icon
التغطية الحية

ما تأثير ارتفاع أسعار الكهرباء التركية في إدلب على الأهالي والصناعيين؟

2022.05.26 | 06:19 دمشق

img_4355-logo.jpg
المدينة الصناعية في إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

في وقتٍ ترفع فيه شركة "GREEN ENERGY" وهي الشركة المغذّية بالتيار الكهربائي لمحافظة إدلب، سعر الكيلوواط الواحد بشكل مستمر، بدأ السكّان يتحسسون مشقة مادية جديدة تضاف إلى أزماتهم المعيشية، بعد أن اعتمدت شريحة واسعة منهم على "التيار" بديلاً عن "الأمبيرات والمولّدات والطاقة الشمسية"، ويزيد من المخاوف انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، وبالتالي ارتفاع أسعار جميع المنتجات التركية.

ورفعت الشركة، أمس الثلاثاء سعر كيلوواط الكهرباء المنزلي من ليرتين ونصف إلى 3 ليرات تركية، بينما الصناعي من 0.21 سنتاً أميركياً إلى 0.23 سنتاً، وسط تخوّف الأهالي من قرارات جديدة مماثلة لسابقاتها ترفع سعر الكهرباء.

وقفز الكيلوواط المنزلي منذ وصول التيار الكهربائي في مايو/أيار من العام 2021، من 90 قرشاً إلى 3 ليرات تركية، والصناعي بدأ سعره بـ 1 ليرة تركية فقط.

وحاول موقع تلفزيون سوريا التواصل مع الشركة عبر "العلاقات الإعلامية" لديها للوقوف على أسباب رفع أسعارها المستمر، إلا أنه لم يتلق رداً.

ومع الزيادة القياسية في أسعارها، تجد العوائل ذات الدخل المحدود نفسها في مأزق تحول التيار الكهربائي إلى ورطة جديدة لا يمكن أن يحتملها حالها المعيشي المتواضع، بعد أن شكّل وصوله قبل عام تماماً، تقدماً رائداً على الصعيد الخدمي.  

صناعيون "يتخوفون من المستقبل"

في المدينة الصناعية في إدلب، لا تبدو الورش الصغيرة متأثرة بالقرار، إذ إنّ الارتفاع ما زال طفيفاً بالنسبة لهم، فضلاً عن أنّ تجربتهم المريرة مع البدائل السابقة مثل "المولدات"، تجعلهم محافظين على حماسهم لوصول التيار الكهربائي.

يوضح في هذا السياق، جمال حمودين وهو صاحب ورشة حدادة في المدينة أن "ارتفاع سعر كيلو الكهرباء مقلق بالنسبة لهم على المدى المستقبلي، بينما اليوم يعتبر مقبولاً".

يلفت "حمودين" إلى أن "وصول التيار الكهربائي شكّل نقلة نوعية لديهم على اعتبار أن أرباب العمل والمهنيين في المدينة الصناعية استغنوا عن المولدات الكهربائية، ذات المصاريف الضخمة والمتاعب المرتبطة بالصيانة والصوت المزعج".

ويستهلك "حمودين" قرابة 800 كيلوواط من الكهرباء الصناعية شهرياً (800 دولاراً أميركياً بحسب السعر الجديد)، ويعتبر أن "التدرّج في ارتفاع سعر كيلوواط الكهرباء ربما يعيدهم للنقطة صفر في المشكلات المرتبطة بتأمين الطاقة، بحال أصبحت التكاليف مماثلة لتكاليف المولدة الكهربائية".

عمر أبو رضوان، وهو صاحب ورشة تصنيع شوادر وخيام، يشير لموقع تلفزيون سوريا، إلى "أن ارتفاع سعر الكيلوواط ينعكس بشكل كبير على تسعيرات بضائعهم، حيث يضطر صاحب العمل إلى رفع سعرها تماشياً مع تكاليف الارتفاع في سعر الكهرباء وغيرها من التكاليف الأخرى".

أحمد خشان وهو نجّار في المدينة الصناعية، يعتبر في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنّ "وصول التيار الكهربائي أكسبه صحته بالدرجة الأولى بعد أن تخلّص من المولدة الكهربائية نهائياً بما فيها من أضرار، لكن الارتفاع المستمر في الأسعار يعتبر استغلالاً واضحاً لهم".

وأوضح أن استهلاك أصحاب ورش النجارة والحدادة من التيار الكهربائي محدود، وهو ما يفسّر عدم تأثرهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار الكهرباء بالوقت الحالي، لكن هذه الحالة لا تنطبق على المعامل والورش الكبيرة على اختلاف أنواعها، التي تستهلك الكهرباء بكميات كبيرة.

ويشرح في هذا السياق، "أبو الفوز" وهو مدير معمل صغير لصناعة "مناديل الوجه" في ريف إدلب، عن تأثرهم بارتفاع سعر الكهرباء المستمر، في وقتٍ يصل استهلاكهم اليومي لأكثر من 240 كيلوواط، أي ما يعادل على التسعيرة الجديدة 55 دولاراً أمريكياً و2 سنت.

ويوضح "أبو الفوز" لموقع تلفزيون سوريا، وهو مستفيد من وصول التيار إلى منشأته الصناعية قرب بلدة حزانو شمالي إدلب، أن ارتفاع سعر كيلوواط الكهرباء الصناعي، سجّل 8 سنتات إضافية منذ انتقاله في تأمين الطاقة إلى التيار الكهربائي بدلاً من المولدات.

وعلى الرغم من ارتفاع سعر الكيلوواط الصناعي، يجد "أبو الفوز" فرقاً كبيراً اليوم بين استخدام المولدات الكهربائية في توليد الطاقة والتيار الكهربائي، على الصعيدين المادي والفنّي، بحسب رأيه.

أزمة معيشية جديدة

يبدو أن الأهالي بعيداً عن الصناعيين وأصحاب المنشآت، هم الفئة الأكثر تأثراً بارتفاع سعر الكهرباء، إذ إنّ استهلاكهم كلي دون مقابل مادي، على خلاف أصحاب المهن والمال المستفيدين من التيار الكهربائي في مشاريعهم الاستثمارية.

"محمد رضوان" من سكان ريف إدلب، استجرّ التيار الكهربائي إلى منزله بعد تركيب "عدّاد" بقيمة 50 دولاراً، يقول: "في البداية كنت أفكّر بالاعتماد الكامل على التيار بدلاً عن الطاقة الشمسية على اعتبار أن الأخيرة بحاجة إلى صيانة وتبديل بطاريات، لكن قرارات رفع الأسعار جعلتني أعيد النظر في ذلك".

ويضيف لموقع تلفزيون سوريا، أن "التيار الكهربائي ضروري جداً لكن لا يغني عن الطاقة الشمسية لاعتبارات مادية وتوفيرية، إلى جانب ديمومة الطاقة الشمسية على خلاف التيار الذي قد يدخل في حالة تقنين مستقبلاً".

ويعتمد الأهالي اليوم بشكل كبير على الطاقة الشمسية إلى جانب التيار الكهربائي بغية توفير استهلاكهم من التيار، وخاصة أن غالبية عوائل المنطقة اقتنت في وقتٍ سابق طاقة شمسية، وهي خدمة لا ترتب عليهم أي مصاريف أو فواتير.  

يوضح "أبو قدور" من سكان ريف إدلب أيضاً، لموقع تلفزيون سوريا، أن "اعتماده بنسبة 70 في المئة ما زال على الطاقة الشمسية وخاصةً أن التوقيت هذا ملائم لشحن بطاريات الطاقة، لكن ربما يتغير الحال بعد أيام مع بدء موجة الحر، إذ يصبح الاستهلاك من التيار أكثر".

وعلى الرغم من استجراره التيار الكهربائي يتجنّب "أبو قدّور" إلى حدّ كبير، المبالغة في استهلاك الكهرباء من التيار لأن "الأسعار في ارتفاع مستمر ويجد مشقّة في إضافة مصاريف كبيرة لمجمل مصاريفه الأخرى من مأكل ومشرب، وهي أشبه ما تكون بالاحتياط"، بحسب قوله.

وينظر الأهالي إلى ارتفاع سعر الكيلوواط بوصفه جزءاً من سلسلة ارتفاعات مستمرة لمختلف أسعار المواد والخدمات، بدءاً من الخبز وصولاً إلى المحروقات والمواد الغذائية، الأمر الذي دعاهم إلى اعتباره "أزمة معيشية جديدة" تضاف إلى أزماتهم المتعددة.