icon
التغطية الحية

مجلة أميركية: ترامب وعد بإنهاء حروب أميركا.. ماذا عن بايدن؟

2020.11.10 | 13:59 دمشق

gettyimages-76559952.jpg
فورين بوليسي- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لم يبد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل علني وصريح أي قلق حول موت آلاف المدنيين في اليمن خلال أعراسهم ورحلاتهم المدرسية وفي بيوتهم ومنازلهم، لأنه اهتم بشكل أكبر في التعرف إلى طاقة الشباب الجديدة في السعودية والتي تعتبر مسؤولة عن عمليات القصف تلك، والتي تتمثل بشخصية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ولهذا أصدر الكونغرس الأميركي في مناسبتين منفصلتين قراراً يقضي بمنع بيع صواريخ عالية الدقة للرياض، على أمل أن يمسح ذلك بوقف ما ارتكبه الضمير الأميركي من أدران. غير أن ترامب استخدم حق النقض مرتين ضد هذا القرار دون أدنى إحساس بالذنب أو وجع الضمير، بل زعم عوضاً عن ذلك في عام 2017 بأن صور القتلى من الرضع الصغار الذين تعلوهم مسحة جمال فائق حسب وصفه والذين قتلوا بهجوم كيماوي نفذ بأمر من نظام الأسد، هي من أجبره على إصدار أمر بتنفيذ غارات على مناطق النظام. ولقد لمح كثيرون تناقضاً بيناً في ذلك عندما كشفوا بأن هجومه على سوريا ما هو إلا محاولة لتصفية حساب مع سلفه الذي فشل في الحفاظ على خطه الأحمر والذي يحتم عليه القيام برد عسكري في حال قيام بشار الأسد بأي هجوم بالأسلحة الكيماوية.

ثم إن سياسات ترامب في الدول التي دمرتها الحروب لم تكن سوى صفقات، قد ترقى في بعض الأحيان لخيانة حلفاء أميركا والتخلي عنهم، فقد أبدى ترامب حالة انقلاب سريع لم يسبقه إليها أي رئيس أميركي عندما تردد في قراره بإبقاء القوات الأميركية أو سحبها من شمال شرق سوريا. إذ ترى دارين خليفة وهي محللة رفيعة المستوى في منظمة الأزمة الدولية بأن تردد ترامب قد قوض موقف حلفاء الغرب وهم أكراد سوريا " وذلك لأن أي دعم تقدمه الولايات المتحدة ممكن أن ينتهي بتغريدة على تويتر". ولهذا تعين على الكرد أن يبقوا الباب مفتوحاً أمام النظام في حال قامت تركيا التي تعتبر قسد انفصاليين وإرهابيين بعملية عسكرية على أراضيهم.

وهكذا فشل ترامب في تنفيذ وعوده بإنهاء الحروب الأميركية، بل إنه عوضاً عن ذلك كاد أن يشعل حرباً مع إيران وذلك بخروجه من الاتفاقية النووية وموافقته على اغتيال الجنرال قاسم سليماني. وبما أنه كان يتحرق شوقاً لإعلان النصر قبل الانتخابات، لذا دفعه ذلك إلى عقد اتفاقية سلام مع طالبان في أفغانستان، ولكن بحسب منظمة رقابية أميركية زاد العنف في أفغانستان بنسبة 50% منذ أن تم التوقيع على تلك الاتفاقية بالدوحة في قطر مطلع هذا العام.

مسار جو بايدن

أما جو بايدن الرئيس المنتخب من الحزب الديمقراطي فقد سلك الطريق الأوسط بين مسار باراك أوباما ومسار ترامب، وذلك لتخفيف الضرر الذي سببته الحروب التي اندلعت خلال توليه منصب نائب الرئيس، وتلك التي وقع عليها عندما كان سيناتوراً لتقوم في كل من العراق وقبلها أفغانستان.

ففي أول خطاب له حول سياسته الخارجية بنيويورك عام 2019 يقول بايدن: "لقد مضى وقت طويل على إنهائنا للحروب الطويلة". فقد عارض هذا الرجل الحرب على اليمن، لذا من غير المحتمل أن يعترض في حال قرر الكونغرس تمرير قرار آخر لوقف بيع الأسلحة للرياض. ولكن في الوقت الذي ينتقد فيه هذا الرجل الرياض علناً، يرى البعض أنه بوسع أي رئيس أميركي أن يوقف لفترة طويلة من الزمن صفقات بملايين الدولارات لدولة تعتبر من أهم العملاء وأبرزهم، كما أن بوسعه حينما يكون لديه متسع من الوقت وعندما تصبح الأرقام الآتية من اليمن ضمن قائمة أولوياته الطويلة أن يضغط على السعودية لتتبنى منهج الدبلوماسية وأن يجبر محمد بن سلمان على تقديم تنازلات كافية للمعارضة وللحوثيين، بحيث يمكن بموجب ذلك التوصل إلى اتفاقية، إلا أنه لم يتضح كيف سيقوم بايدن بذلك على وجه التحديد. 

سوريا

أما بالنسبة لسوريا، فأمام بايدن أسئلة أكثر يتعين عليه أن يجيب عليها، فقد قتل بسبب الحرب السورية مع اقترابها من سنتها العاشرة آلاف الناس وتشرد نصف سكانها، وقد وجهت انتقادات لأوباما وبايدن لعدم تقديم المساعدة الكافية للمتظاهرين ولقيامهما بغسل أيديهما من سوريا والتنصل من مسؤولياتهما تجاهها في الوقت الذي شرع فيه النظام بقصف المدن.

إلا أن بايدن، بخلاف ترامب، متأكد من أنه سيبقي عدداً ضئيلاً على الأقل من الجنود الأميركيين في شمال شرق سوريا ليقوموا بدعم الكرد (قسد)، وليحافظوا على موطئ قدم في تلك البلاد التي أصبحت تدور في فلك روسيا. كما يأمل بايدن أن يبقي العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب للضغط على النظام حتى يقدم تنازلات سياسية. فقد أعلن بايدن خلال حملته بأن سياسته ستقوم بالضغط على كل الفاعلين حتى يتوصلوا إلى حلول سياسية، كما ستعمل على تسهيل عمل المنظمات غير الحكومية إلى جانب "حشد الدول الأخرى لدعم عملية الإعمار في سوريا"، لكنه لم يذكر كيف سيقوم بكل ذلك، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار فشله في القيام بأي من ذلك عندما كان نائباً للرئيس، وهنا يعلق بسام برابندي وهو دبلوماسي سوري سابق يقيم في الولايات المتحدة حالياً: "إنه لا يدري كيف يقوم بذلك، وذلك لأن فريق بايدن منقسم بين من يريدون أن يتحدثوا إلى الأسد وبين هؤلاء الذين لا يجدون أي جدوى من القيام بذلك".

غير أن أكبر فرق بين نهج ترامب وبايدن في المنطقة يتمثل بإيران، ففي الوقت الذي أبدى فيه ترامب هوسه بمعاقبة إيران خلال حملة الضغط القصوى التي تبناها، يرغب بايدن بالعودة إلى الاتفاقية النووية. وبعيداً عن ذلك، من الصعب أن نحكم على طموحات بايدن، لأن الجائزة الكبرى تتمثل بتيسير المحادثات بين إيران والسعودية، إلى جانب فكرة تخفيف التوتر بين القوتين الإسلاميتين اللتين تتنافسان على السيادة في منطقة مشحونة بالعقائد الدينية الأصولية. إلا أن طبق بايدن سيكون مترعاً بما يكفي حتى يفكر بمحاولة إنهاء الحروب القائمة، وذلك قبل أن يشرع بالتفكير بإقامة سلام دائم في المنطقة.

المصدر: فورين بوليسي