icon
التغطية الحية

سوريون في اسكتلندا يساهمون في عرض قطع أثرية من العصر الروماني

2020.11.16 | 14:49 دمشق

5760.jpg
غارديان- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ظهرت مجموعة فريدة من الأواني الزجاجية عمرها ألفا عام لتربط اللاجئين السوريين في ريفريوشاير بمقاطعة بيزلي بوطنهم الأم بعد مرور خمس سنوات على استقرارهم في اسكـتلندا.

وهذه المجموعة التي تضم 30 قطعة أثرية والتي تعود للعصور الرومانية قد وهبتها إليزابيث سبايرز باترسون، وهي ابنة أحد تجار الخيوط، لمتحف بيزلي في عام 1948 ، إذ يعتقد أنها حصلت على تلك المجموعة من خلال تجار آثار في سوريا المعروفة بأنها موطن صناعة الزجاج.

واليوم يتعاون اللاجئون مع القيّمين على ذلك المتحف على تجهيز القطع الفريدة من تلك المجموعة لتعرض في المتحف للمرة الأولى.

فقد ذكر جويل فاغان وهو مساعد باحث في الثقافات العالمية بأنه ذهل عند إعادة اكتشاف تلك القطع الموجودة في مستودع تحت الأرض ضمن مشروع التحويل الجاري للمتحف والذي يكلف 42 مليون جنيه إسترليني، ويعلق على ذلك بالقول: "لا أصدق أن تلك القطع بقيت، إذ كان بوسعنا أن نرميها في علبة ونتركها على ذلك الحال ولكننا لم نشعر بأن ذلك أمر مقبول، ولهذا أردنا بأن نوصل المتحف للجالية السورية".

فهذه المجموعة تضم مزهريات تم نفخها وسكبها بعناية، وقوارير عطر وأكواب شرب أخذت تتلألأ بألوان قوس قزح، لتعيد إلى النفوس والأذهان ذكريات من الماضي، حسبما ذكر أحد اللاجئين واسمه جمال حوراني فقال: "لقد سررت أيما سرور عندما رأيت تلك القطع التي أتت من سوريا إلى اسكـتلندا. ولست أدري كيف ولماذا وصلت إلى هنا لكني أحس بالفخر الشديد بصناعتنا لتلك القطع الجميلة المتميزة، بل إن ذلك يجعلني أفكر بسوريا بطريقة عاطفية".

 

 

أما شقيقته خديجة الحوراني فقد علقت على ذلك بالقول: "إن مشاهدة تلك القطع أعادت لي بعض الذكريات القديمة، عندما كان السياح يأتون من كل بقاع العالم ليشتروا القطع الزجاجية من عندنا".

وقد ذكر السيد الحوراني بأن عائلته تمتلك مجموعة زجاجية خاصة بها، بعضها عمره أكثر من مئة عام، غير أن الأسرة تركتها عندما هربت من مدينة حمص.

وهنا تصف زوجته مريم الحوراني دور القطع الزجاجية في تقاليد العائلة، فتقول: "السوريون اجتماعيون للغاية، حيث تقوم الأسر بزيارة بعضها وتناول الطعام سوياً. ولهذا نميل للاحتفاظ بالقطع الزجاجية المميزة لا لنأكل الوجبات فيها، ولكن كقطع زينة يمكننا أن نحدث الجيل الشاب عنها وأن نقدمها لهم ليتعرفوا على ثقافتهم وحضارتهم".

ويتذكر الثلاثة هنا تلك الصناعة المزدهرة التي تقوم على إنتاج الزجاج الرقيق الذي يتم نفخه فيتحول إلى تصميمات دقيقة تنقش عليها عبارات باللغة العربية، إلى جانب القطع التزيينية الملونة التي تعلق على الجدران، فيخبروننا بأنها تعبر عن مشاعر متضاربة لديهم: فالأحمر يعكس القوة والطاقة، أما الأخضر فيعبر عن الطيبة، هذا فضلاً عن قوارير العطر المخصصة لروائح الياسمين والورد وغيرها.

ولكن اليوم أصبحت عائلة الحوراني جزءاً من الجالية السورية المترابطة بشكل قوي والتي تضم 200 شخص في رينفريوشاير. وقد ولد لتلك الجالية 28 طفلاً منذ أن بدأت هذه المنطقة تستقبل اللاجئين بموجب خطة إعادة التوطين الرسمية التي أطلقتها حكومة المملكة المتحدة خريف عام 2015، ضمن الاستجابة العالمية لتصاعد الأزمة الإنسانية في سوريا.

وهنا يعلق السيد الحوراني بالقول: "لم نكن نعرف الكثير عن اسكـتلندا قبل مجيئنا، ولهذا كانت لدينا بعض المخاوف حيال الطقس والثقافة الجديدة، لكننا تمكنا من التأقلم بطريقة جيدة، كما أصبح لدينا أصدقاء جدد، وصرنا جزءاً من الجالية فضلاً عن كوننا من الضيوف الذين نزلوا على تلك المنطقة".

هذا ولقد أصبحت هذه المجموعة المؤلفة من السيد حوراني وزوجته وشقيقته تعمل في إدارة عمليات العرض النهائية للمتحف، حيث تقوم باختيار القطع وكتابة ملصقات بالإنكليزية والعربية لمساعدة الزوار على فهم ما يربط تلك العائلة بتلك القطع الزجاجية.

إذ بعد التدمير والنهب المتعمد للتراث الحضاري السوري على يد تنظيم الدولة الإسلامية، أصبح لتلك القطع أهمية أكبر بكثير، خاصة بعدما بذل الحرفيون السوريون الكثير من الجهد للحفاظ على مهنتهم منذ أن اندلعت الحرب في سوريا قبل تسع سنوات.

وحول ذلك يحدثنا فاغان فيقول: "لقد صنعت تلك القطع في الوقت الذي اخترعت فيه تقنية نفخ الزجاج لتوها، إلا أن صناعة الزجاج ازدهرت في سوريا وواصلت ازدهارها حتى قيام النزاع الدائر حالياً، ثم إن القيمة الثقافية لهذه المجموعة هي أكبر بكثير لكونها تمثل جانباً من التراث المفقود، لكن علينا أن نضع في اعتبارنا بأن عمليات النهب التي قمنا بها في الماضي هي التي ساعدت تلك القطع على البقاء سليمة".

أما بالنسبة لخديجة فإن عملية العرض تعتبر بديلاً عن قصص النزاع التي سيطرت مؤخراً على أذهان العامة حول أفكارهم عن بلدها، ولهذا تقول: "نتمنى أن يدرك الزوار بأن لدينا حضارة عظيمة وبأن صناعة الزجاج لدينا مشهورة في كل بقاع العالم".

 المصدر: غارديان