icon
التغطية الحية

شيخ جديد لعشيرة الديدان الكردية بحلب...ما علاقة الميليشيات الإيرانية؟

2023.08.17 | 07:46 دمشق

أحمد صادق والمسؤول السياسي للواء الباقر عمر الحسن
أحمد صادق والمسؤول السياسي للواء الباقر عمر الحسن
+A
حجم الخط
-A

اختارت قبيلة الديدان الكردية أحمد صادق حيدر آغا شيخاً لها في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري بمحافظة حلب، وحضر مناسبة التنصيب المئات من ممثلي عشائر القبيلة الموالين للنظام، والذين يتوزعون على عدد من أحياء حلب الشرقية وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية، بالإضافة إلى شيوخ عشائر عربية وشخصيات مقربة من النظام إلى جانب مسؤولين من القنصلية الإيرانية بحلب وعدد من قادة الميليشيات التي تدعمها إيران.

تنحدر عائلة الشيخ حيدر آغا (الأغوات) التي تزعمت قبيلة الديدان الكردية عبر أجيال من بلدة الغوز، من ريف حلب الشمالي، وأحمد صادق المعين شيخ للموالين من أبناء القبيلة بدعم من الميليشيات الإيرانية بحلب وهو أحد أحفاد الشيخ حيدر، وأحد أبناء عمومة الشيخ الحالي المقيم في بلدة الغوز، عمر عبد القادر حيدر آغا، والذي تولى منصب مشيخة القبيلة  بتوافق مجلس الشورى في نيسان/أبريل الماضي بعد وفاة والده عبد القادر حيدر آغا.

وترجع علاقة أحمد صادق مع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري إلى الفترة التي كان فيها مقرباً من الشيخ محمود قول أغاسي (أبي القعقاع)، صادق كان حينها مريداً ملازماً لأبي القعقاع ويتبنى أفكاره، وعمل معه في ذلك الوقت كمصور للخطب التي كان يلقيها في جامع العلاء الحضرمي في حي الصاخور بحلب، وخطبه التي كان يلقيها في جولاته بأرياف المحافظة وخارجها.

وأبو القعقاع أيضاَ من بلدة الغوز، وهو من مواليد 1973 وينتمي لعشيرة الديدان الكردية، درسَ في الثانوية الشرعية ثم كلية الشريعة، وحصل على الماجستير والدكتوراه من الجامعة الإسلامية الباكستانية. واتخذ أبو القعقاع من جامعه الذي بناه في حي الصاخور منطلقًا لنشر أفكاره التي كانت تقوم على ضرورة وجوب الدفاع عن أرض المسلمين وأرض الأقصى. وأسس جماعة “غرباء الشام” التي نظمت عروضًا للقتال في عدد من أحياء حلب. وعرف أبو القعقاع بعلاقته المباشرة مع مخابرات النظام التي اتهمت باغتياله في العام 2007 بعدما قدم الكثير من الخدمات لصالحها وكان سبباً في اعتقال المئات من الشبان المتحمسين للقتال في العراق في ذلك الوقت.

وفي الفترة التي تلت مقتل أبي القعقاع غاب أحمد صادق بعدما أصبح أتباع أبي القعقاع مطاردين من قبل الأجهزة الأمنية، وربما توارى عن الأنظار مغادراً حي الصاخور نحو بلدته في الشمال الحلبي، ليظهر من جديد بعد انطلاق الثورة السورية مسخراً ما تعلمه في مهنة التصوير والإعلام في مسيرته "الجهادية" لدعم الميليشيات الإيرانية بحلب والتي كانت في الفترة ما بين العامين 2012 - 2013 تعيش بدايات التأسيس، ومثالها "لواء الباقر" و"لواء دوشكا" وميليشيات عشائرية مسلحة أخرى، ولاحقاً ظهر الصادق مرافقاً للميليشيات في معارك ريف حلب الجنوبي كمراسل حربي لصالح تلفزيون النظام.

1
1

وبعد سيطرة النظام على الأحياء الشرقية بحلب نهاية العام 2016 وتوسع نفوذ الميليشيات الإيرانية بحلب ظهر أحمد صادق من جديد بصفته ‏المنسق العام الإعلامي لشيوخ القبائل والعشائر الموالية للنظام في محافظة حلب‏، وذلك بدعم مباشر من خالد المرعي زعيم ميليشيا "الباقر" وبات صادق يظهر بشكل متكرر ومعه شخصيات مقربة من عشائر قبيلة الديدان في المناسبات الرسمية والعسكرية والعشائرية التي نظمتها الميليشيات في حلب على مدار السنوات القليلة الماضية.

وكانت آخر مشاركات صادق في مناسبات دينية نظمتها ميليشيا "الباقر" في شهر تموز/أيلول الماضي، الأولى المجلس السنوي في ذكرى مقتل الحسين وذلك في حسينية السبطين، والثانية عيد الغدير، والمناسبة الثانية التي حضرها صادق ومعه وجهاء من القبيلة الموالين، الملتقى الوطني للقبائل والعشائر العربية السورية والكردية والتركمانية الذي نظمته الميليشيا في معقلها بحي البللورة بحلب. والمفارقة أن أحمد صادق يحظى بدعم كبير من عائلة آغاسي، وتحديداً من الشيخ ناجي الأخ الشقيق لأبي القعقاع والذي أخذ مكان أخيه في خطابة وإمامة جامع الإيمان في حي حلب الجديدة.

مصادر محلية قالت لموقع تلفزيون سوريا إن "العشرات من أبناء قبيلة الديدان الذين يسكنون في مناطق سيطرة قسد في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب سمحت لهم الفرقة الرابعة بالمرور من حواجزها للمشاركة في حفل التنصيب الذي جرى تنظيمه في حي الصاخور، وقسد فعلت المثل وسمحت لكل المدعوين بالمشاركة لكنها اعتقلت عدداً منهم واستدعت آخرين للتحقيق معهم فور عودتهم من الحفل".

وتضيف المصادر: "بات لدى قسد قائمة بأسماء المشاركين في حفل تنصيب أحمد صادق شيخاً لقبيلة الديدان الكردية، وغالباً سيتم التضييق عليهم خلال الفترة المقبلة بهدف طردهم من الأحياء التي تسيطر عليها، أو أنها أمام خيار آخر، وهو تصفية العناصر الفاعلة من أبناء القبيلة والتي تخشى أن يكون لها تأثير سلبي على سلطتها ونفوذها في الشيخ مقصود، والتي تتخوف قسد من عمالتهم لصالح القوى والميليشيات الإيرانية".

والديدان هي إحدى القبائل البرازية التي هاجرت مع غيرها من العشائر البرازية سنة 1516 من شمال إيران (كردستان إيران) إلى سهل السروج في أورفا (الجنوب التركي اليوم)، وذلك إثر انتصار العثمانيين على الصفويين في معركة تشالديران سنة 1514م، واستوطنت عشيرة الديدان البرازية في قرية حنيرك التي باتت حينها معقلا للقبيلة، وتجاورها قرى أخرى بثقل سكاني أقل، بينها كيسما وجانكوك، وكلمة الديدان كردية الأصل، وتعني الرؤية.

وفي الفترة ما بعد عام 1800 كان للقسم الأكبر من أبناء القبيلة هجرة جديدة وكانت وجهتهم مناطق حلب. وتضم قبيلة الديدان عشرات العشائر، بينها، سيفكات ومستكان، وهلالاتان وجاب أوغلو وجو دكي وطربوشان وقولا غاسيان وكللسليا وزيزوغلي وزيزو غليانز نازا بي وبويديان وقووجانو مامان وقره بكران وخزه وخفشة وسرمنجكان وحج قادران وحج قادران وغيرها. وتتوزع عشائر القبيلة على أكثر من 50 قرية وبلدة تتبع لمناطق الباب واعزاز وجرابلس وعين العرب/كوباني ومنبج بريف محافظة حلب، وقسم لا بأس به من أبناء عشائر القبيلة يقطنون في مدينة حلب التي يتوزعون فيها على أحياء الهلك والشعار والحيدرية والصاخور وبستان الباشا وحلب الجديدة والشيخ مقصود والأشرفية. وتزيد أعداد أفراد عشائر القبيلة على 300 ألف نسمة يتوزعون على مناطق محافظة حلب التي تعتبر معقلهم الرئيسي في سوريا.

وتعتبر مناطق ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي المعقل الأبرز لأبناء قبيلة الديدان ويتوزعون فيها على قرى وبلدات سوسنباط وقبة الشيح وطريحين والزلف وباب الحجر ودوير الهوى وثلثانة وطليل وقول سروج العنب وقراج والباروزة وعبلة وطعانة وجب العاصي وتل جيجان وطعانة والسموقة وتويس وإكسار والبيرا وثلاثينة والغوز وأم حوش والمشيرفة وتل مالد وجوبة وحساجك وقرامل والوردية وبحورته والجب والمجهودية وغيرها. وما يميزهم عن باقي العشائر الكردية هو انخراطهم الواسع في الثورة السورية حتى ما بعد انتقالها إلى العمل المسلح، إذ قدمت عشائر القبيلة التي انضم أبناؤها إلى عدة تشكيلات أهمها، أحرار الشام ولواء التوحيد، ما يزيد على 150 شهيداً ارتقوا خلال المعارك ضد قوات النظام والميليشيات الموالية لها.

ويعتبر تعيين الموالين من قبيلة الديدان شيخاً جديداً يمثلهم انقلاباً على شيخ القبيلة الأصلي المقيم في مناطق سيطرة المعارضة السورية بريف حلب، وهو الشيخ عمر عبد القادر حيدر آغا، ويبدو أنها محاولة لشق صفوف القبيلة المنقسمة أصلاً إلى ثلاثة أقسام، موالاة ومعارضة، وجماعة ثالثة أقل تؤيد حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي (pyd)، وتتبنى أهداف الحزب الذي يتزعم تحالف قوات سوريا الديموقراطية (قسد) وتنخرط في صفوفه بالفعل.

ويمكن إدراج خطوة التقرب من عشائر قبيلة الديدان في إطار المساعي الإيرانية الهادفة إلى سحب البساط من تحت قسد، واستقطاب مكونات عشائرية كردية على خلاف معها في محافظة حلب، والتي يبدو أنها عادت لتكون محط أنظار الإيرانيين على صعيدي النفوذ والتوسع بعدما ضيق عليهم في محافظة دير الزور ومناطق الشرق السوري. وعدا كونها مؤشراً على تصاعد التوتر بين قسد والإيرانيين، فخطوة الانقلاب على مشيخة القبيلة هي أيضاً محاولة لاقتسام ولائها مع المعارضة، باعتبار قبيلة الديدان صاحبة الثقل والتوزع السكاني الأكبر من بين العشائر الكردية بمحافظة حلب.