icon
التغطية الحية

لعبة المفاوضات.. إسرائيل تنتهج سياسة "الغموض والمراوغة" وبايدن يفاوض باسمها

2024.06.05 | 05:21 دمشق

66
فلسطينيون يجلسون وسط ركام المنازل المدمرة في قطاع غزة، الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (تعديل: تلفزيون سوريا)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

تصطدم المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس لعقد صفقة تبادل أسرى جديدة، منذ نحو 6 أشهر، بعائق جوهري يعكسه تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومراوغته في جميع النسخ المقترحة للتوصل إلى اتفاق.

يصر نتنياهو على شروطه "التعجيزية"، حيث يطالب بالمختطفين الإسرائيليين من حماس وفي الوقت نفسه يريد القضاء على حماس، ويظهر كمن يريد أن يفاوض نفسه مفوتاً كل الفرص الممكنة.

منذ نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، صاغ الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون مسودة اتفاق في العاصمة الفرنسية باريس، عُرف باسم "اتفاق باريس الإطاري"، للتوصل إلى هدنة ثانية بعد أقل من شهرين من الأولى، تعتمد النهج التدريجي للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى والاتفاق على وقف إطلاق النار في خطة من 3 مراحل تمتد نحو 120 يوماً وكل مرحلة 6 أسابيع.

مر مقترح باريس بتعديلات عدة، وظهر منه "باريس 1" و"باريس 2" وجولات عديدة لإعادة صياغة مسودة اتفاق مصحوبة بضغوط من الوسطاء، ولكن المفاوضات لم تتجاوز عقبة "طبيعة وقف إطلاق النار"، الذي يصر نتنياهو على أن يكون "مؤقتاً" بينما تشترط حماس بأن يكون "دائماً".

يتمسك نتنياهو بأن الحرب لن تتوقف قبل ما يسميه "النصر الكامل"، أي القضاء على حماس واستعادة المختطفين الإسرائيليين، ويرفض وأحياناً يماطل في إعطاء الضوء الأخضر للتفاوض معتمداً على سياسة "الضغط العسكري" لتحقيق أهداف تل أبيب من الحرب على الرغم من فشلها.

في المقابل، تطالب حماس بوقف كامل للحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وعودة النازحين وإعادة الإعمار وتكثيف المساعدات الإغاثية، ولكنها أبدت استعدادها للتعامل بإيجابية مع مسودات الاتفاق الأخيرة والتي لم تنص صراحة على ما تطلبه الحركة وإنما تورد مضامين غير واضحة على سبيل المثال عبارة "هدوء مستدام" أو "الانسحاب من المناطق المأهولة".

في 6 أيار/مايو الماضي، رفضت إسرائيل مقترحاً قدمته مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق، وعلى الرغم من موافقة حماس عليه، شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية قال في البداية إنها "محدودة النطاق" على محافظة رفح الجنوبية المكتظة بالنازحين رغم الرفض والتحذيرات الدولية.

كما تعامل نتنياهو مع المقترح الأخير الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن، على الرغم من أنه إعادة تدوير لمقترح إسرائيلي سابق، بغموض واضح وأصدر تصريحات متضاربة مرةً يعطي الضوء الأخضر لفريقه التفاوضي للمباشرة، ولكنه في الوقت نفسه يعود ويكرر شروطه "التعجيزية".

بايدن يتفاوض باسم تل أبيب

في ظل تعثر المفاوضات طرح بايدن، يوم الجمعة الماضي، خطة من 3 مراحل لوقف إطلاق النار قال إن إسرائيل كانت قد قدمتها، وفق وكالة "رويترز".

وقال الرئيس الأميركي، في خطاب متلفز من البيت الأبيض، إن إسرائيل قدمت مقترحاً من 3 مراحل يشمل وقفاً لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.

وأضاف أن المرحلة الأولى من المقترح الإسرائيلي تستمر 6 أسابيع، وتشمل "وقفاً كاملاً وشاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة، بالإضافة إلى إطلاق سراح عدد من الرهائن، بمن فيهم نساء ومسنون وجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من السجناء الفلسطينيين" في السجون الإسرائيلية.

يعد إعلان بايدن إعادة طرح خطة إسرائيلية هو "الأول من نوعه"، تتنقل فيه واشنطن من دور الوسيط في المفاوضات إلى أخذ زمام المبادرة لتحل محل تل أبيب للتفاوض مع حماس.

لم يتضمن إعلان بايدن بشكل واضح مطالب حماس، وفي مقدمتها انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، فيما اقتصر نص المقترح على "المناطق المأهولة"، ما يعني بقاء القوات الإسرائيلية في أجزاء من القطاع.

كما لوح الرئيس الأميركي في خطابه وخلال عرضه للخطة الإسرائيلية بتهديد حماس بأن الحرب ستستمر في حال لم توافق على الخطة.

في حين، رحبت حركة حماس ودول عربية وغربية بمقترح الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في غزة، على الرغم من أنه نسخة مطورة من مقترح إسرائيلي سابق.

وجددت الحركة، في بيان رسمي، التأكيد على موقفها والاستعداد للتعامل بشكل إيجابي وبنّاء مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى جميع أماكن سكناهم وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى.

ولكن خطة بايدن تحمل أفخاخاً في طياتها، وفقاً للمفكر العربي الدكتور عزمي بشارة.

وقال المدير العام  لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في حوار خاص مع شبكة التلفزيون العربي، الجمعة، هناك خداع كبير في توجيه الطلب لإسرائيل لقبول صفقة التبادل، فنص الصفقة الحالي من عندها (إسرائيل).

وأضاف بشارة، أن المطلوب هو أن تقبل إسرائيل بوقف إطلاق نار مستدام، وهذا غير موجود في الصفقة، بل في طرح بايدن لها والذي لم تقبله تل أبيب حتى الآن.

وأوضح المفكر العربي، أن الرئيس الأميركي يقدم خطة إسرائيلية ولكن وفق تفسيره الخاص، وهو (بايدن) يؤكد على أن وقف إطلاق النار سوف يستمر بعد نهاية المرحلة الأولى إذا تواصلت المفاوضات.

ويلفت بشارة إلى أن عبارة "إذا" هذه مهمة، فلا ضمان لدى بايدن بأن تتواصل المفاوضات، التي يمكن أن تنهيها إسرائيل بقرار منها بعد تسلم الدفعة الأولى من المحتجزين.

 

نتنياهو يراوغ

على عكس ما جاء في خطاب بايدن الذي أدلى به في البيت الأبيض، قال مكتب نتنياهو، إن الأخير "يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة، إلا بعد تحقيق جميع أهدافها".

واشترط نتنياهو الإفراج عن جميع الأسرى لدى فصائل المقاومة الفلسطينية وإنهاء حركة "حماس"، مقابل اتفاق هدنة لوقف إطلاق النار في غزة.

وصرّح مكتب نتنياهو، الجمعة، بأن إسرائيل أذنت للوفد المفاوض بتقديم اتفاق هدنة في غزة بعد خطاب الرئيس الأميركي.

لم يرفض نتنياهو علنية مقترح بايدن ولكنه كرر شروطه التي أفشلت الجولات السابقة، ما يعني البقاء في دوامة المفاوضات، والرهان على "الضغط العسكري" لإطالة أمد الحرب خوفاً من سقوطه السياسي في نهايتها.

في حين، أكدت الخارجية الأميركية بأن واشنطن "على ثقة تامة بأن تل أبيب موافقة على مقترح وقف إطلاق النار"، ولكن لم نتلق رداً رسمياً من الجانب الإسرائيلي حتى الآن.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في تصريحات صحفية، أمس الثلاثاء، نأمل أن تتفاوض إسرائيل بنية حسنة، موضحاً أن الاتفاق من مصلحتها.

بدوره، قال مستشار الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، "لا علم لدي بوجود فجوات بين الولايات المتحدة وإسرائيل" بشأن الخطة المطروحة.

ولكن بعد اعتراض وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش على ما قدمته الرئيس الأميركي وتهديدهما بالانسحاب من الحكومة، أدلى نتنياهو بتصريحات متضاربة زادت من تعقيد المشهد.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن نتنياهو استدعى الوزيرين لإطلاعهما على تفاصيل الخطة المطروحة بعد أن احتج بن غفير بأنه "لا علم له بتفاصيل الخطة"، وعلق قائلاً "أن مماطلة نتنياهو في اطلاعه على الصفقة يشي بأن هناك اتفاقا سيئا لا يتضمن إبادة حماس"، مهددا بإسقاط الحكومة.

وفقاً للصحيفة، فإن نتنياهو قال لا صحة على أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار من دون تحقيق شروطها في الحرب.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي، الإثنين، نحن قادرون على تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة ثم طرح شروط للمرحلة الثانية.

يريد نتنياهو بتصريحاته، التي لا يرفض فيها تماماً ولا يقبل تماماً، تصدير موقف غامض من الخطة المطروحة، والالتفاف على جوهر الصفقة للتنصل من وقف الحرب عبر إمكانية العودة إلى العلميات العسكرية بعد المرحلة الأولى والتي تتضمن إطلاق سراح الرهائن من الجانبين، وذلك تطبيقاً لشعاره "النصر الكامل".

ويثير موقف نتنياهو الغامض قلقا في الأوساط الإسرائيلية الرسمية والمعارضة من أن تصريحاته قد تفشل الصفقة التي يدفع بها الرئيس الأميركي.

نقل موقع "أكسيوس" الأميركي، أمس الثلاثاء، عن مسؤولين إسرائيليين أن هناك قلقا من أن "تخرّب تصريحات نتنياهو الغموض البَنّاء الذي استخدم لصياغة مقترح تقبله حماس".

لابيد: نتنياهو واليمين المتطرف يريدون إعادة احتلال القطاع ولا يهتمون بالمختطفين

قال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد، أمس الثلاثاء، إنه يؤيد صفقة تبادل المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين لدى تل أبيب، حتى لو أدى ذلك إلى وقف الحرب على غزة.

وأضاف لابيد لإذاعة "103FM" المحلية، "علينا التأكد من أن حماس لن تبقى في السلطة في غزة، ولكن دعونا أولا نعقد صفقة رهائن".

وتابع زعيم المعارضة قوله، "إذا كانت صفقة المختطفين تعني توقف الحرب في هذه المرحلة، فالأهم أن يوقفوا الحرب ويعيدوا المختطفين إلى الوطن".

وهاجم لابيد عناصر اليمين الذين يزعمون أن الضغط العسكري وحده هو الذي سيعيد الأسرى الإسرائيليين من غزة.

وقال: "إنهم يكذبون لأن هذه ليست طريقتهم في إدارة المفاوضات، يريدون حكماً عسكرياً في غزة، ويريدون عودة المستوطنين إلى غزة، ولا يهتمون بالمختطفين".

وشدد على أن "الشيء الوحيد الذي أعاد المختطفين حقاً هو التوصل إلى اتفاق"، في إشارة إلى صفقة تبادل على مراحل خلال هدنة استمرت أسبوعاً نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، من خلال المفاوضات مع حماس فقط.

على مدار 8 أشهر من الحرب فشلت تل أبيب، وباعتراف مسؤولين إسرائيليين، في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، سواء في القضاء على حماس أو استعادة مختطفيها سوى بالمفاوضات.

الحرب والمفاوضات 

في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شنت فصائل فلسطينية، بينها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، هجوما مباغتا على مواقع عسكرية ومستوطنات محاذية لقطاع غزة، رداً على إسرائيل التي تفرض حصاراً خانقاً على القطاع منذ 18 عاماً، وعلى تصعيد انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى.

أسرت الفصائل خلال الهجوم نحو 239 شخصا، إسرائيلياً وآخرين من جنسيات مختلفة ومن مزدوجي الجنسية، ولاحقا بادلت 105 من هؤلاء الأسرى، بالعديد من الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2023.

وتشير التقديرات الإسرائيلية الرسمية إلى وجود 125 أسيراً لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، قبل أسبوعين، العثور في جباليا على 3 جثث تعود لأسرى قتلوا في "هجوم 7 أكتوبر".

في حين، خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 119 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل هذه الحرب، بدعم أميركي كبير، متجاهلة قرارا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورا، وأوامر من محكمة العدل تطالبها بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، و"تحسين الوضع الإنساني" بغزة.​