icon
التغطية الحية

ما سبب ازدياد العنف بحق المهاجرين على الحدود التركية - البلغارية؟

2023.08.23 | 16:10 دمشق

آخر تحديث: 23.08.2023 | 16:10 دمشق

جندي بلغاري يصلح سياج الأسلاك الشائكة على الحدود مع تركيا
جندي بلغاري يصلح سياج الأسلاك الشائكة على الحدود مع تركيا
INFO MIGRANTS - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

شهدت الحدود بين تركيا وبلغاريا ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات صد المهاجرين والعنف الذي لحق بهم، وهذا ما دفع كاسيمير كانيف وهو رئيس لجنة هلسينكي البلغارية، وهي منظمة غير ربحية معنية بحماية حقوق الإنسان، لوصف عمليات الصد بأنها: "مشكلة غاية في الخطورة".

ويتابع بالقول: "هناك حالات قتل وهناك من أصيب إصابات خطيرة، من جراء صدهم، وبعضهم فارقوا الحياة بين الثلوج في تركيا... أي أن هنالك كثيراً من هذه الحالات، وهناك حالات لسوء المعاملة من الناحية الجسدية، وقد نجم عن ذلك حالات وفاة في بعض الأحيان... إذ تستخدم الأسلحة النارية أحياناً، وهذا ما يؤدي لوقوع حالات وفاة".

خلال السنة الماضية فقط، تعرض نحو 5200 مهاجر للصد على الحدود التركية-البلغارية بحسب ما أوردته اللجنة، كما سجل مجلس اللاجئين والمغتربين الأوروبي تعرض 5268 مهاجراً لعمليات صد في بلغاريا خلال عام 2022، تضرر خلالها 87647 شخصاً، ويعتقد أن العدد الحقيقي يفوق هذا بكثير.

يحظر الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي عمليات صد المهاجرين، لأن في ذلك خرقاً لمبدأ عدم الإعادة الذي ورد في اتفاقية اللاجئين الموقعة عام 1951، والذي ينص على عدم إعادة اللاجئين لبلد يتعرضون فيه لأخطار كبيرة تهدد حياتهم أو حريتهم.

في المقابلات التي أجريت خلال الفترة الواقعة ما بين شهري حزيران وآب من عام 2023، ذكر مهاجرون وعاملون في المجال الإنساني وخبراء في حقوق الإنسان ومحامون بأن العنف الممارس بحق المهاجرين وعمليات الصد التي تتم على الحدود التركية-البلغارية قد زادت عما كانت عليه خلال العامين الماضيين.

غير أن الحكومة البلغارية أكدت بأنه: "يجري التحقق من مؤشرات الصد الرسمية التي تقدم بها أجانب حاولوا قطع حدود دولة بلغاريا بشكل غير قانوني، فخلصت عمليات التفتيش إلى عدم وجود أدلة على العنف الجسدي"، كما صرح ناطق باسم الوزارة في بلغاريا بأنه: "تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المزاعم حول عمليات الصد لا أساس لها من الصحة".

 

Children's drawings on the wall of the Harmanli refugee reception center. June 20, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

رسومات لأطفال على أحد جدران مركز لاستقبال اللاجئين في بلغاريا – التاريخ 20 حزيران 2023

 

القمع اليوناني للمهاجرين أصبح نقطة تحول بالنسبة لبلغاريا

يخبرنا حميد خوشسيار وهو مترجم ومنسق لدى مؤسسة أجنحة الرسالة في منطقة هارمانلي القريبة من الحدود التركية-البلغارية، يتعامل مع المهاجرين في مركز استقبال أقيم لهم في هذه المدينة بأن المهاجرين صاروا يحاولون العبور إلى الاتحاد الأوروبي عبر الحدود التركية-البلغارية بعدما أصبحت الحكومة اليونانية يمينية في عام 2019، فارتفعت أعداد المهاجرين بشكل غير مسبوق خلال العام الفائت.

ويتابع بالقول: "قبل نحو عام، بدأنا نشهد ممارسة جديدة، إذ أصبح الناس يأتون إلى مكتبنا لنسجلهم، بسبب ازدياد عمليات الصد على الحدود".

في آب من عام 2022، اصطدمت حافلة تحمل ما لا يقل عن 47 مهاجراً بسيارة شرطة في بلغاريا، فتسببت بوفاة ضابطين، ويشرح خوشسيار ما جرى بعد ذلك بقوله: "بعد هذا، تم تصعيد الوضع على الحدود عبر زيادة التشديد عليها لأبعد مدى، إذ زاد عدد الجنود الذين فرزوا إلى هناك، بل حتى الجيش بدأ بمساعدة خفر الحدود والشرطة العسكرية، كما زادت عمليات الصد والعنف كثيراً... وأجاز الناس لأنفسهم الحق بتأويل القانون".

وهكذا أصبحت السلطات البلغارية تجرد المهاجرين على الحدود قبل أن تعيدهم إلى تركيا بلا ثياب، كما وصف خوشسيار، وتابع بالقول: "سمعنا أيضاً عن كثير من حالات الضرب على الحدود، وقد ذكر بعض المهاجرين ذلك عندما أمسكت السلطات البلغارية بمجموعة مؤلفة من ستة أشخاص، وكان هنالك سبعة ضباط يفتحون باباً صغيراً عند الحدود لشيء يشبه النفق، فتعرض كل فرد من تلك المجموعة للضرب وهو يعبر ذلك الممر".

كما ذكر خوشسيار بأن معظم المهاجرين أخبروه عندما عبروا بأن تلك المحاولة كانت الخامسة أو السادسة لهم لقطع الحدود إلى بلغاريا.

ولمعرفة القوات التي تورطت في عمليات الصد، سأل خوشسيار من يفدون إلى مكتب منظمته عن لون ثياب الجنود، وتعليقاً على ذلك يخبرنا: "عملياً جميع أنواع القوات تورطت في تلك العمليات، وذلك لأن شرطة الحدود ترتدي الأخضر، أما الشرطة العسكرية فترتدي الكحلي، والشرطة ترتدي الأزرق، أي لم يكن هنالك لون واحد يطغى على البقية".

أبدى خوشسيار قلقه أيضاً حيال عمليات الصد بالتسلسل، وهي ممارسة ظهرت في الدول الأوروبية التي تصد القادمين بالتسلسل مع غيرها من الدول، وعن ذلك يقول: "سمعنا من الناس: "ألقت الشرطة البلغارية القبض علينا، ثم شرعوا بضربنا وأعادونا إلى اليونان، وبعد ذلك بدأت الشرطة اليونانية بضربنا، وأعادونا إلى تركيا.. أي أنها عمليات صد متسلسلة".

 

The Kapitan Andreevo border checkpoint at the Turkish-Bulgarian border – an infamous entry point into the European Union for smugglers. June 21, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

نقطة تفتيش على الحدود التركية-البلغارية – التاريخ 21 حزيران 2023

 

الحدود التركية-البلغارية تشهد قفزة في أعداد الواصلين من المهاجرين

 

أخبرنا بوريس تشيرشيركوف وهو موظف في قسم العلاقات الخارجية لدى مفوضية اللاجئين في صوفيا، عاصمة بلغاريا، بأن بلغاريا استقبلت نحو 20 ألف طلب لجوء خلال العام الماضي، وقال: "كان ذلك أعلى رقم يسجل خلال سنة واحدة على مدار ثلاثين سنة من الإحصائيات المسجلة".

ذكر هذا الرجل بأن أهم الدول المصدرة للاجئين هي سوريا وأفغانستان والمغرب، وأضاف بأن هذه الموجة استمرت خلال عام 2023، إذ بلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء وعديمي الجنسية حتى نهاية 2022 ضعف ما كان عليه قبل عام.

إن استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان في عام 2021، واستمرار النزاع في سوريا هو ما يدفع مواطني هاتين الدولتين للسفر إلى بلغاريا، في حين أن استمرار حالة انعدام الاستقرار على المستويين الاقتصادي والسياسي في الجارة تركيا، إلى جانب ما حدث عقب الزلزال المدمر فيها، دفع السوريين الذين استقر بهم المقام في تركيا إلى قطع الحدود وصولاً إلى بلغاريا.

تواصلت عمليات الهجرة وأنشطتها بعد جائحة كوفيد، وذلك لأن بطء عمليات معالجة طلبات اللجوء وقصورها في مختلف أرجاء الاتحاد الأوروبي شجعت كثيرين للبحث عن طرق غير رسمية لدخوله، معظمها تم عبر الاستعانة بمهربي البشر.

 

The Kapitan Andreevo border checkpoint at the Turkish-Bulgarian border. June 21, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

نقطة تفتيش كابيتان آندريفو على الحدود التركية-البلغارية – تاريخ الصورة: 21 حزيران 2023

 

 أكد مركز التواصل بين بلغاريا واليونان وتركيا عند نقطة الحدود التي تعرف باسم كابيتان آندريفو بأن هذه الحدود شهدت موجة كبيرة أخرى للهجرة غير النظامية خلال العام الماضي، وهذا ما جعل عمليات منع الهجرة أولوية لدى تلك الدول، وعن ذلك يقول الناطق الرسمي باسم جهاز خفر الحدود البلغاري: "إن أولى مشكلاتنا وأكبرها هي الجريمة عبر الحدود المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، وبالأخص من حيث حجم تلك الجرائم".

يذكر أن هذا المركز أقيم في عام 2016 بعد فترة قصيرة من وصول أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا، عندما بلغت موجة الهجرة أعلى مستوى لها في عام 2015.

يرى كثيرون بأن زيادة أعداد المهاجرين تزيد من احتمال عمليات الصد، كما زاد عدد المهاجرين الذين يقصدون الحدود التركية-البلغارية، بما أن الدول الأوروبية زادت من تعزيزها لإجراءاتها الأمنية على الحدود.

وحول ذلك يعلق كانيف من لجنة هيلسنكي بالقول: "في الماضي، كانت أغلب الهجرات تتم عبر اليونان أكثر من بلغاريا، لكن الحكومة اليونانية أضافت بعض الإجراءات لضبط حدودها البحرية، فأصبحت حدود اليونان محمية بشكل أفضل، أما حدودها البرية مع تركيا فهي قصيرة. وبالنسبة للحدود البلغارية فمن الصعب حمايتها نظراً لمرورها عبر أحد الجبال الضخمة ولهذا من الصعب تركيب التقانة الملائمة ومراقبة ما يجري على هذا الشريط الحدودي".

زاد عدد المهاجرين الذين اختاروا الحدود التركية-البلغارية بعدما سمعوا قصصاً وأخباراً عن عمليات الصد العنيفة والسلوك العدائي الذي تبديه السلطات اليونانية على الحدود التركية-اليونانية، أو العنف الذي يتعرض له اللاجئون في المقام الأول بعد محاولة عبور فاشلة على الحدود اليونانية.

 

A vehicle belonging to Bulgaria's gendarmerie (special police force with military status) outside Harmanli refugee reception center. June 20, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

مركبة تابعة للشرطة العسكرية البلغارية – تاريخ الصورة: 20 حزيران 2023

 

السلطات البلغارية تضرب المهاجرين وتجردهم وتسرقهم وتضربهم بالنار

تخبرنا ديانا ديموفا رئيسة منظمة أجنحة الرسالة البلغارية المعنية بحقوق الإنسان بأن نحو 700 مهاجر عبروا الحدود التركية-البلغارية زاروا مركزها الاستشاري بمدينة ستارا زاغورا خلال العام الماضي، وأضافت: "أخبرنا المهاجرون عن ممارسات شملت تجريدهم من ثيابهم وسلبهم متعلقاتهم الشخصية وهواتفهم وأموالهم، وضربهم بعصي يحملها رجال الشرطة، ومضايقتهم بكلاب بوليسية، واحتجازهم بشكل مخالف للقانون لمدة تتراوح ما بين 24-72 ساعة في مقار غير نظامية".

سافرت ديموفا مع زملائها إلى تركيا لتصوير شهادات العشرات من اللاجئين الذين ذكروا بأنهم تعرضوا لانتهاكات ولصد على الحدود، وعنها تقول: "تبذل السلطات أقصى ما بوسعها لتخفي تلك الجرائم".

يقطع أغلب المهاجرين غابات كثيفة، حتى يصلوا إلى حديقة سترانديا الطبيعية على الحدود مع تركيا، إذ يسير المهاجر عادة لمدة تتراوح ما بين أربعة وثمانية أيام بلا طعام أو ماء، ويقدم لهم المهربون حبوباً ليتحملوا عناء الرحلة كما وصفت ديموفا، ولهذا فإن معظمهم يعاني من الجفاف والإنهاك إلى أبعد الحدود، كما يموت عدد كبير منهم في الغابات، غالبيتهم في المنطقة التابعة لبلدية سريديتس.

وتخبرنا ديموفا بأن إحداثيات تحديد الموقع الجغرافي التي يرسلها المهاجرون الذين يعانون من محنة على الخطوط الساخنة في أوروبا نادراً ما ترد عليها شرطة الحدود، وهذا ما دفعها للقول: "نتصل بالعادة على الرقم 112، فيحول الإشارة إلى شرطة الحدود، إلا أننا اكتشفنا بأن الشرطة لا تبحث عنهم في أغلب الأحوال أو تتركهم ليلاقوا مصيرهم. وفي معظم الحالات التي يتم الاتصال فيها بإلحاح بالرقم 112 طلباً للمساعدة، تصل الشرطة إلى مسرح المأساة لتحمل بمركباتها من نجوا وتعيدهم إلى تركيا، وذلك لأن بلغاريا ليس لديها نظام فعال لإنقاذ اللاجئين عند تعرضهم لكرب وشدة، ولهذا يترك أغلبهم ليموتوا في الغابات".

تحصل منظمة ديموفا على تمويل من عدد من المنظمات الأجنبية بما أن الحكومة البلغارية لا تقدم لها أي دعم مالي، وتشرح لنا ديموفا الوضع بقولها: "هنالك عدد ضئيل جداً من المنظمات المعنية بمساعدة اللاجئين في بلغاريا، ومعظمها لا يرغب في التدخل بهذا الموضوع بسبب الرأي العام السلبي تجاهه"، ولهذا تخضع المنظمات التي تركز على اللاجئين في بلغاريا للتحقيق، ومنظمة ديانا -أجنحة الرسالة- ليست استثناء، وهذا ما جعلها تقول: "خضعنا للتحقيق لفترة زادت على عشرة أشهر وذلك بسبب الشكوك التي أثارتها حولنا وكالة اللاجئين التابعة للدولة والتي اتهمتنا بالتورط في عمليات الاتجار بالأطفال اللاجئين الذين لم يرافقهم أحد إلى جانب عمليات تهريبهم، ولذلك صارت أجهزة الأمن في بلدنا تضغط علينا وتضايقنا طوال عام تقريباً، وبقيت تحاول منعنا من مساعدة من يصلون إلى الحدود التركية-البلغارية".

 

Security guards the entrance to Harmanli's refugee reception center – Bulgaria's largest. June 20, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

أحد رجال الأمن عند مدخل مركز لاستقبال اللاجئين في هارمانلي ببلغاريا – تاريخ الصورة: 20 حزيران 2023

 

صحفيون يفضحون عمليات ضرب المهاجرين بالنار

حدثتنا صوفيا باهوديلا، وهي عاملة في مجال اللغة العربية بمركز كاريتاس ببلغاريا، بأن منظمتها تتعرف على الفور إلى المهاجرين الذين تعرضوا لصدمة شديدة عند دخولهم للبلد، وتقول: "كل شيء يتوقف على الأشخاص الذين يعملون حرساً للحدود"، ثم روت لنا قصة علي حسيني، وهو شاب حصل على حق الحماية في بلغاريا، وتصف لنا باهوديلا كيف سافر إلى الحدود في عام 2022 ليبحث عن شقيقه، فجردوه من ثيابه وضربوه وسرقوه وأعادوه إلى تركيا، وبعد أسبوع من المحادثات مع محام ورحلة إلى إسطنبول، تمكن من العودة إلى بلغاريا، ولكن بات عليه أن ينتظر لخمسة أشهر أخرى حتى يتم إصدار هوية شخصية له من جديد، وفي تلك الأثناء، رُحّل شقيقه من تركيا إلى أفغانستان.

وفي حالة أخرى، رفضت الحكومة البلغارية أكثر من مرة الاتهامات التي وجهت إلى خفر حدودها بإطلاقهم النار على لاجئ سوري في تشرين الأول من عام 2022 بعدما انتشر فيديو للحادثة قبل شهرين يظهر فيه رجل وقد تعرض للضرب بالنار على الحدود بين تركيا وبلغاريا.

كان ذلك الفيديو جزءاً من التحقيق المشترك التي عملت عليه قنوات إعلامية أوروبية عديدة وعلى رأسها منظمة المنارة للتقارير من مقرها في هولندا. وفي فيديو آخر التقط بعد أيام على تلك الحادثة، عرف الرجل عن نفسه بأنه عبد الله الرستم من سوريا وبأن عمره 19 عاماً، وذكر بأنه تعرض لإطلاق نار من قبل ضباط على الحدود البلغارية بعدما أمسكت الشرطة بمجموعته في أثناء محاولتها قطع الحدود إلى بلغاريا بطريقة غير نظامية، وتوصل التحقيق الذي أجرته منظمة المنارة إلى أن لاجئين عزلاً تعرضوا للضرب بالنار في الموضع ذاته من الجانب البلغاري، شوهدت فيه شرطة الحدود.

شاركت ماريا تشيريشيفا وهي صحفية بلغارية تقيم في العاصمة صوفيا، في التحقيق الذي أجرته منظمة المنارة، ومنذ ذلك الحين حرمت من الوصول إلى الحدود البلغارية- التركية في مناسبات عديدة، وذكرت بأنها تعرضت في حالات نادرة لتعليقات سلبية من الحكومة بخصوص عملها، وتقول: "لم يقدم هذا التقرير أي معلومات ولم يحقق أي تقدم" وذلك لأن الحدود تخضع لرقابة مشددة، ولهذا فإن: "الفضول يقتلنا لنعرف سبب عدم تحقيق أي تقدم في هذا التقرير الذي عرض على محطات إعلامية أوروبية مهمة، بعد رفض السلطات في كل من تركيا وبلغاريا له" على حد وصفها.

ثم إن شهادات المهاجرين حول تعرضهم للصد والعنف على الحدود "نادراً ما تؤخد بعين الاعتبار" كما أخبرتنا تشيريشيفا، وأضافت بأنها تعاملت مع حالات مشابهة، وذكرت بأنه من الصعب إثبات من تسبب بالعنف وكيف انتهت الأمور بهؤلاء الناس لهذا الوضع.

كما أن العنف والشدة التي تتسم بها عمليات الصد يصعبان على اللاجئين عملية التعرف إلى الأشخاص المسؤولين عن تلك التصرفات المخالفة للقانون، ومعرفة ما إذا كانوا من شرطة الحدود البلغارية أم من الشرطة العسكرية أم تابعين لوكالة خفر السواحل والحدود الأوروبية (فرونتيكس) أم هم حرس عاديون.

 

A group of young Syrians awaiting a decision on refugee status, at the Harmanli reception center. June 20, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

شبان سوريون ينتظرون البت بأمر لجوئهم في مركز لاستقبال اللاجئين ببلغاريا – تاريخ الصورة: 20 حزيران 2023

 

النساء والأطفال يواجهون مخاطر أكبر عند قطع الحدود

تتعرض النساء اللواتي يحاولن الوصول إلى أوروبا عبر الحدود التركية-البلغارية لخطر التعرض لعنف جنسي، إذ تقول ديموفا من منظمة أجنحة الرسالة: "لدينا حالات لنساء ذكرن بأنهن تعرضن للعنف ومن بينها العنف الجنسي، وهن في طريقهن إلى بلغاريا، وتم ذلك على يد المهربين المتاجرين بالبشر أو على يد الشرطة في تركيا، وبعض النساء ترتب عليهن تقديم الجنس مقابل سفرهن إلى أوروبا نظراً لعدم توافر مصدر مالي بين أيديهن".

تتسم حالات الاغتصاب والانتهاك بصعوبة تسجيلها وذلك لأن غالبية النساء لا يعترفن بالعنف الذي مورس عليهن بوصفه مشكلة أو يمنعهن العار من الحديث عنه.

أكدت لجنة هيلسينكي البلغارية بأنها تلقت تقارير حول مضايقات جنسية وحالات اغتصاب تعرضت لها مهاجرات، ويخبرنا رئيسها كانيف بأن مهاجرة أخبرت اللجنة بأنها جُرّدت من ثيابها تماماً وتعرضت لمضايقة جنسية من السلطات البلغارية، وأضاف: "أشك بتعرضها للاغتصاب، فهذا الأمر وارد، لكنها لم تذكره، كما أننا سمعنا من طرف ثالث عن حالات تعرضت فيها نساء للاغتصاب".

هذا ويتعرض القاصرون الذين لم يصحبهم أحد لمخاطر أكبر على الحدود التركية-البلغارية، كما أخبرتنا الصحفية تشيريشيفا، نظراً لعدم وجود من يحميهم على الطريق، كما يمكن أن تواجههم مشكلات كثيرة بسبب حالات سوء المعاملة والعنف الذي يمارس خارج المنظومة.

تخبرنا تشيريشيفا بأنها أجرت مقابلات مع كثير من المهاجرين الذين تعرضوا للعنف على الحدود لكونهم قاصرين، إذ ذكر لها أحد الفتية بأنه حُبس في مركز للاحتجاز ببلغاريا وتوقع أن تبدأ إجراءات طلب لجوئه من هناك، لكنهم أعادوه إلى تركيا وهناك تعرض للاختطاف، وآخر ما سمعته الصحفية عن هذا الفتى هو أن لاجئين آخرين يعيشون في تركيا أنقذوه، وتعقيباً على ذلك تقول: "بوجود كل هذا العنف على الحدود، والذي لا تمارسه السلطات فحسب بكل أنواع العصابات الإجرامية، بات قلق كبير يساورني حول مصير هؤلاء الأطفال".

أما خوشسيار من منظمة أجنحة الرسالة فيخبرنا بأنه صادف طفلين مهاجرين لم يصحبهما أحد في هارمانلي، وهما شقيق وشقيقته تبلغ أعمارهما 12 و14 عاماً، ويقول: "أرشدتهما إلى الطريق ليصلا إلى مركز الاستقبال لأنهما يجب أن يُسجلا هناك، وبعد ذلك عرفنا بأنهم وضعوهما داخل سيارة وأعادوهما إلى تركيا".

 

There are 276 are children at the Harmanli refugee reception center – 81 of whom are unaccompanied minors. June 20, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

هنالك 276 طفلاً في مركز هارمانلي لاستقبال اللاجئين بينهم 81 قاصراً بلا مرافقة – تاريخ الصورة: 20 حزيران 2023

 

بلغاريا دولة مسالمة

روى عدد من المهاجرين قصصهم الإيجابية حول طريقة استقبال بلغاريا لهم بكل ترحاب، وذكروا بأنهم لم يتعرضوا لأي عنف على الحدود البلغارية، إذ يخبرنا أحمد وهو حلاق سوري يقيم في صوفيا بأنه سافر إلى بلغاريا برفقة ثلة من أصدقائه في عام 2015، عندما كانت الحرب تنهش بلده، وعن تجربته يقول: "بقيت أعبر الجبال لثلاثة أيام على الحدود بين تركيا وبلغاريا، وكان الوضع صعباً بل غاية في الصعوبة، لكن لم تواجهني أي مشكلة وأنا أتقدم بأوراقي لأحصل على اللجوء".

 

A Syrian barber who has settled in Sofia, Bulgaria. He crossed the Bulgarian-Turkish border in 2015 with a group of Syrians who all continued on to Germany except him. June 24, 2023. | Photo: Sou-Jie van Brunnersum/InfoMigrants

حلاق سوري استقر في العاصمة صوفيا – تاريخ الصورة: 24 حزيران 2023

 

ولدى سؤاله عن المشكلات التي واجهها مع شرطة الحدود خلال رحلته، أجاب: "لم تواجهني أية مشكلة، بل كانوا طيبين معي للغاية، فقد عشت في تركيا لمدة تسعة أشهر، إلا أن الشرطة هناك سيئة، أعني في تركيا وليس هنا، ثم أتيت إلى بلغاريا بسبب الشرطة وسوء أخلاق أفرادها في تركيا"، بيد أن جميع أصدقاء أحمد أكملوا طريقهم فوصلوا إلى ألمانيا من دونه، وتعليقاً على ذلك يقول: "أحب بلغاريا، لكونها بلداً طيباً ومسالماً".

المصدر: Info Migrants