icon
التغطية الحية

دوافعٌ انتقامية شخصية في قصف مناطق دون غيرها.. جرجناز مثالاً

2019.02.07 | 14:02 دمشق

بلغ عدد القتلى المدنيين في بلدة جرجناز منذ اتفاق سوتشي 23 شخصاً (إنترنت)
تلفزيون سوريا - عبدالله الموسى / فايز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

كثيراً ما تعرضت مناطق محددة دون غيرها لضربات النظام الجوية والصاروخية في أماكن وأوقات محددة، أثارت تساؤلات الناس حول الأسباب ودوافع قوات النظام وراء مثل هذه الضربات غير المنطقية، خاصة عندما يستهدف النظام منطقة غير استراتيجية بالنسبة له.

تتعرض بلدة جرجناز إحدى أبرز معاقل الثورة السورية في ريف إدلب الجنوبي، وشرقي مدينة معرة النعمان تحديداً، لقصف مدفعي وصاروخي متكرر بشكل يومي من قبل قوات النظام، منذ تشرين الأول الماضي، وبعد أشهر من توقيع اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا في 17 أيلول من العام الفائت، كما ينطبق الأمر نفسه بشكل كبير على بلدة التح المجاورة.

وأدى هذا القصف المكثّف والمركّز على بلدة جرجناز إلى وقوع أربع مجازر بحق المدنيين، كان أبرزها مجزرة مدرسة الخنساء الابتدائية في 24 تشرين الثاني من العام الفائت، راح ضحيتها 10 أشخاص موثقين بالاسم، بينهم 7 تلاميذ، في حين بلغ عدد القتلى المدنيين في البلدة منذ اتفاق سوتشي 23 شخصاً بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى أكثر من 80 جريحاً.

وقال فريق "منسقو الاستجابة شمال سوريا" في الثاني من كانون الأول الفائت، إن 85% من سكان بلدة جرجناز نزحوا إلى مناطق أخرى من المحافظة أكثر أمناً، نتيجة استهداف قوات النظام البلدة بشكل مستمر، لحين أعلن مجلسها المحلي يوم أمس، بأن البلدة باتت منكوبة، وخالية مِن السكّان.

رغبة دموية في الانتقام الشخصي

وحول دوافع قوات النظام في التركيز على بلدة جرجناز رغم ابتعادها مسافة 12 كيلو متراً عن خط النار مع قوات النظام شرقي البلدة، ووجود 7 قرى غيرها أقرب إلى قوات النظام، أوضح مراسل تلفزيون سوريا بأن الأهالي يعزون السبب إلى حادثة وقعت في بداية الثورة السورية، وأن الدافع في استهداف البلدة بهذا الشكل، دافعٌ انتقامي شخصي.

في منتصف 2011، اكتشف أهالي البلدة الذين كانوا من أوائل من خرج في المظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام في المنطقة الجنوبية الشرقية من إدلب، ذات الطابع العشائري، بوجود "مخبر" لمخابرات النظام في البلدة، وهو طبيب الأسنان سباهي الحمدو من بلدة اعجاز.

وبعد التأكد من تبعيته للمخابرات الجوية ورفعه العديد من التقارير وأسماء المتظاهرين لقوات النظام، قام الأهالي بطرد الحمدو وأحرقوا عيادته، كما قام بعض المتظاهرين بضربه.

 

سباهي الحمدو

 

هرب الحمدو من المنطقة إلى مناطق سيطرة النظام في حماة، واستقر بها لحين سيطرة النظام في أواخر 2017 وأوائل 2018 على المنطقة التي باتت تعرف باسم "شرق السكة"، ووصولها إلى بلدة اعجاز الواقعة على بعد 10 كم شرقي بلدة جرجناز.

في هذا الوقت عاد طبيب الأسنان سباهي الحمدو إلى بلدته بعد 7 سنوات وشكّل على عجالة ميليشيا محلية له من معارفه وأبناء المنطقة، وبدأ عددها بالازدياد مع تلقيها الدعم الكافي من قوات النظام.

وبذلك تمكن الحمدو من الانتقام لنفسه وإشباع رغبته الدموية، في قصف بلدة جرجناز بشكل شبه يومي، دون رادع من قوات النظام نفسها أو روسيا التي قدمت نفسها كضامن في اتفاق سوتشي.

وعند تلقيها أول مدفع ميداني في الصيف الفائت، بثّت ميليشيا الحمدو تسجيلاً مصوراً للقذائف الأولى التي أطلقتها على منازل المدنيين في بلدة جرجناز، وتعرّف النازحون من قرية اعجاز في بلدة جرجناز على وجود العناصر التي ظهرت بالفيديو وأكدوا أنهم من ميليشيا الحمدو.

 

 

"التح" التي أهانت أحمد درويش

تقع قرية التح في ناحية حيش على بعد 13 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة معرة النعمان، و10 كم جنوبي بلدة جرجناز، ذاقت هذه القرية التي لا يتجاوز عدد سكانها 15 ألف نسمة – وفق إحصائيات غير رسمية-، ويلات القصف المدفعي والصاروخي من قوات النظام كحال بلدة جرجناز المجاورة.

كذلك أوضح مراسل تلفزيون سوريا بأن الكتائب المقاتلة من مختلف الفصائل سيطرت في تشرين الأول من عام 2017، مدة أيام معدودة على بلدة أبو دالي في ريف حماة الشرقي، أبو دالي الشهيرة بالنسبة لأهالي الشمال السوري كونها كانت المعبر البري التجاري بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة الفصائل، والتي كان عضو مجلس الشعب السابق أحمد درويش المبارك قد أحكم قبضته على هذا المعبر الذي جنى منه ملايين الدولارات من خلال فرض أتاوات على الشاحنات التجارية العابرة.

 

أحمد درويش المبارك

 

وبعد السيطرة على بلدة أبو دالي، توجه المقاتلون من مختلف الفصائل إلى "مضافة" الدرويش وحطموا صور رأس النظام بشار الأسد، وبالوا على "دلال القهوة" في مضافته، الأمر الذي يُعد أقصى درجات التهزيء في مفاهيم أبناء العشائر.

وعلى نفس الحال، عندما عادت ميليشيا الدرويش إلى معقلها في أبو دالي، وتمددت سيطرة النظام بعد ذلك إلى كامل منطقة شرق السكة، أوعز الدرويش إلى عناصره باستهداف المناطق المحيطة والتركيز على بلدة التح التي طالها أكثر من 350 قذيفة مدفعية وصاروخ منذ اتفاق سوتشي.

على مدار السنوات الثمانية الماضية، لم يكن هنالك معايير واضحة لكيفية انتقاء النظام أهدافه، وعلى الرغم من تركيزه على ضرب الحاضنة الشعبية للثورة السورية في المناطق الخارجة عن سيطرته عبر قصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ، فإن مثل هذه القصص غير المعروفة إلا لأبناء المنطقة، تُعطي بشكل أو بآخر توضيحات تفصيلية عن دوافع قوات النظام وزعماء ميليشياته في التركيز على منطقة دون أخرى.

وأصدرت قبيلة الموالي التي ينتمي إليها كلاً من الحمدو والدرويش، بياناً في آذار من العام الماضي، أعلنت فيه تبرّؤَها من زعيمي الميليشيا، وأن دماءهما باتت "مهدورة".