icon
التغطية الحية

"قسد" في عين العاصفة.. دير الزور تغلي بعد اغتيال شيوخ من عشائرها

2020.08.05 | 07:16 دمشق

photo_2020-08-04_20-55-26.jpg
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

تتفاعل قضية اغتيال أحد أبرز شيوخ عشيرة العكيدات في محافظة دير الزور مطشر الهفل، عبر موجات احتجاجية شعبية عمت مدن وبلدات وقرى المحافظة، تطالب القوى المسيطرة على الأرض بالكشف عن ملابسات عملية الاغتيال التي لم تكن الوحيدة خلال الأسبوع الفائت.

والشيخ مطشر قُتل في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وعلى مقربة من حاجز لها، وفق مصادر محلية تحدثت لموقع تلفزيون سوريا.

وقالت المصادر إن الهجوم نفذه مسلحون يستقلون ثلاث دراجات نارية، بالقرب من بلدة ذيبان بريف دير الزور، حيث كان الهفل متوجهاً إلى بلدة غرانيج.

ولم يكن الشيخ مطشر بمفرده إذ كانت العملية تستهدفه برفقة شيخ عشيرة العكيدات في دير الزور إبراهيم خليل الهفل، الذي أصيب وما زال يرقد في المشفى.

وسبق اغتيال الهفل مقتل شيخ عشيرة البورحمة، إحدى عشائر قبيلة البكارة، علي الويس، جراء إطلاق النار عليه من مجهولين بالقرب من منزله في أول أيام عيد الأضحى، وفق ذات المصادر. كما شهدت المنطقة أيضاً عملية اغتيال شخصية معروفة من عشيرة العكيدات، هو سليمان الكسار، وهذا الأخير قد تبنى تنظيم "الدولة" اغتياله وفق بيان اطلع عليه موقع تلفزيون سوريا.

 

إجماع على اتهام "قسد"

لم تنتظر "قسد" طويلاً لترد على الاتهامات الشعبية لها بتحميلها مسؤولية اغتيال الهفل وغيره من وجهاء وشيوخ العشائر العربية في دير الزور، إذ تنصلت ببيان من هذه التهم، وادعت أنها مشغولة في "محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة وخلاياه"، وقالت إن من يحمل فكر التنظيم وأجنداتها هو من يقف وراء الاغتيالات ويريد إلصاق التهمة بـ "قسد"، لشق الصف في شمال شرقي سوريا.

بيان "قسد" هذا جاء بعد أن اجتاحت الاحتجاجات الشعبية الثلاثاء، عدة بلدات وقرى في ريف دير الزور، وحمّل المحتجون "قسد" مسؤولية الفلتان الأمني، الذي يتسبب في فقدان أهل المنطقة لحياتهم.

ولم يكتف المحتجون بذلك، فقد اقتحموا مقار عسكرية لـ "قسد" وطردوا من كان موجودا بداخلها إلى خارج المنطقة، كما سيطروا على آليات عسكرية وباتت المظاهر المسلحة ترى بشكل واضح في كل من الخط الشرقي والشمالي أو ما يسمى خط العكيدات، بداية من الشعيطات وصولاً لمنطقة الصور، وفق مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا.

لم يكن بيان "قسد" الوحيد حول مقتل الشيخ مطشر، فالولايات المتحدة الأميركية وهي أبرز الداعمين لـ "قسد" دانت عبر حساب سفارتها في دمشق الحادثة وعلقت بالقول "إن العنف ضد المدنيين غير مقبول ويعيق الأمل في حل سياسي دائم للصراع في سوريا بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254".

روسيا لم تفوت الفرصة هي الأخرى، حيث أجرت وكالة "سبوتنيك" الروسية مقابلة مع الشيخ إبراهيم الهفل، الذي وجه عبر الوكالة اتهامات لـ"قسد" بالوقوف وراء تسهيل عملية اغتيال مطشر.

في المقابل وجهت "الحكومة السورية المؤقتة" و"الائتلاف السوري المعارض"

اتهامات لـ"قسد" في سعيها لإسكات الأصوات المؤثرة في الحاضنة الشعبية، المناهضة لمشروعها، إضافة إلى اتهام "قسد" في تعمدها عدم ضبط الأمن في تلك المناطق.

كما حمّلت قبيلة “العكيدات“عبر بيان في"فيس بوك"  المسؤولية لـ"قسد" لكونها تسيطر على المنطقة.

 

ماذا ينتظر دير الزور

الباحث في التاريخ الاجتماعي والسياسي السوري وابن مدينة القامشلي مهند الكاطع، يرى في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن الواقع الحالي يشير إلى عدم وجود أي تشكيل عشائري عسكري منظم، ما يعني عدم وجود أي قرار مركزي عشائري.

ولفت إلى أن هناك حوادث متراكمة، واستقطابات عشائرية بدأت تتنامى ضدّ "قسد"، مثل مقتل أشخاص بارزين في البيئة العشائرية، وخاصة ممن لم يناصروا "قسد"، وهذا وفق الكاطع سيثير نعرة وعصبية تساهم في توحيد العناصر العشائرية بشكل يجعل منهم قوة كبيرة يمكن أن تقلب الموازين في المنطقة.

لذلك يمكن أن نشهد مزيداً من الاحتجاجات والمواجهات في الفترة القادمة، بحسب توقعه.

ويعتقد الكاطع أن الاحتجاجات المتزايدة ضد "قسد" وممارساتها، ينسف الشرعية المزيفة التي تدعيها بالمنطقة، وتسرّع في عملية رحيلها عن المنطقة، وعودة إدارة المنطقة لأبنائها.

وقال إن دير الزور لن تكون لقمة سائغة لـ "قسد"، بل ومن المحتمل أن تمتد هذه المواجهات لتشمل مناطق أخرى في محافظتي الرقة والحسكة الواقعة تحت سيطرة "قسد".

من جانبه، قال عضو مجلس القبائل والعشائر السورية، مضر حماد الأسعد، لموقع تلفزيون سوريا، إن "قسد" عجزت عن السيطرة على منطقة الجزيرة والفرات، ولذلك بدأت حالياً بخطتها الجديدة وهي اغتيال الرموز العشائرية العربية الكبيرة، بعد أن حاولت إهانتهم عبر الحواجز الكثيرة التي يتم نصبها بين القرى والمدن.

وأضاف أن "قسد" عندما عجزت عن تعزيز الأمن والأمان وتوفير أبسط مقومات الحياة في المنطقة من الماء والكهرباء والمواد الغذائية والتعليم والصحة رغم سرقتها للنفط والغاز والفلزات المعدنية والآثار، وفق قوله، راحت تعمل في نشر الفتن والإرهاب والمخدرات والدسائس والاغتيالات والتفجيرات والمخدرات والدعارة وبيع الأعضاء البشرية وخطف الأطفال والقاصرات.

وقال إن اغتيال أصحاب الأصوات المسموعة الذين يرفضون مشروع "قسد" ويطالبون بتحسين الأوضاع ووقف الانتهاكات بحق المدنيين، هو من ضمن هذه السياسة، التي "كبّرت الصغار وصغّرت الكبار"، وفق تعبيره.

ولم يستبعد الأسعد أن تكون الميليشيات الإيرانية المنتشرة في دير الزور وراء مقتل الشيخ مطشر، بذريعة إنهاء الحالة العشائرية في سبيل السيطرة على البنية الاجتماعية، لخدمة سياسة التمدد التي تنتهجها إيران في سوريا.

من جانبه، قال عضو المكتب الإعلامي لـ "لواء الشمال الديمقراطي" في محافظة الرقة التابع لـ "قسد" لموقع تلفزيون سوريا، إن "دير الزور تشهد اضطرابات متفاوتة في حدتها منذ تحريرها من تنظيم داعش حتى الآن، وتشهد كذلك انقسامات اجتماعية وفكرية حادة بين مؤيد للنظام ومتعاطف مع داعش".

واعتبر أن "قسما كبيرا" انخرط في مشروع "قسد" و "الإدارة الذاتية"، وأضاف "لكن الكلمة الأخيرة تبقى للتركيبة العشائرية في تلك المحافظة، وفي ظل هذا الانقسام والضغط الكبير الذي يتعرض له هذا المجتمع المنقسم على ذاته نجد أن أيادي النظام بتركيبته الإجرامية الإقصائية مصرة على تخريب السلم العام ليكون شعار النظام أنه الحامي الحقيقي للبلد هو السائد".

وأردف "كذلك لا يجب أن نهمل بعض خلايا داعش النشطة والتي تتفق مع رؤية النظام في إثارة الفوضى من جهة".

 

نشاط الشيخ مطشر

وفق مصادر متقاطعة تواصل معها موقع تلفزيون سوريا، فإن مطشر الهفل يعتبر من الشخصيات الإصلاحية البارزة في ريف دير الزور، حيث كان يعمل كمصلح اجتماعي، حتى إنه يوم اغتياله كان في طريقه لعقد صلح في بلدة غرانيج.

وأضافت المصادر أن مطشر وقف دائماً ضد سياسة "قسد" ومشروعها في تغييب المكون العربي وسلب حقوقه، وكان من أشد الرافضين للمناهج التي حاولت "الإدارة الذاتية" الذراع المدنية لـ"قسد" فرضها على أهالي دير الزور، الشهر الفائت.

ووفق مضر حماد الأسعد، فإن لمطشر تواصلا دائما مع مجلس القبائل والعشائر السورية، مشيراً إلى أن هذا التواصل كان في إطار مناقشة السلم الأهلي في محافظة دير الزور والتواصل الدائم مع أبناء العشائر.