icon
التغطية الحية

ما حدود ومستقبل التصعيد العسكري بين أنقرة والنظام في إدلب؟

2020.02.03 | 13:45 دمشق

784fc479-8856-426e-a47f-642e033bc434.jpg
تلفزيون سوريا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

شهدت محافظة إدلب يوم أمس ليلاً وحتى ساعات الفجر الأولى من اليوم تصعيداً غير مسبوق بين الجيش التركي وقوات الأسد.

القصف المتبادل بين الجانبين اندلع بعد اعتداء قوات الأسد على نقطة مراقبة وضعها الجيش التركي يوم أمس قرب قرية "الترنبة" على الطريق الدولي بين حلب واللاذقية، ومقتل 4 جنود أتراك وإصابة 9 آخرين بحسب ما أكدته وزارة الدفاع التركية.

النقاط التركية المنتشرة في الصرمان و تل الطوقان بريف إدلب، ودارة عزة وكفرلوسين غرب حلب، وشير مغار ومورك في ريف حماة، شنت هجوماً صاروخياً ومدفعياً على مواقع لقوات الأسد في إدلب وحلب وحماة، بالإضافة إلى قصف مركز من القواعد التركية في ولاية هاتاي الحدودية على مواقع قوات النظام في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية.

وأعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم أن مواقع قوات الأسد في إدلب باتت عدوا بالنسبة للجيش التركي، فيما تحدث الرئيس "أردوغان" عن وضع 40 هدفاً لقوات النظام تحت مرمى النيران التركية، وأن الاستخبارات تعمل على تزويد القوات المسلحة بالمواقع الحساسة التي تتبع لنظام الأسد.

وأفادت مراصد عسكرية ميدانية في إدلب لموقع تلفزيون سوريا أن 13 جندياً يتبعون لنظام الأسد قتلوا، وجُرح 20 آخرون جراء القصف التركي على مواقع بالقرب من سراقب.

 

ما قبل التصعيد

واصلت التعزيزات العسكرية التركية خلال اليومين الماضيين التدفق إلى محافظة إدلب، بالتزامن مع حشود عسكرية للجيش التركي في ولاية هاتاي الحدودية مع سوريا.

وأقام الجيش التركي فور دخوله نقاط مراقبة جديدة في محيط مدينة سراقب شمال شرق إدلب، وسط محاولات قوات الأسد المدعومة من روسيا التمدد والسيطرة على المدينة الإستراتيجية التي تقع على عقدة الطرق الدولية الواصلة بين دمشق – حلب، وحلب – اللاذقية.

نقاط المراقبة الجديدة شكلت ما يشبه الطوق حول مدينة سراقب من الجهات الأربعة، في وقت أحرزت قوات الأسد مزيداً من التقدم وسيطرت على قرى عديدة أبرزها "داديخ" و "جوباس" و "سان" جنوب شرق المدينة.

وأكد مصدر أمني مطلع لموقع تلفزيون سوريا أن تركيا دفعت بوحدات قتالية وأسلحة جديدة هي الأولى من نوعها باتجاه محافظة إدلب، تضمنت عربات صواريخ من طراز "فيرتينا" ذات مدى يصل إلى 40 كيلومتراً، بالإضافة إلى عربات مخصصة للطرق المعبدة وأخرى مجنزرة لعبور الطرق الوعرة من طراز "ZPT"، كما دخلت مع الأرتال العسكرية عربات استطلاع من نوع "درايفون".

ورافقت القوات التركية التي وصلت إلى إدلب مؤخراً عربات "كوبرا" المخصصة للاتصال والتشويش على أجهزة الاتصال المعادية، بالإضافة إلى دبابات "إم 60" المخصصة لعمليات الدفاع والهجوم.

وأعرب المصدر الأمني عن اعتقاده بأن تركيا تفكر بالرد على أي هجمات تتعرض قواتها لها بضربات تستهدف عمق النظام، ولهذا السبب استقدمت أسلحة صاروخية مداها يصل إلى 40 كيلومتراً.

التحركات التركية غير المسبوقة ونشر نقاط مراقبة في محيط سراقب من جميع الاتجاهات، جاء بعد أيام قليلة من اجتماع ضباط أتراك مع ممثل القيادة الأمريكية والأوروبية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، جرى في قاعدة "أنجرليك" وناقش الجانبان خلاله، سبل إيقاف حملة نظام الأسد على إدلب، واحتمالات لعب تركيا لدور أكبر في أحداث إدلب.

وسبق لقاء المسؤولين العسكريين الأتراك مع ممثلي "الناتو"، مفاوضات بين وفد تركي وآخر روسي في العاصمة موسكو من أجل بحث إعادة إحياء تفاهم "سوتشي" الخاص بإدلب، إلا أن هذه المباحثات لم تصل إلى نتيجة.

 

هل تنزلق الأمور لمواجهة بين تركيا وقوات الأسد؟

اعتبر مدير مركز جسور للدراسات "محمد سرميني" أن تحرش قوات الأسد بالنقاط التركية يوم أمس كان هدفه اختبار إيران وروسيا لنوايا تركيا ومدى صلابة موقفها في إدلب.

وأكد "سرميني" خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن ما يجري منذ عدة أيام وحتى اليوم في إدلب هو إعادة تعريف أستانة وإعادة ضبط قواعد اللعبة، وفي هذا السياق جاءت العمليات العسكرية التي نفذتها الفصائل في منطقة الباب، حيث أرادت تركيا توجيه رسالة مفادها بأنها تمتلك أوراق من شأنها منع روسيا من تغيير قواعد اللعبة كما تريد.

وبحسب ما رآه مدير "جسور" فإن مسار أستانة بشكله القديم قد انتهى، لكن تركيا لا تزال ترغب بالمحافظة عليه وفق تصور جديد.

وأشار "سرميني" إلى وجود الكثير من الخلافات بين تركيا وروسيا في الملفات التفاوضية بينهما، بالتالي حاولت موسكو الضغط على نقاط الضعف بالنسبة لتركيا من خلال التصعيد في إدلب، بهدف فرض واقع جديد وتحسين الموقف التفاوضي والحصول على تنازلات من أنقرة لا يُشترط أن تكون محصورة بإدلب أو بالملف السوري بشكل عام.

القيادي في الجيش الوطني السوري "مصطفى برو" استبعد أن تتجه الأمور إلى المزيد من التصعيد والانزلاق إلى مواجهة مباشرة بين تركيا ونظام الأسد، لأن الأخير ليس في موقف يسمح له بذلك.

وأفاد "برو" في تصريح لموقع تلفزيون سوريا أن عملية مواجهة غير مباشرة بين روسيا وتركيا تجري حالياً في الشمال السوري، حيث تقوم روسيا باستهداف الفصائل المدعومة من تركيا بالإضافة إلى الحاضنة الشعبية لها، وأنقرة تقصف قواعد قوات الأسد كرسالة إلى روسيا.

ولم يستبعد "برو" أن يكون لإيران دور في التصعيد الحاصل، وأشار إلى إمكانية إقدام الأخيرة على العبث بالساحة السورية من أجل خلط الأوراق.

ويبدو أن التطورات الأخيرة في محافظة إدلب تشير إلى أننا أمام نقطة تحوّل تؤسس لمرحلة جديدة، أبرز ملامحها تغيير تركيا لقواعد الاشتباكات وعدم تساهلها مع الاستمرار في تجاهل مصالحها ومحاولة تقويض دورها في شمال غرب سوريا.

وتبقى خيارات الرد غير المباشر واردة بين الأطراف الدولية في سوريا، حيث إن روسيا تمتلك ورقة "وحدات الحماية" التابعة لحزب العمال الكردستاني، فهي توفر لها غطاءً التحرك في ريف حلب وأجزاء واسعة من ريف الحسكة، كما أن تركيا قادرة على تمرير المزيد من الدعم العسكري لفصائل المعارضة السورية التي تواجه الحملة الروسية على إدلب وغرب حلب.