icon
التغطية الحية

مراكز تعليمية للسوريين بلهجتهم لتخفيف مرارة الغربة في مصر

2018.01.08 | 16:01 دمشق

رغم مرور أكثر من 5 سنوات على تدفق السوريين إلى مصر، فإنهم مازالوا يواجهون صعوبات في تعليم أبنائهم (الأناضول)
الأناضول
+A
حجم الخط
-A

داخل أحد فصول "مركز جسور العلم" وقف المعلم السوري، محمد القلعاني، يشرح لعدد من طلاب المرحلة الإعدادية أحد دروس مادة الرياضيات باللهجة الدمشقية، وبدا وكأنه يشعل حماسة الطلاب اللاجئين، ويعيد إليهم ذكريات الدراسة في بلدهم.

بانتباه ملحوظ، يتجاوب مع القلعاني الطلاب، الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، رغم اختلاف المناهج الدراسية المصرية عن نظيرتها السورية، في مشهد يحاول فيه الطرفان تخفيف آلام ومرارة الغربة عن بعضهما بعضاً.

عشرون مركزا تعليميا للسوريين في محافظتي القاهرة والجيزة

وفقاً لوكالة الأناضول، يبلغ عدد المراكز التعليمية السورية في محافظتي القاهرة والجيزة نحو عشرين مدرسة، تستوعب كل منها نحو ثلاثة آلاف طالب في مختلف المراحل الدراسية، بداية من رياض الأطفال حتى شهادة الثانوية.

"الحاجة أم الاختراع".. مقولة ملهمة طبّقها اللاجئون السوريون في مصر بإنشائهم مراكز تعليمية، للتغلب على الصعوبات الدراسية التي واجهها أبناؤهم في مراحل التعليم المختلفة بالمدارس المصرية.

 

اللهجة المصرية والقوانين يعيقان التلاميذ

وبالرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على تدفق السوريين إلى مصر، والسماح لأبنائهم بالتسجيل في المدارس المصرية منذ عام 2012، لكنهم مايزالون يواجهون صعوبات، بينها التعلم باللهجة المصرية العامية حيث يستغرق غالباً نحو أربعة أشهر، مما يحول دون التحاق طلاب سوريين بالمدارس في مصر.

وتقول وكالة الأناضول إن القانون المصري يفرض على اللاجئين تجديد أوراق الإقامة في تشرين أول من كل عام، غير أن بطء عملية استخراج تصاريح الإقامة، التي تستغرق غالبا نحو أربعة أشهر، يحول دون التحاق طلاب سوريين بالمدارس في مصر.

بدوره، قال هاني إبراهيم حصاص، مدير "مركز جسور العلم" التعليمي في مدينة 6 أكتوبر، إن "الأطفال السوريين واجهوا مشاكل عديدة في الالتحاق بالمدارس المصرية، أبرزها بطء إجراءات استخراج أوراق الإقامة وتجديدها كل عام".

ووفقا للقانون المصري، يُسجِل حملة الجنسية السورية الوافدين أسماءهم في مفوضية اللاجئين في البلاد، لاستخراج بطاقة "صفراء" تمنح الحاصلين عليها مختلف الخدمات الطبية أو التعليمية في البلد المضيف.

يستغرق تجديد الأوراق نحو 4 أشهر، ما يحول دون التحاق الطلاب بالمدارس.

وأضاف حصاص أن "الذين يتمكنون من الالتحاق بالمدارس المصرية من أبناء الجالية السورية مايزالون يواجهون صعوبات تتعلق بفهم المناهج باللهجة العامية الدارجة، وتكدس الفصول الدراسية بالطلاب ما يحول دون التعلم الجيد".

وأوضح أنه مع تزايد الصعوبات التي واجهت السوريين في مراحل التعليم بمصر ولدت فكرة إنشاء مراكز تعليمية على غرار نظيرتها المصرية، من حيث الالتزام بالمناهج المصرية، ولكن باللهجة الشامية السورية، وأساليب التعليم الحديثة.

مدارس تراعي احتياجات الطلاب النفسية

"لم يكن أمامنا سوى تأمين مراكز تعليمية تُخفف مرارة الغربة".. هكذا رأت نور مصطفى، المعلمة في "مركز سوريا الغد" التعليمي بمدينة العبور، شرقي القاهرة، الحل لتعثر الأطفال السوريين في تعلم المناهج الدراسية المصرية.

نور أضافت، في حديث للأناضول: "نحاول تحسين مستواهم العلمي، الذي تدهور بسبب سوء حالتهم النفسية، جراء معاناة الحرب واللجوء، وتعثر متابعتهم للمناهج المصرية باللهجة العامية الدراجة".

وتابعت: "السوريون اللاجئون في مصر أتَوا بعد عام ونصف العام من الحصار في بلداتهم السورية، وتعرضوا لأهوال الحرب ودويّ القنابل، ما جعلهم، ولا سيما الأطفال، بحاجة إلى معاملة خاصة تراعي حالتهم النفسية".

وشددت المعلمة السورية على أن الجالية السورية في مصر لم يكن أمامها سوى تأمين مراكز تعليمية للأطفال، تراعي احتياجاتهم النفسية، وتُدرس المناهج المصرية باللهجة الشامية السورية.

التعليم يقوم على اقتران الدراسة باللعب

وفق فاتن عبد اللطيف، مديرة "مركز الأوائل" التعليمي السوري بمدينة 6 أكتوبر في الجيزة (غرب القاهرة)، فإن المراكز السورية في مصر تعتمد على تطبيق أساليب حديثة في التعليم، تقوم على اقتران الدراسة باللعب والأنشطة.

وأضافت فاتن، في حديث للأناضول، أن "تعليم الأطفال السوريين بأساليب حديثة وشيّقة يُهوّن عليهم مرارة الغربة ومأساة الحرب والعقبات التي تواجههم في التعليم داخل المدارس المصرية".

 

الحكومة المصرية لا تمنح المدارس ترخيصاً

ثمة عقبة تواجه المدارس السورية في مصر، وهي العمل من دون ترخيص أو اللجوء للعمل تحت مظلة جمعيات أهلية عاملة في البلاد، حيث يتيح القانون المصري للجمعيات غير الحكومية إنشاء فصول تقوية أو مراكز تعليمية للطلاب.

"نعاني استخراج تراخيص إنشاء المدارس، ولكن علينا احترام قوانين الدولة التي نعيش فيها"

وقالت ياسمين زيادة، مديرة "مركز سوريا الغد" التعليمي: "نعاني استخراج تراخيص إنشاء المدارس، ولكن علينا احترام قوانين الدولة التي نعيش فيها، ونحاول أن نُسيّر الأمور حتى نعود إلى بلادنا".

وأضافت زيادة للأناضول: "رجال أعمال مصريون وسوريون يدعمون المدارس السورية مادياً، كما أن الطلاب يدفعون رسوماً مالية رمزية سنوياً، وبعضهم يدرس بالمجّان لسوء حالتهم المادية".

وخلال العام الدراسي الحالي (2017-2018)، انتظم قرابة 40 ألف طالب سوري في المدارس المصرية، علاوة على تقديم الرعاية الصحية الأساسية لحوالي 20 ألف طفل سوري، وفق الحكومة المصرية.

وفي أبريل/ نيسان 2017، قال مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، السفير طارق القوني، إن عدد اللاجئين السوريين في مصر يُقدّر بنحو 500 ألف، بينهم حوالي 120 ألفاً مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

كلمات مفتاحية