icon
التغطية الحية

"سوريا محافظة إيرانية".. ممثل خامنئي في سوريا يناقش كتابه في حلب

2020.11.18 | 09:43 دمشق

mn_alajtma_fy_hlb.jpg
زيار ممثل خامنئي في سوريا حميد صفار هرندي لمدينة حلب
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

قطعت إيران شوطاً طويلاً في اتجاه ترسيخ وجودها ونفوذها في سوريا، ولم يعد الحضور الإيراني مقتصراً على الجانب العسكري والذي رسخه "الحرس الثوري" الإيراني لدعم النظام منذ بداية حربه على الثورة السورية في العام 2011، فالحرس والمؤسسات الثقافية والدينية والاقتصادية التابعة له باتوا أكثر نشاطاً منذ بداية العام 2020، متبعين سياسة التغلغل في مختلف القطاعات الحيوية في سوريا، ومن المفترض أن تؤسس هذه السياسة لبقاء طويل الأمد في سوريا باعتبارها ولاية إيرانية، وهذا بحسب السلوك الذي ينتهجه قادة الميليشيات الإيرانية ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية الناشئة في سوريا أثناء التطبيق لسياساتهم المفترضة.

كتاب الخامنئي في حلب

أقام مكتب الخامنئي في سوريا في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ندوة فكرية في حلب ناقشت كتاب خامنئي "في مدرسة الرسول الأعظم"، وذلك بحضور ممثل الخامنئي في سوريا، حميد صفار الهرندي، وسفير إيران في سوريا جواد تركابادي، ومفتي حلب، الشيخ محمود عكام، والشيخ أكرم دياب، عضو المجلس المركزي في حزب الله اللبناني، ومحمد البحيصي رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية، وعدد من قادة الميليشيات الإيرانية وقادة ميليشيا حزب الله و"الحرس الثوري" الإيراني في حلب.

اقرأ أيضاً: ممثل خامنئي في سوريا.. الحرب الثقافية لا تقل أهمية عن المعارك

وفي كلمة لممثل الخامنئي في سوريا، حميد صفار الهرندي، قال إن "الإمام الخامنئي أكد أن أهل البيت ينتهجون نهجاً واحداً وهو الطريق الذي رسمه القرآن وسنة رسول الله"، واصفاً الكتاب بأنه "مجموعة من الدروس للحياة والسعادة". فيما أشار سفير إيران جواد تركابادي في كلمته إلى أن "الخامنئي بكتابه حافظ على رؤى المدرسة التي انتمى إليها، إضافةً إلى اهتمامه بموضوع وحدة الأمة، فقد اهتم أيضاً بقضية فلسطين".

 

 

أما مفتي حلب، الشيخ محمود عكام، فقال في كلمته، إن "الكتاب يصب في مصب تدعيم الإنسانية وتقوية الإيمان"، في حين قال أكرم دياب، عضو المجلس المركزي في حزب الله، إن "ميزة الخامنئي في كتبه أنه استطاع أن يحول سيرة الرسول والأئمة إلى سيرة عملية واقعية"، وقال رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية، محمد البحيصي، أن "الخامنئي تحدث في كتابه في 30 عنوان عن وحدة الأمة في حين غفل عنها الكثيرون".

الناشط السياسي، هشام سكيف، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "إيران تتبع سياسة التغلغل الناعم في الجغرافيا السورية، وهذه السياسة لا تقل خطورة عن دخولها العسكري إلى جانب نظام الأسد، فحلب واحدة من نقاط التمركز والتوسع الرئيسية بالنسبة لنظام الملالي"، ويشير سكيف إلى أن "التوسع الإيراني في مختلف القطاعات الحيوية في سوريا، أصبح أكثر علنية، وهذا يؤسس لكارثة ومرحلة خطيرة لن تتعافى منها سوريا في وقت قريب".

حجر الحسين واحتفالات النوادي الطفلية

قبل أيام قليلة من الفعالية الدينية والثقافية في حلب برعاية مكتب ممثل الخامنئي في سوريا، أُقيمت مراسم إعادة حجر الحسين إلى مكانه في جامع النقطة الذي يقع على سفح جبل الجوشن في حي الإذاعة وسط حلب، وحضر المراسم قادة في "الحرس الثوري" الإيراني، ومسؤولون في حزب الله اللبناني، وقادة ميليشيا "فيلق المدافعين عن حلب"، وهي أكبر الميليشيات التي تدعمها إيران في حلب، وأكثرها تنظيماً.

وتزامن النشاط الديني لمكتب الخامنئي في حلب مع احتفاليات للنوادي الطفلية التابعة لـ "فيلق المدافعين عن حلب"، وتخلل الأنشطة عروض دينية ومسابقات لحفاظ القرآن، وخطابات وكلمات تحكي سيرة قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، قاسم سليماني، وقدم قادة الفيلق ومعممين الهدايا للأطفال خلال الأنشطة التي استمرت لعدة أيام.

 

 

ممثل الخامنئي في سوريا

جرت مراسم الاستلام والتسليم لمهام ممثلية ولي "أمر المسلمين علي الخامنئي في سوريا" في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2020، وذلك في مقر الممثلية في السيدة زينب قرب دمشق، وحضر المراسم السفير الإيراني، ومندوبون عن وزارة الأوقاف في حكومة النظام، وتم خلالها تعيين، حميد صفار الهرندي، بدلاً عن آية الله أبو الفضل الطباطبائي، ممثل الخامنئي السابق. واستبق الهرندي تعيينه، بخطبة ألقاها في مقام السيدة زينب في يوم الجمعة 23 تشرين الأول/أكتوبر، قال فيها: " إن المشاكل الاقتصادية والضغوطات العالمية على سوريا وإيران وبعض البلدان الذين يقاومون ضد الاستكبار العالمي إنما هي ساعة العسرة".

يشرف مكتب ممثل الخامنئي في سوريا على مختلف الأنشطة الثقافية والدينية في سوريا، ولم يعد ثقله يتمركز فقط في منطقة السيدة زينب ودمشق كما كان سابقاً، بل تعدها ليشمل كل مناطق الانتشار الإيراني في الجغرافيا السورية، وتأخذ الحوزات والحسينيات التي تكاثرت بشكل غير مسبوق في سوريا عن مكتب ممثل الخامنئي، الفتاوى والخطط التدريبية والدينية وبرامج العمل الشهرية.

وكان ممثل الخامنئي السابق في سوريا، آية الله الطباطبائي، قد اختتم عمله بخطبة سماها مكتبه خطبة الوداع أقيمت في مصلى السيدة زينب، وعرض المكتب فيديو لزيارات الطباطبائي لجبهات القتال في سوريا والتي كانت ميليشيات إيران تقاتل فيها، وبدا أنها في حلب والغوطة ومناطق مختلفة في سوريا، وقال المكتب إنها مشاهد تعرض للمرة الأولى، وتحكي عن بطولات الطباطبائي خلال وجوده في سوريا.

 

 

التغلغل وتوسع النفوذ

تعتمد سياسة التغلغل الإيراني في سوريا إلى حد كبير على التسهيلات التي يقدمها رأس النظام، وما يتبع له من مؤسسات ثقافية ودينية واقتصادية، ساعدها في ذلك أيضاً حضورها العسكري والأمني الواسع، أي أنها تستطيع تطبيق سياستها بالقوة والضغط في حال لم تتم الاستجابة المطلوبة في بعض المناطق، كما يحصل في دير الزور.

يقول الباحث في الشأن السوري، عرابي عبد الحي عرابي، إن "دير الزور واقعة فعلياً تحت النفوذ الإيراني، فهناك يبدو نشاط الدعوة وتشييع السوريين في أوجه، والإغراءات التي تقدمها الميليشيات الإيرانية والمجمعات الدينية كثيرة لاستقطاب أكبر عدد ممكن، ومن أهمها، تقديم الأموال، وتقديم المنح الدراسية الجامعية في إيران، وإرسال طلاب من مراحل أقل للدراسة في إيران أيضاَ"، وبحسب عرابي، تمارس الميليشيات الإيرانية على خطباء وأئمة المساجد في دير الزور ضغوطا قاسية لإجبارهم على الأذان والصلاة على الطريقة الشيعية.

وأضاف عرابي في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "التوسع والتغلغل الإيراني يبدو نشطاً أيضاً في منطقة دمشق، وبعض مناطق حوران جنوبي سوريا، كمنطقة بصرى الحرير وغيرها، وفي هذه المناطق اشترت الميليشيات الإيرانية والمؤسسات الدينية والثقافية والاقتصادية التابعة للحرس الثوري مئات بل آلاف العقارات والمنازل، وبالتالي بات انتشارها ونفوذها أمرا واقعا".

وحول الأنشطة التي أقيمت في حلب مؤخراً، قال عرابي، إن "المؤسسة الدينية في حلب ممثلة بالمفتي محمود عكام، لها باع طويل في إنجاح المساعي الإيرانية، ومن المعروف عن عكام قربه من المشروع الإيراني، وهي رؤية يتفق فيها مع مفتي النظام أحمد بدر الدين حسون".

وأشار عرابي إلى أن "الواقع الديموغرافي في حلب أعقد من باقي المناطق، فحلب ذات ثقل سكاني كبير وهم من السنة، وبالتالي يصطدم التوسع الإيراني بهذا العامل المهم، لذلك لجأت إيران ومؤسساتها العسكرية والدينية إلى استقطاب وجهاء وشيوخ العشائر وإغرائهم بالمال، وبالفعل نجحت في تشييع بعضهم، ومثال ذلك لواء الباقر وقسم كبير من قبيلة البكارة، وبعض العشائر الأخرى".