مرحلة التقاط الهفوات والأخطاء في الانتخابات المحلية التركية

2024.03.30 | 05:20 دمشق

آخر تحديث: 30.03.2024 | 05:20 دمشق

مرحلة التقاط الهفوات والأخطاء في الانتخابات المحلية التركية
+A
حجم الخط
-A

ذهب الكثير وبقي القليل للقاء إسطنبول برئيس بلديتها الجديد، الذي سوف يديرها لمدة خمس سنوات قادمة، ويقال من يخسر إسطنبول يخسر تركيا، لذلك نرى ترقباً شديداً قبيل انتخابات بلدية إسطنبول التي تشغل الإعلام المحلي والعالمي، بسبب مكانتها الكبيرة لدى الأتراك والأجانب أيضا حيث مدحها الكثير من الشخصيات في مراحل تاريخية مختلفة حيث قال نابليون بونابرت عنها “لو كانت الأرض دولة واحدة لكانت إسطنبول عاصمتها”، وقالت الروائية الإنجليزية سوزان مودي عنها أيضا “إسطنبول الضربة المُستمرة لموجة الشرق على موجة الغرب” ومن تنوع هذه المقولات نفهم مدى أهمية إسطنبول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ومن أبرز المرشحين لبلدية إسطنبول خلال هذه الانتخابات مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم مراد كوروم.

ونستطيع أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة "التقاط الهفوات والأخطاء"، فكلا الطرفين، إن كان حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه أو حزب الشعب الجمهوري وحلفاؤه، يحاولون الآن اصطياد الأخطاء لبعضهم البعض ونشرها في وسائل الإعلام، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل عاد الطرفان إلى الأرشيف الإعلامي لبعضهما، لعلهما يلتقطان تصريحات نارية سابقة لإعادتها للمشهد الإعلامي في تركيا الآن بغية استغلالها، فجميع القوى السياسية التركية ترمي أوراقها الأخيرة.

إعادة نشر مقاطع مصورة قديمة لأكرم إمام أوغلو، وهو ذاهب ليتناول السمك مع القنصل الإنجليزي وسط عاصفة ثلجية ضربت شوارع إسطنبول

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا مقطعاً مصوراً يظهر بعض الشخصيات، وهي تعد مبالغ مالية كبيرة في مقر حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، وهذا ما أثار دهشة وحفيظة المواطنين الأتراك مما دعا مكتب المدعي العام بإسطنبول إلى فتح تحقيق حول الحادثة وحول مصدر هذه المبالغ المالية، وعند سؤال الصحفيين لمسؤولي حزب الشعب الجمهوري حول الحادثة، حاول البعض الإنكار والبعض الآخر قال إنه ليس لديه علم عن هذا الموضوع، وأكرم إمام أوغلو علق على هذه الحادثة قائلا: "هذا الأمر حدث قبل 4 سنوات ونصف لعملية شراء مقر جديد للحزب، والآن أخرجوا هذا المقطع، وكأنه جديد ليهاجموني به، رغم عدم وجود أي علاقة لي بهذه العملية".

من جانب آخر نرى إعادة نشر مقاطع مصورة قديمة لأكرم إمام أوغلو، وهو ذاهب ليتناول السمك مع القنصل الإنجليزي وسط عاصفة ثلجية ضربت شوارع إسطنبول، ونرى أيضا مقاطع قديمة توثق عدم وجود رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو عند حدوث سيول وتعطل الصرف الصحي ببعض شوارع إسطنبول مما أدى إلى خسائر كبيرة ببعض المحال التجارية.

وقبل أيام انتقد بعض الصحفيين الأتراك وليمة الإفطار الرمضاني التي أعدها أكرم إمام أوغلو للشخصيات الدينية في إسطنبول حيث قالوا إنَّ أغلب الشخصيات الدينية الموجودة في الإفطار هي شخصيات مسيحية وموسوية غير مسلمة، وهذا ما أثار دهشة المواطنين.

طبعا الإعلام المعارض أيضا يقوم بالتقاط هفوات مراد كوروم، حيث نلاحظ دائما أن الإعلام المعارض يحمل مراد كوروم وبال الزلزال الذي ضرب المدن الجنوبية في تركيا بدلالة أنه كان وزيراً للبيئة حينها، ولا يستطيع التنصل من المسؤولية مهما فعل.

ومن الموضوعات التي أثارت الضجة أيضا هي الادعاءات حول استخدام مراد كوروم لشركة إسرائيلية لإدارة حملته الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي على حسب قول المعارضة، التي تساءلت عن مدى ازدواجية المعايير لدى حزب العدالة والتنمية الذي يدعم القضية الفلسطينية، من ناحية أخرى الإعلام المعارض يحاول خلق أفكار سلبية عن شخصية مراد كوروم حيث تقول المعارضة إن مراد كوروم ليس لديه استقلالية بالقرار، وإنه ينفذ تعليمات الرئيس أردوغان فقط، وهذا لا يليق بعمدة إسطنبول. وانتشر فيديو قديم لمراد كوروم، وهو يحاول إغلاق كاميرا في أثناء حديثه مع بعض المواطنين الذين كانوا يعاتبون مراد كوروم عندما كان وزيرا للبيئة، بسبب التأخر في تسليم بيوت مؤسسة الإسكان التركية "توكي" لأصحابها.

وأيضا انتقدت المعارضة التركية تراجع مراد كوروم عن الحديث حول مخطط قناة إسطنبول الذي كان يروج له بقوة سابقا، ويقولون إنَّ عدم حديث كوروم عن هذا الموضوع هو لكسب أصوات الناس الذين يعارضون هذا المخطط، بسبب أضراره البيئية، وهنا تتساءل المعارضة عن مدى حقيقة السلوك الانتخابي لمراد كوروم.

المنافسة في أجواء ديمقراطية مفيدة جدا لسكان مدينة إسطنبول، ففي نهاية الأمر سيختار المواطنون من يخفف معاناتهم اليومية، ويطور البنية التحتية لهذه المدينة

كلا الطرفين يحاول اصطياد الأخطاء والهفوات للآخر، وكلا الطرفين يوظف قنواته التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي لانتقاد الآخر، هذه هي ملامح المشهد الانتخابي قبيل الانتخابات في تركيا، حرب إعلامية طاحنة ستطيح بأحد المرشحين بعد أيام من الآن.
المنافسة في أجواء ديمقراطية مفيدة جدا لسكان مدينة إسطنبول، فبنهاية الأمر، المواطنون سيختارون من يخفف معاناتهم اليومية، ويطور البنية التحتية لهذه المدينة التي يتخطى عدد سكانها 16 مليون نسمة، مما يشير إلى تحديات كبيرة ستواجه الفائز بهذه الانتخابات، وكما أنهى الشعب التركي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بجو ديموقراطي إيجابي سينهي أيضا هذه الانتخابات، وهكذا سنغلق باب الانتخابات التركية لفترة وجيزة من الزمن، وستتابع تركيا مشوارها بالقرن التركي الجديد بخطوات ثابتة قوية تستند إلى إرادة الشعب التركي حيث نقول دائما لا يوجد إرادة فوق إرادة الشعب.