icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: طهران اعتبرت ضربة القنصلية هجوما على الأراضي الإيرانية كيف سترد؟

2024.04.06 | 10:14 دمشق

تشييع قتلى قنصلية دمشق في طهران AFP
تشييع قتلى قنصلية دمشق في طهران ـ AFP
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قال مصدر يتبع لحزب الله اللبناني لصحيفة واشنطن بوست الأميركية إن الإيرانيين: "يعتقدون بأن الإسرائيليين يتقصدون دفعهم للرد، وذلك لفتح حرب إقليمية أو لتوسيع نطاق الحرب الدائرة حالياً".

وأضاف أن طهران "تعتبر الضربة التي نفذت في دمشق بمثابة هجوم نفذ ضمن الأراضي الإيرانية، وبالنتيجة فإن أي رد محتمل سيكون من إيران نفسها لا من حلفائها". 

وبعد ضربة القنصلية الإيرانية في دمشق هددت طهران بالرد، ولكن على الرغم من الخطاب شديد اللهجة، لا بد أنها ستدرس ردها بعناية بحسب ما يراه محللون، ومسؤولون غربيون وأشخاص مقربون من ميليشيات مقاتلة تدعمها إيران، إذ ماتزال تلك الدولة تأمل بتجنب الانجرار إلى حرب قد تكلفها كثيراً بحسب زعمها، في الوقت الذي تحتفظ فيه بقدرتها على دعم قواتها الوكيلة التي تقوم بتبادل إطلاق النار مع إسرائيل والهجوم على أهم حليف لها، أي الولايات المتحدة، وذلك في مختلف أرجاء الشرق الأوسط.

ورفع الجيش الإسرائيلي جاهزيته إلى أعلى درجة يوم الخميس، في وقت باتت فيه إسرائيل تستعد للانتقام الإيراني الموعود ما أثار الرعب من توسع الحرب في عموم المنطقة.

وهذه الغارة التي نفذت في وضح النهار واستهدفت مبنى ملاصقاً لمبنى السفارة الإيرانية بسوريا، تعتبر تصعيداً لمعارك إسرائيل على جبهات عديدة التي تواجه من خلالها ميليشيات مدعومة إيرانياً، وقد اشتدت تلك المعارك خلال حرب إسرائيل على غزة، بيد أن هذه الغارة الإسرائيلية أثارت مخاوف من الانتقام لمقتل قيادات إيرانية وبسبب شجب الدول العربية المجاورة لها، كما أن الاتحاد الأوروبي الذي دان الضربة أيضاً ذكر في تصريح له بأن: "مزيداً من التصعيد في المنطقة لا يصب في مصلحة أي أحد".

أما المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، فقد قال في تصريح له عقب الضربة: "سنجعلهم يندمون على ارتكاب هذه الجريمة وما شابهها من جرائم بعون الله".

وكان من بين القتلى في الهجوم على القنصلية الذي نفذ يوم الاثنين قياديان رفيعان من الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب خمسة ضباط آخرين وذلك بحسب بيان للحرس، وأحد هذين القائدين، اسمه محمد رضا زاهدي، وصفته وزارة الخزانة الأميركية في عام 2010 بأنه صلة الوصل بين إيران وحزب الله والمخابرات السورية.

"لا تغيير في قواعد لعبة الحرب"

بدأ التصعيد في الأحداث منذ شهر كانون الثاني عقب هجوم ميليشيات تابعة لإيران على قاعدة عسكرية أميركية أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، فانتقمت الولايات المتحدة بغارات جوية استهدفت ميليشيات مدعومة إيرانياً في العراق، وبدلاً من تصعيد الأمور أكثر، دعت طهران لوقف الهجمات المتكررة التي تشنها ميليشيات عراقية على قواعد أميركية، كما اعترف البنتاغون بتوقف تلك الهجمات في إشارة واضحة إلى عودة العمل بالقواعد الضمنية للاشتباك.

غير أن أي تفاهم تم التوصل إليه وقتئذ أضحى الآن مهدداً إثر الغارة التي استهدفت دمشق يوم الاثنين الماضي بحسب مصدر مقرب من حزب الله، وصف الغارة بأنها: "خربت" كل التفاهمات السابقة بين إيران والولايات المتحدة، وأضاف أن: " إيران تطالب بثمن ما حدث".

في أحدث تقرير سنوي عن التهديدات التي تطول الأمن العالمي والصادر عن مكتب إدارة الاستخبارات القومية نشر في شهر شباط الماضي، ذكر التقرير بأن إيران ماتزال "حذرة" في تجنب القتال المباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولهذا اختارت تمكين قوات حزب الله في لبنان والمقاتلين الحوثيين في اليمن، مع شبكة من الميليشيات التابعة لها في المنطقة، وقد ذكر مسؤولون أميركيون بأنه لا توجد مؤشرات على أن الضربة الإسرائيلية التي نفذت يوم الاثنين قد غيرت هذا التقييم.

بيد أن المسؤولين الأميركيين باتوا يعتريهم قلق شديد من تبادل إطلاق النار بشكل يومي بين حزب الله وإسرائيل على الحدود الجنوبية، وذلك خوفاً من تصعيد الأمور باتجاه نزاع شامل.

في الوقت الذي صنفت فيه الغارة التي قتل فيها ضباط من فيلق القدس على أنها مستفزة، نجد بأنها لم تتسبب بمقتل أعداد كبيرة من الضحايا لأن هذا الأمر هو الذي يسفر عن توسيع النزاع برأي أربعة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وغربيين علقوا على الأمر خلال هذا الأسبوع، كما ذكر مسؤول أمني إسرائيلي رفيع بأنه لا يتوقع من إيران أن تبالغ في ردها، وأنها ليست الغارة الأولى التي تنفذها إسرائيل في سوريا لتستهدف إيران وأتباعها.

كما توقع المسؤولون الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم بسبب مناقشتهم لأمور استخبارية وأمنية حساسة، بأن ترد إيران بواسطة هجوم تنفذه مسيرة أو بهجوم صاروخي يستهدف مواقع إسرائيلية، وذلك لأنها تفكر بتجنب رد أقوى من إسرائيل.

ولكن في ظل هذه البيئة القابلة للانفجار في أية لحظة، يرتفع احتمال ارتكاب الأخطاء، بحسب اعتراف هؤلاء المسؤولين.

وترى سانام فاكيل مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، بأن إسرائيل عبر ضربها لمقر دبلوماسي إيراني: "باتت على استعداد لرد فعل أعنف يمكن أن يؤدي لاندلاع حرب إقليمية"، بيد أن هذا النوع من الحروب لم يكن الدافع الأساسي بحسب رأيها، بل هو جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية الساعية لزعزعة استقرار "محور المقاومة" الإيراني عبر سلسلة من الاغتيالات التي تشبه تلك الاغتيالات التي كان الموساد ينفذها في السابق، وأضافت: "لا يتعلق الأمر بحماس وحدها، بل بالجميع دفعة واحدة"، وذكرت أن إسرائيل تدرك تماماً بأن الفسحة المتاحة أمامها لتنفيذ هذه العمليات ضيقة، وذلك بعد ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة وتعرض أساليبها العسكرية لتدقيق أكبر.

تخبرنا فاكيل بأن الجدل في إيران اليوم أصبح حول مزايا تنفيذ ضربة مباشرة، أو "التروي لاستنزاف إسرائيل" عبر تخفيض مستوى الحرب الدائرة حالياً، ومن المحتمل أن تتحول سوريا إلى ساحة للأعمال العدائية المتفاقمة بين إسرائيل وإيران، كما يمكن لطهران أن تغير وجهتها وتنتقل للمواجهة في ساحة مختلفة.

أما أفشون أوستوفار، وهو أستاذ جامعي متخصص بشؤون الأمن القومي لدى الكلية الحربية، فقد ذكر بأنه في الوقت الذي كانت فيه ضربة دمشق خطيرة، لا يعتقد بأنها غيرت قواعد اللعبة، بل إنها بمثابة تصعيد تدريجي لنزاع قائم على مبدأ العين بالعين، والذي بدأ بين إسرائيل وإيران منذ عقود.

وحتى لو لم تتسبب هذه الضربة بقيام نزاع مباشر بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، فإنها تسلط الضوء على اشتداد التوتر بين المطامح السياسية والعسكرية لإيران، وذلك لأنها بلغت مرحلة التعثر بما أنها حققت نجاحاً على المستوى السياسي من جهة، بيد أنها لم تستطع أن تمضي قدماً على المستوى العسكري من جهة أخرى، وذلك في إشارة لارتياح طهران ورضاها على حالة العزلة الدولية التي بدأت تشتد على إسرائيل مع ازدياد التعاطف مع الشعب الفلسطيني.

إذ بالنسبة لإيران، يمكن أن يتسبب تصعيد العمليات العسكرية بانتكاسة لن تفيد القيادة في طهران بشيء.

ويتابع أوستوفار بالقول: "طالما رغبت إيران بتحقيق النجاح على المستوى السياسي، فعليها أن تتحمل هذا الوضع من دون شكوى، إذ لا يوجد لديها سبب وجيه لتغير اللعبة أو لتتورط في حرب مفتوحة".

المصدر: The Washington Post