حزن "لا" سخرية.. غضب "لا" شماتة

2020.01.11 | 17:33 دمشق

5e14f9594236041ae203a1b4.jpg
+A
حجم الخط
-A

شيء يشبه الزهد بالأخبار، تمر الصور سريعاً وعبارات "العاجل" لا تكاد تغيب حتى تعود، مذبحة هنا وتصريح هناك، دم هنا وخداع هناك، ألم هنا وصفقة هناك، أي بداية هذه لعام جديد؟

منذ بعض الوقت فقدت القدرة على الشماتة أو السخرية، ليحل مكانهما الكثير من الحزن والغضب، فرؤية بشار الأسد وهو يقدم واجب الطاعة لبوتين، في قلب دمشق هذه المرة، لم تثر عندي، كما اعتدت، أي حافز لأتهكم على هذه الإهانة الجديدة والمقصودة لـ "صبي بوتين"، فقد أصبحت هواية بوتين التقليل والتحقير من شأن الأسد.

وكم كان مشهد حسن نصر الله شهياً، لأدبج له الكثير من عبارات السخرية، وهو يرعد ويزبد في الحديث عن الانتقام الصاعق للقتيل سليماني، ليتبين بعد أيام قليلة أن سليماني لا يستحق أكثرمن بضعة صواريخ ولتذهب بلاغة نصر الله إلى الجحيم، فسلامة نظام خامنئي أهم بكثير من وعود نصر الله، وبضع دولارات سيأخذها ثمناً لعرضه الكاريكاتوري كافية ليمسح وعوده ورعوده، وليقف بالدور إلى جانب إسماعيل هنية الذي وجه إهانة كبرى لمدينة القدس لم يسبقه إليها أحد حين لقب قاتل الأطفال سليماني بـ"شهيد القدس".

لا شماتة اليوم ولا سخرية، فدمشق الأسيرة، المدينة الأحلى، ومسجدها الأموي الأعظم، دخلها مغتصبها بوضح النهار وتجول في شوارعها، التي اعتدت أن أجول بها، بينما قام زعيم الصدفة بكل مهانة بتقبيل يد بوتين وتقديم فروض الطاعة، لا شك أن

هو حزن وغضب، غضب من أن النظام الذي ثار عليه السوريون ركيك وضعيف إلى هذه الدرجة ومع ذلك مازال حيث هو، وحزن أسود وأنا أرى من دمر سوريا وقتل أهلها وشردهم وهو يتجول في شوارع دمشق ويقتحم جامعها الأموي.

الإهانة هي لبشار ونظامه، ولكن لا يمكنني أن لا أشعر بالحزن على مدينتي وبالغضب من أن هذا الذي أراه على شاشة التلفزيون صاغراً وصامتاً ما زال يحكم دمشق حتى الآن.

هو حزن وغضب، غضب من أن النظام الذي ثار عليه السوريون ركيك وضعيف إلى هذه الدرجة ومع ذلك مازال حيث هو، وحزن أسود وأنا أرى من دمر سوريا وقتل أهلها وشردهم وهو يتجول في شوارع دمشق ويقتحم جامعها الأموي.

كيف يمكن أن أشمت بنظام إيران، وأنا أرى كيف زالت الأقنعة عن وجوه تابعيه لتكشف عن قبح رهيب، فهؤلاء ندبوا قاسمي كما لم يندبه الإيرانيون، وسارعوا إلى تقديم فروض الطاعة لخامنئي بحيث أنه تفاجأ من كل هذا النفاق، هؤلاء من يتحكمون بمصير عدة دول عربية وبمستقبلها، يشاركون في حفلة ندب وقحة لمن تسبب بقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

  الحرب تكون دوماً بين عدة أطراف فريق منهم يربح وفريق منهم يخسر، وبغض النظر عن الرابح والخاسر، هناك دوماً رابح أكبر وهم تجار الموت، وتجار الموت هؤلاء لهم عدة وجوه وعدة أسماء وأساليبهم الخاصة في التخفي، بعضهم يبالغ في الأناقة و"البريستيج"، وبعضهم لا يتخلى عن ثيابه المهلهلة ومنظره الفوضوي، وأما أخطرهم فهم أولئك المتخفون خلف العبارات البراقة والحماس المبالغ به، يسرقون من الضحية آلامها وآمالها ليتاجروا بها.

كيف لي أن أسخر ممن ظهر وجهه الحقيقي وكيف لي أن أشمت بمن ناصره ووالاه، ودمنا هو المراق وكرامتنا هي المباعة.