icon
التغطية الحية

مساع لبناء تحالفات عسكرية وأمنية جديدة في الشمال السوري

2021.07.18 | 12:19 دمشق

ozgur-suriye-ordusu.jpg
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

يعقد قادة الفصائل في الجيش الوطني السوري اجتماعات شبه يومية للتوصل إلى اتفاقات تنتج عنها تحالفات عسكرية وأمنية جديدة، تحت مظلة غرفة القيادة الموحدة "عزم"، التي أُعلن عن تشكيلها الخميس الماضي من قبل فصيلي الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد.

وتسعى الجهات القائمة على غرفة القيادة الموحدة إلى خلق جسم يجمع معظم الفصائل العاملة في الجيش الوطني، بهدف التنسيق على مستوى عالٍ بالملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية، ذلك في حين لم يصدر أي بيان أو تعليق من القيادة العامة للجيش الوطني، أو إدارة التوجيه المعنوي، أو وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة على تلك الخطوات.

وفسّر البعض تشكيل غرفة القيادة الموحدة بأنه يأتي كمحاولة من الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد لابتلاع بقية فصائل الجيش الوطني والتغلب عليها، لكن مسؤولين في الغرفة نفوا في حديث لموقع تلفزيون سوريا هذه الأنباء، وقالوا إنهم لم ولن يجبروا أحداً على الانخراط ضمن "عزم"، وفي الوقت نفسه سيبقى الباب مفتوحاً لجميع الراغبين بالدخول إليها، والتنسيق مع الفصائل العاملة فيها.

 

 

تنافس محموم بين فصائل الجيش الوطني

بدأت غرفة القيادة الموحدة أولى أعمالها بتنفيذ حملة أمنية في مدينتي اعزاز وعفرين، ضد بعض المطلوبين للقضاء، وتجار ومروجي المخدرات، وتم على إثرها اعتقال 22 شخصاً، ومصادرة كميات من الأسلحة والمواد المخدرة.

ومن الواضح أن قيادة الغرفة أرادت توجيه رسائل داخلية وخارجية عبر حملتها الأمنية، وخاصة لتركيا التي تبحث عن حلول لضبط الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وبدا ذلك من خلال الحشود العسكرية الضخمة التي شاركت في الحملة، والتي وصفت بأنها استعراضية نوعاً ما، كون العدد القليل من المطلوبين لا يحتاج إلى مئات العناصر وعشرات الآليات والرشاشات المتوسطة لإلقاء القبض عليهم.

وبعد ساعات من الإعلان عن تشكيل الغرفة، وجد القائمون عليها أنفسهم أمام اختبار لكسب دعم الحاضنة الشعبية، حيث تعرضت مدينة عفرين لقصف صاروخي، أودى بحياة طفل ورجل، وأصاب 12 مدنياً، وهنا لم يكن أمام غرفة القيادة الموحدة سوى خيار الرد على مصادر النيران، لإثبات قدرتها على تحمل الأعباء العسكرية والأمنية الملقاة على عاتقها.

وبالفعل، ردت غرفة القيادة الموحدة على مصادر النيران، وأعلنت عن قصف مواقع لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في مدينة تل رفعت ومحيطها، وقرية دير جمال شمالي حلب، بصواريخ الغراد والكاتيوشا.

بالتزامن مع ذلك، أعلنت فرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزة العاملتان في الجيش الوطني عن قصف مواقع لـ "قسد" بصواريخ الغراد، رداً على القصف الذي طال مدينة عفرين، وهو ما يكشف عن حالة من التنافس بين عدة فصائل بالجيش الوطني، لكسب الرهان وثقة المدنيين، وكذلك لعدم إفساح المجال أمام غرفة القيادة الموحدة لتصدر المشهد العسكري والأمني بشكل كامل.

تحالفات أمنية وعسكرية جديدة

تجري قيادة غرفة "عزم" مباحثات مع قادة عدة فصائل في الجيش الوطني السوري، للانخراط ضمن الغرفة وتنسيق الأعمال العسكرية والأمنية ضمنها، وذكر مصدر في الغرفة لموقع تلفزيون سوريا، أن المباحثات والاجتماعات شملت فصائل أحرار الشرقية، وجيش الشرقية، والفرقة الأولى، وجيش الإسلام.

وتشمل المباحثات بناء تحالف ضمن الغرفة، يتم من خلاله التنسيق في الملفات الأمنية والعسكرية والإعلامية والاقتصادية، لكن المصدر أكد عدم التوصل إلى نتائج نهائية بين الأطراف.

وأكد القيادي في الجبهة الشامية، محمد الخطيب، حدوث اجتماعات بهذا الخصوص، بين غرفة "عزم"، وفصائل أحرار الشرقية، وجيش الشرقية، والفرقة الأولى، وجيش الإسلام، وفصائل أخرى لم يسمها.

وذكر "الخطيب" في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن عدة لقاءات حصلت بين معظم الفصائل في الأيام الماضية، وما زالت مستمرة بهدف الاندماج أو الدخول في غرفة القيادة الموحدة.

وانتشرت صور تُظهر قائد الجبهة الشامية أبو أحمد نور، مع قائد لواء الشمال العامل في الفيلق الأول بالجيش الوطني النقيب مصطفى، وكذلك لقاء "أبو أحمد" مع قائد تجمع أحرار الشرقية، أبو حاتم شقرا.

 

Picture1_1.jpg

 

Picture2_2.jpg

 

وأجرى قائد الجبهة الشامية في 25 حزيران الماضي زيارة إلى مقر قيادة الفرقة الأولى التابعة للفيلق الأول بالجيش الوطني، في مدينة جرابلس، وهو ما يدل على وجود مباحثات بين الطرفين للتوصل إلى صيغة مناسبة للعمل المشترك.

وتتألف الفرقة الأولى من 3 فصائل، وهي "الفرقة التاسعة قوات خاصة 143"، و"لواء الشمال 111"، و"اللواء 112"، وقد تم الإعلان عن اندماج تلك الفصائل ضمن هيكلية تنظيمية وقيادة عسكرية واحدة في 30 أيار الماضي.

 

Picture3_0.jpg

 

 

وتحدثت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا عن وجود نيّات لدى الجبهة الشامية لطرح فكرة الاندماج الكامل على مختلف الفصائل العاملة ضمن الفيلق الثالث، ومنها لواء السلام وفيلق المجد.

وبحسب محمد الخطيب، فإن اندماج الفصائل المكونة للفيلق الثالث بعضها مع بعضها أمر مهم ومرحب به، والجميع يعمل للوصول إليه مما يوفر "مركزية القرار وتضافر الجهود وتنظيم الصفوف وتخفيف حالة الفرقة السائدة في الوقت الراهن".

مواقف متباينة للفصائل وأخرى تضع شروطاً

لم تعلق الفصائل التي تجري مشاورات مع غرفة القيادة الموحدة بشكل رسمي على احتمالية العمل ضمن الغرفة من عدمه، وفيما إذا كان لديها شروط لقاء ذلك.

ويوم الخميس الماضي ذكر قائد لواء الشمال في الفرقة الأولى، النقيب مصطفى لموقع تلفزيون سوريا، أنهم لا يخططون لأن يكونوا ضمن غرفة "عزم"، مشيراً إلى العمل على خلق توحد عامّ، وليس مجرد غرفة عمليات، إذ قال: "هناك عمل لتوحيد الساحة"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وتواصل موقع تلفزيون سوريا مع قادة بعض الفصائل، للاستفسار عن موقفهم من العمل ضمن غرفة القيادة الموحدة، لكن بعضهم رفض الإجابة، مثل قائد تجمع أحرار الشرقية، أبو حاتم شقرا، الذي اعتذر عن إعطاء أي تصريح بهذا الخصوص.

بدوره أفاد المتحدث باسم هيئة أركان جيش الإسلام، حمزة بيرقدار، لموقع تلفزيون سوريا، بأن المشروع عُرض عليهم كما عُرض على كل الفصائل، لكنه أكد أنهم لم يبدوا الموافقة حتى الآن.

وأضاف "بيرقدار": "اشترطنا أن يكون المشروع تحت مظلة الجيش الوطني، المظلة العسكرية والتنظيمية لكافة الفصائل، وبالتالي يكون هذا المشروع مستوعباً لجميع فصائل الساحة".

وتوقعت مصادر مطلعة على تفاصيل المباحثات، أن تنتهي المشاورات بين غرفة القيادة الموحدة وبعض الفصائل الأخرى بالفشل، بسبب عدم التوافق على مجموعة من النقاط.

هل تخلق "عزم" خلافات بين فصائل الجيش الوطني؟

تشير المعلومات إلى أن مشروع القيادة الموحدة خلق تجاذبات بين بعض الفصائل بالجيش الوطني، ومن الدلالات على ذلك، إحجام إدارة التوجيه المعنوي عن ذكر أي شيء يتعلق بالغرفة الجديدة، رغم أن الإدارة تنشط في متابعة أخبار الجيش الوطني بمختلف فصائله، ونشرها على الحسابات التابعة لها.

وتحت عنوان "رسالة عتب إلى إدارة التوجيه المعنوي"، نشرت قناة مقربة من الجبهة الشامية على تطبيق "التلغرام" تحمل اسم "أبو أحمد منغ"، منشوراً جاء فيه: "حققت الحملة الأمنية التي نفذتها قوات غرفة القيادة الموحدة - عزم نتائج طيبة، حيث أُلقي القبض على أكثر من 20 شخصاً ينشطون في ترويج وتجارة المخدرات في مناطقنا المحررة، وما يحز في القلب، ويؤسفنا هو تجاهل إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري للحملة بشكل كامل، حيث لم تنشر أي خبر يتعلق بالحملة، علماً أن المشاركين فيها فصائل وتشكيلات تعد من كبرى مكونات الجيش الوطني".

وحول هذه الجزئية، قال القيادي في الجبهة الشامية محمد الخطيب، إن إدارة التوجيه المعنوي تحاول أن تكون على مسافة واحدة من كل الفصائل ومكونات الجيش الوطني، لذلك لم تحتفل بهذه الخطوة (تشكيل غرفة القيادة الموحدة) خشية أن تحسب على طرف وتخسر الأطراف الأخرى التي لم تدخل في الغرفة".

وأشار إلى أن الهدف من التشكيل الجديد هو "ملء الفراغ الأمني الحاصل في المحرر وضبط الخلل الأمني، وتشكيل نواة لقيادة المنطقة من خلال التنسيق بين كل مكونات الجيش الوطني الراغبة في الدخول بهذه الغرفة، وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه ثورتنا وأهلنا في المحرر ووطننا بشكل عام"، وفقاً لـ"الخطيب".

هل تسعى الجبهة الشامية لـ "التغلب"؟

قال "مزمجر الشام"، وهو حساب على موقع "تويتر" يتابع أخبار التنظيمات في سوريا، إن خصوم الجبهة الشامية يتهمونها بالسعي للتغلب، ويستدلون على هذا باللقاءات المكثفة بين قادة "هيئة تحرير الشام"، والجبهة الشامية مؤخراً.

وأشار إلى تردد إشاعات عن دخول المئات من عناصر "تحرير الشام"، لمناطق درع الفرات تحت مظلة الجبهة الشامية، وأن "الشامية" ستسعى للتغلب في الشمال السوري تحت شعار "محاربة الفساد والفلتان الأمني".

من جهتها زعمت بعض المصادر الإعلامية، أن "هيئة تحرير الشام" أرسلت 200 عنصر مدربين على حرب الفصائل وابتلاعها إلى الجبهة الشامية، من أجل مساندتها بمشروع التغلب الذي تخطط له، بحسب وصفها.

ونفى محمد الخطيب، وجود أي نيات لدى الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد للتغلب، وقال إن ذلك ليس من أدبيات أي من الفصيلين، ولا قناعة لهما به، ولا يرونه "أسلوباً شرعياً لجمع الساحة وإنهاء الفرقة".

وأضاف أن "ادعاء إرسال هيئة تحرير الشام 200 عنصر إلى الجبهة الشامية والسلطان مراد، هو ادعاء سخيف لا حاجة للرد عليه، لأن تعداد الفصيلين يتجاوز 18 ألف مقاتل، وهم ليسوا بحاجة لمئات من هنا وهناك لتنفيذ أي عمل عسكري أو أمني".