البيضاء التي لاقت رفضاً عربياً ويهوديا، حيث تقضي هذه الورقة بإنشاء وطن لليهود داخل الدولة الفلسطينية مشترطة حكمها من قبل الطرفين.

نتيجة اشتداد الصراع في فلسطين، تدخلت الأمم المتحدة عام 1947 وأوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وترك القدس ومحيطها للسيطرة الدولية، لكنه أيضاً لم يلق موافقة عربية، وهنا كان لا بد من خطوة بريطانية أخيرة لتحقيق وعدها فأعلنت في 14 من أيار/مايو إنهاء الانتداب، حيث أعلن في الوقت نفسه دافيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل.

اندلعت الحرب بين العرب وإسرائيل، وكانت نتيجتها استيلاء إسرائيل على أكثر مما أوصت به الأمم المتحدة في قرار التقسيم، وتم ترحيل أكثر من 800 ألف فلسطيني عن أرضهم، واستولت العصابات اليهودية على ممتلكاتهم، واستمرت المأساة بالتوسع بعد عام 1967 وهي الحرب التي عرفت بالنكسة، حيث تم طرد عشرات الآلاف من الفلسطينين إلى الشتات مرة أخرى، واحتلت إسرائيل حينذاك أراضيَ واسعةً من من سوريا ومصر والأردن والضفة الغربية.

أرقام ليست للنسيان

أسس عام النكبة 1948 لكل المآسي الفلسطينة المتتالية حتى الآن، فهو العام الأشد قسوة وعام انتزاع الأرض والهجرات الكبرى، فقد شهد على تنفيذ العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بسلاح بريطاني وأيدٍ صهيونية، ومن أبرز هذه المجازر دير ياسين والطنطورة التي نفذتها منظمتا الإرغون وشتيرن، وسقط خلال هذا العام أكثر من 15 ألف شهيد فلسطيني في معارك الدفاع عن القرى ونتيجة الحرب العربية الإسرائيلية الأولى.

أما عن القرى والمدن العربية التي دمرت والتي تم محو معظمها عن الوجود، فبلغت نحو 531 قرية ومدينة وبعضها تم استيطانه من قبل العصابات الصهيونية.

أما عدد المخيمات بحسب بيانات (الأونروا)، فبلغ نحو 58 مخيماً موزعة على دول الجوار العربي منها 12 مخيماً في لبنان، و10 مخيمات في الأردن، و 9 مخيمات في سوريا، و 19 مخيماً في الضفة الغربية، و 8 مخيمات في قطاع غزة.

هذه بعض الأرقام البسيطة للتذكير بالأثر الكبير لعام النكبة المشؤوم وما تركه على فلسطين ومحيطها العربي، لكن جرائم الكيان الغاصب أكبر بكثير إذا ما تحدثنا عن الأعداد الكبيرة من الشهداء والأسرى الذين يتساقطون مع كل مواجهة دامية في غزة والضفة والقدس وكامل فلسطين، وأما أشد الانتهاكات فهي ما يتم على الأرض من تهويد ومحو للتاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي، وتشويه للمقدسات واعتداء عليها.

العودة حق وأمل

على الرغم من مأساوية ما حصل في فلسطين، واستمرار الغطرسة الصهيونية وعمليات التطبيع من النظام العربي الرسمي إلا أن حلم العودة يتناقله الفلسطينون من جيل إلى آخر، ومفاتيح البيوت يتم توارثها من أعناق الأمهات إلى الأبناء كي لا ينسوا بيتاً تم سحقه وبيعه والتخلي عنه بالتقادم.

اليوم تشهد مدن فلسطين، وحتى تلك الواقعة في قبضة الاحتلال، مظاهرات ووقفات لاستذكار يوم النكبة، بعد أيام حزينة شهدتها الأراضي المحتلة، بعد استشهاد مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، برصاص الجنود الإسرائيليين، وهو حدث استنهض مشاعر السخط والغضب في فلسطين وخارجها، واستنهض معه كل الحلم بيوم العودة إلى تلك الأرض السليبة.