icon
التغطية الحية

عروض سينمائية في عفرين تحفّز الحضور على نقاش وحوار كان غائباً في سوريا | فيديو

2021.07.28 | 16:58 دمشق

thumbnail_image_1.jpg
حلب - هادي طاطين
+A
حجم الخط
-A

 

يُعرض في مدينة عفرين أسبوعياً في مكتب الرابطة السورية لكرامة المواطن فيلم درامي يناقش القضايا السورية والقضايا الاجتماعية العربية التي تمس الشأن السوري وتلامس واقعه من خلال عروض سينمائية منتقاة لتحفّز الحضور على التعمق والنقاش بما يؤدّيه الفيلم من رسائل وأفكار.

عندما نتحدث عن السينما سيخيل إلى أذهاننا شاشة كبيرة وقاعة واسعة وتوزيع مناسب للصوت يتوافق مع إنتاج الفيلم المعروض وإيصاله بشكله المناسب، لكن نادي السينما في عفرين يعد نموذجاً اجتماعياً ثقافياً سياسياً، من خلال شاشة منزلية كبيرة نسبياً ونسخ غير أصلية للأفلام المعروضة، يفقد معها المشاهد الجودة الفنية، من دون أن يقلل ذلك من القيمة الدرامية والنقاش حولها.

أفلام تحفّز النقاش لدى الحاضرين

لكن دعونا لا نفرط بالحديث عن الأمور التقنية فجزء كبير من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما لم يكن بالتطور التقني الحالي لكنها تُشاهد ويتم النقاش حولها وحول أفكارها ومعالجتها في وقتنا الحالي وعصرنا الحديث خصوصاً أن فكرة النادي السينمائي لا تقوم على إنتاج الأفلام بل على المشاهدة الجماعية. 

لا ينتهي عرض الفيلم بالتصفيق والتحية، فما زالت التجربة تتلمس خطواتها الأولى نحو خلق جوِّ ثقافي غائب أو غُيبَ عنه السوريون وعن التعاطي به لسنوات طويلة، ولا تكون النهاية بخروج الحاضرين القلائل من مكان العرض والعودة لأشغالهم، في نهاية الفيلم يتم سرد قصة الفيلم والنقاش حول فكرته وهنا يصل الحوار والجدال كثيراً إلى سوريا، سوريا الأمس والحاضر والمستقبل. 

يركز النادي في اختياراته للأفلام على الأفلام العربية والسورية بشكل خاص، خصوصاً تلك المنتجة قبل الثورة والتي لم تكن الفرصة متاحةً للحاضرين اليوم في النادي لمشاهدتها لولا التغيرات السياسية التي تشهدها سوريا، وانفتاح الآفاق أمام الشباب المثقف والرغبة بدراسة الوضع في سوريا والبحث عميقاً في واقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي أدى في النهاية لتفجر الوضع وانطلاق الثورة. 

المقاربة بين الأفلام العربية والواقع السوري هي أحد أهم الجوانب التي تحضر بالنقاش، فالفيلم اللبناني لمخرجته نادين لبكي "وهلأ لوين" فتح الأبواب على أهم القضايا الاجتماعية التي ستواجه السوريين في نهاية الحرب سواء بالحل السياسي أو انتصار طرف على أخر، والسؤال الذي انبثق عن الفيلم ودار حوله النقاش؛ ما هو حجم الفجوة التي نشأت بيننا كسوريين باختلاف توجهاتنا خلال سنوات الحرب؟ وكيف يمكن لنا في حال وجدت الرغبة تقليص هذه الفجوة؟! لكن المفاجئ أن تلك الفجوة قد وصلت صالة عرض الفيلم فالعديد من الحاضرين استهجن فكرة الفيلم.

 

 

مجرد الفكرة كانت كافية ليشعر بالرعب تجاه دائرته الاجتماعية والدينية والتي اقترب الفيلم منها وكسر قوالبها عندما استيقظت شخصيات الفيلم "الرجال" لتجد نساءها قد غيرت دينها لدين أقرانهم في الضيعة في خطوة أخيرة منهن لوأد الصراع الطائفي القابع تحت رماد الحرب الأهلية والذي كاد أن يعود للاشتعال بمحض الصدفة أو بفعل فاعل، فكرة رومنسية، حالمة، تُوقف سيل الدماء المتوقع.

"الليل الطويل" للمخرج حاتم علي كان أكثر إرضاءاً لمتابعي الفيلم في النادي، رغم الانتقادات التي طالته فور انتهائه فالجميع وبعد معرفة قصة الفيلم التي تتحدث عن ليلة خروج معتقلين سياسيين من سجون النظام، كان ينتظر إدانة واضحة للسلطة، لكن الفيلم راح يصوغ حكايته من بُعدها الإنساني والنفسي للمعتقل بعد خروجه، والأثر الذي يلحق بأبنائه ومن حوله والتغيرات التي تطرأ عليه وعليهم بعد سنوات الاعتقال، من دون أن يذهب باتجاه عرض ظروف الاعتقال والحرمان والتعذيب الجسدي الذي يمارس على المعتقلين، ورغم ذلك لم يخلُ النقاش ممن رأى الفيلم من تنبؤ بالانفجار ووقوع ما وقع في 2011، بالاستدلال بالرسائل الرمزية والبصرية خلف المَشاهد والحوار وهي متعة وفن يراه كثيرون من عشاق السينما الطريق الأجمل للتعبير دون طرح القضايا بشكلها المباشر.

الأفلام الوثائقية

الأفلام الوثائقية تكون حاضرةً على جدول المشاهدة لكنها وخاصة المنتجة خلال فترة الثورة تكون الأقل من حيث إثارة النقاش لكونها تمثل في غالبها مادة تسجيليةً للواقع السوري من منطلق مأساته ومعاناته خلال العشر سنوات الأخيرة والتي يستخدم صناع الفيلم فيها الطريقة المباشرة لطرح القضايا مع ترميز أقل يأخذ من المشاهد فرصته للتخيل ويبقيه أمام الانطباعات الجاهزة، وهنا يقتصر الحوار على الجوانب الفنية والتقنية للفيلم وظروف إنتاجه.
يعتبر النادي السينمائي بجهود المثقفين والمحبين للسينما و القائمين عليه في رابطة إعلاميي الغوطة الشرقية والرابطة السورية لكرامة المواطن مشروعاً ثقافياً تطوعياً ناشئاً، يحتاج الرعاية والاهتمام، في وقت أصبح فيه التوجه العام للمؤسسات السورية الإنسانية ميالاً للمشاريع الإغاثية الغذائية والخدمية وفي أحسن أحواله تنموياً في قطاع الخدمات أو الزراعة، ويبقى للمشاريع الثقافية والفنية أن تشق طريقها وحيدة نحو البقاء.