icon
التغطية الحية

في معنى ترميم فيلم "باب الشمس" وإعادة عرضه

2023.07.29 | 05:09 دمشق

آخر تحديث: 29.07.2023 | 15:20 دمشق

باب الشمس
من فيلم "باب الشمس"
+A
حجم الخط
-A

قليلة هي الأفلام التي يشعر المتابع بطزاجتها مع معاودته مشاهدتها، وغالباً ما يكون هذا سبباً لمنحها أوسمة التفوق والرسوخ في الذاكرة.

حدث هذا مع أفلام عالمية مشهورة، وينطبق الأمر بحذافيره على فيلم "باب الشمس" للمخرج يسري نصر الله الذي صدر في نسخته الأولى عام 2004.

فمنذ أن أعلن مهرجان لوكارنو السينمائي عن خطته لعرض نسخة مرمّمة إلى مستوى جودة (4k)، ضمن برنامج "تواريخ السينما" المعني بكلاسيكيات الأفلام العالمية بتاريخ الـ7 من آب المقبل؛ يستعد كثيرون ممن شاهدوا الفيلم بجزأيه منذ 19 سنة لمشاهدته مجدداً وكأنه قد ولد اليوم أو البارحة على أبعد حد!

عناصر قوة فيلم "باب الشمس" عديدة: اسم مخرجه، والرواية التي كتبها إلياس خوري، ومجموعة من الفنانين المرموقين يشاركون في أداء شخصيات حكايته بروح تبدو مختلفة عن السائد، لكن العامل الأشد رسوخاً وحضوراً يتأتى من موضوعه الفلسطيني.

ملصق
ملصق الفيلم بترجمة فرنسية (مهرجان كان)

لم تغب فلسطين عن السينما مطلقاً فهي حاضرة في أفلام تظهر بين الفينة والأخرى، ولهذا لا يمكن اعتبار مقاربة هذه الثيمة أمراً كافياً لمنح الفيلم بطاقة عبور مضمونة إلى عيون وعقول مشاهديه، لكن روح المعالجة ورؤية الحكاية عبر الكاميرا، والإصرار على اللحاق بكل الجزئيات حتى وإن حملت زيادة في وقت المشاهدة، كلها تفاصيل تستفز المشاهد الذي كان وما زال يتأثر بالجرح الفلسطيني الذي ما زال حاراً، رغم مرور عقود على وقوعه في الذات الفلسطينية والعربية، وتجعله يعود إلى جذر القصة؛ أليست المأساة هي حكاية البشر؟ ألم تكن النكبة اسماً لعشرات آلاف القصص الشخصية التي تضاعف عددها مع كل منعرجات تاريخ المنطقة حتى صارت تتماهى مع قصصنا كسوريين ولبنانيين وأردنيين ومصريين وعراقيين..

الروائي إلياس خوري وفي لقاء ثقافي جرى في مدينة طرابلس قبل فترة وجيزة، أشار وبحسب ما تنقل عنه سوسن الأبطح في جريدة الشرق الأوسط إلى أن الأساس الذي انطلق منه في كتابته للرواية لم يكن تأريخ النكبة، وإعادة قراءة مأساة اللجوء والشتات. لقد " كتبتها وكان برأسي، أمر واحد هو أن أكتب قصة حب. كنت أتساءل دائماً، لماذا قصص الحب عند العرب مخترعة وليست حقيقية؟ ولماذا لا أكتب بكل بساطة عن حب رجل لزوجته. وهذا ما كان".

خوري
إلياس خوري

لكن هذه القصة المليئة بالشغف، حدثت على أرض مقطعة، يفصل بين أبطالها أسوار عالية، وحكايات مشتبكة عن الوطن المسلوب وعن الحالمين باستعادته، وهي تحاكي ما جرى مع كل من ثار في العالم العربي من أجل وطنه الذي يشبه فلسطين ولا يختلف عنها إلا باسم من يحتلها، وهذا ما يشير إلى طبقة عميقة في كلام خوري حين يقول: «النكبة ليست من الماضي، النكبة مستمرة إلى اليوم. التقاط اللحظة، كان فقط من أجل كتابة قصة حب".

وهنا يحق لنا أن نسأل بدورنا: وماذا سنفعل كمشاهدين إن كانت قصة حب في رواية عن عاشقين فلسطينيين تجعلنا نتحفز للمشاهدة وكأنها تحدث معنا نحن الذين نعيش الواقع الراهن بكل ما يحتويه من لحظات فرح وترح وآمال وخذلان!

الشمس
ملصق الفيلم

بالنسبة لي، وأعتذر للقارئ عن هذا الانتحاء الشخصي، لم أتأثر بمشاهدة فيلم كما تأثرت بهذه التحفة التي صنعها يسري نصر الله بلغة سينمائية رائقة، نهضت في مواجهة المجانيات الجمالية التي سادت في وقت صناعة الفيلم، وحاولت تقديم الأفضل ضمن الإمكانيات القليلة التي أتيحت له إنتاجياً، وتم خلقها في فضاء قلق كان يطرح الأسئلة الصعبة مع كل حدث يجري في المشهدين السياسي أو الميداني، ولعل هذا ما يتكرر حالياً حين يعيد عرض الفيلم في مهرجان لوكارنو إبراز فلسطين، في ظل انسداد آفاق الحلول المتاحة بسبب هيمنة التطرف اليميني ومحاولته قتل القضية بالعنف والإرهاب.

المخرج يسري نصر الله لا يخفي سعادته بعودة فيلمه إلى الواجهة، لكنه عبر في أحد اللقاءات عن سعادته لعرض الفيلم كاملاً هذه المرة وذلك أن النسخ التى كانت تعرض على المحطات العربية خضعت للرقابة، فحذفت منه مشاهد كثيرة!


بطاقة الفيلم

-      إخراج يسري نصر الله
- سيناريو وحوار: محمود سويد
-      إنتاج مشترك مصري فرنسي 2004
-      النسخة الأصلية باللهجة الفلسطينية مع ترجمة للفرنسية
-      الفيلم جزآن, مدة كل واحد منهما 140 دقيقة
-      تمثيل: إسماعيل مداح, محمد حداقي, أحمد الأحمد, قاسم ملحو, حسين أبو سعدة, رجاء قوطرش, ريم تركي, عروة نيربية, هيام عباس, باسل خياط, حلا عمران, محتسب عارف, حنان الحاج علي, دارينا الجندي, بياتريس دال.