صيف ساخن وأمل بارد في الشرق السوري

2024.04.30 | 06:04 دمشق

آخر تحديث: 30.04.2024 | 06:04 دمشق

سوريا
+A
حجم الخط
-A

رغم كل محاولات التضخيم الإعلامي التي قامت بها إيران من أجل إظهار النتائج الإيجابية التي حققتها في ضربتها العسكرية على إسرائيل والتي وصفوها بـ (التاريخية) وعلى أن الرد كان مناسباً على ما قامت به إسرائيل بقصف مبنى ملحق للسفارة الإيرانية في دمشق ومقتل قيادات من الحرس الثوري الإيراني فيها. 

لم يقنع ذلك أحداً لا على الصعيد الإقليمي ولا على الصعيد الداخلي الإيراني، ومع ذلك فإنه لا يجب استبعاد الرسائل التي أردات طهران إرسالها من هذه الضربة التي تعتبر الأولى من نوعها بين الطرفين وبغض النظر عن النتائج التي تكاد لا تذكر إلا أن ما أرداته إيران من إيصال رسالة بأن مسيراتها وصواريخها قادرة على الوصول للمدى الذي تريده في الشرق الأوسط وكذلك العمق السوري الذي أصبح ميدان تصفية حسابات بين اللاعبين الإقليميين قد يؤسس لقواعد جديدة تريد طهران زجها في الشرق السوري.

هذا يعطي مساحة أكبر لتركيا للتدخل أكثر في الشرق السوري للاستفادة من الصراع المحتمل حدوثه بين الأطراف العربية والكردية.

تركيا بدورها التي لا تنكفئ عن الإعلان عن عملياتها في الشمال السوري وتحييدها لعدد من قيادات قسد وغيرها من المتعاونين معها تحاول أن تتفرغ بشكل أكبر للشمال السوري بعد الزيارة الناجحة لأردوغان إلى الجارة العراق وحصوله على مايريده من بغداد التي أقرت أخيراً بأن حزب العمال الكردستاني حزب خارج عن القانون ويجب إنهاء مسألة السلاح الذي بيده وأن القوات المسلحة العراقية سوف تتعاون مع الجيش التركي في هذا الأمر وهذا يعطي مساحة أكبر لتركيا للتدخل أكثر في الشرق السوري للاستفادة من الصراع المحتمل حدوثه بين الأطراف العربية والكردية انعكاساً للصراع الروسي الأميركي وحتى الإيراني في تلك المنطقة.

تنظيم داعش الذي عاد للنشاط بقوة ليشن هجمات خاطفة على مواقع في بوادي حمص والرقة ودير الزور وإلى نصب الكمائن على طرقات مرور العربات العسكرية والمدنية وغيرها ليكون بذلك الشماعة التي يريد الجميع استخدامها فكل هذه القوى تريد القضاء على تنظيم داعش الذي ما زال موجوداً ومستمراً وكل يتهم الآخر بدعمه لهذا التنظيم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية التي استقدمت تعزيزات لافتة إلى الشرق في اتّجاه ضفّتي نهر الفرات، كان أولها دخول نحو 27 شاحنة محمّلة بمعدّات عسكرية ولوجستية ومواد طبية قرب مدينة اليعربية في أقصى الشرق السوري عند الحدود مع العراق وتوزّعت إلى عدّة قواعد في محافظة الحسكة.

العشائر العربية المعادية لنفوذ قسد عادت وأظهرت نفسها عبر تنفيذها عمليات مكثفة ضد عناصر قسد في محافظات دير الزور والرقة والحسكة.

الميليشيات العراقية التابعة لإيران هي الأخرى متداخلة في صراعات الشرق السوري فبعد استهدافها قاعدة "عين الأسد" الأميركية في محافظة الأنبار قامت بهجوم على قاعدة أميركية في حقل "كونيكو" للغاز في الشرق السوري بعدد كبير من الطائرات المسيّرة الانتحارية أصابها بشكل مباشر مما أدى إلى استنفار القوات الأميركية في عموم قواعدها في الشرق واستقدام تعزيزات جديدة والبدء بتسيير دوريات مشتركة مع قوات قسد في محيط مختلف القواعد بالتزامن مع تحليق كثيف للطيران المروحيّ والمسيّر ويمكن اعتبار ذلك مرحلة جديدة تؤسس لها إيران لاستغلالها في تحسين مفاوضاتها مع واشنطن في عدة ملفات ضمن لعبة الأذرع.

العشائر العربية المعادية لنفوذ قسد عادت وأظهرت نفسها عبر تنفيذها عمليات مكثفة ضد عناصر قسد في محافظات دير الزور والرقة والحسكة لتضع نفسها كرقم صعب وموجود في الشرق السوري وأن على اللاعبين الكبار عددم تجاوزهم ولا يخفى على أحد الدعم الكبير الذي لاقته هذه العشائر سواء من تركيا أو إيران أو روسيا كل بحسب أهدافه لكن المشترك بين الجميع أن العدو واحد وهو الولايات المتحدة الأميركية ولكن كل يغني على ليلاه في توسيع نفوذه على الأرض السورية.

ومن جهة أخرى تختبر قوات سوريا الديمقراطية الحليفة للقوات الأميركية أياماً صعبة بعد تصاعد حدة المواجهات مع "قوات العشائر العربية" وكثافتها خلال الفترة الأخيرة وتشير كل المعطيات الميدانية إلى أنّ العشائر ستعمد إلى تصعيد هجماتها ضد "قسد" هذا الصيف ولن تكون قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لإيران بعيدة هذا الصراع برعاية روسية بكل تأكيد تُنذر المتغيرات الأخيرة في المنطقة بقدوم صيفٍ حارّ على الشرق السوري فالميليشيات العراقية الموالية لإيران سوفت تستخدمها الأخيرة لإرسال رسائل عبر ضرب القواعد الأميركية في الشرق السوري أو المناطق المحيطة بها وخاصة بعد أن تبين في السجال الأخير بين إسرائيل وإيران بأن الكفة تميل بشكل كبير لصالح إسرائيل المتفوقة تكنولوجياً واستراتيجياً في المنطقة وأن الشريك الأميركي وحلفاءه على أهبة الاستعداد والتعاون، ولكن يبقى الخاسر الأكبر هو سكان الشرق السوري فرغم كل ما يمتلكونه من ثروات هائلة في تلك المنطقة الغنية إلا أن ذلك لم يعد عليهم بأي فائدة بل ربما بنقمة النعمة فالنفط مستولى عليه من قبل الأميركيين كتعويضات عن وجودهم في سوريا وجزء يسير من هذا النفط تستولي عليه قسد إلا أنه أصبح في السنوات الأخيرة أهدافاً للطائرات التركية التي تعتبرها أنقرة بنى تحتية يستفيد منها حزب العمال الكردستاني في القيام بعمليات إرهابية ضد تركيا وهذا ما صرح به المندوب التركي في الأمم المتحدة، وسيحاول كل من النظام السوري وإيران بدعم روسي الاستفادة من الوضع القائم في المنطقة والحرب الإسرائيلية على غزة بإثارة المشكلات قدر المستطاع ضد قسد المحاصرة من كل الأطراف وليس لها إلا الأميركي كطوق نجاة.