عملية "المخلب النمر" التركية والتنافس الإقليمي

2020.06.20 | 00:00 دمشق

645x344-1592375252188.jpg
+A
حجم الخط
-A

أعلنت وزارة الدفاع التركية فجر الأربعاء 17 يونيو/حزيران عن إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وتحديدا في منطقة هفتنين شمال العراق، وقد أطلقت على العملية اسم "المخلب-النمر" وقد تم قصف أكثر من 500 هدف في إطار العملية حتى صباح 18 من حزيران 2020 وخلال أول 36 ساعة من العملية كما أعلنت وزارة الدفاع، فضلا عن مشاركة أكثر من قطاع عسكري في العملية من المدفعية إلى الطائرات الحربية إلى الطائرات من دون طيار إلى طائرات الأتاك المروحية وصولا إلى قوات الكوماندوز التي أعلن عن وجودها في محيط المكان.

وتأتي عملية "المخلب النمر" بعد يومين من إطلاق عملية "المخلب النسر" يوم الأحد 16 من يونيو/حزيران ضد حزب العمال الكردستاني في المناطق المحيطة.

وقد أثار هذا الأمر التساؤلات حول سبب إطلاق عملية جديدة، ويبدو التفسير الأكثر منطقية هو إحباط أي تهديدات تستهدف تركيا بشكل استباقي خاصة أن بعض الأطراف تفكر بإعادة تفعيل هجمات حزب العمال الكردستاني على تركيا وتحديدا بعد النجاحات التي حققتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية بعد طرد قوات حفتر من طرابلس ومحيطها.

تستهدف عملية "المخلب النمر" الكادر القيادي لدى حزب العمال الكردستاني والبنية التحتية للتنظيم وتؤكد على استراتيجية تركيا في العمل ضد التنظيم منذ بداية العام حيث قامت بتنفيذ أكثر من عملية خلال الست أشهر الماضية، ولكن العمليات الأخيرة يبدو أنها تحمل أبعادا استخبارية مهمة خاصة عن أماكن وجود قيادات حزب العمال الكردستاني فقد أفادت صحيفة تقويم التركية أن العملية تمت بالشراكة بين المخابرات التركية والقوات المسلحة التركية.

 ولهذا قد يكون توالي العمليات مرتبطا بتزايد إنذارات التحذير من الرد على تركيا عبر حزب العمال بعد انتصارات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا ضد حفتر وحلفائه من جهة، وبتوفر معلومات حول أماكن اختباء قيادات حزب العمال.

وكما يشير عدد من المتابعين الأتراك فإن هذه العملية تختلف عن عمليات أخرى سبقتها فمنذ سنوات التسعينيات تقوم تركيا بعمليات عسكرية ضد وحدات حزب العمال الكردستاني وقد قامت بملاحقة مقاتلي الحزب ولكن في كل مرة كان الحزب يعيد التموضع ويعيد تنظيم صفوفه من جديد بعد خروج القوات التركية ولهذا كما أشارت صحيفة حرييت فإن هذه الأحداث تجعل فكرة إنشاء قواعد ثابتة في المنطقة بعد انتهاء العمليات فكرة حاضرة.

لعل تزايد كثافة العمليات العسكرية وتأثيرها يعتمد على تنسيق دقيق بين عدة أطراف وهي القوات المسلحة والمخابرات ووزارة الداخلية، وبالإضافة إلى ذلك الاعتماد على المراقبة التكنولوجية والتي تعد طائرات من دون طيار أحد الأمثلة عليها والتي أصبحت تركيا متقدمة في مجالها. ويضاف لذلك التنسيق السياسي مع الأطراف الخارجية مثل حكومة إقليم شمال العراق والحكومة العراقية، كما أن تزامن القصف الإيراني على مناطق لتنظيمات كردية شمال العراق مع القصف التركي على حزب العمال الكردستاني أثار أسئلة حول التنسيق.

وبالطبع في سياق المواقف قدمت وزارة الخارجية العراقية احتجاجا للسفير التركي في العراق فاتح يلدز على العملية التركية واعتبرتها اختراقا للسيادة العراقية، ومع ذلك فقد قال السفير في موقف مشابه سابق في سياق عملية "المخلب النسر" أن تركيا ستستمر في تنفيذ العمليات ضد حزب العمال الكردستاني عبر حدودها مع العراق في حال استمر تهديد الحزب ولم تقم الحكومة العراقية أو حكومة إقليم شمال العراق بأي خطوات عملية لإنهاء وجود التنظيم.

وبالطبع فإن هذه الأجواء من شأنها أن توتر العلاقة بين تركيا والحكومة العراقية الجديدة ولكن حتى الآن أثبت الطرفان قدرة على تجاوز الأزمات ولكن بالطبع فإن الفجوة من الممكن أن تتوسع في حال دخلت البلدان المنافسة لتركيا وخاصة الدول الداعمة لحفتر في تحريض العراق واستمرت في تقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني.

وقد أعلنت وزارة الدفاع التركية أن هدف هذه العملية هو تحييد عناصر تنظيم PKK وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تستهدف أمن الشعب التركي وحدوده وتسعى لاستهداف المخافر والقواعد العسكرية بالمنطقة"، وأن "العملية تأتي في إطار الحق المشروع في الدفاع عن النفس الذي ينص عليه القانون الدولي".

على كل الأحوال تبدو تركيا مصممة على تنفيذ العملية بقوة وتدمير البنية التحتية لتنظيم حزب العمال في العراق وبشكل سريع ويشير تدمير 500 هدف خلال أول 36 ساعة من العملية إلى هذا الأمر كما أن ملف الوجود البري سوف يثير كثيرا من النقاشات في الأيام القادمة.