icon
التغطية الحية

قلق أممي من تعرض حقوق الأفغانيات لانتكاسات و"طالبان" تعيد وزارة "الرعب"

2021.09.09 | 15:30 دمشق

reuters_com_2021_newsml_rc2vkp9uy1cd.jpg
قالت المسؤولة الأممية أن طالبان أهدرت فرصة مهمة لتبرهن للعالم أنها ملتزمة بتشكيل حكومة جامعة - رويترز
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أعربت مسؤولة في الأمم المتحدة عن قلقها من تعرض حقوق النساء الأفغانيات لانتكاسات، على الرغم من تأكيد حركة "طالبان" المستمر بأن "حقوق المرأة ستُحترم في إطار الإسلام".

وقالت نائبة ممثلة "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" في أفغانستان، أليسون دافيديان، إن بعض النساء منعن من مغادرة المنازل دون مرافقة قريب لهن من الذكور، بينما أجبرت نساء في بعض الأقاليم على ترك العمل، وجرى استهداف مراكز تحمي النساء الفارات من العنف المنزلي، وامتلأت المنازل التي تستضيف المدافعات عن الحقوق عن آخرها، وفق ما نقلت عنها وكالة "رويترز".

وخلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو أكدت دافيديان أن “الافتقار للوضوح في موقف طالبان من حقوق النساء تسبب في انتشار خوف لا يصدق، وهذا الخوف ملموس في أنحاء البلاد".

وأضافت أن "الذكريات لا تزال حاضرة عن حكم طالبان في التسعينيات عندما تم فرض قيود صارمة وقاسية على حقوق المرأة وبالتالي فالنساء والفتيات خائفات بشكل يمكن تفهمه".

كما أعربت المسؤولة الأممية عن أسفها لخلو حكومة تصريف الأعمال المؤقتة، التي شكلتها حركة "طالبان" الثلاثاء الماضيي من أي امرأة، معتبرة أن الحركة "أهدرت فرصة مهمة لتبرهن للعالم أنها ملتزمة حقاً بتشكيل حكومة جامعة ومجتمع مزدهر"، مشددة على أن "الوقت حان لكي تظهر طالبان أنها تحكم باسم جميع الأفغان".

 

عودة "وزارة الرعب"

من جانب آخر، أعادت حركة "طالبان"، في إعلان تشكيل حكومتها المؤقتة، وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، التي كان الأفغان يخشون من إعادة تشكيلها مرة ثانية، بسبب ارتباطها بانتهاكات تعسفية، وفقاً لمنظمات حقوقية.

ووفقاً لما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، فإن عودة وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي كانت "تبث الرعب في فترة الحكم الأولى لطالبان، تثير مخاوف كبيرة بين السكان".

ويعيد تشكيل هذه الوزارة إلى أذهان الأفغان ما كانت تقوم به "شرطة الأخلاق" إبان حكمها السابق، حيث كانت تفرض قيوداً صارمة على النساء، بالإضافة إلى الإجبار على الصلاة في المساجد، وتحظر الطائرات الورقية والشطرنج، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".

وأوضحت الصحيفة أن حركة "طالبان" عينت محمد خالد وزيراً للدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو رجل دين غير معروف.

وأشارت إلى أن طالبان لم تنشئ وزارة لشؤون المرأة، على غرار الحكومة السابقة، في وقت خرجت فيه تظاهرات مطالبة الحركة بمنح النساء مقاعد في الحكومة، ومناصب قيادية أخرى.

وعشية إعادة فتح الجامعات الخاصة في أفغانستان، جاء في مرسوم صادر عن حكومة "طالبان" الجديدة أن "على الطالبات ارتداء عباءة سوداء ونقاب، وستتابعن الفصول في صفوف غير مختلطة".

وأعرب بعض الأفغان، ممن نقلت عنه "واشنطن بوست" في العاصمة كابل، عن "مخاوفهم من أن تعني إعادة العمل بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدم سعي طالبان إلى التغيير".

وقال أحد سكان كابل إن الناس "توقفوا عن الاستماع إلى الموسيقا الصاخبة في الأماكن العامة، خوفاً من الممارسات السابقة منذ آخر مرة حكمت فيها طالبان، ولم أرَ أي إجبار على الصلاة، لكن هناك خوف لدى الجميع".

وتعود جذور هذه الوزارة إلى ما قبل سيطرة "طالبان" على أفغانستان، حيث أنشأتها حكومة برهان الدين رباني، الذي شغل منصب الرئيس بين عامي 1992 و1996، لكن في ظل حكم الحركة توسعت صلاحياتها، وفيما بعد وصفتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنها "رمز سيء السمعة للانتهاكات التعسفية".

ونشرت "واشنطن بوست" روايات عما كانت تقوم به "شرطة الأخلاق"، ومنها القيام بدوريات في الشوارع، وإغلاق المتاجر والأسواق في وقت الصلاة، واعتداء بالضرب من قبل عناصرها بحق الأشخاص الذين يتم ضبطهم وهم يستمعون إلى الموسيقا، كما تعاقب من يقوم بالرقص واللعب بالطائرات الورقية، وقص شعره على الطريقة الأميركية.

وتضيف أن الشرطة كانت تعاقب من خالفوا قواعد الحياء؛ مثل تخفيف شعر اللحية جداً، وتطرد الفتيات من المدارس، والنساء من أماكن العمل، كما أن المرأة كانت ممنوعة من الخروج بدون مرافق لها.

وبعد التدخل الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في أفغانستان في العام 2001، حل الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي، الوزارة، واستعاض عنها بوزارة الحج والشؤون الدينية، إلا أنه وتحت وطأة ضغوط دينية من المحافظين، وافقت حكومة كرزاي على استحداث "قسم أقل قوة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في عام 2006.

 

حكومة "طالبان" غير مكتملة بعد

وأعلنت حركة "طالبان"، أمس الثلاثاء، عن تشكيل حكومة مؤقتة وغير كاملة لتصريف الأعمال في أفغانستان، في خطوة وصفت من قبل خصومها الغربيين بأنها "غير شاملة، بخلاف التعهدات التي أطلقتها الحركة في الأسابيع الماضية".

ويأتي تشكيل الحكومة قبل أيام من الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، التي أدت إلى تدخل دولي، بقيادة واشنطن، أطاح بحركة "طالبان"، التي كانت تحكم أفغانستان حينها.

ويترأس الحكومة الجديدة الملا محمد حسن أخوند، وهو مستشار سابق للملا عمر، مؤسس الحركة، الذي توفي في عام 2013، وينتمي أفرادها بالكامل إلى حركة "طالبان"، وينحدر معظمهم من إثنية "البشتون"، مع استثناءات نادرة جداً.

وفي منصب نائب رئيس الحكومة الانتقالية، عيّنت "طالبان" الملا عبد الغني برادر، أحد مؤسّسي الحركة والذي أفرجت عنه باكستان بضغط أميركي لكي يشارك في مفاوضات انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وأسندت الحركة حقيبة الداخلية إلى سراج الدين حقّاني، المدرجة جماعته على القائمة الأميركية للمنظّمات الإرهابية، حيث عرضت واشنطن في وقت سابق مكافأة مالية بملايين الدولارات مقابل أي معلومة تقود إلى اعتقاله.

أما حقيبة الدفاع فأسندت للملا يعقوب، نجل الملا عمر، كما عين أمير خان متقي، الذي مثّل "طالبان" في مفاوضات الدوحة وزيراً للخارجية بالوكالة.

كما تضمنت التشكيلة الحكومية كلاً من قاري دين محمد حنيف، وزيراً للاقتصاد بالوكالة، وهو من الطاجيك، وكذلك ملا عبد اللطيف منصور، وزيراً للكهرباء والمياه بالوكالة، ونور الله نوري، وزيراً لشؤون الحدود والقبائل.

يشار إلى أن العديد من وزراء حكومة "طالبان" الجديدة كانوا مدرجين على لوائح عقوبات الأمم المتحدة، وكان أربعة منهم معتقلين في سجن غوانتانامو.

وطالب زعيم الحركة، الملا هبة الله آخوند زاده، الذي سيكون "أميراً للبلاد" بحسب وصف المتحدّث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، الحكومة الجديدة الالتزام بتطبيق الشريعة الإسلامية.

وفي مؤشر على سعي "طالبان" لإرضاء المشككين في حكومتها، قال مجاهد إن "الحكومة، التي لم تكتمل بعد، ستضطلع بدور مؤقت"، مؤكداً أن الحركة "التي وعدت بحكومة جامعة، ستحاول ضم أشخاص آخرين من مناطق أخرى في البلاد إلى الحكومة".

مظاهرات تتحدى "طالبان"

ورداً على حظر حركة "طالبان" للاحتجاجات، ومنعها التجمهر تحت أي ظرف حتى إشعار آخر، تصاعدت الاحتجاجات الرافضة لحكم الحركة منذ إعلانها، حيث خرجت مظاهرات تتحدى الحظر الذي فرضته الحركة، في حين قطعت الحكومة الجديدة خدمة الإنترنت عن بعض مناطق العاصمة كابلف.

وهددت وزارة الداخلية الأفغانية المتظاهرين بـ "العواقب الجسيمة، في حال استمرار الاحتجاج غير القانوني"، وفق ما نقلت قناة "الحرة" الأميركية.

وحذر المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، الناس من النزول إلى الشارع، مضيفاً "إلى أن تفتح جميع المكاتب الحكومية، ويتم شرح قوانين الاحتجاجات لا ينبغي على أحد التظاهر".

وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية إن "عدة مظاهرات حصلت في مناطق متعددة في الأيام الماضية، توحي بأن هناك شكاً لدى بعض الأفغان بقدرة طالبان على تنفيذ وعودها بحكم أكثر اعتدالاً، وتحويلها إلى حقيقة".

 

2021-09-07T130937Z_255872331_RC2VKP9QG7ZZ_RTRMADP_3_AFGHANISTAN-CONFLICT.jpg
حشود تجمعت الأربعاء للتنديد بتدخل باكستان في الشؤون الداخلية لأفغانستان - رويترز

 

وفي مدينة هرات (غرب)، نزل عشرات المتظاهرين إلى الشارع رافعين لافتات وملوحين بالعلم الأفغاني السابق.

وأطلق عناصر "طالبان" النار لتفريق حشود كانت قد تجمعت للتنديد بتدخل باكستان التي تعتبر على نطاق واسع بأنها داعم "الحكام الجدد" في أفغانستان، وفقاً للوكالة.

وأظهرت تسجيلات مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظاهرة شارك فيها أكثر من مئة شخص جابوا الشوارع تحت أنظار عناصر مسلحة من "طالبان".

كما خرجت تظاهرات متفرقة في مدن أخرى، خلال الأيام الماضية، طالبت النساء فيها بدور في الحكومة الجديدة.

وقال مسؤول في الحركة يتولى الإشراف على أمن العاصمة، يدعى الجنرال مبين إن حراساً في "طالبان" استدعوه إلى المكان، قائلاً إن "النساء يحدثن اضطرابات"، مضيفاً أن "تجمع هؤلاء المتظاهرين، هو نتيجة تآمر مخابرات خارجية"، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

وأفاد صحفي أفغاني كان يغطي التظاهرة بأن "طالبان" صادرت بطاقة هويته الإعلامية والكاميرا التي كانت بحوزته، مؤكداً "تعرضت للركل وطلب مني المغادرة".

وأفادت جمعية الصحفيين الأفغان المستقلين في مدينة كابل، إن 14 صحفياً، أفغانياً وأجانب، أوقفوا لفترة وجيزة خلال الاحتجاجات قبل إطلاق سراحهم، مشيرة إلى أنها "تدين بشدة التعامل العنيف مع الصحفيين في التظاهرات الأخيرة، وتدعو طالبان إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع العنف وحماية الصحفيين".

وأظهرت صور تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي مراسلين تعرضوا لجلد ومصابين بجروح وكدمات في أيديهم وركبهم، وذلك على خلفية تغطيتهم للاحتجاجات.