icon
التغطية الحية

عدة جهات تتعامل مع كورونا شمالي سوريا ووسطها وشرقها.. ما خططها؟

2020.07.30 | 07:19 دمشق

mshafy-dmshq.jpg
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

تسبب فيروس "كورونا" الذي يغزو العالم في كشف عورات القطاعات الطبية في دول كثيرة، من بينها دول عظمى، إذ واجهت حكومات هذه الدول انتقادات لاذعة، لسوء إدارة هذا الملف، واُتهمت بتجاهل القطاع الطبي خلال العقود الماضية والتركيز على الشأنين العسكري والاقتصادي، بحثاً عن النفوذ.

سوريا دولة من هذا العالم، لكنها تختلف عنه بتعدد القوى التي تسيطر على جغرافيتها، ولأن فيروس "كورونا" أصبح هماً مضاعفاً يثقل كاهل السوريين المنهكين في تأمين معيشتهم، كان لا بد من الإشارة إلى ما تعتمده مؤسسات هذه القوى من خطط لمواجهة هذا الوباء.

 

نظام الأسد.. التعتيم منذ البداية

رصد موقع تلفزيون سوريا، الطريق الذي سلكته "وزارة الصحة" والمؤسسات الأخرى التابعة للنظام، منذ الإعلان عن اكتشاف أول حالة بـ"كورونا" وحتى اليوم الأربعاء، 29 من تموز.

ووصل الفيروس إلى مناطق النظام من إيران، وظل الأمر في حالة تعتيم حتى 29 من شباط الفائت، عندما خرج معاون مدير الأمراض السارية والمزمنة في "وزارة الصحة"، هاني اللحام، ليؤكد  لإذاعة "ميلودي إف إم" الموالية، ذلك.

وأعلن اللحام حينها عن الاشتباه بحالتين قادمتين من إيران، لكنه لم يحدد حينها، زمن وصولهما، ما يعني أن الفيروس قد يكون حط رحاله في  مناطق النظام قبل شهر شباط، قادماً من إيران التي كانت تغرق بـ"كورونا" وقت ذاك، حيث  نفذت إجراءات احترازية، من تعليق للدراسة في الجامعات والمدارس إلى حظر دخول الصينيين إليها، وتنظيم فرق طبية لرش وسائل النقل بالمطهرات وتوفير أقنعة الوجه.

ولم تمنع هذه الإجراءات كلها من وصول الفيروس إلى مسؤولين في الدولة مثل نائب وزير الصحة الإيراني، إيرادج هريرتشي، ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، مجتبي ذو النور، ونائبة الرئيس الإيراني، معصومة ابتكار، ولاحقاً تمكن الفيروس من العشرات من المسؤولين في النظام الإيراني.
في ذلك الوقت، كانت تصل رحلات طيران مدنية قادمة من طهران إلى دمشق، بمعدل ثلاث رحلات أسبوعياً، بحسب موقع "Airportia" المختص برصد رحلات الطيران المدنية والخطوط الجوية.

كما كان يدخل إلى سوريا من معبر البوكمال الحدودي مع العراق، في محافظة دير الزور، مقاتلون إيرانيون وعراقيون، بشكل دوري، إضافة إلى أن ثلاث شركات طيران جوية سورية كانت تحمل رحلات إلى مطار دمشق الدولي في العاصمة السورية، ومطار "باسل الأسد" في محافظة اللاذقية، ومطار القامشلي الدولي، قبل أن تبدأ مؤسسة الطيران بالحد من الرحلات الجوية بعد ذلك.

خلال شهر آذار ونيسان وأيار، رفعت مؤسسات النظام شعار محاصرة "كورونا" واتخذت إجراءات لذلك، منها تعليق صلاة التراويح في رمضان، كما قررت "وزارة الأوقاف" تعليق إقامة صلاة العيد في المساجد، ووجهت بتعليق بقية صلوات الجماعة بشكل مؤقت، بينما سمحت بإقامة صلاة الجمعة وفقاً لضوابط صحية كحضور كل مصلٍّ مع كمامته.

إضافة إلى إيقاف التنقل بين المحافظات، وتحديد  فترة تُفتح فيها المحالّ والأسواق التجارية، ومنع إقامة المناسبات الاجتماعية (الأفراح والعزاء)، وإغلاق الحدائق العامة والنوادي الرياضية والمسابح، لكن هذه الإجراءات خُففت نهاية شهر أيار، وقد كسر حينها، عدد الإصابات حاجز الـ100، مع أربع حالات وفاة.

ووفق مصادر محلية في دمشق، تحدثت لموقع تلفزيون سوريا، فإنه خلال هذه الأشهر كان الفيروس ينتشر بين الناس، مشيرين إلى ماشهدته منطقة "جديدة الفضل" من عزل صحي ومناطق أخرى في ريف دمشق، وأكدت المصادر أن مؤسسات النظام لم تشرف بشكل فعلي على تطبيق إجراءات التباعد، خاصة في الأسواق.

لم تطل سياسة التعتيم على أعداد الإصابات، وشهد شهر تموز الجاري، تكشّف حقائق حول انتشار "كورونا" في مناطق النظام، ما يؤكد على عدم الجدية في التصدي له.

وكان موقع تلفزيون سوريا أعد تحقيقاً حمل عنوان " كورونا تعطل سياسة النظام في التعتيم والناس أمام مصير مجهول"، وأماط التحقيق اللثام عن حقيقة انتشار "كورونا" في مناطق النظام، مستعيناً بشهادات أطباء  يعملون في مشافي "الأسد الجامعي" و"المواساة" وغيرها، وتؤكد الشهادات أن النظام يتكتم عن الأعداد الحقيقة للإصابات والوفيات بالفيروس، وأن مصير الناس في مناطقه مجهولاً.

وحتى يوم أمس الثلاثاء، تقول "وزارة الصحة" إن أعداد الإصابات بـ"كورونا" هي  694 إصابة، والوفيات 40.

 

"الإدارة الذاتية الكردية".. تخشى من مناطق النظام

شكلت"الإدارة الذاتية" وهي الذراع المدينة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المتحكمة بمعظم محافظة الحسكة وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور "خلية أزمة" للتصدي لفيروس "كورونا"، مطلع آذار الماضي، مستشعرة بالخطر القادم من مناطق النظام، إذ تتبادل معه المسافرين إلى جانب الأمور التجارية، بسبب التداخل في السيطرة بينهما.

ومنذ آذار الماضي وحتى تموز الحالي، اتخذت "الإدارة" العديد من الإجراءات لمكافحة الفيروس، حيث أعلنت عدة مرات حظراً للتجول في مناطقها، كما أوقفت إقامة الصلاة في المساجد، ومنعت التجمعات، وحددت ساعات معينة لعمل الأسواق.

ويمكن القول إن إجراءات "الإدارة الذاتية" تأتي في كل مرة كردة فعل على تطورات انتشار "كورونا" في مناطق نظام الأسد.

وبرز هذا الارتباط بشكل فعلي، حينما توفي شخص في محافظة الحسكة بـ"كورونا" دون علم لمؤسسات "الإدارة الذاتية" الصحية.

وفي تفاصيل هذه الحادثة، وفق ما بحث موقع تلفزيون سوريا، فإنه في 17 من نيسان الفائت، كشفت "هيئة الصحة" التابعة لـ "الإدارة" عن أول وفاة لشخص مصاب بفيروس "كورونا" في مدينة القامشلي.

وجاء في بيان لـ "هيئة الصحة" حينها، أن منظمة الصحة العالمية سجلت وفاة مريض بـ"كورونا" في المشفى الوطني في القامشلي، مشيرة إلى أن المريض رجل من الحسكة وعمره 53 عاماً.

وأضاف البيان أن المتوفى أصيب بالمرض في 22 من آذار الفائت، وتم إدخاله إلى مشفى خاص وفي 27 من الشهر ذاته تم نقله إلى المشفى الوطني في القامشلي، حيث تم وضعه على جهاز التنفس الصناعي.

 وكانت قد أُرسلت عينة للمريض في 29 من آذار إلى دمشق، وفق البيان، إلا أنه توفي في 2 من نيسان، وفق البيان، الذي أوضح أن منظمة الصحة العالمية على دراية بالإصابة وأنها علمت فيما بعد أن نتيجة التحليل للمريض كانت إيجابية.

وحمل بيان "هيئة الصحة" منظمة الصحة العالمية المسؤولية الكاملة وراء هذا الحادث، كونها "لم تبلغ المؤسسات الطبية في شمال شرقي سوريا بحالة المريض"، ولأنها تعلم بعدم وجود تواصل بين النظام السوري المشرف على مشفى القامشلي وبين “هيئة الصحة".

وأكد البيان أن منظمة الصحة العالمية تتحمل مسؤولية انتشار "كورونا" في شمال شرقي سوريا، لأنها أخفت عنها معلومات حساسة وخطيرة.

واليوم وبعد نحو أربعة أشهر على وفاة أول مريض في مناطق "الإدارة الذاتية" بـ"كورونا"، وصل عدد المصابين بالفيروس إلى ثمانية أشخاص، في الوقت الذي تم الإعلان فيه عن إعادة فرض حظر التجول ومنع التجمعات الرياضية، وتجمعات العيد، والتجمعات في المسابح والمقاهي، بالإضافة إلى حركة باصات النقل الجماعي داخل المدن.

 وتطبق هذه القرارات اعتباراً من أول أيام عيد الأضحى، في 31 من تموز الجاري، وتستمر عشرة أيام.

وكانت "الإدارة" أغلقت جميع المعابر الحدودية بشكل كامل، اعتباراً من 24 من تموز الجاري، ولمدة 15 يوماً، ومنعت إدخال جنازات الموتى إلى مناطق سيطرتها، ومنعت التجمعات والاحتفالات والأعراس وخيم العزاء، بالإضافة إلى الصلوات الجماعية في دور العبادة كلها.

وطلبت من المؤسسات المختصة في المعابر اتخاذ إجراءات صحية "مشددة" على المعابر، تشمل البضائع والأشخاص.

وتقول سيدة من مدينة القامشلي (طلبت عدم ذكر اسمها) لموقع تلفزيون سوريا، إنه في كل مرة يتم فيها فرض حظر للتجول في الحسكة، نشهد استثناءات لمؤسسات "الإدارة" العسكرية التي تنظم مسيرات واحتفالات ومؤتمرات وتجمعات "وكأنهم محميون من كورونا" وفق قول السيدة.

وأضافت أن جنازات قتلى "قسد" متواصلة وتشهد حظوراً للمدنيين فيها رغم الحظر في حال كان مفروضاً.

مناطق المعارضة.. حذر مؤسساتي يقابله تجاهل سكاني

تعمل المؤسسات الصحية إلى جانب المنظمات والهيئات الخيرية في شمال غربي سوريا بشكل منتظم ومتسارع، وفق مراقبين، منذ تسجيل أول حالة إصابة في إدلب في 9 من تموز الحالي.

إلا أنه من الممكن أن تذهب جهود هذ المؤسسات سدى أمام حالة عامة من التجاهل تبديها جموع من السكان، ولعل مرد هذا التجاهل يكمن في شقين الأول معيشي، إذ لا يستطيع الآلاف من سكان مناطق المعارضة إلا الخروج إلى الأسواق للعمل من أجل تحصيل قوت اليوم، والثاني هو وجود قناعات خاطئة لدى شريحة واسعة من هؤلاء، تقول وفق ما رصده موقع تلفزيون سوريا، إنهم أقوى من "كورونا"، مقارنين بينه وبين ما قاسوه من العذابات التي تسبب بها لهم نظام الأسد على مدار السنوات الماضية.

ومنذ تسجيل أول إصابة، قررت مديرية الصحة في مدينة إدلب إيقاف العمليات الباردة والعيادات الخارجية في كل المشافي والمراكز الصحية بمحافظة إدلب، لمدة أسبوع قابل للتمديد، اعتباراً من 10 من تموز، ولغاية 17 من الشهر نفسه.

ودعت جميع المواطنين إلى الالتزام الكامل بمعايير الوقاية، وعدم مراجعة المنشآت الطبية إلا في حالات  الضرورة القصوى، خلال تلك المدة، بحسب ما نشرته المديرية عبر صفحتها في  “فيس بوك”.

وأعدت مديريات الصحة بالتعاون مع المنظمات العاملة شمال سوريا ومنظمة الصحة العالمية ووحدة التنسيق والدعم ووزارة الصحة التركية خطة طوارئ، تضمنت تجهيز مشافي خاصة لمعالجة المصابين ووحدات عزل مجتمعي.

وطالبت "حكومة الإنقاذ" التي تدير شؤون إدلب، عبر تعميم أصدرته، الوزارات والهيئات والجهات التابعة لها بمنع جميع النشاطات والتجمعات البشرية داخل الصالات العامة و الخاصة، وإغلاق جميع الحدائق والمسابح العامة، وملاهي الأطفال، والملاعب الرياضية، وإيقاف التجمعات وجميع الأنشطة.

وعلى مدار الأيام الماضية، برزت شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة (EWARN) التابعة لوحدة تنسيق الدعم (ACU)، التي تشكلت بعد ظهور "كورونا" في شمال غربي سوريا.

وباتت هذه الشبكة المصدر الأول لمعرفة عدد الحالات المصابة أو أعداد المخالطين، إضافة إلى نشرها بيانات يومية حول أعداد الحالات التي يتم فحصها ومناطق توزعها.

ووفق ما وصل لموقع تلفزيون سوريا، فإن عدد المصابين وصل حتى يوم أمس الثلاثاء، إلى 30.

وكانت جهات رسمية ومنظمات عاملة في الشمال السوري دعت السكان إلى التقيد بالإجراءات الوقائية، لمنع تفشي الفيروس في مناطق الشمال الغربي من سوريا.

وفي وقت سابق، حذر وزير الصحة في "الحكومة السورية المؤقتة"، الدكتور مرام الشيخ، من وقوع خسائر بشرية بسبب تفشي فيروس "كورونا" في حال لم يتم التقيد بإجراءات الوقاية.