"زعماء" لبنان بمواجهة الثورة.. نصر الله وقناع المظلومية

2019.11.19 | 19:50 دمشق

192246.jpg
+A
حجم الخط
-A

يجد حزب الله اليوم نفسه بمواجهة السيناريو الأسوأ الذي لطالما حاول تجنبه، فالصدام مع الشعب اللبناني لم يكن يوماً خياراً، حيث إن المواجهات السابقة كانت مع تيارات أو أحزاب لبنانية معينة تحت ستار المظلومية الشيعية وتهم التخوين والعمالة، ولا يمكن اليوم لحسن نصر الله مهما تلاعب بالألفاظ الاختباء خلف عباراته المعهودة، عن المقاومة وأعداء المقاومة، فإذا كان الشعب اللبناني عدواً للمقاومة، فما هذه المقاومة التي تعادي شعبها؟ ولا تتوقف مشكلة الحزب عند ذلك، فالأخطر هو مشاركة أبناء المذهب الشيعي بالمظاهرات، وفي المدن ذاتها التي لطالما اعتبرت قلاعاً لنصر الله ولشريكه نبيه بري.

وبالرغم من تصدر زعيم التيار الحر جبران باسيل المشهد اللبناني خلال السنوات القليلة الماضية، بتصريحاته الاستفزازية ونفسه الطائفي والعنصري الشعبوي، واستهدافه من قبل المظاهرات اللبنانية بشكل مركز، ويكاد يكون المسؤول الوحيد الذي تم تناوله بالاسم، منذ انطلاقها في 17 تشرين الأول، إلا أن الأنظار ظلت مركزة على حسن نصر الله القابع في الضاحية الجنوبية لبيروت، فالجميع يعلم أن لبنان اللاطائفي يعني بداية النهاية للاستثمار الإيراني في لبنان.

الخطاب الأول لنصر الله بعد انطلاق المظاهرات لم يخيب توقعات المتظاهرين بل لعله تفوق عليها، فهو خرج متبجحاً شرساً واتهم كل من ليس معه بالخيانة والعمالة، وعاد من جديد للتلاعب بصوته وأرسل تهديدات مباشرة ووقحة للمسؤولين اللبنانيين بعدم الانصياع لطلبات المتظاهرين.

ولأن كل شيء تغير في لبنان بعد انطلاق الثورة اللبنانية، كانت الإجابة مباشرة من المتظاهرين، فرفعوا سيف التحدي مع حزب الله وسمعنا اسم نصر الله في الهتافات، لكن هذه المرة ليس "لبيك يا نصر الله" بل "نصر الله من جملة الفاسدين

قام الحزب بكل ما يمكنه ضمن الظروف الجديدة، فأرسل عناصره للاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين وهاجم أماكن الاعتصام فحرق وخرب، كما قام بالاعتداء على المشاركين بالمظاهرات وأجبرهم على تسجيل مقاطع فيديو للاعتذار

وعليه الرحيل"، ذلك الهتاف مع التعرض لنبيه بري قبل ذلك في معقله الصيداوي، دفع المواجهة إلى مستوى آخر، وأصبح ما يقال تحليلاً واستنتاجاً واقعاً ملموساً لم يعد يجدي التستر عليه، فالنظام الحاكم حالياً في لبنان هو مجرد واجهة لحكم حزب الله، لذلك فالحزب هو أشرس المدافعين عن هذا النظام، والمأزق الحالي لهذا الحزب التابع لإيران لا يشبه ما سبقه.

حتى الآن قام الحزب بكل ما يمكنه ضمن الظروف الجديدة، فأرسل عناصره للاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين وهاجم أماكن الاعتصام فحرق وخرب، كما قام بالاعتداء على المشاركين بالمظاهرات وأجبرهم على تسجيل مقاطع فيديو للاعتذار.

وأخيراً قام حزب الله بمنع "بوسطة الثورة" من دخول المناطق الشيعية في لبنان، في خطوة فسرها المراقبون أنها إمعان في محاولة نصر الله الدائمة لعزل المجتمع الشيعي عن المجتمع اللبناني كما يحاول التيار العوني، حليفه في الحكم، عزل المجتمع المسيحي. 

الثورة في لبنان كمثيلاتها في دول الربيع العربي، برهنت على تقدم هائل في الوعي الشعبي لكل ما يجري، وبالتالي عرفت تماماً كيف تصوغ خطابها الجامع والهادم لأسس الطغمة الحاكمة، وبنفس الوقت برهنت الطبقة الحاكمة في لبنان عن تخلف كبير، وعجزها المخزي عن الخروج من فكر الحرب الأهلية اللبنانية، رغم مرور نحو 30 عاماً على انتهائها، وحزب الله كمنتج لتلك الحرب، صاغته وشكلته إيران، يجد نفسه اليوم أسيراً لأوهام ولي فقيه مله أهله فنبذوه وحرقوا صوره، ومحاصراً من شعب اكتشف في لحظة قهر أن جبل المحظورات المتوارث يمكن هدمه بشعار بسيط "كلون يعني كلون".