icon
التغطية الحية

من أربيل إلى خليج عمان.. قواعد اشتباك جديدة وسوريا حلبة للرد

2021.03.01 | 11:16 دمشق

israel_us_pompeo_06117-f4f89.jpg
إسطنبول - عبد القادر ضويحي
+A
حجم الخط
-A

تحولت سوريا إلى واجهة للإعلام والعسكر في الأيام القليلة الماضية، فبعد الضربة الأميركية على الميليشيات الإيرانية في ريف مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، والتي طالت مواقع عسكرية للميليشيات هناك، كانت الغارات لافتة، تحمل سببين يكسبانها أهمية، فهي أول عمل عسكري يعطي بايدن موافقته عليه، وله رمزية كبيرة لكونه استهدف الإيرانيين بشكل مباشر، والسبب الثاني أن العملية رد على هجوم نفذته ميليشيات مرتبطة بإيران على قواعد للتحالف الدولي في أربيل بكردستان العراق، وهذه نقطة لافتة ترسم قواعد اشتباك جديدة بين إيران وخصومها.

الضربة الأميركية لم تعلق طهران عليها كثيرا، لكنها حملت تصعيدا وعدم تصعيد في آن واحد، بايدن رسم الاستراتيجية الجديدة، "تضرب أرد عليك" ونحن من نحدد المكان، والمكان هنا يعني عدم تصعيد، وإنما حفظ لماء الوجه، وماء الوجه هنا يختلف كثيرا ما بين بايدن وترامب، فالأخير حين هاجمت إيران قواعد بلاده في العراق، رد بقتل جنرال التمدد الإيراني قاسم سليماني، لكن بايدن فضل عدم الانجراف الكبير وراء ما جرى، فرد بضربة محددوة قرب الحدود السورية - العراقية، بغض النظر عن الخسائر لكن المكان في الرد يلعب دوراً كبيراً، ويشير إلى البنتاغون لا يريد اتباع استراتيجية ترامب وإنما مبدأ الرد وإن كان غير مناسب.

وزيرالدفاع الأميركي، لويد أوستن قال إن بلاده تعرف ما ضربت، بالتأكيد هي تدرك أنها ضربت شرياناً برياً لإيران نحو سوريا ولبنان، لكن الضربة كانت رداً، لتفعيل مبدأ لكل فعل رد فعل وإن كان غير مناسب، وهنا تطرح التساؤلات التي أجوبتها بديهية، لماذا في سوريا؟ وليس في العراق، سنجار ومحيط كركوك مسرح للميليشيات التي تستهدف قواعد التحالف الدولي، العراق كلفة كبيرة للمواجهة المحتملة مع إيران، ومسألة استخدام الخيار العسكري في الرد يضيف نقاطاً في جعبة بايدن الطامح للوصول إلى تفاهم نهائي مع إيران بشأن برنامجها النووي، عبر إرساله رسالة لطهران أن كل الخيارات على الطاولة، لكن الأخيرة التي لها باع في التفاوض والسياسة الأميركية تعلم أن الضربة الأخيرة رسالة لا أكثر وهي التي في سلتها خيارات مماثلة تقلق الجوار وواشنطن أي برنامجها الصاروخي.

اليوم يتكرر سيناريو الغارات الجوية، اختلف المهاجم وبقيت إيران المستهدف، عقب تنفيذ غارات جوية من قبل الجيش الإسرائيلي على مواقع لميليشيات إيرانية في محيط العاصمة السورية دمشق، الغارات وتوقيتها أضحى بديهياً، ولا سيما مع تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن تل أبيب لن تسمح بتموضع إيراني في سوريا، لكن السبب كان مفاجئاً، وهو ما كشفت عنه القناة 13 العبرية التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن الهجوم قرب دمشق كان رداً على هجوم نفذته ميليشيات إيران على سفينة مملوكة لإسرائيل في خليج عمان، الهجوم في عمان والرد في سوريا، فإن كانت إسرائيل تريد الرد في الخليج لردت لكنه رد سيكون مكلفاً وباهظاً وقد تقف بوجهه دول المنطقة ولا سيما التي تربطها علاقات بواشنطن وتل أبيب.

من واشنطن إلى تل أبيب، فطهران، ثلاثي النار الذي يتقاذف الموت، والساحة ذات الأولوية هي سوريا، هناك حيث الكلفة أقل، والثمن أقل، وإغضاب الإيرانيين أقل، كل ذلك يتم بين دول على أرض دولة يتبجح قياداتها أنها ذات سيادة، وأمام اللاعبين المتقاذفين للصواريخ، تراقب موسكو الملعب الذي يغلي، تندد وتكتفي بالتنديد، ثمة عامل قوي يلعب اليوم هو الجغرافيا، لكن ماذا لو أرادت إيران الرد في ذات المكان أي في سوريا، ستضم سوريا إلى العراق واليمن والخليج، منطقة ساخنة، لكنها تريدها باحة خلفية لعملياتها، فهناك ما لا تريده سوى الممر والمكان، هذه سوريا حين حولها الأسد الابن إلى حلبة، حلبة للردود.