icon
التغطية الحية

محاصيل متضررة وأخرى مهددة بسبب شح الأمطار في ريف حلب الشمالي

2021.01.23 | 04:02 دمشق

imageonline-co-logoadded.jpg
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

يخشى المزارعون في ريف حلب الشمالي هذا العام وبعد مضي نصف فصل الشتاء، من تدهور إنتاج محاصيلهم الزراعية، بسبب ندرة تساقط الأمطار وعدم استقرار الأحوال الجوية، ما يهدد آلاف الهكتارات المروية وغير المروية بقلة الإنتاج، وذلك إلى جانب التحديات والظروف الاقتصادية التي يعاني منها المزارعون والأهالي باستمرار.

وتعد الزراعة من أهم المصادر المعيشية للسكان في ريف حلب، وهذا ما تمتاز به المنطقة ذات الأراضي السهلية، وظروفها الجوية التي ساهمت في توسع النشاط الزراعي خلال المواسم الفائتة، لكن هذا العام بات المزارعون في مأزق كبير أمام الأحوال الجوية غير المناسبة فعلياً للزراعة، فقد عمد المزارعون إلى تغيير بعض المزروعات بسبب عدم وصول الماء إلى البذور، ما أدى إلى تعفنها.

ويتابع المزارعون الذين نذروا أموالهم في سبيل هذا الموسم، الأحوال الجوية يومياً عبر تطبيق "الطقس" على أجهزتهم النقالة، ولا يخلوا مجلس من الحديث عن التحديات الزراعية، والظروف الجوية غير المناسبة لهم.

شح الأمطار

ساهمت الأمطار والظروف الجوية المناسبة للعام الفائت في رفع قيمة المرابح الزراعية التي جناها المزارعون، ما دفع الأهالي إلى العمل بالزراعة مجدداً وتوسعة مشاريعهم، إلا أنهم فوجئوا بأوضاع جوية غير ملائمة وشح في الأمطار، ما دفع بعضهم إلى تغيير نوع الحبوب المزروعة، والتي تلائم الظروف الجوية الحالية. 

وقال المزارع عماد المحمود لموقع تلفزيون سوريا، وهو من مدينة مارع في ريف حلب الشمالي: إنه يعتمد الآن على الزراعة غير المروية، للابتعاد عن التكاليف الباهظة للزراعة المروية، ورغم ذلك خسر المحمود محصوله من الفول الذي زرعه على مساحة 4 هكتارات، إذ أدى شح الأمطار وعدم وصول الماء الكافي إلى البذور وبقاؤها في مستوى واحد من الرطوبة إلى تعفنها.

وأضاف: "على الرغم من المصاريف التي أنفقتها في سبيل زراعة الفول، فإنني استبدلت بها حبوب القمح والشعير، لأنهما يلائمان الظروف الجوية أكثر، ويكونان قادرين على تحمل قلة الأمطار أكثر من الفول، ولا يتعرضان لدرجة متقدمة من العفونة، لعلها تعوّض الخسارات".

 

 

وتسببت قلة الأمطار في خسارة فادحة للمزارعين الذين يعتمدون على الزراعة غير المروية، لأنهم أجبروا على تغيير صنف الحبوب، ووضعوا تكاليف عالية أمام مشروعهم، في حين يبقى الذين يعتمدون على الري من الوديان في خطر مماثل. بينما المزارعون الذين يعتمدون على الزراعة المروية من آبار الماء، وقاموا بري محاصيلهم، فإن نسبة الخسارة تبدو أقل بكثير عن هؤلاء.

انقطاع مياه الأودية

يتخوف المزارعون من أن يلحق استمرار شح الأمطار الضرر في أصناف المزروعات الأخرى التي بدأت الدخول في مرحلة الخطر بسبب مضي نحو شهر على زراعتها، ولا سيما أن المنطقة تعتمد على الزراعة غير المروية بسبب عدم تغذيتها من مياه الأنهار، واعتمادها على الأودية التي تجري المياه فيها في أثناء السيول المطرية فقط.

مصطفى العبيد مزارع من قرية تلالين الواقعة في ريف حلب الشمالي، قرر أن يروي أرضه الزراعية من مياه الوادي قرب القرية التي يقيم بها، وقال لموقع تلفزيون سوريا: "زرعت الأرض التي أملكها ثم أحضرت المستلزمات الخاصة بالري، وصرفت مبالغ كبيرة أمامها إلا أن انحسار الأمطار ساهم في توقف تدفق مياه الوادي".

وأضاف: "إن استمرار شح الأمطار سيدهور أوضاع المزارعين المادية فغالبيتنا استدان مبالغ مالية ووضعها في الأرض لعلها تنتج، وتغيرت أحواله المادية لكن الوضع الحالي جعلنا أمام تحديات صعبة جداً قد يتطور إلى انهيار الإنتاج في حال لم تسعفنا رحمة الله".

وقال المهندس الزراعي علي مصطفى النجار، ومدير مديرية الزراعة في مدينة مارع لموقع تلفزيون سوريا: "تسبب انحسار الأمطار في انهيار محصول الفول وتعفن البذور داخل التربة، ما دفع المزارعين إلى تغيير نوع البذور إلى القمح أو الشعير، ما تسبب في خسارات كبيرة لحقت بالمزارعين، ولا سيما أن آلاف الهكتارات في ريف حلب زرعت بمادة الفول وتعرضت للعفونة، وتمت عملية التحول إلى مزروعات أخرى".

وأضاف: "تبدو نسبة الخطر للمحاصيل الأخرى كالقمح والشعير والعدس والحمص والحبة السوداء التي قام المزارعون ببذرها أقل، ولكن استمرار شح الأمطار قد يزيد من فرص انهيار الإنتاج الزراعي، وهذا ما يخشاه المزارعون، الذين عملوا بجهود ذاتية على تطوير إنتاجيتهم".

وأوضح أنه لا يوجد بديل آخر عن الأمطار في ظل الظروف الراهنة، لأن شح الأمطار تسبب بتوقف تدفق مياه الوديان التي تغذي المنطقة، في حين تفتقر إلى الأنهار الدائمة.

وتسعى مديرية الزراعة من خلال عملها على طرح مشاريع لاحقة لتغذية المنطقة بمياه الري عبر قنوات من نهر الفرات أو نهر عفرين.

ويبدو أن الأهالي المزارعين وضعوا آمالهم في إنتاج زراعي وفير قد يزيل عنهم تردي الوضع المعيشي ويرفع من سوية دخلهم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم في مخاوف مستمرة "تأكل وتشرب معهم أينما حلُّوا" بحسب وصفهم.

تحديات ومعوقات

ويواجه المزارعون في ريف حلب تحديات ومشكلات عدة من أبرزها عدم قدرتهم على حراثة أراضيهم الزراعية وزراعتها، إذ تقبع آلاف الهكتارات تحت سيطرة قوات النظام وقسد، وبعضها الآخر على خطوط النار الأولى، ما يشكل خطراً على حياتهم إذا قرروا العمل فيها، وتقع هذه الأراضي جنوبي أعزاز ومارع والباب وغيرها من البلدات.

يقول محمد الصالح، لموقع تلفزيون سوريا: إنه يملك مشاريع زراعية تقع تحت سيطرة النظام في محيط قرية حربل شمالي حلب، ولا يستطيع حراثتها وزراعتها، منذ سيطرة قسد ثم النظام عليها، ما دفعه إلى استئجار الأراضي الزراعية في المواقع الأكثر أمناً داخل المنطقة.

وأضاف الصالح: "إن هذا العام شهد ارتفاعاً حاداً في أسعار إيجارات الأراضي الزراعية، والتي دفعته إلى وضع مصاريف كثيرة جداً فهو يملك بئر ماء في أرضه سابقاً وعشر هكتارات تحيط به، لكنه الآن عاجز عن زراعتها، إذ انتقل إلى استئجار الأراضي وزراعتها دون ريّها".

من جهته مدير مديرية الزراعة في مدينة مارع علي النجار أكد لموقع تلفزيون سوريا، أن هذا العام شهد ارتفاعاً حاداً في أسعار الإيجارات بسبب الطلب الزائد على استزراع الأراضي من قبل الأهالي في ريف حلب، إذ سجل سعر إيجار الدونم الواحد 250 ليرة تركية، للأراضي غير المروية".

وعن سبب إقبال الأهالي على الزراعة واستئجار الأراضي مع بداية موسم هذا العام، قال النجار: "ساهم إنتاج العام الفائت في دفع المزارعين إلى توسعة نشاطهم الزراعي، إلى جانب الدعم المادي من حبوب القمح والشعير والأسمدة التي قدمتها مديرية الزراعة للمزارعين بالتعاون مع المجالس المحلية بريف حلب".

 

أسعار البذور

وعلى الرغم من الخدمات التي قدمتها مديريات الزراعة للمزارعين في ريف حلب، فإنها قليلة بسبب استهدافها لعقار زراعي واحد فقط، ما زاد التحديات أمام المزارعين الذين واجهوا ارتفاعاً غير مسبوق بأسعار الحبوب، إذ سجل سعر الطن من مادة القمح 275 دولاراً أميركياً، وسعر الطن من الشعير 195 دولاراً أميركياً، في حين أن سعر طن الحبة السوداء (حبة البركة) 3000 دولار أميركي، ووصل سعر الطن من الكمون إلى 2500 دولار أميركي.

أما البقوليات فقد سجلت ارتفاعاً في سعرها أيضاً، إذ وصل سعر الطن الواحد من العدس إلى 400 دولار أميركي، وطن الحمص إلى 550 دولاراً أميركياً، في حين وصل سعر طن الفول إلى 900 دولار أميركي، وشكلت هذه الأسعار كارثة على المزارع الذي لم يخزن من إنتاج الموسم الماضي لزراعة أرضه مجدداً.

كما ساهم ارتفاع أسعار المحروقات في زيادة التكاليف الزراعية التي أرهقت المزارعين، في حين انتقل أصحاب المشاريع الكبيرة إلى الري عبر ألواح الطاقة الشمسية التي انتشرت في ريف حلب العام الفائت.

 ويبدو أن التسويق أمر شاق أيضاً، ولا سيما أن المنطقة مقطعة الأوصال وتحتاج البضائع إلى أيام كثيرة للوصول من محافظة سورية إلى أخرى تقبع تحت سيطرة النظام أو سيطرة قسد، فضلاً عن الإتاوات التي تفرضها الحواجز من مختلف الجهات التي تعبر إليها البضائع، في حين افتتحت تركيا طرق التسويق إلى أراضيها لكن لأنواع محددة من المحاصيل الزراعية، بالتعاون مع مديريات الزراعة في المنطقة.