icon
التغطية الحية

كيف شارك كبار المسؤولين الكرواتيين في انتهاك حقوق طالبي اللجوء؟

2023.04.06 | 16:24 دمشق

حدود كرواتيا مع الاتحاد الأوروبي
مسؤولون رفيعو المستوى مشاركون في مجموعة "واتساب" بينهم رئيس شرطة الحدود وموظفون كبار في وزارة الداخلية - رويترز
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

لطالما أنكرت السلطات في كرواتيا أي علم لها بالعمليات العنيفة وغير القانونية من قبل شرطتها ضد طالبي اللجوء نحو دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن موقع "لايتهاوس ريبورتس" كشف أن كبار المسؤولين الكرواتيين كانوا جزءاً من مجموعة سرية على تطبيق "واتساب"، شاركوا هذه الأنشطة وشجعوا على القيام بها.

متى بدأت القصة؟

بدأت القصة في العام 2021، عندما نشر "لايتهاوس ريبورتس" صوراً لضباط شرطة كرواتيين يرتدون أقنعة سوداء وهم يضربون طالبي اللجوء ويجبرونهم بشكل غير قانوني على العودة عبر الحدود إلى البوسنة والهرسك.

وفي حين كانت تتردد صرخات الضحايا من اللاجئين عبر الغابة، سارعت الحكومة الكرواتية للتهرب من المسؤولية، وأكد وزير الداخلية الكرواتي، دافور بوزينوفيتش، أن "المعاملة غير القانونية كانت حالة فردية"، زاعماً أن ضباط الشرطة المسؤولين لم يتصرفوا بناء على تعليمات الحكومة، ولم يعرف أيٌّ من الوزراء أو قادة الشرطة أيَّ شيء عنها.

وعلى الرغم من ذلك، كان خبراء الهجرة ومحامو اللجوء وناشطو حقوق الإنسان متشككين من رواية الحكومة الكرواتية، وكانوا يشتبهون في أن مسؤولين رفيعي المستوى كانوا على علم بعمليات الصد التي حدثت في إطار عملية الشرطة المعروفة باسم "كوريدور - Korridor"، والتي تم تمويلها جزئياً من قبل الاتحاد الأوروبي، بل حتى من الممكن أنهم أمروا بها.

الآن وبعد عامين من ذلك، كشف "لايتهاوس ريبورتس"، بالتعاون مع مواقع أخرى منها "دير شبيغل" و"نوفوستي" و"نوفا تي في"، أن هذه الشكوك صحيحة، حيث حصل على أدلة تؤكد حدوث هذه الانتهاكات في شكل اتصالات سرية عبر تطبيق "واتساب".

عمليات صد واعتقال وصور مؤذية

وكشفت لقطات شاشة تم تسريبها أن كبار المسؤولين الكرواتيين ترأسوا مجموعة سرية على تطبيق "واتساب" حملت اسم "OA Koridor II - Zapad"، حيث شاركت شرطة الحدود الكرواتية معلومات حساسة حول اعتقال رعايا أجانب، بما في ذلك صور مؤذية، بين آب 2019 وشباط 2020.

ووفقاً لتقارير الحكومة الكرواتية، فإن فريق "OA Koridor II - Zapad" هو أحد الإجراءات العملياتية العديدة في كرواتيا، المتعلقة بمكافحة الهجرة غير النظامية والجرائم المتعلقة بتهريب الأشخاص، وقالت مصادر في الشرطة إن عمليات الصد العنيفة لطالبي اللجوء التي نشرها "لايتهاوس ريبورتس" في العام 2021، حدثت في إطار عملية أخرى من هذه العمليات.

وتعتبر مجموعة "OA Koridor II - Zapad" على "واتساب" خارج أي وسيلة اتصالات رسمية، وبعيدة عن إجراءات المراقبة المعتادة، وهناك مؤشرات قوية على أن الرعايا الأجانب المشار إليهم في الرسائل داخل هذه المجموعة تعرضوا لعمليات صد غير قانونية.

لايتهاوس ريبورتس

مسؤولون رفيعو المستوى

ووفق تحليل لـ 60 لقطة شاشة تلقاها موقع "وايتهاوس ريبورتس"، فإن هناك 33 مشاركاً في مجموعة "الواتساب"، تمكن الموقع من تحديد هوية ما يزيد قليلاً عن ثلثهم، بشكل جزئي باستخدام برامج الطب الشرعي، والتي تمكّن من البحث في مواقع الويب المختلفة التي استخدمت فيها هذه الأرقام للتسجيل.

ووجد "وايتهاوس ريبورتس" أن من بين المشاركين في المجموعة مسؤولين كرواتيين رفيعي المستوى، بمن فيهم رئيس شرطة الحدود، زوران نيتشينو، ورئيسة قسم العلاقات العامة، يلينا بيكيتش، التي تقدم تقاريرها مباشرة إلى وزير الداخلية بوزينوفيتش.

لايتهاوس ريبورتس

واستخدمت مجموعة "واتساب" لتبادل المعلومات حول القبض على أكثر من 1300 شخص، معظمهم من السوريين والأفغان والباكستانيين، وغالباً ما كانت هذه الرسائل مصحوبة بصور لطالبي اللجوء، ووجوههم واضحة، وفي بعض الحالات يجبرون على الاستلقاء على الأرض وخلع أحذيتهم وملابسهم.

وقال خبراء ومصادر في الشرطة إن مشاركة مثل هذه المعلومات على منصة مملوكة للقطاع الخاص مثل تطبيق "واتساب" ينتهك العديد من أنظمة الشرطة، مشيرين إلى أنهم يعتقدون أن المجموعة استخدمت على الأرجح لتوثيق القبض بشكل غير رسمي على المهاجرين الذين تمت إعادتهم بشكل منهجي عبر الحدود، في انتهاك للقانون الكرواتي والأوروبي، حتى لا يكون هناك أي أثر لهذا الإجراء.

"رفض وردع" المهاجرين

في إحدى الرسائل على مجموعة "واتساب" طلب رئيس مراقبة الحدود في إدارة شرطة العاصمة الكرواتية زغرب القريبة من الحدود مع سلوفينيا، في مساء 13 شباط 2020، خمس شاحنات شرطة لتنفيذ عمليات "Odvraćanje" بعد القبض على مجموعة من 80 مهاجراً.

وكلمة "Odvraćanje" هي كلمة الكرواتية وتعني "الرفض" أو "الردع"، والتي يقال إنها أصبحت كلمة رمزية لعمليات رفض طالبي اللجوء خلال السنوات الأخيرة، في حين أوضحت مصادر الشرطة والخبراء في أن ورود هذه الكلمة في الرسائل يشير إلى حدوث عمليات صد غير قانونية للمهاجرين.

لايتهاوس ريبورتس

ونقل "لايتهاوس ريبورتس" عن طالب لجوء باكستاني، أدلى بشهادة معارضة لمتطوع من شبكة مراقبة العنف على الحدود، وهو ائتلاف شعبي تأسس في العام 2019، وتمكن الموقع من مطابقة شهادة طالب اللجوء مع رسالة على المجموعة في آب 2019، تصف اعتقال 85 طالب لجوء أجنبيا.

وفي شهادته التي أدلى بها في اليوم التالي للاعتقال، قال طالب اللجوء الباكستاني إن مجموعة المهاجرين تم إبعادها باستخدام العنف ضد بعضها، ولم يمنح أي من المهاجرين الفرصة لطلب اللجوء.

والشهر الماضي، تحدث "لايتهاوس ريبورتس" مع طالب اللجوء نفسه مرة أخرى، وبينما قال إنه لا يستطيع تذكر التاريخ الدقيق للحادثة، تعرف إلى الأحداث وأحد الأفراد الذين ظهروا في الصورة.

وأشار "لايتهاوس ريبورتس" إلى أنه في مناسبات متعددة استخدمت مجموعة "OA Koridor II - Zapad" على "واتساب" لتبادل المعلومات حول الصحفيين الذين يزورون المنطقة الحدودية.

وفي إحدى الحالات، تم إبلاغ أعضاء المجموعة أن الصحفي في محطة "ORF" النمساوية، بيرنت كوشوش، شوهد في منطقة سيتينجراد، وتمت مشاركة صور له مع زميل آخر، وأكد الصحفي أنه كان في المنطقة في ذلك الوقت، وانضم لاحقاً إلى التحقيق.

عملية "كوريدور"

وتستفيد عمليات "كوريدور" الكرواتية من التمويل الأوروبي، حيث تتدفق ملايين اليوروهات إلى مدينة زغرب كل عام، وتدفع دول الاتحاد الأوروبي مقابل ساعات العمل الإضافية والإقامة والطعام لحرس الحدود الكرواتيين، في حين لم يتخذ الاتحاد الأوروبي حتى الآن أي إجراءات في مواجهة الانتهاكات ضد اللاجئين.

وقال عضو البرلمان الأوروبي، تاينيك سترايك، إن "الصمت الحالي والإفلات من العقاب، وحتى التشجيع  من قبل المفوضية والدول الأعضاء الأخرى، لا يؤدي إلا إلى تأجيج هذه الانتهاكات الجسيمة ضد الأشخاص المستضعفين الباحثين عن الحماية".

من جانبه، قال كبير المساعدين في مجلس سياسة التحول الديمقراطية في برلين، بودو ويبر، "بشكل عام، تؤكد هذه المجموعة ما كنت أبحث عنه منذ عدة سنوات، ويشتبه مراقبون آخرون منذ فترة طويلة أنه من الواضح أن حملة صد الشرطة الكرواتية الموثقة جيداً ضد المهاجرين موجهة من داخل وزارة الداخلية".