فريق بايدن والضغط على تركيا

2020.11.22 | 23:03 دمشق

image1-2-1-759x500.jpg
+A
حجم الخط
-A

بعد إعلان فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية بدأ المحللون والمختصون بالشأن التركي في مراجعة مواقفه سواء خلال فترتي أوباما من 2009 وحتى 2016 أو بعد ذلك خلال حملته الانتخابية، ومع أهمية ذلك وخبرة بايدن في التعامل مع تركيا فإنه من المهم الاطلاع أيضاً على الفريق المحيط ببايدن لفهم مواقفهم أيضاً فيما يتعلق بتركيا.

عند المرور على كامالا هاريس مرشحة بايدن لمنصب النائب فهي تبدو أقرب للتركيز على الشأن الداخلي، من قبيل مواضيع تطبيق القانون وقضايا العنصرية ومكافحة الجريمة ومع ذلك فقد أبدت بعض المواقف التي تفهم على أنها ليست صديقة لتركيا. ومنها تأييدها لإدانة تركيا في ملف مذابح الأرمن.

ولعل الأهم من هاريس فيما يتعلق بتركيا هو فريقه للسياسة الخارجية وتحديداً للشرق الأوسط وهنا يأتي أنطوني بلينكن مستشار بايدن للسياسة الخارجية في المقدمة، وسوف نركز في السطور القادمة على مواقف بلينكن الذي عمل أيضاً بجوار بايدن في إدارة أوباما ورافق بايدن في زياراته لتركيا.

يبدو بلينكن من خلال تحليل محتوى خطابه مدركاً للمخاطر الأمنية التي تتعرض لها تركيا فقد تفهم التوتر التركي بسبب الصراع في سوريا والذي وصف أنه تسبب "بأسوأ أزمة نزوح بشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية". يبدو بلينكن متفهماً لتهديد حزب العمال الكردستاني لتركيا حيث وصفه بالتهديد الإرهابي الخطير،  وغير المبرر.

على الجانب الآخر يقر بلينكن بضرورة التعامل مع التصور القائل بأن تركيا والولايات المتحدة تتباعدان وتتبعان نماذج مختلفة من الحكم والقيادة.

يتعامل بلينكن مع تركيا بدبلوماسية احترافية عندما يقول "لدينا نصيب من الخلافات ولكننا نناقشها بصراحة كما يفعل الشركاء ونحن نقف إلى جانب صديقتنا تركيا وحليفتنا في الناتو ونشجعها على ضمان حماية سيادة القانون والحريات الأساسية".

اعتبر بلينكن في حديث له في 2016 أن المحاولة الانقلابية كانت إهانة مؤسفة للشعب التركي وقد كان بلينكن زار مقر البرلمان التركي الذي تم قصفه في ليلة انقلاب 15 تموز وأبدى تأثره من الوضع. علماً أن بلينكن كان قد رافق بايدن في زيارته لأنقرة قبل 6 أشهر من الانقلاب والتي أثارت بعض علامات الاستفهام.

يتفق بلينكن مع الرأي القائل بضرورة العمل عن كثب مع تركيا في مواجهة داعش في كل من سوريا والعراق والإشادة بدور تركيا في التصدي للتهديد على حدودها ومشاركة المعلومات حول هويات المقاتلين الأجانب. ولكن مع تراجع تهديد داعش لم تعد هناك أهمية كبيرة لمثل هذا التعاون.

ولكن بالرغم من هذا يدرك بلينكن أن النجاح في تدمير داعش بالكامل يتطلب حل الحرب الأهلية في سوريا، وهنا فإن بلينكن يعتقد أن الحروب الأهلية تنتهي إما بانتصار أحد الطرفين وهذا غير مرجح حالياً أو عندما يستنفد الطرفان وهذا يحتاج وقتاً طويلاً أما الثالثة فتكون بتدخل القوى الخارجية لكنه يمكن أن يصب الزيت على النار ويمد في عمر الصراع. ولذلك يريد أن يكون تدخل تركيا في إطار الجهود الأميركية وفي الحقيقة هو يلقي باللوم هنا أكثر على نظام الأسد وروسيا.

قد يكون بلينكن أحد الأسماء المرشحة لمنصب وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومي وهذا يشير إلى أنه مهما بدا دبلوماسيا ومنصتاً للأخير فستكون مهمة تركيا صعبة معه

مع كل هذا اختفى الوجه الدبلوماسي لبلينكن في حديث له مع إحدى المؤسسات الأميركية في بداية فترة ترامب عندما انتقد مستشار الأمن القومي حينها مايكل فلين بأنه يمثل المصالح التركية وليس المصالح الأميركية وألمح إلى أنه قد يكون يعمل لصالح تركيا.

قد يكون بلينكن أحد الأسماء المرشحة لمنصب وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومي وهذا يشير إلى أنه مهما بدا دبلوماسيا ومنصتاً للأخير فستكون مهمة تركيا صعبة معه.

من الأسماء المحيطة ببايدن أيضا تأتي سوزان رايس وهي اسم مرشح لوزارة الخارجية أيضاً وكانت مستشارة الأمن القومي من 2013 إلى 2017 وعملت سفيرة في الأمم المتحدة وباحثة في بروكنجز وقد كان أوباما يريد أن يعينها وزيرة للخارجية في 2012.

لعل أبرز النقاط التي تربطها بتركيا هي إحباطها لمبادرة تركيا والبرازيل في 2010 لاتفاق نووي مع إيران. فضلاً عن أن شخصية رايس تعرف بأنها مواجهة و"معتدة" فإن مهمة تركيا معها أيضاً لن تكون سهلة.

من بين الأسماء السفير السابق في اليونان نيكولاس بيرنز وتربطه علاقات بأعضاء من تنظيم غولن لم يقم بقطعها بعد المحاولة الانقلابية بل عمل على تأكيدها من خلال نشر الصور وهذه تعتبر نقطة استفزازية جداً لدى الحكومة التركية.

لم تتضح بعد أسماء وزراء بايدن للخارجية والدفاع ومبعوثه للشرق الأوسط وسفيره إلى أنقرة ولكن يبدو من خلال السيرة الذاتية للأسماء المرشحة أن مهمة تركيا لن تكون بالسهلة.

لعل أبرز مثال على الطريقة التي سيتعامل بها بايدن وفريقه مع تركيا هو ما عبر عنه مستشار آخر للسياسة الخارجية وهو مايكل كارنتر الذي قال، إن الولايات المتحدة لا تسعى لانهيار الاقتصاد التركي عن طريق حشر تركيا في الزاوية أو فرض العقوبات عليها بل هناك طرق أخرى للضغط على تركيا لتغيير سلوكها. يشير كل ما سبق إلى أنَّ الضغط سيكون الكلمة المفتاحية في علاقة تركيا مع إدارة بايدن وسيرتفع درجة درجة وصولاً للعقوبات طردياً مع تحدي أنقرة لمطالب الإدارة.