أثار تسجيل مصوّر تداولته مواقع تواصل اجتماعي، استهجان وغضب متابعيه من مختلف الأوساط الاجتماعية، لاحتوائه على تفاصيل تتناول اغتصاب طفلة من أصول عربية، داخل روضة تعليمية بإحدى المدن الألمانية.
التسجيل المصور، بثته سيدة عربية تدعى "أم مريم"، ويبدو من لهجتها أنها من أصول مغاربية، تحدثت فيه عن تعرّض طفلتها "مريم" للاغتصاب داخل الروضة التي ترتادها في مدينة "كوبلنز" الألمانية، وناشدت فيه الجهات المختصة لملاحقة الجناة، منوّهة أن الروضة ما زالت مفتوحة.
بداية القصة
وذكرت أم مريم في تسجيلها أن ابنتها، الطفلة مريم (أربع سنوات ونصف)، مع طفلة ثانية، تعرضتا لاعتداء جنسي داخل حضانة (سان مارتن) التي ترتادانها.
وقالت إنها بتاريخ الـ 10 من أيلول الماضي، توجهت لجلب مريم من الروضة، عند الساعة الـ 12 ظهراً، فلاحظت على وجه ابنتها ملامح بكاء، وملابسها توحي أنها كانت منزوعة عن جسدها، وشعرها غير مرتب مع ظهور احمرار واضح على جبهتها.
قصدت أم مريم معلمة ابنتها للاستفسار حول الموضوع، إلا أن المعلمة، بحسب الأم، أبدت عدم معرفتها بشيء على الإطلاق، ولم تُعرها أي اهتمام.
وخلال طريق العودة إلى المنزل، وبعد وصولهما أيضاً، كانت الأم تلحّ كثيراً على ابنتها لتجيبها عن سبب بكائها وشكل ملابسها والاحمرار الظاهر على وجهها، إلى أن تجرأت مريم وبدأت تشرح لأمها تفاصيل تعرضها للاغتصاب مراراً وتكراراً، من قبل أحد الأشخاص وبمساعده المعلمة.
وبحسب ما نقلت الأم عن ابنتها، فإن الاغتصاب كان يجري داخل إحدى قاعات الروضة، تمّ تجهيزها بأدوات ووسائل خاصة بممارسة الجنس في الأفلام الإباحية، كالسرير والمرايا والماكياج والإنارة الخافتة والملونة وغير ذلك.
ومن خلال تفاصيل الاغتصاب أوردت مريم، بحسب تسجيل والدتها، أن المعتدين عليها كانوا يقومون بحقنها في الأماكن الحساسة بواسطة "أبر بوتكس" لتسبب انتفاخاً في المناطق المحقونة بغاية إخفاء أي علامات للاغتصاب، وأنها معظم الأحيان تكون غير واعية وتستيقظ وتنام مما يدل على أنهم كانوا يحقنونها بمواد مخدرة.
وبحسب ما نقلته "أم مريم" عن ابنتها، فإن عمليات الاغتصاب الممارسة بحق مريم وزميلتها، والممارسة الجنسية للمعلمة أيضاً مع نفس الشخص، تشير إلى قيام المنفذين بتصوير (فيديو) للعمليات، عبر كاميرات خاصة مثبتة في القاعة.
وتعاني مريم آلاماً شديدة وفق ما أخبرت والدتها، التي أبلغت بدورها تفاصيل الواقعة للجهات المختصة بمجرد فراغها من سماع ابنتها.
وأوضحت الأم أن الشرطة قامت بعرض الطفلة مباشرة على طبيب مختص لعلاج حالتها وتقدير الأذى الذي لحقها، مؤكدة في بثّها أنها تمتلك تقارير ووثائق تثبت صحة كلامها وصدق التفاصيل التي روتها لها طفلتها "مريم".
وتجدر الإشارة إلى أن ما تناولته أم مريم في تسجيلها حول الاعتداء الجنسي، لم يتناوله الإعلام المحلي الألماني أو وسائل إعلامية موثوقة أخرى قبل بث التسجيل ، مساء الأحد الماضي.
الشرطة الألمانية ترد
بعد مضيّ أقل من يوم واحد على نشر أم مريم تسجيلها المصور، أصدرت قيادة شرطة كوبلنز الألمانية، مساء الإثنين، بياناً على موقعها الرسمي، تناولت فيه قضية "الاعتداء الجنسي" التي وصفَها البيان بأنها "مزعومة".
Angeblicher Missbrauch in Koblenzer Kindertagesstätte
— Polizei Koblenz (@Polizei_KO) October 19, 2020
Staatsanwaltschaft stellt Verfahren ein. KEINE HINWEISE auf eine Straftat.
siehe Pressemeldung: https://t.co/K09BcXroKi
وتضمّن البيان، الذي ترجمه موقع تلفزيون سوريا، الردود الآتية:
تنتشر حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل متزايد، تقارير تتحدث عن انتهاكات جنسية مزعومة في دار حضانة في كوبلنز.
وبعد أن بات الحادث معروفاً، أجرت دائرة التحقيقات الجنائية في كوبلنز تحقيقات مكثفة بالتعاون مع مكتب المدعي العام في كوبلنز. وعلى ضوئها أصدر المدعي العام في كوبلنز هذا البيان الصحفي، في 19 من تشرين الأول 2020/ الساعة 5:23 مساءً بالتوقيت المحلي:
اعتداء جنسي مزعوم في مركز الرعاية النهاري (الحضانة) بـ (كوبلنز- Pfaffendorfer Höhe)
أغلق مكتب المدعي العام في كوبلنز اليوم تحقيقًا للاشتباه بارتكاب اعتداء جنسي وما إلى ذلك ضد موظفي مركز الحضانة في كوبلنز، منطقة (بفافيندورفر هوهي)، وفقًا للمادة 170 (2) من القانون الجنائي.
- أفاد والدا فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات، كانت تحضر إلى الحضانة، أن ابنتهما أخبرتهما أن جميع الأطفال قد استحموا في المنشأة وأن المنشأة أعطتهم ملابس داخلية جديدة بعد ذلك. ثم تم إحضارها إلى غرفة من قبل مربّي، وتعرضت للاعتداء الجنسي من قبل رجل. ولم تقدم التحقيقات المكثفة أدلة كافية على أن الجريمة الجنائية التي استندت إليها الإجراءات قد حدثت بالفعل.
- لم يكشف الفحص الجسدي – الخاص بالنساء – الذي تم إجراؤه للطفلة، في التاريخ المزعوم للفعل، عن أي دليل واضح على الاعتداء الجنسي.
- تم العثور على الاحمرار فقط ، ولكن هناك عددًا من الأسباب التي لا يمكن بالضرورة ربطها بالاعتداء الجنسي.
- اختبارات الحمض النووي للطفلة والملابس التي كانت ترتديها في اليوم المزعوم للجريمة لم تقدم أدلة كافية على الاعتداء الجنسي.
- تم العثور على حمض نووي أنثوي بنسبة متدنّية، وفقًا لمكتب ولاية (راينلاند بالاتينات) للتحقيقات الجنائية، ولا يمكن تقييم هذا الأثر الصغير جدًا للحمض النووي للذكور، نظرًا لعدم كفاية الكمية. ووفقًا لنتائج الفحوصات، لم يأتِ أي من الحمض النووي الموجود من الحيوانات المنوية.
- تم التحقق من معلومات الطفلة عن الظروف المكانية التي كان ينبغي أن تلعب دورًا في الاعتداء الجنسي المزعوم. واتضح أن المساحة المزعومة لهذا الغرض غير موجودة في المنشأة. كما أن المنشأة لا تحتوي على ملابس داخلية خاصة بها، كما زُعم في الإعلان.
- لم تتوافق الأوصاف الشخصية التي ذكرتها الطفلة مع مظهر العاملين في مركز الحضانة.
- نتيجة لما سبق، لم تقدم التحقيقات أي مؤشرات على حدوث أفعال إساءة المعاملة بالفعل في مركز الحضانة.
- تجب الإشارة إلى أن الأقوال الواردة حول الاعتداء في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تزعم بأن الشرطة والمدعي العام لديهم أدلة موضوعية مثل النتائج المتعلقة بالتخدير أو ما شابه ذلك، هي تصريحات وهمية.
- يجب رصد ما تمّ نشره في شبكات التواصل، بما في ذلك الإهانات والتشهير وما إلى ذلك، لمعرفة إلى أي مدى تشكل جرائم جنائية (والمقصود: لمحاسبة أصحابها من قبل الشرطة والمدعي العام).
شرح المعلومات القانونية الواردة في البيان: إذا كانت نسبة "الشك الأولي" منخفضة؛ فوفقًا للمادة 170 (2) من قانون الإجراءات الجنائية، توقف الإجراءات إذا لم تكشف التحقيقات عن احتمال كبير للإدانة. وهذا هو الحال إذا لم يتمكن مكتب المدعي العام من تقديم أدلة كافية على الجريمة، وأيضاً إذا لم تكشف التحقيقات أي دليل على وقوع جريمة بالفعل حتى إذا تم تفنيد ارتكابها.
توقيع: كروس- المدعي العام
تفاصيل أخرى
مصدرٌ محلّي، وهو أحد الإعلاميين العاملين في مؤسسة إعلامية ألمانية (يتحفظ موقع تلفزيون سوريا على ذكر اسميهما في الوقت الحالي)، وعربي الأصل؛ يعدّ حالياً تقريراً مصوراً خاصاً حول القضية وملابساتها من خلال التواصل المباشر مع والد الطفلة مريم.
وفي حديث هاتفي خاص مع موقع تلفزيون سوريا، يكشف الإعلامي عن غياب تفاصيل مهمة في بيان المدّعي العام، ومن بينها وجود 4 أطفال آخرين تم الاعتداء عليهم في ذات حادثة مريم، لافتاً إلى أنهم جميعاً من الأجانب (غير الألمان).
ويضيف أن من بين العائلات اللواتي رفعن دعوى على الحضانة جراء الاعتداء على طفلها، تنحدر من روسيا.
وينقل المصدر عن والد مريم (مصري الأصل) قوله إنه يملك تقرير الفحوصات الطبية التي تثبت تعرّض ابنته للاعتداء الجنسي، ومما ورد في التقرير: "وجود كدمات وتورمات واضحة" حول إحدى الفتحات، إلا أن السلطات افترضت أن تكون بسبب أمراض وليس بالضرورة بسبب اعتداء جنسي.
وأردف قائلاً إن "رواية والد مريم أكثر واقعية وموضوعية من رواية الأم"، مشيراً إلى أن والدة مريم، حاولت أن تسخّر جميع الوسائل المتاحة لتضخيم تفاصيل الاعتداء بهدف خلق ضجة إعلامية "لأن السلطات لفلفت القضية وتركت العائلة لأكثر من شهر دون أي متابعة، ما جعل الأم تخشى من ضياع حق طفلتها، وأنا لا ألومها أبداً على قيامها بذلك" يعلّق المصدر.
حوادث مشابهة في المنطقة
ويلفت المصدر إلى وجود حالات شبيهة شهدتها مدينة كوبلنز، يعود تاريخ إحداها إلى العام 2018، حيث تعرّض أطفال للتعنيف الجسدي في روضة يطلق عليها "قوس قزح" (بحسب الترجمة من الألمانية) وكان من بين المشاركين بتغطية القضية أيضاً.
في سياق الاعتداءات الجنسية داخل رياض الأطفال، في مدن ألمانية أخرى، تم سجن مدير حضانة في مدينة هايلبرون الألمانية، عام 2018 أيضاً، بتهمة اغتصاب طفل وإنتاج مواد إباحية عن الأطفال.
ويشار إلى أن السلطات الألمانية كانت قد اكتشفت المتهم منذ مطلع عام 2016، في عملية تبادل مواد إباحية عن الأطفال، واكتشفت الكثير منها في مكان إقامته وعمله، لكنها اكتفت بمصادرة آلاف الصور والفيديوهات الإباحية دون محاسبته.