قال مصدر من وزارة الخارجية الأميركية لصحيفة "نيزافيسمايا غازيتا" الروسية، إن الولايات المتحدة تشك بقدرة ثلاثي الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، على مواصلة العمل لحل الأزمة السورية. وأشارت الصحيفة إلى اعتقاد يسود في أوساط أصحاب الرأي، مفاده أن "وحدة الثلاثي الضامن، باتت فعلا مهددة بصورة رئيسة بسبب خطط دمشق بدء هجوم عسكري جديد ضد المعارضة".
وفي تقرير في عددها اليوم بعنوان "دروب روسيا وتركيا وإيران تفترق في سوريا"، استعرضت الصحيفة الروسية موقف الولايات المتحدة من لقاء " أستانا" العاشر الذين ينعقد أول مرة خارج العاصمة الكازاخية، وتستضيفه اليوم مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، وتوقفت كذلك عند تأثير تطورات الوضع في إدلب على مستقبل إطار "ثلاثي الدول الضامنة"، كما توقفت عند ملف "إعادة اللاجئين" وهدف روسيا من تحريكه في هذا التوقيت، وموقف الغرب بهذا الصدد.
وكان مسؤول من الخارجية الأميركية عبر عن موقف بلاده من لقاء سوتشي، وأكد في تصريحات خاصة لصحيفة "نيزافيسمايا غازيتا"، أن "الولايات المتحدة ترحب بأي عملية حقيقية لتخفيف مستويات العنف في سوريا، وتساعد على تهيئة الظروف لعملية انتقال سياسي موثوقة، كما جاء في نص القرار الدولي 2254، وأضاف: "إلا أنه وبالنظر إلى الانتهاكات الفاضحة لاتفاق وقف إطلاق النار جنوب غربي سوريا، رأينا من ممارسات روسيا وإيران، بما فيه الكفاية كي نفهم أنهما لاتقدمان أي مساهمة جدية في وقف دوامة العنف المستمرة في سوريا"، ودعا موسكو وأنقرة وطهران إلى تحويل جهودها نحو تحقيق تقدم في عملية جنيف.
وكانت الولايات المتحدة رفضت الدعوة الروسية للمشاركة في لقاء "إطار أستانة" في سوتشي، الذي تشارك فيه وفود الدول الضامنة، وممثلون عن المعارضة والنظام، فضلا عن الأردن والأمم المتحدة بصفة مراقب.
وتوقفت الصحيفة عند الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وقالت إنه "من المستبعد أن يتمكن الثلاثي (روسيا، تركيا، إيران) من تفادي بحث مصير محافظة إدلب، التي ما زالت تحت سيطرة المعارضة". ونقلت عن كيريل سيمينوف، الخبير من المجلس الروسي للشؤون الدولية قوله، إن "لقاء سوتشي سيبحث الوضع حول إدلب، حيث يُخطط النظام لشن عملية عسكرية، فور الانتهاء من الحملة في الجنوب. ويريد الأتراك الحيلولة دون تلك العملية. وتشير بعض المعلومات إلى أنهم أرسلوا إلى الجانب الروسي اقتراحات مضادة"، وعبر الخبير الروسي عن قناعته بأن طرح مسألة شن هجوم على إدلب سيُفقد "إطار أستانا" كل معانيه، وقال إن "تركيا تود لو يتم حل مسألة إدلب في إطار "ثلاثي أستانا"، وليس في إطار "محور" طهران- دمشق – موسكو".
إعادة اللاجئين، مسألة أخرى سيبحثها المشاركون في لقاء "أستانا" العاشر في سوتشي. وأشارت "نيزافيسمايا غازيتا" بهذا الصدد إلى الجولة التي أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي، رافقه فيها قائد الأركان فاليري غيراسيموف، وشملت إسرائيل وألمانيا وفرنسا، وقالت إن المعلومات الرسمية حول ما بحثاه خلال المحادثات مع المسؤولين في العواصم الثلاث، شبه معدومة، باستثناء الإشارة في البيانات الرسمية إلى أن محادثات هما مع المسؤولين في برلين وباريس ركزت على إعادة اللاجئين إلى سوريا.
وتناولت الصحيفة هذه المسألة خلال حديث مع فريدريك هوف، المبعوث الخاص سابقاً من الخارجية الأميركية لمتابعة ملف الانتقال السياسي في سوريا، الذي عبر عن اعتقاده بأن الكرملين يريد من خلال تحريك ملف اللاجئين ضمان حصول دمشق مساعدات لإعادة إعمار سوريا. وأضاف: "حجة روسيا في هذا الملف تقوم على أنه لن يكون بوسع أوروبا الغربية، ولا دول الجوار السوري، التخلص من عبء اللاجئين السوريين، إلى أن تتم إعادة بناء الاقتصاد السوري بشكل تام".
ويرى أن "المسألة بالنسبة لروسيا هي كيف تقنع الدول التي تمتلك الأموال لضخها في المنطقة حيث تحكم العائلة، وحاشيتها المعروفة بفسادها وعدم أهليتها". وقال إن "الفكرة الروسية تقوم على الإعلان للغرب ودول الجوار السوري، بأنه إذا لم تتوفر الأموال، فإن اللاجئين لن يعودوا، وربما يصل المزيد منهم"، ووصف هذا الأسلوب بأنه "مثل التصفيق بيد واحدة"، وإذ أكد على أن "عودة اللاجئين أمر مهم"، لكنه لفت إلى أن "السلطات في الدول الغربية بحاجة إلى ضمانات محددة سياسية الطابع كي تقدم تبرعات. والضمانات يجب أن تشمل الشفافية المطلقة والرقابة الخارجية التامة، وانتقال سياسي ملموس من النظام الذي ينظر إلى الاقتصاد السوري مثل بقرة يتم علفها لحلبها أو حتى لذبحها". وشدد في ختام حديثه على أن "الغرب وفي حال تم أخذ كل هذه المسائل بالحسبان، سيتمكن بشيء من الثقة الاستثمار في إعادة إعمار سوريا، وإلا فإن العبء، بأسوأ الأحوال سيقع على كاهل روسيا وإيران".