icon
التغطية الحية

ما هي "ملحمة تكتيكال" التي تدرب مقاتلي "تحرير الشام"؟

2021.04.29 | 06:32 دمشق

tkhryj_dwrt_rbg_-_thryr_alsham.jpg
إدلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تواصل "هيئة تحرير الشام" مساعيها لتطوير القدرات العسكرية لمقاتليها والاهتمام بزيادة أعداد المجموعات المقاتلة عالية التدريب وقوات التدخل السريع، وفرز التشكيلات والمجموعات المقاتلة على أساس التخصص والمهام الموكلة إليها، بالإضافة إلى تركيزها على "الجهاز الأمني" الذي أولته اهتماماً خاصاَ منذ بداية عام 2021 ليكون ذراعها الحديدية التي تضرب الجماعات وخلايا التنظيمات المناهضة لها في إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا.

تدريبات نوعية

أعلنت "تحرير الشام" مؤخراً عن تخريج دورة لعدد من مقاتليها في تشكيلات المشاة، حيث تلقى العشرات من المقاتلين تدريبات على سلاح القاذف "RBG"، وطرق استخدامه في المناطق الجبلية الوعرة وفي الأحراش وخلال الاشتباكات القريبة مع العدو، وخضعت المجموعة المقاتلة لتدريبات رفع اللياقة البدنية، كما أعلنت "تحرير الشام" عن فتح باب الانتساب إلى صفوف حرس الحدود الذي أُسِست له إدارة خاصة تدعى "الإدارة العامة لحرس الحدود".

الإعلان الثاني يندرج ضمن مساعي "تحرير الشام" الهادفة إلى إحكام قبضتها على كامل الشريط الحدودي مع تركيا قبالة مناطق إدلب، والخط الفاصل بينها وبين فصائل "الجيش الوطني" في ريف حلب الشمالي (درع الفرات وغصن الزيتون)، وخطوط التماس مع قوات النظام والميليشيات الموالية لها في الجبهات الشرقية والجنوبية، ويبدو أن ضبط فوضى التهريب في الخطوط الثلاثة وربما احتكار ممراته لصالح المتعاونين والمحسوبين على "تحرير الشام" يحتاج إلى المزيد من القوات المدربة والمتخصصة.

تاكتيكال.jpg

 

قال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة لموقع "تلفزيون سوريا" إن "مساعي تحرير الشام الخاصة بتطوير قدراتها الأمنية والعسكرية هي انعكاس حقيقي لحالة عدم الاستقرار في خريطة السيطرة، ففي أي لحظة يمكن أن تعود المعارك إلى الجبهات، فالتدريب يجب أن يكون عملية مستمرة لدى كل التشكيلات المقاتلة، فالعدو يهدد دائما بخرق اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف المعارك، بالإضافة إلى محاولته اختراق المناطق المحررة أمنياً عبر الخلايا والعملاء المأجورين" وأضاف العقيد حمادة "هناك منافع أخرى تحققها تحرير الشام من خلال تطوير قدراتها وعمليات التنظيم والفرز للتخصصات العسكرية والأمنية، بحيث تصبح مكوناتها وتشكيلاتها أكثر تماسكاً وتنظيماً ومرتبطة بهياكل إدارية بدلاً من الارتباط بأشخاص وقيادات معينة".

لا يمكن حصر أهداف التدريب وتطوير القدرات القتالية والأمنية لمقاتلي "تحرير الشام" وفصائل المعارضة أيضاً في إطار واحد فقط، وهو رفع الجاهزية لدى المقاتلين والاستعداد لأي مواجهة عسكرية محتملة مع النظام وحلفائه، عملياً، لم تحدث الجهوزية المفترضة والكفاءة العالية لبعض المجموعات المعارضة والإسلامية فارقاً كبيراً في المواجهات الأخيرة مع النظام وحلفائه والتي انتهت أواخر شباط/فبراير من عام 2020، لذلك فالأهداف تبدو أوسع في منطقة تتجه نحو تهدئة طويلة إلى حد ما، أهمها بالنسبة لتحرير الشام الحفاظ على مكتسباتها في إدلب، وأهداف أخرى تتعلق بالمنافسة بينها وبين تشكيلات المعارضة.

فرقة تدريب خاصة

تستمر "ملحمة تكتيكال" في تقديم خدماتها التدريبية للتشكيلات والتنظيمات السلفية في إدلب منذ تأسيسها في عام 2016 على يد مقاتلين أتوا من روسيا وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق، كان في زعامتهم "أبو رفيق البيلاروسي"، الذي كان مظلياً في القوات الخاصة التابعة للجيش الروسي، والذي قتل مع عائلته لاحقاً بقصف جوي روسي على ريف إدلب الجنوبي في شباط/فبراير من عام 2017، ليحل في زعامة "ملحمة تكتيكال" بدلاً عنه "علي الشيشاني".

التدريبات الأخيرة التي أجرتها "تحرير الشام" لمقاتليها كانت بإشراف مباشر من مدربي "الملحمة"، وتعاون الطرفان بشكل متكرر خلال السنوات الماضية في مجالات التدريب المتنوعة، أهمها، أساليب استخدام رشاشات PKC والقذائف المحمولة RBG، وعموم الأسلحة الفردية الخفيفة، بالإضافة إلى تدريبات التحمل واللياقة البدنية للمقاتلين، وتدريبات القتال القريب وفنون المداهمة وتكتيكات الانسحاب والهجوم، والتدريبات الطبية والإسعافات الأولية في أرض المعركة، وطرق استخدام المنظار الحراري والقتال الليلي، وتدريبات خاصة بالمسح والطبوغرافيا، واستخدام الـGPS لتصويب أهداف المدفعية والصواريخ والدبابات.

وتعتبر "العصائب الحمراء" التابعة لتحرير الشام من أشهر المجموعات التي دربتها "الملحمة"، وأسهمت في تأسيسها في عام 2018، عندما كانت بقيادة الجهادي المصري "أبي اليقظان" الذي انشق لاحقاً، تطورت العصائب خلال الأعوام الثلاثة التي تلت مرحلة التأسيس وضمت إلى صفوفها المزيد من المقاتلين الذين خضعوا لتدريبات قاسية أشبه ما تكون بالتدريبات التي تتلقاها "القوات الخاصة" في الجيوش النظامية، ومن الفنون التي تعلمها مقاتلو العصائب على يد مدربي الملحمة، العمل خلف الخطوط وعمليات التسلل التكتيكي.

تخريج دورة RBG - تاكتيكال.jpg

من هي تكتيكال؟

تستنكر "ملحمة تكتيكال" وصفها بأنها "جماعة إرهابية" أو "شركة تدريب خاصة"، وجاء في مقال تعريفي على موقع الملحمة" أن "الإرهابيين هم أولئك الذين يقتلون المدنيين عمداً، وهذا بالضبط ما يفعله نظام الأسد وروسيا، بقصف متعمد للمدنيين في سوريا لإجبارهم على إيقاف الثورة والاستسلام وقبول نظام الأسد الطاغية، فمنذ سنوات تقوم روسيا والأسد بقتل النساء والأطفال وقصف المستشفيات والمدارس والمساجد والمخابز والأسواق والمناطق السكنية والمنازل واستخدام جميع أنواع الأسلحة". وتضيف "لا نؤيد الأساليب الإرهابية وأي اعتداء على المدنيين، وليس لدينا أي علاقات مع أي منظمة إرهابية، ولا ندرب الإرهابيين، لقد حاربنا تنظيم الدولة أيضاً".

تقول الملحمة إنها لا تضم في صفوفها مرتزقة يعملون في التدريب لكسب الأموال، وبالتالي هي ليست شركة عسكرية خاصة، إنما مجموعة من المدربين الذين يبذلون جهدهم لتطوير المهارات القتالية لدى الفصائل التي تدافع عن الأبرياء، وأطلق اسم "ملحمة تكتيكال" على المجموعة للكناية عن "تكتيكات المعارك والملاحم البطولية التي يسطرها عادة المقاتلون المدربون في المواجهات مع العدو".

المدرب العسكري فارس النور قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الملحمة مجموعة تدريبية صغيرة ومعظم عناصرها من المهاجرين القادمين من عدة دول إسلامية سوفياتية سابقة، ومعظمهم كانوا مقاتلين سابقين في جيوش بلدانهم الأصلية، وكانوا جزءاً من جماعة المهاجرين القوقاز الذين توافدوا إلى مناطق المعارضة في سوريا بين عامي 2012 و2013، وانضم مدربو تكتيكال ومعهم العشرات من المهاجرين إلى صفوف جبهة النصرة في عام 2014 عندما انقسمت صفوفهم إلى قسمين، قسم يوالي تنظيم الدولة بزعامة أبي عمر الشيشاني، وقسم آخر وهو الأقل عدداً انضم إلى صفوف التشكيلات الإسلامية التي قاتلت التنظيم".

وأضاف النور الذي عمل مع أكثر من جماعة تدريبية أن "مدربي الملحمة أكثر قرباً من تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني، وهي من الجماعات التدريبية القليلة المتبقية، ويتقاضى المدربون فيها أجوراً متساوية تقريباً مع الأجور التي يتقاضاها مدربو الفصائل في الجبهة الوطنية للتحرير مثلاً، لا يزيد المبلغ الذي يتقاضاه المدرب في تكتيكال عن 150 دولاراً أميركياً".

وأشار النور إلى أن "مدربي الملحمة لا يقتصر عملهم على التدريب فقط، إنما يشتركون في بعض المعارك في حال استعصت جبهة أو محور ما، ولهم دور كبير في وضع الخطط العسكرية والإشراف على تنفيذها كما جرى في تلة الترابيع في ريف حماة الشمالي ومعارك أبو الظهور في ريف إدلب، ومعارك حلب، وفي المواجهات مع تنظيم الدولة خلال الأعوام السابقة". وأوضح النور أن "المجموعتين التدريبيتين الأشهر في إدلب في الوقت الرهن، هما تكتيكال وجماعة بيت المقدس". 

لا تتدخل "تكتيكال" بين الفصائل والاقتتال فيما بينها، كما أن علاقتها بالأوساط المدنية جيدة، ولم يذكر أن أفرادها تصادموا مع المدنيين في مناطق انتشارهم، ولا تعارض المجموعة الوجود التركي في إدلب بعكس الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وترفض استهداف المدنيين بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي والسياسي.

في بداية تحول الثورة من الحراك السلمي إلى المسلح كان "الجيش السوري الحر" بحاجة ماسة إلى مدربين، ولم تكن الأعداد القليلة من الضباط المنشقين عن "جيش النظام" تكفي، ما دفع معظم الفصائل إلى الاستفادة من المجموعات التدريبية التي أسسها مهاجرون عرب وأجانب في عام 2013، المجموعات المعروفة في تلك الفترة وفق النور "المصرية والفلسطينية والعراقية ومهاجري القوقاز، ومعظم أفراد هذه المجموعات كانوا ضباطاً وعناصر ومدربين في جيوش بلدانهم، أحرار الشام مثلاً كانت في فترة من الفترات تعتمد على مجموعات التدريب المصرية، لكن بعد عام 2014 بدأ دور هذه المجموعات يقل وتقل أعداد أفرادها بعد أن اعتمدت الفصائل المعارضة على الضباط السوريين في عمليات التدريب، وتوجه ما تبقى من جماعات التدريب التقليدية إلى تقديم التدريبات لتحرير الشام وباقي التشكيلات السلفية".