icon
التغطية الحية

طبخات "الحويش".. خيار سكان الساحل السوري لمواجهة الغلاء | صور

2022.05.12 | 17:27 دمشق

thumbnail_hndbt_bzyt.jpg
طبخة الحويش الشعبية (إنترنت)
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

على طول طريق بساتين منطقة القميرة بريف جبلة تتوزع مجموعات من النساء يبحثن عن أعشاب وحشائش الربيع التي تشكل جزءا مهما من موائد أهالي الساحل في مثل هذه الفترة من العام، تحمل كل واحدة منهن سكينا وكيس خيش لجمع ما تيسر لهن وما يجدنه من الخبيزة والبقلة والزعتر الأخضر والهندبة والسليق والبلغصون وغيره من أعشاب موجودة في الأراضي الفارغة وعلى أطراف المدينة أو في الحدائق العامة.

ورغم أن كثيرا من الأجيال الصاعدة نسيت هذه الأطعمة مقابل الوجبات السريعة إلا أن الظروف الاقتصادية الحالية أعادت هذه الطبخات بقوة إلى الواجهة نظرا لانخفاض كلفتها المادية وتوافرها بشكل كبير على مدار أربعة إلى خمسة أشهر.

تقول سناء 45 عاما من مدينة جبلة لموقع تلفزيون سوريا إن أكلات الحويش هذا العام شهدت إقبالا كبيرا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وأضافت أن هذه الأعشاب كانت قليلا ما تباع في الأسواق نظرا لتوافرها في الأراضي الزراعية والحدائق لكن غلاء اللحوم والخضر زاد من الإقبال عليها بشكل كبير هذا العام.

 

thumbnail_الخبيزة.jpg

 

وتعتبر أكلة الخبيزة من أكثر الوجبات الشعبية في الساحل وبحسب سناء فإن طبخها لا يحتاج سوى لأعشاب الخبيرة التي يمكن جمعها بسهولة أو شراؤها من السوق بسعر لا يتجاوز 1000 ليرة للكيلو ويحتاج تحضيرها فقط إلى القليل من البصل والكزبرة وزيت زيتون وهي طبخة معتبرة يمكن إعدادها بأقل التكاليف.

كما تشتهر في الساحل طبخة نبات الهندباء بالزيت ومكوناتها تقتصر على العشبة مع ثوم وبصل وزيت وليمونة، وتعتبر طبخة الكبيبات بسلق أحد أهم أطباق أهالي الساحل السوري في مثل هذه الأوقات من العام نظرا لتوافر السلق وانخفاض ثمنه وقوامها البرغل والسلق والطحين مع البصل والبهارات.

والبلغصون (الشوك الأرضي) من الوجبات التراثية المعروفة في الساحل تتفن النساء بطبخه لا سيما في الأرياف فبعد جمعه من الطبيعة يقمن بتقطيعه وبعد سلقه يترك بعض الوقت. يطبخ مع زيت الزيتون وبعض حبات الثوم وتصبح جاهزة للأكل، ويمكن إضافة البيض لتغيير النكهة وهو من النباتات البرية المنشرة بكثرة في الساحل السوري.

خلال الأعوام السابقة كادت تختفي هذه الأكلات الشعبية التي يفضلها كبار السن ويبتعد عنها شبان هذه الأيام، تقول أم خالد (55 عاما) من سكان بانياس وتضيف:" باتت هذه الطبخات اليوم حلا منقذا لنا في ظل الغلاء الفاحش. آخر أيام رمضان كانت جميع طبخاتي منها. في البداية استغرب أبنائي لكنهم أعجبوا بها".

وبحسب أم خالد فإن توافر هذه الأعشاب بكثرة في المنطقة الساحلية بمثل هذه الأوقات من العام جعل أسعارها بمتناول الجميع موضحة أن مثل هذه الطبخات لا تكلف أكثر من 1500 ليرة وهي خيار جيد خاصة للموظفين والفقراء وبالوقت ذاته غنية بالأغذية الصحية والفيتامينات في وقت طغت فيه الأطعمة الجاهزة على عقول شبان هذه الأيام.

من جانبه قال أبو بسام وهو من صاحب محل لبيع الخضراوات في سوق الهال بمدينة جبلة إن مبيعات "الحويش" هذا العام شهدت إقبالا كبيرا عليها لم يكن في السابق، مضيفا أن القليل من المحال كانت تهتم ببيعه نظرا لأنه متوافر في معظم المناطق العامة والأهالي كانوا يحصلون عليه بأنفسهم. لكن زيادة الطلب عليه دفعتنا لعرضه وبيعه في المحل بأسعار رمزية.

من جانب آخر ينشط العمل هذه الآونة بجمع الأعشاب الطبية لبيعها مثل الزعتر الأخضر والزوفة والبابونج وزهرة البنفسج، وزهرة البلوط، وغيرها من الأنواع التي يمكن بيعها.

إبراهيم وهو شاب جامعي من قرية عرب الملك بريف جبلة قال في حديث لموقع تلفزيون سوريا إن غابات ريف اللاذقية غنية بالأعشاب الطبية التي باتت مقصد الأهالي، في ظل ارتفاع أسعار العقاقير الطبية وغياب فرص العمل، وأضاف:" لم يكن كثيرون يهتمون بهذه الأمور سابقاً وكان الأمر مقتصرا على البعض لامتلاكها في بيوتهم لكن الآن أصبح هناك تجار كثيرون يشترون من الأهالي ما استطاعوا جمعه، سواء كان أخضر أم يابساً، ليقوموا ببيعها في متاجرهم."

وبحسب إبراهيم يوفر هذا العمل فرصا للحصول على مدخول لا بأس به لا سيما إن كان العامل خبيرا بأنواع الأعشاب وأماكن وجودها، مشيرا إلى أن أعشاب الزوفة والبابونج هي الأكثر طلبا.

ويعاني سكان الساحل السوري كما غيرهم من باقي المناطق من أزمة اقتصادية حادة وغلاء المعيشة مع ارتفاع اللحوم والخضراوات وتسجيلها أرقام قياسية غير معهودة رغم تحسن الطقس واقتراب الصيف.