لبنان معتقل للحريات "مجزرة مرفأ بيروت"

2023.01.22 | 05:34 دمشق

لبنان معتقل للحريات "مجزرة مرفأ بيروت"
+A
حجم الخط
-A

لقد باتت أصوات الحق المطالبة بالعدالة في تفجير مرفأ بيروت قنابل صارخة بوجه الظلم والقمع الذي تمارسه السلطة في لبنان.

أمام هول ما حدث في 4 آب/أغسطس2020 من مجزرة بحق الشعب اللبناني وعاصمته، وجريمة إنسانية هزت العالم، أمام مشاهد الجرحى والقتلى والأم التي تحضن أشلاء ابنها لتعود حاملة رائحة الحريق الذي أطفأ نور عينيها وأشعل نار الثورة.

اليوم نشهد على أبشع صور القمع والظلم، بعد سنتين لم تعرف حقيقة التفجير (مع العلم كلنا نعرف الحقيقة) أو بالأحرى لا يريدون كشف الحقيقة، عبر سعي السلطة المستمر إلى طمس كل معالم الجريمة، وقطع جميع الخيوط المؤدية للعدالة والاقتصاص من المجرمين الذين (أدخلوا نيترات الأمونيوم، خزنوها، أخفوا وجودها، أهملوا شروط التخزين، فجروها...).

ولكن إما للعدالة أن تتحقق وإما البلد سيشتعل بسبب كم الأفواه واعتقال الحريات.

وبالعودة سريعاً إلى ملابسات التفجير وتداعياته وما يجري اليوم على أرض الواقع، لا بد من الكشف عن مسار التحقيق وما حدث ويحدث وسيحدث مستقبلاً.

مسار التحقيق:

لقد مر التحقيق في حادثة تفجير المرفأ بعدة محطات شكلت مفاصل مهمة في تحريك الرأي العام ، وكان أبرزها:

  1. زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون في 11 آب/أغسطس 2020 بعد أسبوع من التفجير تقريبا، ومن ثم إعلان الحكومة استقالتها وإحالة ملف القضية إلى المجلس العدلي.
  2. تم تعيين القاضي فادي صوان محققاً عدلياً بعد يومين من زيارة ماكرون، ولكن في 18 شباط /فبراير 2021، تم نقل الدعوى إلى القاضي طارق البيطار، وهنا بدأت مرحلة مفصلية في مسار القضية، حين أصر البيطار بناء للتحقيقات التي قام بها من استدعاء رئيس الوزراء السابق حسان دياب، ووزير المالية السابق حسن خليل، ووزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي زعيتر، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق للتحقيق، بالإضافة إلى طلبه استجواب كبار المسؤولين الأمنيين.
  3. بدأت مرحلة جديدة عندما تقدم المشنوق وخليل وزعيتر بطلب لعزل البيطار وتنحيته عن القضية، والتذرع بالحصانات، ولكن محكمة التمييز رفضت طلبهم، ولكن نتيجة دعاوى الرد ضده والتهديدات التي تلقاها توقف منذ 23 كانون الأول/ديسمبر 2021 عن استكمال التحقيق، مما جمد القضية.

قاض رديف للتحقيق:

نفذ أهالي الضحايا وقفة احتجاجية في 12 كانون الثاني/يناير 2023 استنكاراً لمنع تعيين قاض رديف للمحقق العدلي طارق البيطار، بالتزامن مع اجتماع لأعضاء مجلس القضاء الأعلى للبحث في مسار التحقيق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت وتعيين قاض رديف، ولكن الجلسة لم تعقد بسبب عدم اكتمال النصاب.

تحول هذا التاريخ، بسبب تصريحات الأهالي المفجوعة بأبنائها للمطالبة بالكشف عن حقيقة التفجير واستكمال التحقيقات لإظهار الحقيقة والضغط لعدم تعيين قاض رديف للبيطار، إلى يوم غضب، وتسكير طرقات وصدام مع الجيش اللبناني بعد توقيف واعتقال وليام نون شقيق أحد ضحايا المرفأ.

توقيف وليام نون:

شكل وليام نون بتصريحاته البطولية، صفعة قوية للسطلة والمقامرين على دماء وأشلاء الضحايا، نظراً لسعيه الدائم إلى وضع المسؤولين أمام حقيقة أفعالهم، والمطالبة الحثيثة والمستمرة لمعرفة حقيقة من وضع نيترات الأمونيوم، والكشف عن المسؤولين والمتورطين بذلك ومحاسبتهم، لذلك تم توقيفه من قبل المديرية العامة لأمن الدولة تحت ذريعة تصريحات وعبارات أمام الإعلام، مما أشعل غضب أهالي الضحايا فقاموا بالتجمع بعدة مناطق لبنانية للمطالبة بالإفراج عن نون، ورافقهم بهذه التحركات عدد من النواب، ولكن ما لبثت الأمور أن خرجت عن السيطرة وتحولت إلى مواجهة بين الأهالي والجيش، مما أدى إلى توعد الأهالي بمزيد من التصعيد.

وفي الختام، يمكننا ملاحظة أن الملف انتقل إلى مرحلة خطيرة قانونياً وسياسياً واجتماعياً وحتى أمنياً، مما ينذر بتفجير الغضب الشعبي أكثر في الأيام القادمة، أمام كسر قاعدة "الإفلات من العقاب والمحافظة على نظام الفساد القائم"،  فستولد قوة شعبية تطيح بكل أركان الفساد والصفقات وستهوى رؤوس كبيرة أمام مقصلة العدالة الإلهية، وخصوصاً بعد بروز تطور قضائي بريطاني في الدعوى المقدمة أمام محكمة العدل العليا في لندن ضد الشركة الإنكليزية "سافارو" مالكة شحنة نيترات الأمونيوم، مما يساعد في تحديد هوية أحد الأطراف المسؤولة عن الانفجار، وستنعكس ارتداداتها على ملف التحقيق في لبنان.