مبادرة بايدن وضيق هوامش مناورات نتنياهو

2024.06.07 | 06:37 دمشق

7555555555555555555
+A
حجم الخط
-A

بعد أيام من خطاب الرئيس الأميركي السبت الماضي الذي دعا فيه لصفقة لوقف إطلاق النار وبشكل أكثر تفصيلا من مرات سابقة ولكن التساؤل الأول الذي كان بارزا هو هل هذه المبادرة هي مبادرة أميركية أم مبادرة إسرائيلية.

ومع أن هناك تأكيدا جاء من مسؤول الاتصالات في البيت الأبيض جون كيربي أن المقترح الذي أعلنه الرئيس جو بايدن هو مقترح إسرائيلي وليس مقترحا أميركيا فإن المفارقة هنا أن مجلس الحرب الإسرائيلي قد اجتمع الأحد لمناقشة خطاب بايدن وهنا يبرز تساؤل آخر وهو لماذا يجلس مجلس الحرب لنقاش مقترح قد قدمته إسرائيل؟

يحاول القادة الصهاينة أن يعتموا الموقف فتارة يقولون بأن ما عرضه بايدن لم يكن دقيقا وتارة يقولون إنهم لم يقبلوا بإيقاف الحرب وتارة يقولون بأن هناك تفاصيل لم يتم عرضها.

باختصار يمكن أن نقول إن الموقف الإسرائيلي يريد استمرار الحرب لكنه منفتح على وقفها بشكل مؤقت من أجل استعادة أكبر قدر من الأسرى المحتجزين لدى المقاومة ثم يعود لتدمير ما تبقى من قطاع غزة.

إن استمر نتنياهو وحلفاؤه خلف قرار الحرب فإن هناك مخاطرة أكبر بتوسيع الحرب وعدم قدرتهم على وقفها وكذلك مزيد من التخريب في علاقاتهم مع الأطراف الأخرى.

إن ما يجب تأكيده هنا أن عملية طوفان الأقصى التي حصلت في 7 من أكتوبر كانت من نوع العمليات العسكرية التي جعلت الاحتلال خاسرا في كل المسارات التي يحتمل أن يذهب إليها سواء باستمرار العدوان أو إيقافه. وهو بالفعل ما يعيشه الاحتلال حيث إن صورته وموقفه الدولي بات بحالة متضررة جدا وهناك احتمال في حال ترجيح خيار استمرار العدوان لتزايد الخلاف بين نتنياهو وبايدن الذي بات يخاطب نتنياهو في العلن، وفي حال وقفت الحرب فإن الخلافات الداخلية في دولة الاحتلال ستكون أكبر من كل التوقعات. فحلفاء نتنياهو وخصومه يتربصون به فحلفاؤه لا يقبلون إيقاف الحرب وهم مستعدون للانفضاض عنه في حال أوقفها وخصومه ينتظرون وقفها لإقصائه والنيل منه ومحاكمته بعد وقفها.

وبالتالي إن استمر نتنياهو وحلفاؤه خلف قرار الحرب فإن هناك مخاطرة أكبر بتوسيع الحرب وعدم قدرتهم على وقفها وكذلك مزيد من التخريب في علاقاتهم مع الأطراف الأخرى.

من زاوية أخرى يذكر أن مقترح بايدن يأتي قبل أيام قليلة من انتهاء المهلة التي حددها غانتس للانسحاب من الحكومة في حال عدم الذهاب لصفقة، ومع أن انسحاب غانتس لا يحل الحكومة كما لو انسحب بن غفير وسموتيرتش فإنه سيزيد الاستقطاب وسيزيد المظاهرات وينذر بإمكانية تشكيل جبهة قوية من المعارضة وهو الأمر الذي سيزيد الضغط على نتنياهو في حال حظيت هذه الجبهة بدعم أميركي أكبر.

فرّغت حماس مضمون خطة نتنياهو حتى الآن بإعلانها عن موقف إيجابي تجاه ما أعلنه بايدن، وما زالت اللقاءات حول جهود التوصل لهدنة مستمرة.

إن الواضح هنا أن ما طرحه بايدن جاء مبنيا على ورقة إسرائيلية لكن قد يكون بايدن عبّر بقصد أو بغير قصد بشكل غير دقيق عن هذه الورقة وهو ما استدعى جلوس مجلس الحرب لتقييم ما طرحه بايدن، وعلى كل الأحوال لا يلبي ما تم طرحه تطلعات الشعب الفلسطيني فأي حل دون وجود وقف إطلاق نار دائم ومشار له بوضوح وبضمانات سيفتح الباب لعودة العدوان على غزة خاصة مع وجود نية إسرائيلية مبيتة. طالما أن نتنياهو سيبقى تحت ضغط يمكنه أن يناور في تخفيفه وتأجيله فإنه سيبقى مرتاحا، ويحاول حلفاؤه أن يساعدوه الآن من خلال إظهار أن الكرة في الملعب الفلسطيني كما قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان أن واشنطن ما تزال تنتظر رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار. وكذلك صرح ماكرون تصريحا مشابها.

بما أن المقترح إسرائيلي وهناك ضغط من كل حلفاء إسرائيل لترويج هذا الحل ولإظهار حماس أنها هي الطرف المعطل فإن هذه قد تكون خطة نتنياهو لإطالة أمد الحرب عبر مزيد من الوقت للحصول على ردود بينما الجيش ما يزال يدمر ويقتل في غزة أو يريد الحصول على صيغة ترضي حلفاءه المتشددين وتسمح له بالعودة إلى غزة عسكريا متى شاء. فرّغت حماس مضمون خطة نتنياهو حتى الآن بإعلانها عن موقف إيجابي تجاه ما أعلنه بايدن، وما زالت اللقاءات حول جهود التوصل لهدنة مستمرة، في حين يعد نتنياهو بالتصعيد على الجبهة الشمالية كما أن له خطابا في الكونغرس يتوقع أن يكون فيه تلميحات لدعم ترامب وتوبيخ بايدن، وهذا ما سيفتح مزيدا من الأسئلة حول مستقبل الموقف. مع كل مناورات نتنياهو فإن هامش هذه المناورات يتقلص شيئا فشيئا سواء مع إدارة بايدن أو مع حلفائه في الداخل وهذا قد يجعل نتنياهو مضطرا لحسم المواقف خلال مدة قليلة قد لا تتجاوز الشهر أو الشهرين.

كلمات مفتاحية