icon
التغطية الحية

عمليات نبش وتنقيبات أثرية عشوائية في مناطق سيطرة "قسد"

2020.07.16 | 14:31 دمشق

unnamed.jpg
تل الشيخ حمد- إنترنت
تلفزيون سوريا - خاص/ وكالات
+A
حجم الخط
-A

تحدثت مصادر خاصة بوكالة الأناضول التركية عن عمليات تنقيب سرية عن الآثار يجريها آثاريون فرنسيون في موقع (دُوْر كاتليمو) الواقع على "تلّ الشيخ حمد" الأثري في ريف دير الزور الشمالي.

وبحسب المصادر فإن الآثاريين الفرنسيين يقومون بأعمال التنقيب في التل المذكور وفي بلدة "غريبة الشرقية القريبة منه، منذ عدة أشهر، تحت حماية ميليشيا "قسد" المسيطرة على المنطقة.

وأفادت المصادر بأن أعمال التنقيب يتم تنفيذها وسط تعتيم وتكتّم شديدين، إذ حذّر عناصر الميليشيا اقتراب أهالي القرى والبلدات المحيطة من الاقتراب، مشيرة بأن أعمال التنقيب تبدأ بعد منتصف الليل، وتتواصل حتى الصباح، وسط تكتم كبير، فيما حذر عناصر المنظمة الأهالي في القرى المحيطة بالموقع من الاقتراب.

وذكرت المصادر أن الآثاريين الفرنسيين يقومون بنقل ما يعثرون عليه من لقى أثرية إلى حقل العمر النفطي، الذي يعدّ مقرّاً للقوات الأجنبية، بينها الفرنسية التي يصل عدد جنودها إلى 200 جندي.

ويقع تل الشيخ حمد الأثري (دور كاتليمو) عند الضفة اليمنى لنهر الخابور على بعد 70 كم شمال مدينة ديرالزور، في الطريق الواصل إلى محافظة الحسكة.

ويتألف التلّ من عدة طبقات "سويّات" أثرية أهمها تعود إلى العصر الآشوري الوسيط في النصف الثاني من الألفية الثانية قبل الميلاد، ويعدّ من التلال الأثرية المهمّة التي يضمّها حوضا الفرات والخابور ويقدّر عددها بأكثر من 300 تلّ أثري تغطّي مختلف العصور القديمة.

ما مصير المواقع وآلاف اللقى الأثرية في محافظة دير الزور؟

التلال الأثرية المنتشرة في ريف محافظة دير الزور من التي لم يتم التنقيب فيها أو التي توقف فيها التنقيب نتيجة الحرب، ومن بينها تل الشيخ حمد، دفع بالكثيرين من أبناء تلك المناطق إلى إجراء عمليات النبش والتنقيب العشوائي بغرض السرقة والإتجار بلقاها الأثرية؛ وقد سرت بين الأهالي تفاصيل مرتبطة بأسماء شخصيات شاركت بعمليات التهريب والإتجار بغرض جمع الأموال والهروب بها، وأغلب تلك الشخصيات كانت تتبع في السابق لتنظيم "الدولة" بعد سيطرته على المحافظة.

أما اليوم فمعظم المجموعات المشرفة على التنقيب العشوائي ونبش الآثار فتعمل تحت حماية قوات "قسد" في المنطقة، بحسب أحد أهالي مدينة البصيرة التي تضم موقع (قرقيسيا) الأثري، الذي أكّد لموقع "تلفزيون سوريا" بأن عمليات النبش بقيت مستمرة حتى اللحظة داخل مربعات التنقيب في المدينة الأثرية التي توقّفت فيها أعمال البعثات منذ 2011.

 

unnamed (1).jpg
قرقيسيا

 

ويقول أحد أبناء مدينة دير الزور، وهو من الموظفين السابقين في المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية لموقع "تلفزيون سوريا": "منذ بدايات عام 2012 لم يعد بالإمكان معرفة مصير آلاف القطع واللقى الأثرية التي ضمّها متحف دير الزور الذي تحوّل إلى مقرّ لمتاريس وقنّاصي جيش نظام الأسد منذ ذلك الوقت".

 

diralzor.jpg
متحف دير الزور

 

ويشير إلى أن "تاريخ تلك اللقى يعود إلى العصور الحجرية الأولى إضافة إلى ممالك العصور البرونزية التي تتربع على عرشها، بالإضافة إلى دور كاتليمو، مملكة ماري/ تل الحريري 2100 ق.م القريبة من مدينة البوكمال والتي تم العثور في قصرها الملكي على أكثر من 20 ألف لوح طيني "رُقيّم" مخطوط بالكتابة المسمارية، إضافة إلى مملكة ترقا/ العشارة، وآثار "بقرص"، مروراً بالعصور الهلنستية اليونانية والرومانية، والتي تعتبر مدينة دورا أوروبوس/ الصالحية، من أهم مواقعها على مستوى سوريا والعالم، نظراً للعثور فيها على أهم المعابد القديمة، ومنها الكنيس اليهودي وأقدم الكنائس المسيحية في التاريخ، بالإضافة إلى مدينة "قرقيسيا- البصيرة" و"حلبية وزلبية"، وآثار "الطريف"، وصولاً إلى العصور العربية والإسلامية التي تجسّدت بالعديد من المواقع الموزّعة بالمدينة وريف المحافظة، من قلعة "رحبة مالك بن طوق" قرب مدينة الميادين إلى المسجد "العمري" داخل المدينة".

ويؤكّد أيضاً بأن "كل اللقى الأثرية العائدة لتلك الحقب التاريخية، والتي كانت معروضة ضمن قاعات متحف دير الزور، أو محفوظة ومخزّنة ضمن القسم الفني (المستودع) فيه، اختفت بشكل كامل عن الوجود، ولم يتم العثور عليها حتى في متحف دمشق أو باقي المتاحف الخاضعة لسيطرة النظام، عدا تلك التي تم نقلها مباشرة ساعة اكتشافها في المواقع الأثرية، كاللوحات الجدارية "الفريسكات" العائدة للكنيس اليهودي من دورا أوروبوس، والتمثال المشهور لـ "أورنينا مغنية المعبد" من موقع ماري، بالإضافة إلى تماثيل تعود لآلهة وملوك ماري كتمثالي (إيكوشاماغان) و(زيمريليم)".

وقد تعرّض موقع مملكة ماري وأوابده للنهب والتعدي من قبل عصابات سرقة الآثار، وخاصة بعد سيطرة تنظيم "الدولة" على المنطقة، كما حصل لكثير من المواقع الأثرية السورية؛ وتركز النهب والتخريب على القصر الملكي والحمامات ومعبد "عشتار" ومعبد "داجان" ومعبد ربة الينبوع، حسب شهود من أبناء المنطقة لموقع "تلفزيون سوريا ."

أما بالنسبة لـ "دورا أوروبوس" فيذكر تقرير صدر عن منظمة اليونسكو، تناول أعمال النهب والتخريب الأخيرة، أن عدد الثقوب الناتجة عن أعمال الحفر والتنقيب غير القانونية بلغ حوالي 250 في مختلف أنحاء الموقع. وتسبّبت هذه الأعمال في الموقع الأثري في تخريب ما يفوق الثمانين بالمئة من التل الأثري، كما انتزعت بعض الأحجار من المعابد وهُرّبت إلى خارج الموقع. 

 

دورا أوروبوس
دورا أوروبس

 

وتجدر الإشارة إلى أن أغلب الآثار المنهوبة والمهرّبة من مواقع دير الزور تم تهريبها عن طريق حدود دول الجوار، بعضها تم بيعه لمقتني آثار أوروبيين بأسعار زهيدة لا تساوي 1% من قيمتها التاريخية والأثرية والحضارية.