icon
التغطية الحية

ما هي انعكاسات الانتخابات التركية على الشمال السوري؟

2023.05.13 | 14:53 دمشق

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ باسل المحمد
+A
حجم الخط
-A

لن يكون الشمال السوري بمنأى عن الانتخابات التركية، وارتدادتها على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية كافة، على الرغم من وجود عشرات القواعد التركية على خطوط التماس مع قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومع خضوع جزء كبير من هذه المنطقة لسيطرة الجيش الوطني المدعوم تركياً، إضافة إلى مسؤولية الحكومة التركية عن ملفات الأمن والمساعدات الإغاثية والصحة والتعليم في تلك المناطق، فسكان الشمال السوري يعيشون حالة ترقب وتوجّس لما ستفرزه صناديق الاقتراع التركية يوم غد الأحد.

الشمال السوري.. مخاوف مشروعة

تتمثل هذه المخاوف بشكل عام بفوز المعارضة التركية، والتي تضع على سلم أولوياتها إعادة اللاجئين السوريين، وتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي هشام إسكيف أن أشد التخوفات التي تعتري السوريين في الداخل هو البرنامج الانتخابي للمعارضة التركية، والتي وضعت نصب عينها على المستوى الخارجي إعادة العلاقات مع نظام الأسد دون قيود أو شروط أو توافقات على الحل السياسي، ويضيف "إسكيف" لموقع تلفزيون سوريا: “ومن المعلوم أن النظام نفسه يراهن على وصول المعارضة للحكم في تركيا لكي يحصل على هذه الخطوات بدون التزامات سياسية وعسكرية كما هو الحال مع الحكومة التركية الحالية”. 

هذه المشاعر والتوجسات نفسها يؤكدها الصحفي عبدالكريم العمر المقيم في الشمال السوري إذ يقول: “كل شمال غربي سوريا وكل من يسكن في هذه البقعة الجغرافية التي بقيت للثورة والمعارضة السورية يراقب عن كثب مجريات الحملة الانتخابية الرئاسية التركية يهتم وكأنه مواطن تركي لما ستؤول إليه نتائج الانتخابات”.

ويضيف "العمر": “هناك مخاوف حقيقية وجدية لدى المقيمين في هذه المناطق من إمكانية حصول تفاوض بين المعارضة التركية والنظام السوري من أجل تسليم المنطقة أو إغلاق المعابر الحدودية ما بين هذه المنطقة وبين تركيا، وبالتالي الضغط على المنطقة وإعادة تسليمها للنظام السوري أو فرض الحصار عليها”.

من جانبه يصف الباحث السياسي عبدالمنعم حميدي المقيم في الشمال السوري حالة الترقب والقلق لدى سكان المنطقة بالقول: “يتابع السوريون الانتخابات التركية باهتمام بالغ؛ لما لذلك من منعكسات على الوضع السوري العام وعلى الشمال بشكل خاص، وذلك للعلاقة العضوية بين الملف السوري والدور التركي الفاعل والمسيطر على الشمال السوري”.

ويردف "حميدي" لموقع تلفزيون سوريا أن الموقف بالنسبة لهذه الانتخابات تشوبه حالة من التوجس لأن تركيا لم تنجح في تلبية تطلعات السوريين في الشمال، حيث تراجع التفاؤل الذي ساد بعد التدخل التركي المباشر بعد عملية درع الفرات العسكرية عام 2016. وبحسب  "حميدي" فإن سكان الشمال يقارنون بين الحكومة التركية الحالية ودورها الضعيف حالياً في إدارة تلك المناطق، وبين المعارضة التي  تمثل الخيار الأسوأ في حال وصلت للسلطة.

ويرى "حميدي" أن أداء حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية رسخ نظرة عامة سلبية في الملف السوري وخاصة بعد اللقاءات الأخيرة مع نظام الأسد في موسكو.

ما الفرق بين تعاطي المعارضة والحكومة التركية مع الملف السوري؟

في حال فاز تحالف الجمهور فإن ذلك الفوز سينعكس إيجاباً على الشمال السوري، بالرغم من مؤشرات وخطوات التطبيع بين الحكومة التركية والنظام السوري، ذلك أن الجيش التركي سيعزز من موقعه التفاوضي مع النظام السوري والقوى الإقليمية المؤثرة في الصراع السوري. بحسب المحلل السياسي د. خالد قلعجي.

ويكمل قلعجي لموقع تلفزيون سوريا بالقول: “سيؤدي ذلك لوصول مزيد من الدعم المادي والإغاثي لمناطق المعارضة، كما سيعزز من موقف المعارضة في العملية السياسية وحتى الميدانية”.

أما في حال فوز تحالف الشعب بحسب  د."قلعجي" فإن ذلك سيضعف موقف المعارضة في العملية السياسية ومعادلات الصراع على الساحة السورية، وستزيد معدلات الفقر والفوضى في مناطق المعارضة السورية، وقد تلجأ المعارضة -في حال فوزها- إلى قطع أي دعم تركي وزيادة التضييق على الحركة التجارية بين الطرف التركي ومناطق الشمال السوري، مما يزيد الحالة الاقتصادية سوءاً.

أما د. أحمد الطويل أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "باشاك شهير" بمدينة الباب فيرى أنه في  حال بقاء العدالة والتنمية في السلطة فإن تصعيداً عسكرياً ستشهده منطقة الشمال السوري بذريعة مواجهة التنظيمات "الإرهابية". 

ويشير د."الطويل" قي حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن انعكاسات هذه الانتخابات مرتبطة بالنتائج؛ أي في حال تغيرت الحكومة وفازت المعارضة فإن تغييرات جذرية ستشهدها مناطق الشمال السوري، لكنها ستكون أقسى على السوريين في الشمال وفي تركيا، ومن هذه التغييرات على الساحة الميدانية، وبحسب "الطويل" فقد تحصل "انفراجة" على مستوى علاقات الجيش الوطني بقوات سوريا الديمقراطية "قسد". إلا أن وصول المعارضة إلى السلطة في تركيا قد يؤدي إلى حل سياسي في المنطقة، وذلك بحسب الصحفي عبد الكريم العمر الذي يوضح ذلك بالقول: " يرى البعض أن العلاقات والميول الأميركية للمعارضة في تركيا قد يدفع الولايات المتحدة الأميركية لإيجاد حل سياسي ما لمنطقة شمال غربي سوريا.

لا تغيير جذريا على أرض الواقع

أكثر ما يقلق سكان الشمال السوري هو مسألة انسحاب القوات التركية من مناطقهم، ولطالما كان هذا المطلب الأساسي لنظام الأسد للبدء في أي عملية تطبيع مع تركيا، إلا أن كثيرين يرون أن هذه المسألة مرتبطة بالأمن القومي التركي، وغير خاضعة لرغبة هذه الحكومة أو تلك.

وفي هذا الإطار يوضح أستاذ الإعلام في جامعة حلب الحرة د. علاء تباب هذه المسألة بقوله: لن تتأثّر السياسة التركية في تعاطيها خارجياً مع الملف السوري استراتيجياً بغض النظر عن التفاصيل سواء فاز العدالة أو نظيره السياسي، لأنّ الملف السوري تم التوافق عليه بين الدول الفاعلة، وبالتالي فإن كل إدارة جديدة ستنحصر مهامها بتنفيذ الاتفاق وليس بإعادة هيكلة الاتفاق مجدداً.

ويلفت تباب إلى أن ما يمكن أن يتم في حال تغيير الحكومة هو أنّ السلطة الجديدة ستتبع استراتيجية تغيير إدارة الفواعل السياسية والمؤسساتية المعارضة  في الشمال السوري لأجل مسمى.

ويعتقد تباب أن مسألة بقاء تركيا في الشمال السوري هو مطلب دولي ولا يتعارض بطبيعة الحال مع رغبة نظام الأسد، ويعلل ذلك بالقول: “لأنّ المراد اليوم هو تحويل هذه المناطق إلى بيئة عقيمة غير مستقرّة وطوق سكني يحوي المجتمع السوري المعارض لوجود الأسد، وبهذا يتم حماية النظام من خطر التدافع الاجتماعي السوري لوقت معلوم، وبذات الوقت ستتم إدارة التدافع الاجتماعي السوري بواسطة مؤسسات عسكرية وتعليمية واجتماعية غير مستقلة تهدف لإعادة المجتمع السوري الحر لحظيرة الاستبداد السياسي!”.

بدوره يرى الباحث في الشؤون السياسية د. أحمد نجار أن هذه المنطقة خاضعة لاتفاقيات أستانا - سوتشي والتي تم توقيعها مع الطرف الروسي عن طريق الضامن التركي، لذا فإن الانتخابات لن تقدم ولن تؤخر، ما دام أن أجندة أستانا وسوتشي ستنفذ بالكامل، والتي لا نعلم -نحن كسورييين- كثيراً من خفاياها.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد شدد قبل مشاركته في الاجتماع الرباعي إلى جانب وزراء روسيا وإيران ونظام الأسد في موسكو على عدم الانسحاب من سوريا في الوقت الراهن حيث قال خلال مشاركته في مقابلة تلفزيونية على شاشة قناة سي إن إن التركية، الإثنين الفائت: “إن أنقرة لن تنسحب من سوريا قبل أن يصبح النظام قادراً على إحياء وتنفيذ اتفاقية أضنة”، مؤكداً أنه "لا يمكن اشتراط انسحاب قواتنا كخطوة أولى لتطبيع العلاقات".

وتمنح اتفاقية "أضنة" الموقعة عام 1998 مع النظام السوري القوات التركية الحق بالتوغل بعمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية في حال تعرضها لتهديداتٍ مصدرها العمق السوري.