icon
التغطية الحية

مليشيا عصائب أهل الحق في سوريا.. الانتشار والمهام بإشراف إيران

2021.04.15 | 06:09 دمشق

ks_az_khbrgzary_alsdy_0.png
+A
حجم الخط
-A

يكشف هذا التقرير الخاص المكون من جزأين الذي ترجمه موقع تلفزيون سوريا عن صحيفة إندبندنت فارسي، عن دور ميليشيات عصائب أهل الحق في سوريا ومواقعها وطرق تهريب الأسلحة وأنواع المعدات العسكرية التي بحوزتها.

الجزء الأول

من هي جماعة عصائب أهل الحق؟

عصائب أهل الحق جماعة سياسية عراقية لها جناح عسكري، تشكلت عندما انفصل قيس الخزعلي عن جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في عام 2004 وسعى لتأسيس جماعته الخاصة. وعندما وقّع جيش المهدي اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة العراقية وأميركا، واصل مقاتلو قيس الخزعلي القتال.

وفي تموز/يوليو 2006، تشكلت ميليشيات عصائب أهل الحق وأصبحت إحدى المجموعات الخاصة التي يعمل أعضاؤها بشكل أكثر استقلالية من العناصر الأخرى لجيش المهدي، حيث أصبحت هذه الجماعة المدعومة من إيران تعمل في كل من العراق وسوريا.

وفي العام الماضي، أدرجت وزارة الخارجية الأميركية ميليشيات عصائب أهل الحق في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

من وجهة نظر واشنطن، فإن الحرس الثوري الإيراني يدعم مالياً وعسكرياً ميليشيات عصائب أهل الحق، ويتبع متزعمو هذه الجماعة، الذين يتسمون بالعنف والوحشية، أوامر قادتهم في إيران.

ولذلك تعتبر ميليشيات عصائب أهل الحق جماعة مسلحة مدعومة من إيران، وتعمل بشكل أساسي في العراق وسوريا، ولعبت دوراً نشطاً في تصعيد العنف الطائفي وجرائم الحرب في كلا البلدين.

وبطبيعة الحال، تعد عصائب أهل الحق واحدة من أكبر ثلاث مجموعات عراقية مسلحة مدعومة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

 

صورة أرشيفية لقيس الخزعلي، زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق

مواقع ميليشيات عصائب أهل الحق في سوريا

بحسب مصادر خاصة، فإن ميليشيات عصائب أهل الحق أقل وجوداً في جنوبي سوريا منه في الأجزاء الشرقية الأخرى من البلاد، ويتمركزون في الغالب في منطقة السيدة زينب والمناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد.

وللميليشيات التابعة لهذه المجموعة وجود مشترك في هذه المنطقة مع الميليشيات الإيرانية، كما تتشارك بعض المواقع مع الفيلق الأول التابع لقوات النظام.

منطقة السيدة زينب

لدى ميليشيا عصائب أهل الحق 3 قواعد في منطقة السيدة زينب، ولدى الجماعة قرابة 300 مقاتل مسلح يتولون إلى جانب ميليشيات الإمام علي مسؤولية ما يدعونه "حماية مرقد السيدة زينب"، حيث يتولى قيادتهم المدعو الحاج خفاج التيسيري، وهو مواطن عراقي ذاع صيته بسبب كثرة عمليات التسلل التي نفذها داخل مناطق سيطرة المعارضة السورية في منطقة القنيطرة، وعرفت القوات التابعة له في درعا والقنيطرة بوحشيتها.

وتقع مراكز ميليشيا عصائب أهل الحق بالقرب من مدرسة الزينبية في منطقة السيدة زينب ولها حاجز عند أحد مداخل المنطقة.

وقد تم تجهيز القواعد بمجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك ثلاثة مدافع عيار 23 ملم ورشاشان ثقيلان عيار 14.5 ملم مثبتان على مركبات عسكرية.

وبالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تحتوي هذه المواقع على مدفع SP-9 مركب على عربة مدرعة قوية، ورشاش دوشكا داخل الثكنات فوق المقر، بالإضافة لوجود عدد من العناصر يوجودون على مدار الساعة لإبقاء سيطرتهم الكلية على المنطقة.

كما يحتوي هذا المركز العملياتي على مستودعين حيث يتم الاحتفاظ بالذخيرة اللازمة لجميع الأسلحة التي تستخدمها هذه القاعدة العسكرية.

وبالطبع، تحظى هذه المجموعة بالدعم العسكري والمادي من "كتيبة المغاوير" الموجودة في منطقة السيدة زينب.

موقع الفوج 47 من الفيلق الأول

يقع الفوج 47 في منطقة (دير علي) على طريق الكسوة، وله لواء كامل من قوات حزب الله إلى جانب عناصر عصائب أهل الحق.

ويراقب عناصر هذا الفوج المنطقة باستمرار باستخدام السيارات المصفحة والآليات العسكرية المجهزة بأسلحة مضادة للطائرات، وعندما يشعرون بالتهديد وعدم الأمان يقومون بإغلاق الطرق بشكل كامل فيما يعتبر تدبيراً أمنياً مشتركاً.

 


مهمة هذا الفوج توفير الأمن لمسار القوافل اللوجستية إلى الجنوب السوري، للحفاظ على أمن الطرق، وتسيير دوريات في الضواحي المجاورة، والتي تعتبر خط الربط بين المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية والجنوبية، وقوات للتدخل السريع، خاصة عند عبور شحنات عسكرية الحدود العراقية.

يشار إلى أنه منذ بداية عام 2020 وحتى الآن، تدخل حمولات السلاح الإيراني في شاحنات تبريد أو شاحنات نقل الخضراوات إلى سوريا عبر معبر البوكمال الحدودي من العراق، حيث تحتوي هذه الشاحنات على أسلحة وذخائر وصواريخ مختلفة ليتم نقلها إلى مستودعات الفيلق الأول.

وفي وقت سابق، تم تحديد شاحنات التبريد المحملة بالصواريخ الإيرانية التي دخلت من ممر البوكمال وسلمت حمولتها إلى مستودعات الفيلق الأول عدة مرات.

أهم الشخصيات الأجنبية غير السورية في الفوج 47

تكشف القائمة التي حصل عليها المصدر أسماء شخصيات أجنبية (غير سورية) في هذا الفوج، من بينهم "الحاج علي أبو القاسم" الملقب بالحاج علي قاسم، الذي يوجد في إحدى قواعد حزب الله في منطقة الحرارية في دير علي.

وإلى جانب قاعدة حزب الله، يوجد أيضاً عدد من الميليشيات التابعة لعصائب أهل الحق.

قاعدة القصر

وهي قاعدة مشتركة لميليشيات عصائب أهل الحق والحرس الثوري الإيراني. في عام 2017، أصبحت القاعدة مركزاً لتقوية وتزويد الميليشيات الإيرانية في شرقي وجنوبي سوريا.

عدد المقاتلين المتمركزين هنا لا يقل عن 100 عنصر في الأيام العادية، لكن هذا العدد يرتفع إلى 300 في أيام الاستنفار، ومعظمهم من عناصر الحرس الثوري الإيراني وعصائب أهل الحق ويرافقهم عدد من عناصر ميليشيا النجباء والفوج 47.

وتحتوي القاعدة على طائرات من دون طيار قتالية وتجسسية، بالإضافة إلى نظام رادار متنقل على مركبة غالباً ما تكون مخفية في محيط منطقة القاعدة، بالرغم من أنه في بعض الحالات يتم نقل النظام الراداري إلى المطار الموجود بالقرب من القاعدة.

إضافة إلى ذلك، هناك دبابة من طراز T-90 جديدة في هذا المقر وطاقم هذه الدبابة إيراني، بالإضافة إلى دبابة T-72 وطاقمها سوري.

وتحتوي القاعدة أيضاً على ثلاثة مدافع مضادة للطائرات عيار 57 ملم مثبتة على ثلاث شاحنات، ومنصة إطلاق صواريخ أرض - أرض متوسطة المدى.

الجزء الثاني

مليشيات عصائب أهل الحق وتهريب الأسلحة إلى سوريا

في هذا الجزء من التقرير الخاص بميليشيات "عصائب أهل الحق"، سنتناول المعلومات التي حصلت عليها صحيفة إندبندنت فارسي من مصادر داخل سوريا، وخاصة من شرقي هذا البلد، حول مواقع الميليشيات ومعسكرات التدريب والمدربين العسكريين، وسنقوم بتوضيح مسار تهريب السلاح الثقيل وكيفية تأمين هذا الطريق على الحدود العراقية السورية.

مقر في البوكمال

يستخدم هذا المقر كمكان تجمع وقاعدة لميليشيات عصائب أهل الحق، ويعيش أعضاء الجماعة في منازل خالية يبدو أنها كانت مملوكة للسوريين المعارضين، ويتولى قيادة المقر شخص يُعرف باسم أبو فيصل العراقي.

وبحسب المصدر، ستستمر إيران في استخدام هذا الموقع لتجنيد وإعادة توطين وإرسال عناصر عسكرية وأسلحة وذخائر عبر الحدود العراقية السورية من قبل مسلحين موالين لطهران، وخاصة ميليشيات عصائب أهل الحق.

وفي إطار المخطط ذاته، دخلت ثلاث حافلات تقل مسلحين في 2 من آذار / مارس إلى سوريا من العراق ونقلوا عناصر الميليشيات إلى قاعدة (حمزة سيد الشهداء) في قرية الهري، على أطراف مدينة البوكمال على الحدود العراقية السورية الشرقية.

في الوقت نفسه الذي وصلت فيه القوات، تم حشد الميليشيات الإيرانية، وأجرت تدريبات عسكرية في 7 من آذار، وسُمع دوي انفجارات في منطقة الميادين شرقي دير الزور، تبين فيما بعد أنها استخدمت خلال تدريبات عسكرية في صحراء الميادين، حيث تم استخدام ذخيرة حية في قرية "المزارع".

وبطبيعة الحال، تعتبر هذه القاعدة مكان التجمع الرئيسي للميليشيات، ويتم اختبار الأسلحة الثقيلة ومنها المقذوفات المدفعية في تدريبات عسكرية تحت إشراف قادة الحرس الثوري ولواء فاطميون.

وفي أواخر آذار / مارس، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان لصحيفة "إندبندنت فارسي'' إنه رصد وصول شحنة أسلحة جديدة تابعة لميليشيات موالية لإيران دخلت منطقة الميادين في سوريا من الأراضي العراقية، حيث تم نقل الأسلحة إلى هناك بغرض التمويه والإخفاء في ثلاث شاحنات كانت تحمل على ما يبدو خضراوات وفواكه.

وتوجهت الشاحنات في البداية إلى سوق "الهال" في مدينة الميادين ونقلت صناديق الخضراوات والفواكه كنوع من التستر، ثم غادرت السوق نحو منطقة "المزارع"، وهي أكبر قاعدة عسكرية في منطقة الميادين. وعند وصولها إلى المزارع، تم تفريغ الشاحنات التي كانت تحتوي على أسلحة وذخائر في مخابئ كانت قد حفرتها داعش في الماضي، وتستخدمها الآن الميليشيات الموالية لإيران لتخزين ونقل الأسلحة والذخيرة.

وما قاله المرصد السوري لحقوق الإنسان عن شحنة الأسلحة يتوافق مع المعلومات الواردة من مصدر خاص إلى إندبندنت فارسي، وتشير المعلومات التي تم الحصول عليها إلى أنه في منتصف شهر آذار من العام الماضي، نقلت الميليشيات أسلحتها وذخائرها إلى قلعة الرحبة التاريخية قرب الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث تم وضعها في مخابئ تحت الأرض أقامتها داعش بعد السيطرة على المنطقة لتخزين أسلحتهم.

وبحسب المصدر، تواصل إيران تعزيز وجودها على الضفاف الغربية لنهر الفرات من مدينة الميادين إلى مدينة البوكمال الاستراتيجية على الحدود بين العراق وسوريا، ومستغلةً الفقر والظروف المعيشية الصعبة تقوم إيران بتوظيف الشباب ونشر المذهب الشيعي، ومصادرة العقارات التي نزح أصحابها أو لجؤوا إليها بسبب الحرب.

وأضاف المصدر أن دوريات "الأمن العسكري" حذرت في 15 من آذار / مارس سكان نحو 50 منزلاً في البوكمال من ضرورة إخلائهم قريباً.

وبالطبع تعود ملكية هذه البيوت لأشخاص معارضين للنظام السوري شاركوا في الثورة السورية في آذار 2011، واضطروا لمغادرة البوكمال بعد أن استولى تنظيم الدولة على المنطقة واستولت عليها الميليشيات الإيرانية لاحقاً.

وكانت إنذارات الإخلاء قد صدرت بناء على طلب ما يسمى بـ "مكتب الأصدقاء" التابع مباشرة للحرس الثوري الإيراني، الذي طالب "الأمن العسكري" بإصدار إنذارات لأقارب أصحاب المنازل الأصليين بأنه ستتم مصادرتها الأسبوع المقبل.

قيادة لواء الطفوف

وتقع هذه القاعدة في مدينة البوكمال، وبالتحديد في مدينة الهري على الحدود السورية العراقية، وهي ذات أهمية خاصة للميليشيات الإيرانية والعراقية، وخاصة ميليشيات عصائب أهل الحق.

 

hdfgg.jpg

 

إن وجود هذه القاعدة في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، التي تسهل دخول وخروج العناصر التابعة للميليشيات والمدربين العسكريين بين العراق وسوريا ومختلف معسكرات التدريب، يضيف إلى أهمية هذه القاعدة، لا سيما وأن حجمها كبير ومعظم عناصرها خضعوا لتدريب عسكري وعقائدي.

القاعدة ذات أهمية كبيرة للميليشيات الإيرانية لأنها توفر تدريبات عسكرية متطورة لأعضاء الميليشيات الجدد الذين أكملوا تدريبهم الأولي في استخدام الأسلحة الخفيفة وتحسين مهاراتهم في استخدام الأسلحة الثقيلة.

 

 

ويوجد في هذا الموقع منازل وكرفانات قوية مسبقة الصنع، ويحيط بها خندق بعمق ثلاثة أمتار وعرض ثلاثة أمتار، وخلفه حاجزان محصنان ونقاط مراقبة تطل على الموقع بكامله.

وبحسب المصدر، هناك أنواع مختلفة من الأسلحة للتدريب في هذا المعسكر وهي مرتبطة بشكل عام بتدريب الأسلحة الثقيلة مثل المدافع وقذائف الهاون والدبابات. ويبلغ عدد الحراس في القاعدة نحو 50 حارساً، وهناك أربع مركبات لخدمتهم، اثنتان منها مزودتان بأسلحة رشاشات مضادة للطائرات.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ممرضة متخصصة تقوم بتدريس أساسيات الإسعافات الأولية وعلاج الحروق والكسور لعناصر الميليشيات.

ويوجد نفق تحت الأرض في القاعدة حيث يتم تخزين أنواع مختلفة من الذخيرة العسكرية والصواريخ وقذائف المدفعية.

ومعظم المدربين في هذا المعسكر عراقيون يعملون تحت إشراف الحرس الثوري، ويصل عدد المدربين في هذا المعسكر إلى 15 مدرباً، وكل منهم مسؤول عن قسم معين، بينما يقوم البعض بتعليم كيفية استخدام الأسلحة الثقيلة والبعض الآخر مسؤولون عن التدريبات الرياضية وفنون الدفاع عن النفس.

 


ومعظم المدربين الذين يقومون بالتدريب هنا هم مواطنون عراقيون، ولأنهم يعيشون في مناطق قريبة من الموقع على الأراضي العراقية، فإنهم لا يمكثون في الموقع لفترة طويلة ويتم نقلهم عبر معبر القائم الرسمي أو عبر المعابر غير الرسمية، بالقرب من القاعدة.

وبحسب المصدر، يدعى أحد المدربين المحليين الذين يدربون في الموقع، ماجد الطوني، وهو من منطقة دير الزور في سوريا وتلقى تدريبات عسكرية في لبنان.

الميليشيات المسؤولة عن حماية القاعدة

وتتبع القاعدة بشكل عام للحرس الثوري الإيراني، لكن المسؤولية الرئيسية عن التدريب والتأهيل تقع على عاتق ميليشيات "الحشد الشعبي" و"عصائب أهل الحق" و"لواء الطفوف".

جدير بالذكر أن "لواء الطفوف" من أتباع مرقد الحسينية، ورفع الرايات الحمراء في هذا الموقع يدل بوضوح على طاعته.

الخدمات اللوجستية والمساعدة

يتم توفير الذخيرة العسكرية والمواد الغذائية والأسلحة وغيرها من المواد التي يحتاجها المدربون العراقيون لهذه القاعدة من العراق، ولكن يتم توفير احتياجات المدربين والعناصر المحلية من مدينة البوكمال أو عن طريق معبر القائم وطرق أخرى غير رسمية.

واسُتهدفت القاعدة من قبل طائرات التحالف الدولي في 4 من كانون الثاني / يناير 2020، وأغلقت لمدة 15 يوما بسبب تعرضها لأضرار جسيمة، لكنها استأنفت بعدها أنشطتها وبرامجها التدريبية.

ويقدر عدد المتخرجين من قسم التدريب في هذه القاعدة كل شهر بما يتراوح بين 100 إلى 150 شخصاً، ويتم تصنيف الوافدين الجدد في الأيام الأولى للتدريب في مجالات مختلفة ويتم تدريبهم لمدة 20 يوماً.

وخلال هذا الوقت، يصبحون على دراية بأساسيات الحرب واستخدام الأسلحة الثقيلة، بالرغم من أن المهتمين بمواصلة تدريبهم العسكري يتم إرسالهم إلى القواعد العسكرية في العراق لتعلم مزيد من المهارات والتدريب المتقدم.