كورونا ونظرية المؤامرة

2020.04.02 | 00:24 دمشق

2020-04-01t101938z_1509477960_rc2mvf9u18oc_rtrmadp_3_health-coronavirus-china.jpg
+A
حجم الخط
-A

ربما سيحب عشاق نظرية المؤامرة هذه الملاحظات التي سأدرجها للتو، وربما سيتهمني الواقعيون بأنني أرى ما أريد من ومضات قد تصلح لتكوين عقد يلبسه أصحاب نظرية "نحن مستهدفون"، في الحقيقة أنا نفسي واحد من أولئك الذين يسخرون من نظرية المؤامرة على الدوام، وربما كنت من ألذع منتقديهم، ولكن الملاحظات التالية هي أوضح من أن تكون نظرية مؤامرة شرق أوسطية، وأوعى من أن تكون نظرية مؤامرة موجهة ضد ( نخبة من اختارهم الله والوطن)، وإنما هي فقط مجموعة ملاحظات برسم الجميع..

تكرر أكثر من مرة، وصف اثنين من أهم رؤساء العالم بما يجري من تعامل مع الفيروس كورونا( كوفيد 19) بأنه حرب مع طرف مجهول، قالها الرئيس الفرنسي في خطاب تبليغ الشعب بإلزامية الحجر الصحي ست مرات في خطاب واحد، وقالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرتين في خطابين مختلفين، وكلمة نحن في حرب حينما يستخدمها رئيس دولة عظمى، فإنه لا يسعى إلى شحذ همم المؤسسات والمواطنين كمثل رؤساء الشرق الأوسط حينما يعلنون الجهاد على أمر ما أو قضية ما من منبر مسجد أو قصر جمهوري، وإنما يأتي هذا الاستخدام بعد مشاورات طويلة ومحاورات عديدة مع مستشاري الأمن القومي والأمن الصحي والإعلام و الدفاع و المالية وحتى الدفاع الحربي، فأسواق الأسهم والبورصات ستتأثر على الفور بمثل تلك التصريحات، فإن كانت غير مسؤولة فهي ستكون مصيبة على الاقتصاد وبالتالي على الرئيس نفسه الذي يسعى على الدوام للحصول على تأييد أكبر من ناخبيه.

كان يمكن للصين تفادي نقل العدوى لبقية دول العالم، لو أنها أعلنت عن الفيروس في فترة مبكرة، و لكنها أصرت على التكتم في محاولة لتفادي خسائر اقتصادية

في لندن أعلن رئيس الوزراء البريطاني، قائد مركبة البريكست، بوريس جونسون أنه على العائلات البريطانية توقع الأسوأ، وأنه عليهم الاستعداد لخسارة أحباب لهم من عائلاتهم، ومن المعروف أن الرئاسة البريطانية للوزراء لا تتصرف بأي تصريح أمن قومي من دون استشارة جهاز المخابرات الأقوى في العالم، والذي يعتبر الأكثر سيطرة على مراكزالقرار في العالم، مع العلم بأن حساسية البريطانيين مرتفعة جداً تجاه جمل من مثل (خسارة أحبابهم).

لم يصب الفيروس دولاً كان من المنتظر أن تحقق إصابات مخيفة نظراً لعشوائيتها واضطرابها المجتمعي والتنظيمي، حتى الآن على الأقل، دول مثل الهند و باكستان و نيجيريا و روسيا و مصر وبنغلاديش وغيرها، بل أصاب دولاً تعد من ضمن التصنيف الأول في الأمن الصحي والإداري التنظيمي، دول لا يمكن أن يصل إليها الفيروس دون عبوره بدول أخرى، ومع ذلك أعلن إصابة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأعلن إصابة زوجة رئيس الوزراء الكندي، وعدة وزراء فرنسيين و نواب أوروبيين وعدد كبير من السياسيين في أميركا وأوروبا، دون أية إصابة لمسؤول روسي أو صيني مثلاً، فهل هي مصادفة بحتة، أم تعتيم إعلامي من قبل دول متخلفة ترافق بشفافية من دول متقدمة، أم أنها شيء آخر..؟

من المعلوم أن الصين أخفت انتشار الفيروس منذ أواخر عام 2019 ، وأن انتشاره ترافق مع تعتيم إعلامي مخيف جداً، أتبع بحجر صحي طال قرابة 150 مليون إنسان، ضمن إجراءات وصفت بالمخيفة والرهيبة، حتى إن الطبيب الذي سجل وأعلن عن اكتشاف أول إصابة بالفيروس مات في ظروف غامضة، بعد أن سجل عدة فيديوهات يحتج فيها على التستر الإعلامي المستهتر، وضرورة كشف الفيروس والحد من العدوى، عبر في فيديوهاته أيضاً عن قلقه من خطورة الفيروس، ومع ذلك لم تخاطب الولايات المتحدة والغرب عموماً الصين بأية طريقة بل وقفوا يتفرجون على ما يجري بغرابة.

يتهم منظرو الخواء في الشرق الأوسط، أميركا بأنها هي من صنعت الفيروس ونشرته في الدول المعادية لها، مثل الصين وإيران و ربما أوروبا، وبنوا من أجل هذا نظرية خاصة ارتبطت بدورة الألعاب العسكرية التي أقيمت في الصين وتحديداً في مدينة ووهان أواخر العام المنصرم، ولكن نسي أولئك أن أكثر المتضررين من هذا الفيروس هي أميركا، وأن البورصات الأميركية والأوروبية انهارت بشكل غير متوقع، حتى أن أحد أكبر البنوك الأميركية ( بنك أوف أميركا) أعلن أن الاقتصاد الأميركي دخل مرحلة الركود.

ترافق كل هذا مع تسمية ما يصيب الناس في أميركا، من قبل الرئيس الأميركي ولمرتين، بالفيروس الصيني، وبإصرار عجيب على هذا، حيث لم يطلق عليه التسمية الرسمية( كوفيد19)، بل الفيروس الصيني.

ومع توارد التقارير من الصين، أصدرت المعارضة الصينية تقريراً  استُنبط من شركات الهواتف الصينية و هو تقرير يظهر خروج قرابة ثمانية ملايين مستخدم من تلك الشبكة في شهري كانون الأول و شباط من هذا العام، وبأن حركة هذه الهواتف منعدمة تماماً وأن مستخدميها لم يجروا أي اتصال هاتفي منذ سبعين يوماً، فهل هم مضربين عن الحوار، أم أنهم ببساطة ميتون، وسط تعتيم إعلامي صيني شيوعي شمولي. إن ذكرنا بشيء فهو يذكر بسياسة الاتحاد السوفييتي إبان أزمة مفاعل تشيرنوبل الرهيبة، من جهة أخرى رصدت أقمار صناعية خاصة بناسا، بؤراً حرارية متفرقة تزيد مؤشرات حرارتها عن المألوف في ظل توقف المصانع و المعامل، وقدر المختصون أن تلك ما هي إلا محارق جثث، تقوم بحرق الجثث المتوفاة حسب وصايا أصحابها، ولكن بمعدلات عمل متواصلة طوال الليل والنهار.

في كل الأحوال، كان يمكن للصين تفادي نقل العدوى لبقية دول العالم، لو أنها أعلنت عن الفيروس في فترة مبكرة، و لكنها أصرت على التكتم في محاولة لتفادي خسائر اقتصادية، ولكنها اعترفت حينما فلت الأمر من عقاله، ولربما سهلت انتقال سياح مصابين بالفيروس لأغراض لا يدري بها غير حكام العالم السفلي .

كلمات مفتاحية