icon
التغطية الحية

هل ترقى الهجمات المتبادلة بين واشنطن وميليشيات إيران إلى صراع غير معلن؟

2021.06.29 | 14:49 دمشق

dwhbaxwdlvnq3c3n6dtcfujcfu.jpg
جنود من الجيش الأميركي أمام طائرات F16 في إحدى قواعد التحالف في العراق - رويترز
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

قالت وكالة "رويترز" إن الضربات الأخيرة التي شنها الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضد فصائل مدعومة من إيران في سوريا والعراق هي الأولى أو الأخيرة على الأرجح خلال فترة رئاسته.

وأوضحت الوكالة، في تقرير لها، أنه "بالنسبة لبعض زملاء بايدن الديمقراطيين، فإن السؤال الحاسم هو: هل نمط الهجمات والهجمات المضادة ترقى إلى صراع غير معلن؟"، مشيرة إلى أنه "إذا حدث ذلك، فهناك خطر من أن الولايات المتحدة يمكن أن تتورط في حرب مباشرة مع غيران دون تدخل الكونغرس، وهي قضية أصبحت مشحونة سياسياً بعد عقدين من الحروب المستمرة".

وقال السيناتور الديمقراطي، كريس مورفي، الذي يرأس لجنة فرعية رئيسية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إنه "من الصعب الجدال بالنظر إلى وتيرة الهجمات ضد القوات الأميركية، والآن وتيرة ردودنا المتزايدة، فهذه ليست حرباً"، مضيفاً أن "ما يشعرنا بالقلق دائماً هو أن الولايات المتحدة تنزلق إلى الحرب دون أن يتمكن الجمهور الأميركي من المشاركة فيها فعلياً".

وأشارت "رويترز" إلى أن واشنطن وطهران اقتربتا من صراع يخشاه الديمقراطيون في كانون الثاني من العام 2020، عندما اغتالت الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" السابق، قاسم سليماني، وردت إيران بضربات صاروخية في العراق، تسببت في إصابات دماغية لأكثر من 100 جندي أميركي، وجاء ذلك بعد سلسلة من التبادلات مع الميليشيات المدعومة من إيران.

والأحد الماضي، استهدفت الطائرات الأميركية المقاتلة منشآت تشغيلية وتخزين أسلحة في موقعين في سوريا وواحد في العراق، فيما وصفه البنتاغون بأنه رد مباشر على هجمات بطائرات مسيّرة من قبل الميليشيات ضد أفراد ومنشآت أميركية في العراق.

وتعرضت القوات الأميركية يوم الإثنين لإطلاق صواريخ في سوريا، لم تسفر عن إصابات، فيما رد الجيش الأميركي بنيران مدفعية مضادة للبطاريات على مواقع إطلاق الصواريخ.

وقالت الباحثة المتخصصة في الأمن الدولي في مركز "المجلس الأطلسي"، إيما آشفورد، إن "كثيرا من الناس يشيرون إلى مصطلح الحرب الأبدية، وهو مجرد تعبير انفعالي، ولكنه في الواقع وصف مناسب لنوع الضربة التي رأيناها مرة أخرى الأحد الماضي، حيث إنه لا يوجد هدف استراتيجي، ولا توجد نقطة نهاية في الأفق، فقط وجود دائم وتبادل ضربات".

 

نهج "شرائح السلامي"

من جانب آخر، شدد البيت الأبيض على أن الضربات الجوية الأحد الماضي تهدف إلى الحد من التصعيد، وردع عمليات الميليشيات المستقبلية ضد الأفراد الأميركيين.

وقال الرئيس الأميركي بايدن إن الضربات "قانونية أيضاً"، مؤكداً "لدي هذه السلطة بموجب المادة الثانية، وحتى أولئك الموجودين في الكونغرس ويترددون في الاعتراف بأن هذا هو الحال"، في إشارة منه إلى جزء من دستور الولايات المتحدة الذي يحدد صلاحيات الرئيس كقائد إنجاز القوات المسلحة.

من جانبه، قال المسؤول السابق في مكتب المستشار القانوني في وزارة الخارجية الأميركية، إن "الإدارة الحالية، مثل غيرها من قبلها، لا ترى الأحداث كجزء من صراع مستمر"، واصفاً ما يحدث بأنه "نهج شرائح السلامي".

وأضاف فينوكين، الذي يعمل حالياً في مجموعة "الأزمات الدولية"، أنه "سيصفون هذه العمليات على أنها أعمال عدائية متقطعة، لقد تعرضنا لضربة واحدة في شباط، ثم تمت إعادة ضبط ساعة القوى الحربية التي استمرت 60 يوماً".

وقارن فينوكين ما يحدث الآن مع حروب الناقلات مع إيران في الثمانينيات، عندما اعتبرت إدارة رونالد ريغان أن "كل جولة من القتال على أنها حدث مستقل"، إلا أن الخبراء يقولون إن "وجهة النظر هذه لا تأخذ في الاعتبار أن الميليشيات المدعومة من إيران تشن حملة مستمرة ومتصاعدة ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق".

 

هل تستمر هجمات الميليشيات الإيرانية؟

في سياق ذلكن حذّر الباحث في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، مايكل نايتس، من أن استخدام الميليشيات الإيرانية للطائرات من دون طيار يبدو خطيراً بشكل متزايد، حيث يستخدم التوجيه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ويستهدف بدقة أجهزة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والدفاعات الصاروخية التابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة.

وأوضح نايتس "من حيث الكمية والنوعية، تتزايد هجمات الميليشيات العراقية على نقاط وجود التحالف في العراق، وما لم يتم استعادة الردع، فمن المرجح بشكل متزايد وقوع قتلى أميركيين".

وقال الباحث في معهد "واشنطن"، فيليب سميث، إنه "بالإضافة إلى دفع الولايات المتحدة خارج المنطقة، فإن الهدف الثانوي للميليشيات هو إرسال إشارة إلى الولايات المتحدة والحكومة العراقية وغيرهما، أنها تتقن استخدام الأسلحة الأكثر تقدماً، مثل الطائرات من دون طيار المحملة بالمتفجرات".

يشار إلى أن أعضاء الكونغرس يعملون حالياً على إلغاء بعض تصاريح الحرب التي استخدمها رؤساء من كلا الحزبين، لتبرير هجمات سابقة في العراق وسوريا وأماكن أخرى، إلا أن ذلك لن يمنع بالضرورة بايدن أو أي رئيس أميركي آخر من تنفيذ ضربات جوية دفاعية.

وفي هذا السياق، قال السيناتور مورفي إن القوات الأميركية كانت في العراق لمحاربة "تنظيم الدولة" وليس الميليشيات الموالية لإيران، مشيراً إلى أنه "إذا كان بايدن يشعر بالقلق من الذهاب إلى الكونغرس من أجل سلطات الحرب، فربما يحتاج إلى الانتباه إلى شكوك الأميركيين بشأن التدخلات في الشرق الأوسط".

وأضاف أنه "إذا واجه الكونغرس صعوبة في الإذن بعمل عسكري ضد الميليشيات المدعومة من إيران، فسيكون ذلك إلى حد كبير لأن جمهورنا لا يريد ذلك، وهذا هو الشيء المفقود في هذا النقاش".

 

تفويض استخدام القوة

وأعلن نواب في الكونغرس الأميركي أنهم يعملون على تشريع لتعديل "تفويض استخدام القوة العسكرية"، الذي استخدمه رؤساء من الحزبين لتبرير هجمات على مدى عقود في الشرق الأوسط، وذلك في مسعى لإعادة سلطة إعلان الحرب إلى الكونغرس وليس البيت الأبيض.

وسيلغي التشريع الذي يقود جهود إصداره السيناتور الديمقراطي تيم كين ونظيره الجمهوري تود يانغ، تفويضين صدرا في 1991 و2002 باستخدام القوة العسكرية ضد العراق، ويُرجع ذلك إلى "الشراكة القوية" بين واشنطن وحكومة بغداد.

ويسعى أعضاء في مجلس الشيوخ أيضاً إلى استعادة سلطة إعلان الحرب إلى الكونغرس من البيت الأبيض، التي ينص الدستور الأميركي على أن الكونغرس، وليس الرئيس، له سلطة التفويض بالحرب.

لكنَّ هذين التفويضين باستخدام القوة العسكرية، إضافة إلى تفويض ثالث صدر في 2001 لقتال "تنظيم القاعدة"، استُخدما لتبرير ضربات أمر بها رؤساء ديمقراطيون وجمهوريون منذ إصدارها، اتهم المنتقدون تلك التفويضات بأنها تسمح "بحروب إلى الأبد، وأبقت القوات الأميركية تقاتل في الخارج لعقود".

وفي أعقاب ضربات جوية في سوريا أمر بها الرئيس جو بايدن، طرحت مجموعة من الحزبين في آذار الماضي تشريعاً لإلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية في العراق عام 2002 وتفويض آخر أقر في عام 1991، وصرّح الناطق باسم البيت الأبيض أن الرئيس بايدن يرى أنه ينبغي مراجعة تشريع "تفويض استخدام القوة العسكرية".

ووافق مجلس النواب الأميركي العام الماضي على إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية ،2002 لكن الإجراء لم يحظ بموافقة مجلس الشيوخ الذي كان يهيمن عليه الجمهوريون آنذاك.