icon
التغطية الحية

"مهلكة خان طومان".. تقرير إيراني يروي مجريات المعارك عام 2016

2022.02.16 | 05:24 دمشق

ckb3logxiaab9e-.jpg
+A
حجم الخط
-A

ما تزال تداعيات كبرى العمليات العسكرية التي خاضتها ميليشيات فيلق القدس على الأرض السورية قبل سنوات، تحمل الكثير من ذكريات مؤلمة لا تُنسى وساعات عصيبة عاشتها الميليشيات الإيرانية، ليس على مستوى آلاف الجرحى والمعاقين الذين خلفتهم شراسة تلك المعارك فقط، بل على صعيد مئات قتلى الميليشيات الإيرانية الذين ما زالوا مفقودي الأثر منذ أكثر من خمس سنوات مضت.

ومن أبرز تلك المعارك، هي معارك خان طومان في ريف حلب عام 2016، تلك المنطقة التي اكتسبت شهرة كبيرة في وسائل الإعلام الإيرانية، ورددها كثير من المسؤولين الإيرانيين في تصريحاتهم ومناقشاتهم الداخلية، مستخدمين مصطلحات عديدة لوصفها كمهلكة خان طومان أو الكارثة أو كربلاء إيران في سوريا.

معارك خان طومان ليست الوحيدة التي منيت بها الميليشيات الإيرانية، لكن هذه المنطقة الاستراتيجية بالتحديد تحولت إلى مكان مشهور لدى مسؤولي النظام الإيراني، و"مهلكة" خسرت فيها إيران على دفعات متكررة الكثير ممن يُطلق عليهم اسم "مدافعي الحرم"، على يد فصائل جيش الفتح.

مهلكة خان طومان الأولى

يتحدث تقرير نشره موقع (فرهيختغان أونلاين) الإيراني في تقرير نشره بعنوان (روح إيران في خان طومان)، عن معارك منطقة خان طومان، ومجموعة الهزائم المتتالية التي مُني بها مقاتلو وحدة فاتحين الخاصة، قائلاً: "لم تعد منطقة خان طومان منطقة غير معروفة بالنسبة للإيرانيين، هذا المكان الذي فقدنا فيه العديد من شهداء المدافعين عن الحرم".

ويمضي التقرير ليصف يوم الخميس 11 يناير/كانون الثاني من عام 2016، بـ "اليوم الذي لن تمحى ذكرياته من أذهان مقاتلي وحدة فاتحين الخاصة التابعة لفيلق القدس".
ويضيف التقرير: "كان الجميع جاهزين للعملية في ذلك اليوم، وكان الهدف الرئيسي للعملية هو تعطيل خطط العدو (جيش الفتح)، وأرادت القوات تأخير العدو لبضع ساعات. كان من المقرر نصب فخ للعدو، حتى تتمكن القوات من إركاعه على الجبهة الأخرى (جبهة نبل والزهراء)".

ويتابع التقرير: "قُتل حسين أوميدواري وعلي رضا مرادي بعد السيطرة على المنطقة المعنية، وكان كل شيء يسير على ما يرام، ولكن فجأة انقلبت الصفحة. بعد أن اشتبكت جميع القوات الـ 280 الذين شاركوا في العملية مع العدو لمدة 11 ساعة.. تمت إضافة 9 شهداء آخرين إلى الإحصائيات خلال ساعتين فقط. وفي هذه العملية، انضم ما مجموعه 13 فردًا من القوات الخاصة إلى وحدة فاتحين طهران إلى صفوف شهداء المدافعين عن الحرم، ليتم تسجيل اسم خان طومان إلى الأبد باسم شهداء المدافعين عن الحرم".

ويؤكد التقرير أن قتلى فيلق القدس مثل مرتضى كريمي، ومحمد إينانلو، ومصطفى شغيني، وعباس آسميه، بقيت جثثهم في المنطقة، لكن تمت إعادة جثث بقية القتلى إلى البلاد في التوقيت نفسه وفي الأشهر التالية.

 

 

Picture1212_0.jpg
قتلى وحدة فاتحين الخاصة في مهلكة خان طومان الأولى، ممن بقي معظمهم مفقودي الأثر

 

مهلكة خان طومان الثانية

لم تكن منطقة خان طومان ساحة لمعركة واحدة خسر فيها فيلق القدس عشرات العناصر دفعة واحدة في العام ذاته، بل تحولت المنطقة بعد جولات من الكر والفر مع فصائل جيش الفتح إلى ساحة هزائم متكررة يقع فيها عناصر الميليشيات متعددة الجنسيات في كمائن محكمة وجيوب ساقطة نارياً حاكتها لهم فصائل الثورة السورية.

بعد عدة أشهر من المهلكة الأولى، سقط هذه المرة عناصر اللواء 25 كربلاء، الذين ينتمي معظمهم إلى محافظة مازندران الإيرانية، في كمين محكم آخر في مايو/أيار 2016.

ويقول تقرير نشره موقع (إيران دبلوماسي) تحت عنوان (أولئك الذين قَدِمُوا إلى خان طومان، وأولئك الذين بقوا فيها): "كان هناك تلة في خان طومان تُدعى تلة الأربعين، بُنيت عليه منازل ذات جدران صفراء، ولهذا عُرفت بالبيوت الصفراء. إذا أحاط أي شخص بهذه المنازل، فسيكون له اليد العليا في الاستيلاء على حلب".

ويصف تقرير إيران دبلوماسي المعارك والنيران الموجهة بالشديدة، التي "لم ير أي من مقاتلي فيلق القدس مثيلاً لها طوال خدمتهم العسكرية".
ويضيف التقرير: "تم إطلاق قذيفة هاون واحدة على كل شخص. كان هناك 70 مقاتلاً من اللواء 24 كربلاء إلى جانب مقاتلين سوريين وأفغان، واستشهد 16 منهم في النهاية، لم يعد منهم سوى ستة شهداء إلى إيران".

ويؤكد التقرير: "كان الصراع شديداً إلى درجة أنه لم يكن من الممكن إعادة جثث الشهداء. حتى أن عدداً قليلاً من المقاتلين الذين حاولوا إعادة الجثث أصيبوا برصاص قناصة العدو".

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الإيراني في ذاك الوقت، إسماعيل كوثري، أن 5 أو 6 جنود إيرانيين تم أسرهم في مهلكة خان طومان الثانية.

لبيبلايبلا.jpg

إيران تواصل البحث عن قتلاها مفقودي الأثر في سوريا

منذ أن بدأت إيران أولى عملياتها للبحث عن قتلاها المفقودين في سوريا عام 2016 تقريباً، باستخدام تقنيات اختبار مطابقة الـ DNA، تتوالى الأخبار كل حين عن التعرف إلى مجموعة جديدة من عناصر فيلق القدس، الذي قتلوا في سوريا، خاصة في منطقة خان طومان التي خسر فيها فيلق القدس عشرات العناصر، لم يعد منهم سوى عدد قليل إلى إيران.

ففي عام 2020، أعلنت إيران عن الكشف عن جثث اثنين من قتلاها في خان طومان، وهما علي جمشيدي وسعيد كمالي كفراتي، بعد مرور أربع سنوات على مقتلهما في خان طومان.

واليوم، بعد مرور أكثر من خمس سنوات على مهلكة خان طومان، تحدثت منافذ إعلامية موالية للنظام الإيراني عن الكشف عن جثتين أخريين تعودان لأمير علي محمديان، ومصطفى شغيني.

لا تنشر إيران إحصائيات ومعلومات دقيقة عن عدد قتلى فيلق القدس المفقودين في سوريا، وتتستر على مثل هذه الأخبار وتتجنب نشر إحصائيات مفصلة عنها.

لكن نظرة على الأرقام التي أعلنها زهير مجاهد المدير الثقافي لميليشيات فاطميون، في عام 2018، عن عدد قتلى وجرحى ميليشيات فاطميون وحدها في سوريا (ألفي قتيل و8 آلاف جريح)، تظهر مدى الفاتورة الثقيلة التي تحملتها إيران في سوريا تحت حجة "الدفاع عن الحرم".